Business

التربية على تلاوة القرآن الكريم

 عن عثمان بن عفان- رضي الله عنه- عن النبي ﷺ أنه قال: «خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه».

وقال ابن رجب رحمه الله: ومن أعظم ما يُتقرب به إلى الله تعالى من النوافل: كثرة تلاوة القرآن، وسماعه بتفكر وتدبر وتفهم.

 

ليسوا بالعدد القليل: أولئك الذين أتموا حفظ كتاب الله تعالى في الحلقات القرآنية، أو حفظوا جزءًا كبيرًا منه ثم هم لا يواظبون على تلاوته؛ وليس لهم ورد يومي من كتاب الله ملتزمين به، وإذا كانت هذه حال كثير من حفظة القرآن، فما بالك بغيرهم ممن لم يحفظوا القرآن الكريم، لماذا يهجر هؤلاء الطيبون الأخيار كتاب الله وهم يحبونه ويدعون إليه ويدافعون عنه ويتحاكمون إليه؟

لماذا يتحمس الشاب الطيب الخير فينطلق في تلاوة كتاب الله تعالى ثم ما يلبث أن يتوقف عن التلاوة في أوائل سورة النساء؟ ثم يعيش فترة انقطاع طويلة يملؤها بالندم والتأنيب والتحسر ويشعر نفسه بأنه مشغول عن تلاوة القرآن الكريم؟ ثم هو يمنيها بأن يعود إلى التلاوة من جديد؟، ولماذا يجد الشاب الطيب الذي أمضى بضع سنوات على الأقل على التحاقه بالحلقات وقد من الله تعالى عليه بالاستقامة.. لماذا يجد صعوبة في إتمام ختمة واحدة للقرآن الكريم في شهر رمضان المبارك؟

تساؤلات عدة في هذا الإطار يستحي كثير من الشباب الأخيار أن يسألوها أنفسهم أو يسألوها معلميهم، وفى دراسة بعنوان: «حلقاتنا والتربية على تلاوة القرآن الكريم»، للدكتور فايز بن سعيد الزهراني، يحاول أن يعالج هذه القضية الخطيرة التي أقضت مضاجع هؤلاء الفتية الأخيار، والتي ربما أورثتهم إحباطًا في طريق استقامتهم.

 

صفة قراءة النبي ﷺ

لخص ابن القيم صفة قراءته ﷺ؛ فأما عن ورده اليومي وملازمته لتلاوة القرآن الكريم فقال: كان له ﷺ حزب يقرؤه، ولا يخل به، وكان يقرأ القرآن قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا، ومتوضئًا ومحدثًا، ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة.

وأما عن صفة قراءته ﷺ للقرآن الكريم فقال: وكانت قراءته ترتيلًا: لا هذًا ولا عجلة، بل قراءة مفسرة حرفًا حرفًا، وكان يقطع قراءته آية. وكان يمد عند حروف المد، فيمد «الرحمن» ويمد «الرحيم» وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته، فيقول: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» وربما كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه». وكان تعوذه قبل القراءة.

وكان ﷺ يتغنى به، ويرجع صوته به أحيانًا كما رجع يوم الفتح في قراءته: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} «الفتح: 1»؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الفَتْحِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ- أَوْ مِنْ سُورَةِ الفَتْحِ- قَالَ: فَرَجَّعَ فِيهَا، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ: يَحْكِي قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ، وَقَالَ: لَوْلاَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُ مُغَفَّلٍ، يَحْكِي النَّبِيَّ ﷺ، فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ ؟ قَالَ: آ آ آ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.

وترجيع الصوت: ترديده في الحلق. قال ابن حجر: وقد ثبت الترجيع في غير هذا الموضع، فأخرج الترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجه وابن أبي داود واللفظ له من حديث أم هانئ: «كنت أسمع صوت النبي ﷺ وهو يقرأ وأنا نائمة على فراشي يرجع القرآن».

والذي يظهر أن في الترجيع قدرًا زائدًا على الترتيل، وهذا ما يظهر في حديث ابن أبي داود من طريق أبي إسحاق عن علقمة قال: «بِتُّ مع عبد الله بن مسعود في داره، فنام ثم قام، فكان يقرأ قراءة الرجل في مسجد حَيِّه: لا يرفع صوته، ويسمع من حوله، ويرتل ولا يرجع».

وكان من هديه ﷺ أن يتدبر فيما يقرؤه ويتفكر فيه، كما ثبت عن حذيفة رضي الله عنه قال: «صليت مع النبي ﷺ ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المئة، ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها يقرأ مترسلًا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ».

 

كيف كانت ختمات السلف الصالح؟

قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه «التبيان في آداب حملة القرآن: «وكان السلف- رضي الله عنهم- لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه». ثم فَصَّل رحمه الله تفصيلًا رائعًا، سألخصه في التالي:

  • منهم من كان يختمه كل شهرين.
  • ومنهم من يختمه كل شهر.
  • ومنهم من كان يختمه كل عشرة ليال.
  • ومنهم من كان يختمه كل ثمانية ليال.
  • والأكثرون يختمونه كل سبع ليال: كعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وعلقمة، وإبراهيم النخعي، وغيرهم؛ ونقل عن عثمان بن عفان.
  • ومنهم من كان يختمه كل ست ليال، أو خمس، أو أربع.
  • وكثيرون يختمونه في ثلاث ليال.
  • ومنهم من كان يختمه في ليلتين.
  • وكثيرون يختمونه كل يوم وليلة: منهم عثمان بن عفان، وتميم الداري، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والشافعي.... إلخ.

 

أي الختمات أفضل؟

بعد سرده المختصر لأخبار المواظبين على ختم القرآن الكريم تلاوةً- رضي الله عنهم- قال الإمام النووي: «والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف، فليقتصر على قدر يحصل له به كمال فهم ما يقرؤه، وكذا من كان مشغولًا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة؛ فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له، وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة».

إذن.. ليس في المسألة قولًا واحدًا بالأفضلية، وإنما حال الإنسان وظرفه لهما الاعتبار الأقوى بالأفضلية، ولا سيما أنه لم يرد نص صريح بذلك. وإنما عمل السلف الصالح رضي الله عنهم بما أداه إليهم اجتهادهم، والذي بنوه على نظرتهم لواقعهم الشخصي، فمنهم من يختمه في يوم وليلة، ومنهم من يختمه في شهرين، ومنهم من يختمه فيما بين ذلك.

وكانوا في رمضان يزيدون من وردهم القرآني.. هذا يدل على أن الحال والظرف محكمان في هذه المسألة، ولذلك ذكر الإمام النووي عن عثمان بن عفان- رضي الله عنه- أنه ختمه في أسبوع في بعض حاله، وختمه في يوم وليلة في بعضه الآخر.

وللحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى قول تَجْمُل إضافته إلى قول الإمام النووي؛ في المفاضلة بين الإسراع في قراءة القرآن والتدبر والترسل، قال رحمه الله: «والتحقيق أن لكلٍّ من الإسراع والترتيل جهة أفضل، بشرط أن يكون المسرع لا يخل بشيء من الحروف والحركات والسكون والواجبات. فلا يمتنع أن يفضل أحدهما الآخر، وأن يستويا، فإن من رتل وتأمل كمن تصدق بجوهرة واحدة مثمنة، ومن أسرع كمن تصدق بعدة جواهر لكن قيمتها قيمة الواحدة. وقد تكون قيمة الواحدة أكثر من قيمة الأخريات، وقد يكون بالعكس».

 

التربية على تلاوة القرآن

مما عرضت آنفًا أريد أن أنفذ إلى القول بأن تربية الطلاب والناشئة عمومًا على تلاوة القرآن الكريم مسألة ينبغي أن يراعى فيها ما راعاه الإمام المربي النووي رحمه الله.

الإمام النووي راعى أمرين في هذه المسألة: حال الشخص وظرفه «بغض النظر عن دقائق التفاصيل في الحال والظروف»، وقَيَّد الاستكثار من تلاوة القرآن الكريم بأمرين: الإملال؛ لأنه سبب للانقطاع، والهذرمة؛ لأنه لم تعد في التلاوة فائدة.

فهنا أربعة أمور ينبغي على المربي أن يفطن إليها وهو يستهدف تربية الطلاب على تلاوة القرآن الكريم: حال القارئ، والظرف، والملل، والهذرمة، ولا يحسن أن يمضي المربي في حثه على الاستكثار من التلاوة دون النظر إلى هذه الأمور الأربعة.

وهنا يُلاحَظ على بعض المربين حثهم الطلاب على الاستكثار من تلاوة القرآن مستشهدين في ذلك بسِيَر أولئك الأفذاذ الذين كانوا يختمون القرآن في يوم وليلة أو في ركعة واحدة أو كل أسبوع، فيندفع المتربي نحو الاقتداء بسيرتهم العطرة فيجد نفسه قد اصطدم في صخرة عاتية تعيقه عن إتمام المسير، فيؤثر عليه سلبًا: من حيث شعوره بالإخفاق وعدم قدرته على الاقتداء بسير السلف الصالح. ويزداد الأمر إشكالًا حين يكون المربي ذاته مقصرًا في هذا الجانب، فلا توجد لديه الشحنة الكافية من الإقناع والتأثير على المتربين.

والذي يحسن لفت الانتباه إليه أنه ليس بالضرورة أن يكون أولئك الأفذاذ من السلف الصالح قد وصلوا في وقت قصير إلى ما وصلوا إليه من الاستكثار من تلاوة القرآن الكريم إلى درجة الختم في يوم وليلة ونحوه، فإن النفس البشرية لا تقوى على ذلك إلا بالتدرج في الاستكثار. هذا أمر.

أمر آخر، فإن الأمر المشترك بين من كان يختم في يوم وليلة ومن كان يختم في شهرين، ومن كان يختم فيما بينهما: الالتزام بالتلاوة وعدم الانقطاع، وهذا الأمر أبلغ بكثير في الأهمية من مدة ختم القرآن تلاوة. ذلك لدلالته على تعظيم قدر القرآن الكريم في النفس وتعظيم الله الذي أنزل القرآن؛ قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: «لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام الله، وما أحب أن يأتي عليّ يوم ولا ليلة إلا أنظر في كلام الله- يعني المصحف-».

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «من أحب أن يحبه الله ورسوله فلينظر: فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله» كما أن الالتزام بالتلاوة له دلالته على تجذر المراقبة الداخلية في القلب وكذلك المتابعة الذاتية للواجبات اليومية. إن الالتزام مبدأ شرعي حث الإسلام عليه أكثر من حثه على حجم العمل؛ فعن القاسم بن محمد عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله ﷺ: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلَّ»، قال: وكانت عائشة إذا عملت العمل لزمته.

 

أيهما أولى: الالتزام بمقدار أم ذات المقدار؟

إذن.. الالتزام بتلاوة مقدار محدد من القرآن يأتي في الدرجة الأولى في التربية على تلاوة القرآن الكريم، ثم يأتي بعده- وهو مهم أيضًا- مقدار ما ينبغي أن يتربى عليه الطلاب في تلاوة القرآن الكريم، ولم يأتِ نص صريح في الأمر بتلاوة مقدار محدد، إلا ما ورد في إجابة لبعض الصحابة رضي الله عنهم، فعن وهب بن منبه عن عبد الله بن عمرو أنه سأل النبي ﷺ في كم يُقرأ القرآن؟ قال: «في أربعين يومًا» ثم قال: «في شهر» ثم قال: «في عشرين» ثم قال: «في خمس عشرة» ثم قال: «في عشر» ثم قال: «في سبع» لم ينزل عن سبع. ومع كون هذا النص جاء في حالة عينية، إلا أنه واضح الدلالة في التيسير على السائل رغم قدرته على ما هو أكثر من ذلك، لذلك تنوعت أحوال السلف في الورد القرآني اليومي.

وهنا يحسن بالمربي أو الداعية- على حد سواء- في خطابه بشأن الحث على تلاوة القرآن أن يراعي من يخاطِب، فليس المبتدئ كالراسخ، وليس الصغير كالكبير، وليس المقبل كالنافر المتردد، فلا يصح أن يجعل المربي أو الداعية سِيَرَ أولئك الأفذاذ الذين يختمون القرآن كل ليلة نموذجًا لفتية لم يمض على التحاقهم بالحلقات القرآنية سنة أو سنتان، وإنما يتدرج بهم من القليل إلى الكثير، فالعبرة بالتزامهم بتلاوة القرآن الكريم، فإذا وفقهم الله بالتزام التلاوة فسوف يفتح عليهم في قادم الأيام، وسيجدون من حلاوة القرآن ولذته ما يجعلهم يستزيدون ويستكثرون حتى يصل بهم الأمر أن يختموه في عشرة أيام أو أقل.. لكن هذا الأمر يحتاج إلى صبر وتؤدة وتدريج.

 

مقترح في التربية على تلاوة القرآن الكريم

وإن قُدر لي أن أقترح طريقة في تربية الطلاب على تلاوة القرآن الكريم فإني سأقترح «برنامج التربية على التلاوة اليومية»، وهي قصيرة جدًا: يتلو الطالب كل يوم نصف حزب من القرآن الكريم، أي ما يعادل خمس صفحات وفق طبعة المدينة المنورة، وهذا يعني أنه سيختم القرآن تلاوة في أربعة أشهر، أي: أنه سيختم القرآن الكريم ثلاث مرات في العام الواحد، ويستمر على هذه الحال لسنتين فقط، ويكون لهذا البرنامج مستلزماته المعدة له: كوقته، ووسائل متابعته، وحوافزه... إلخ.

ولا تستقل هذا القدر فتراه ضئيلًا أو تظنه تقصيرًا في شأن القرآن الكريم، فإنما هي بداية الطريق، وقليل دائم خير من كثير منقطع. ونحن نرى اندفاعًا من الشباب نحو الاستكثار من تلاوة القرآن، فيقرؤون القرآن بشغف وحماس ثم لا يلبثون أن ينقطعوا شهورًا عن تلاوته.

إن هذه الطريقة- أعني تلاوته في أربعة أشهر للطالب المبتدئ- سيستفيد الطالب منها قيمةً تربوية، وهي الالتزام. كما سيتهيأ بعدها للارتقاء المتدرج فيطلب بنفسه أن يكون ورده اليومي أكثر من نصف حزب.

ويتم الارتقاء بعد التأكد من نجاح الطالب في الالتزام بورده اليومي- بنسبة معقولة- إلى تلاوة حزب واحد من القرآن الكريم في كل يوم، أي ما يعادل عشر صفحات من القرآن الكريم وفق طبعة المدينة المنورة، وهذا يعني أنه سيختم القرآن كل شهرين، وهذا عين ما كان عليه جماعة من السلف الصالح- رضي الله عنهم ورحمهم-، ويستمر على هذه الحال لسنتين أخريين، وهو ما يعني أنه سيختم القرآن في هذه السنتين اثنتي عشرة ختمة، وهذا إنجاز كبير في العمل التربوي، حيث سيكون لدينا شريحة من الشباب يعيشون مع القرآن كل يوم بمسؤولية شخصية ورقابة داخلية.

فلله كم من الأجور العظيمة والحسنات الكثار التي ستصب في ميزان هذا المربي، من تلاوات طلابه الدائمة ما بقوا أحياء !

ولا شك في أن هذا الهدف التربوي بحاجة إلى تنظيم إداري، لنضمن الحد الأدنى من النجاح. وأيًا ما كانت الجدولة الزمانية للورد اليومي؛ فإن المقصود هو التدرج في الاستكثار من التلاوة والالتزام بقدر معين من القرآن يوميًا، وجعل ذلك هدفًا تربويًا.

 

ميزان الحفظ والتلاوة

العرف الذي يجري في الحلقات القرآنية أن ورد الطالب اليومي هو المقدار الذي يحفظه كل يوم ويراجعه بوصفه أحد الواجبات المقررة عليه في انضمامه للحلقة. وهذا الواجب يستغرق جُل أو كل وقت الطالب ووقت المعلم، وهو أيضًا يحوز على نصيب الأسد من الأهداف التربوية والتعليمية للحلقة.

أما إذا اقتنعنا بأهمية تغيير خريطة الأهداف التربوية والتعليمية للحلقات القرآنية وفقًا لما كان عليه صحابة نبينا ﷺ وسلفنا الصالح رضي الله عنهم فإنه يتحتم القول بأن التربية على تلاوة القرآن الكريم أحد أهم معالم التربية القرآنية في الحلقات، وأن المنهج الذي لا يعتمد التربية على تلاوة القرآن الكريم ضعيف المخرجات وإن..

من جانب آخر؛ فإن هذه المفردة- أعني التربية على تلاوة القرآن الكريم- من شأنها أن تزاحم المفردة الأخرى: حفظ القرآن الكريم، وعليه فإن على الحلقة القرآنية أن تعيد الموازنة بين الأهداف التربوية، وتقرر نصيب كلٍّ مِن حفظِ القرآن الكريم وتلاوتِه الجديدين بالقدر الذي يضمن سلامة الهدف.

ولا شك في أن ذلك يؤدي إلى نقص في مقرر الحفظ لصالح مقرر التلاوة. أرجو ألا تنزعج المؤسسة القرآنية من هذا الأمر؛ فإن المهمة المنوطة بها أعمق من تخريج نسخ جديدة من المصاحف المتحركة، إن المهمة الأعظم الملقاة على هذه المؤسسات تكمن في التربية القرآنية وتخريج جيل ملازم للقرآن الكريم حفظًا وتلاوة وعملًا.

وحين نقارن بين شاب أعانه الله تعالى على حفظ كتابه، فختمه غيبًا، تم هو لا يلتزم بتلاوته في حياته اليومية؟ وشاب لم يوفق لحفظ القرآن الكريم، ربما لقصور في قدراته، لكنه ملتزم بتلاوته طوال حياته.. فإن الآخر الملتزم بتلاوته هو من يحوز على درجات التفضيل في معاييرنا التربوية.

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم