اهتم الإمام البنا والإخوان بالرياضة البدنية منذ نشأة الدعوة في الإسماعيلية، انطلاقا من شمولية الإسلام التي نادى بها الإمام البنا واعتنت بها الجماعة على مدار تاريخها؛ وتصديقًا لحديث رسول الله ﷺ: «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير» ([1]).
وفي دراسة حصرية «للمنتدى الإسلامي العالمي للتربية» للباحث عبده دسوقي حول «الإخوان المسلمون والتربية الرياضية» يكشف اللثام عن أدبيات الإخوان المسلمين نحو الرياضة، ويذكر أخلاقهم فيها، ونماذج من إنجازات شبابهم في حصد الجوائز والشهادات الرياضية.
اهتم الإخوان بتهذيب الأخلاق مع تهذيبهم الجسد، فأصبحوا قدوة في ملاعبهم بحسن خلقهم وأدائهم العالي حتى تبوأ منهم أناس في لعبهم مكانة عليا واحترفوا فيها.
لم ينظر الإخوان إلى الرياضة أنها مضيعة للوقت، أو تبديدًا للجهد، لكنهم نظروا إليها على أنها شيء ضروري حث عليه الإسلام الحنيف، وإذا كانت هذه الرياضة طبقًا لقواعدها الصحيحة تربية للفرد خلقًا وجسدًا، فقد كانت غايتهم من ذلك جسمًا سليمًا، وبنيانًا قويًا، وعقلًا سليمًا، وخلقًا كريمًا، وإيمانًا صادقًا.
لقد بلغت عناية الإخوان بالرياضية أن جعلوا قسمًا داخل الجماعة للجوالة والرياضة البدينة ثم مع اتساع أنشطة الرياضة تم فصل قسم الجوالة عن الرياضة ليحقق كل قسم الهدف المنشود من إنشاءه.
كان اهتمام الإخوان المسلمين بالرياضة أمرًا حيويا، حيث شرعوا في تأسيس أندية خاصة بالإخوان وأصبحت هذه الأندية تنافس في بطولات الجمهورية في أكثر من لعبة ولقد تأسست هذه الأندية بهدف:
- أن يكون للإخوان من أنفسهم فرقًا رياضية في مختلف الألعاب لإعداد جيل رياضي على خلق ودين.
- نشر الدعوة بين الرياضيين في مختلف الأندية، ونشر الأخلاق الحميدة وسط صفوفهم.
وكان اهتمام الإخوان بكل الألعاب بنسبة تكاد تكون قريبة إلا أن لعبة كرة القدم بسبب شعبيتها وإقبال الناس عليها جعلت الإخوان يعتنون بها أيضا بهدف نشر الأخلاق الحميدة وسط شريحة قادرة على التأثير في سلوك المجتمع بتصرفاتهم سواء بالسلب أو بالإيجاب وهي شريحة لاعبي كرة القدم.
البنا والرياضة
لم يكن الإمام حسن البنا الداعية أو السياسي أو المصلح فحسب لكنه كان الرياضي– رغم مشاغله- حيث اعتنى بها وناشد إخوانه الاهتمام بها واقتطاع وقت لها لأهميتها للجسد وللصف المتلاحم القوي ولساعة الجهاد والتصدي لكل محتل وغاصب لحق الوطن.
فيقول الإخوان المسلمون جماعة رياضية لأنهم يعتنون بأجسامهم، ويعلمون أن المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف، وأن النبي ﷺ أكد قول الصحابي الذي نصح أخاه قائلًا: «إن لبدنك عليك حقًّا»، وأن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تؤدى كاملة صحيحة إلا بالجسم القوى؛ فالصلاة والصوم والحج والزكاة لا بد لها من جسم يحتمل أعباء الكسب والعمل والكفاح في طلب الرزق، ولأنهم تبعًا لذلك يعنون بتشكيلاتهم وفرقهم الرياضية عناية تضارع وربما فاقت كثيرًا من الأندية المتخصصة بالرياضة البدنية وحدها ([2]).
وليس ذلك فحسب بل شجع كل وسيلة تعمل على تحسين درجة الأخلاق ونشرها وسط الناس فيقول: «رأى قوم أن يصلحوا من أخلاق الأمة عن طريق العلم والثقافة، ورأى آخرون أن يصلحوه من طريق الأدب والفن، ورأى غيرهم أن يكون هذا الإصلاح عن طريق أساليب السياسة، وسلك غير هؤلاء طريق الرياضة. وكل أولئك أصابوا في تحديد معاني هذه الألفاظ أو أخطأوا، وسددوا أو تباعدوا» ([3]).
ولم يدخر الإمام البنا جهدًا في تعريف الناس بدينهم وشموله، وأنه يعتنى بكل جزيئات الحياة، حتى الرياضة التي يظن البعض أن لا قيمة لها فيقول: «وأخيرًا عنايته ﷺ بكثير من فروع رياضة البدن كالرمي والسباحة والفروسية والعدو، وحثه أمته عليها وعلى العناية بها حتى جاء في الحديث: «من علم الرمي ثم نسيه فليس منى» ([4]).
وساق البنا النموذج العملي للإخوان باهتمامهم بهذا الجانب المهم للرقي بالأخلاق وبأجسادهم، فيقول: يعقد الإخوان معسكرًا نموذجيًّا بالإسكندرية قرابة شهر فيكون معسكرًا نموذجيًّا بحق، يجمع رياضة الفكر والروح إلى رياضة البدن والجسم، وتتمثل فيه في جلاء ووضوح المعاني الرياضية والعسكرية الكاملة ([5]).
بل إنه صبغ صحف الإخوان بهذه الصبغة التي تهتم وتعتني بجميع جوانب التربية فقال: «سنحاول ما استطعنا ألا تكون جريدة الإخوان مقصورة على لون من ألوان الغذاء الفكري والروحي، ما وجدنا إلى الاستيعاب سبيلًا، فسيكون فيها دنيا ودين وعلم وفن وأدب ورياضة وقصص وفكاهة والقلوب تمل كما تمل الأبدان» ([6]).
وقد كان عبد الغنى عابدين مسئول قسم الرياضة- دائم التوجيه لفرق وشباب الإخوان، يذكرهم بالهدف من ممارسة الرياضة وآداب الممارسة، ونتيجة ذلك كتب يقول: «يا شباب الإخوان المسلمين، الرياضة نوعان: رياضة النفس والروح ورياضة الجسم؛ فأما الأولى فترويض النفس على الإيمان بالنظام، والإخلاص لله في العمل، والاعتماد على النفس، والصبر عند الهزيمة، والتحلي بالأخلاق الكريمة. وأما الثانية فتدريب للعضلات وتقويتها، وإصلاح الجسم وإعادة بنائه. وإن شبيبة تشب على ترويض النفس والروح والجسم لجديرة بأن تعيد للإسلام مجده وعزه» ([7]).
التحرك العملي
منذ اللحظة الأولى لانطلاق شعلة الدعوة في مدينة الإسماعيلية وقد وضع الأستاذ البنا اهتمامه في التربية الرياضة، حيث كان يصطحب الأطفال ويخرج بهم إلى الصحراء وقضاء يوم يشتمل على العديد من الفقرات الترفيهية والرياضية والتعليمية.
واستمرارًا لهذا المنهج ناقش مع إخوانه هذا النشاط داخل مجالس الشورى والتي وافق الجميع عليها نظرًا لأهميتها، ولذا تشكلت فرق الجوالة والتي ضمت في تربيتها الأعمال الرياضية وكان أول من أشرف عليها هو الأستاذ محمود أبو السعود والذي سعى لنشر الأخلاق من خلال الرياضة، وبث روح الحب والإخاء وعدم التعصب في قلوب المجتمع، وقد كانت غاية الإخوان تكوين رجال ينطبق عليهم القول: «رهبان بالليل وفرسان بالنهار».
وقد شارك الإخوان في نشاط كرة القدم مع الأندية الكبرى؛ فأقيمت مباريات بين فرق الإخوان بالقاهرة ونادي الأهلي ونادي الطيران، وحرص الإخوان على إقامة صلاة العصر بين شوطي المباراة ([8]).
كما تكون فريق للسباحة بمنطقة القاهرة من حسن عبد الرحيم (البطل العالمي الذي عبر المانش عام 1948م)، وعطية خطاب، وسعد عبد العظيم، وعمر مصطفى أمين، وعبد الشكور ([9]).
كما شارك بعض أبطال الدول العربية في مباريات الإخوان في الملاكمة مثل اللاعب عبد الوهاب الدكسي بطل سوريا الذي شارك مع فريق ملاكمة إخوان الإسماعيلية، كما زار الإخوان وشارك في محافلهم الرياضية بطل فلسطين أديب دسوقي، وكان من إخوان فلسطين، وقد أقام الإمام البنا حفل تكريم له ولأبطال العرب في الملاكمة، وكان من أبطال الإخوان المشهورين في الملاكمة الأخ عرفة السيد بطل القُطر، وهو من إخوان بورسعيد ([10]).
وابتكر الإخوان فكرة إقامة مسابقة حول كأس المرشد حيث تتبارى الفرق مع بعضها البعض، ويحصل الفائز على كأس المرشد.
وفى المركز العام للإخوان المسلمين دعا المجلس الأعلى للرياضة أعضاء نوادي الدرجة الثانية لحفلة شاي، وقد بدأت الحفلة بالقرآن الكريم، وتبارى فيه الخطباء، واختتم بكلمة للأستاذ السكري الوكيل العام ([11]).
كما أن الاتحاد المصري للدراجات اختار الأخ «الوري» لتمثيل مصر في بطولة العالم للدراجات والتي ستقام بفرنسا والتي كان من المقرر إقامتها في الفترة من 26 يوليو حتى 3 أغسطس عام 1947م ([12]).
نصائح رياضية تربوية
كما ذكرنا لم يهدف الإخوان من ممارسة الرياضة الجري واللعب واللهو فحسب لكن هدفوا إلى تزكية النفوس وسموا الأخلاق، ولهذا وضعوا بعض النصائح التي توضح سمو أخلاق اللاعب في الملعب، حيث جاء فيها إذا أراد الأخ أن يكون رياضيًا ناضجًا فعليه أن يتبع تلك النصائح:
- اعمل للعبة التي تحبها وتعشقها؛ فارفع من مستواها دائمًا، واعمل على نشرها.
- العب دائمًا لفريقك لا لنفسك.
- كن معتدلًا في انتصاراتك وخذلانك؛ متواضعًا عند الانتصار، رحب الصدر وقت الخذلان.
- تقبل أحكام الحكام بروح رياضية، ولا تبدِ معارضة أو تدخلاً في شؤونهم مطلقًا مهما كانت أحكامهم.
- كن شهمًا نحو خصمك المهزوم.
- لا تكن أنانيًا، وكن أبدًا مستعدًا للمعونة.
- رحب بكل ما يحدث من الطرفين إن كنت من النظارة (المشاهدين)، وشجع الطرفين في حدود القانون ([13]).
كما أوضح غاية الإخوان من الرياضة، فقال: «غايتنا جسم سليم، وبنيان قوى، وعقل سليم، وخلق كريم، وإيمان صادق» ([14]).
يقول ياسر أيوب: ولكن قيمة وصايا الإخوان وطلبات الجماعة من أبنائها الرياضيين تشرحها وثائق أخري غير متداولة تفيد بأن أي رياضي سيصبح في سلوكه الفني والإنساني نموذجًا لكل الإخوان المسلمين.. أي أن جمهور الرياضة الضخم في كل مكان.. لن يعود مضطرًا لقراءة أي شيء عن جماعة الإخوان المسلمين في كتب أو منشورات.. أو يصغي لأحد قد يطيل في حديثه إلى حد الملل والإزعاج.. وإنما يكفيه جدًا أن يكون في أحد الملاعب ويشاهد لاعبًا من الإخوان ويري سلوكه عند النصر أو الهزيمة ليعرف من هم الإخوان وما هي أفكارهم ودعوتهم.. هكذا آمن حسن البنا بالرياضة وهكذا تغيرت نظرته إليها.. لكنهم في نفس الوقت رفضوا أن تتعرى الفتيات لتمارسن الرياضة.. ورفضوا أن تكون الرياضة مبررًا للاختلاط بين الجنسين.. ورفضوا أيضًا ما أسموه سفورًا وفجورًا بدأ يستشري في أندية مصر الرياضية.. وفي تلك الفترة.. من عام1938 وحتى عام1946 كان الاهتمام بكل الألعاب.. فحظيت الملاكمة باهتمام فائق وشعبية طاغية.. وأصبح عبده كبريت هو أول ملاكم إخواني على مستوي مصر.. وعرفة السيد بطل مصر.. بل إن الإمام حسن البنا دعا الملاكمين العرب للمجيء إلى مصر والتدريب مع المصريين داخل صفوف الإخوان كإحدى السبل لتوطيد علاقات الإخوان في مصر مع بقية العرب.. ولعل كثيرين لا يعرفون حتى الآن أن محمود عبد الكريم.. بطل مصر والعالم في الاسكواش.. كان من الإخوان.. وأيضا السباح العالمي حسن عبد الرحيم ([15]).
وكان الإمام البنا اقترح على إخوان الأسر ما يزيد ترابطهم، وحضهم على أن يحرصوا على هذه الأعمال:
- القيام برحلات ثقافية لزيارة الآثار والمصانع وغير ذلك.
- القيام برحلات قمرية رياضية.
- القيام برحلات نهرية للتجديف.
- القيام برحلات جبلية أو صحراوية أو حقلية.
- القيام برحلات متنوعة بالدراجة. ([16]).
نماذج مشرفة نتيجة التربية الإخوانية
سعى الإخوان لتحقيق أهداف التربية من خلال الرياضة وممارستها حتى كان للإخوان 99 فرقة كرة قدم في مناطق القطر المختلفة، 32 فرقة لكرة السلة، و28 فرقة لتنس الطاولة، 19 فرقة لرفع الأثقال، و16 فرقة للملاكمة، و9 فرق للمصارعة، و8 فرق للسياحة.
ولقد تحققت الأهداف في تكوين جيل يكون قدوة طيبة للناس ويكون شامة وسط الجميع ويأتي على رأسهم:
السيد نصير بطل العالم في رفع الأثقال
ولد السيد محمد نصير والشهير بسيد نصير رباع مصري وهو أول مصري وعربي يفوز بميدالية ذهبية في الدورات الأوليمبية في 31 أغسطس عام 1905م بقرية شوبر بطنطا، والتحق بمدرسة طنطا ثم مدرسة طنطا الثانوية حيث بدأ ممارسة رياضة رفع الأثقال.
اهتم السيد نصير بلعبة رفع الأثقال في طنطا في مولد السيد البدوي، فبدأ عشقه لرياضة رفع الأثقال وعاد نصير إلى مدرسته ليُكون فريقًا لرفع الأثقال.
وفي عام 1925م اشترك سيد نصير في بطولة القطر المصري وفاز بها وظل محتفظًا بهذه البطولة حتى عام 1928م.
وبعد فوز نصير في بطولة القطر المصري لعام 1928م في وزني خفيف الثقيل والثقيل بدأ استعداده لدورة الألعاب الأولمبية بأمستردام عام 1928م، وكان يشرف على تدريبه المدرب المحترف محمد بسيوني.
وشارك سيد نصير في بطولة أمستردام وفاز بذهبية وزن خفيف الثقيل بمجموعة 355.5 كجم (ضغط 100 كجم - خطف 110 كجم - نطر 147.5 كجم) ليصبح أول مصري وعربي يفوز بميدالية ذهبية في الدورات الأوليمبية.
ذاعت شهرة سيد نصير في مصر والعالم بعد عودته من أمستردام وفي مصر لفت إنجاز سيد نصير الدولة إلى تشجيع هذه الرياضة وتوفير الأندية التي تمارس هذه اللعبة، كما ساهمت إنجازات سيد نصير في انتشار رياضة رفع الأثقال في مصر.
وفى العام 1930م فاز سيد نصير ببطولة العالم في رفع الأثقال للوزن الثقيل في ميونخ وعام 1931م في لوكسمبورج.
وقد ظل رقم النطر باليدين مسجلًا باسمه لمدة 15 عاما وهو 167 كجم ولم يتمكن من انتزاعه منه إلا قريبه البطل المصري محمد جعيصة حيث سجل 170.5 كجم عام 1945م.
وحصل سيد نصير على وسام النيل في الأربعينات ووسام الرياضة من الرئيس جمال عبد الناصر في أكتوبر عام 1965م.
التحق السيد نصير بدعوة الإخوان المسلمين بعد انتقالها إلى القاهرة، وقد اشترك مع جوالة الإخوان في أكثر احتفالاتها، ويذكر له أنه حمل لواء الإخوان وقت احتفال الإخوان بتولي الملك فاروق عرش مصر، فقد جاء في جريدة الإخوان المسلمين السنة الخامسة العدد 12 الموافق 29 جمادى الأولى 1356هـ 6أغسطس 1937م أن الإخوان المسلمون رأوا أن يؤلفوا موكبًا دينيًا كبيرًا يشتركون فيه مع الهيئات الإسلامية للاحتفال بتولية الملك فاروق، فقام المركز العام بالاتفاق مع الهيئات الإسلامية الأخرى، ثم قام بدعوة الإخوان في شتى أقاليم القطر المصري وفرق جوالتهم للمشاركة في الاحتفال، وكان تجمعهم بمدرسة النيل الثانوية بشبرا وعقد الإخوان مؤتمرًا في ليلة الاحتفال تباحثوا فيه شؤون جماعتهم، ثم جاء يوم الاحتفال فخرج موكب الإخوان من المدرسة في الساعة الثانية ظهرًا يتقدمهم السيد نصير بطل العالم في حمل الأثقال، وأحد الإخوان الذي حمل لواء الإخوان وكان عبارة عن سارية تبلغ أربعة أمتار ونصف وعليها رقعة فسيحة من القطيفة الخضراء رسم عليها المصحف في نصف دائرة هلالية وكتب في أعلاها «الله أكبر ولله الحمد»، ثم تبعته فرق الرحالة ثم حملة أعلام الفروع وكانت أعلامهم من طراز واحد لونها أخضر ورسم على كل منها مصحف في نصف دائرة هلالية ومن تحتها «الإخوان المسلمون» واسم الشعبة، ثم تبعهم بقية الإخوان وقطع الموكب شارع شبرا وتجاوز الكوبري متجهًا جنوبًا إلى شارع الملكة نازلي، حتى دار الشبان المسلمين حيث كان من المفترض أن تنضم بقية الهيئات الإسلامية والشبان المسلمين إلى موكب الإخوان فيكونوا موكبًا واحدًا للهيئات الإسلامية.
وقد وصل الإخوان في الساعة الثالثة والنصف ولم تكن جمعية الشبان المسلمين قد استعدت بعد للمشاركة في الموكب فاضطر الإخوان إلى استكمال المسير ولحق بهم بعد ذلك بقية الهيئات الإسلامية، وقد سار رئيس جمعية الشبان المسلمين مع الإخوان وأناب عنه من يتصدر موكب الشبان المسلمين واتجه الركب إلى ميدان عابدين، وهناك انتظم الإخوان على باب القصر رافعين أعلامهم ويرددون هتافاتهم والتي كانت «الله أكبر ولله الحمد»، «الإسلام منقذ الإنسانية»، «القرآن دستور الدنيا»، «ومن يبتغ غير القرآن قانونًا فقد ضل».
السيد نصير وأمير الشعراء
دُعي أمير الشعراء، أحمد شوقي رحمه الله، لحضور حفل تكريم أقيم لتكريم بطل مصر في رفع الأثقال، وهو البطل المصري العالمي السيد نصير، وذلك في شهر ديسمبر كانون الأول عام 1930م، وطلب من شوقي أن يقول شعرًا في بطولة نصير، فأنشد شوقي يخاطب البطل (السيد نصير)، وهو يداعبه:
شرفًا نصيرًا ارفع جبينك عاليا وتلق من أوطانك الإكليلا
يا قاهر الغرب العتيد ملأتهم ثناء مصر على الشفاه جميلا
إن الذي خلق الحديد وبأسه جعل الحديد لساعديك ذليلا
وبعيدًا عن الرياضة فقد عمل البطل العالمي السيد نصير في وزارات الزراعة والحربية والتعليم وموظف بوزارة الشؤون الاجتماعية ثم وكيلًا لوزارة الشباب ثم رئيسًا لنقابة المدربين ثم وكيلًا مساعدًا بوزارة الشباب في 11/2 1964.
ثم مديرًا فنيًا متفرغًا للمجلس الأعلى للكشافة والمرشدات في 1/12/1965، أما بالنسبة لمساهماته في تطوير الرياضة بمصر فقد ساهم سيد نصير بشكل كبير في إنشاء الساحات الشعبية وفى إعداد الكثير من اللوائح والقوانين الرياضية وقام بتأسيس قسم الرياضة بوزارة الشؤون الاجتماعية، وقد منح نصير وسام النيل في الأربعينات، ومن وسام الرياضة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في 23 أكتوبر 1965م.
حسن عبد الرحيم قاهر المانش
حسن عبد الرحيم والذي ولد في المعابدة بمحافظة أسيوط، وأهدته الحكومة المصرية منزلًا هو زميله حسن عبد الرحيم في شارع بمصر القديمة أطلق عليه اسم شارع السباحين.
وحسن عبد الرحيم أحد أبطال مصر الذين عبروا المانش، حيث تمكن من عبوره أول مرة عام 1948 ثم عام 1949 من إنجلترا إلى فرنسا ثم من فرنسا إلى إنجلترا عام 1950.
وتمكن في عام 1950 من تسجيل رقم قياسي عالمي بعدما تمكن من عبور المانش في 10 ساعات و53 دقيقة.
ونشرت الأخبار في عددها الصادر في 26 سبتمبر 1950 تحت عنوان «قاهر المانش»:
حسن عبد الرحيم كسب لمصر بفوزه نصرًا عظيمًا.. وهو يعد أقوى عابري المانش، فقد قهره ثلاث مرات على التوالي في ثلاث سنوات متتابعة.. وفي هذه المرة سجل رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا، فقد عبر المانش في عشر ساعات و53 دقيقة.. وهو ملازم في الجيش المصري، وعمره 42 سنة، وله خمسة أولاد وتراه إلى اليمين على إثر خروجه من الماء.. وإلى اليسار تراه عند تسلمه جائزة جريدة الديلي ميل، وقدرها ألف جنيه.
وقد تابعت مجلة الإخوان أنباء بطولات السباح الدولي العالمي حسن عبد الرحيم، ومن أمثلتها:
«سجَّل الأخ حسن عبد الرحيم بطل الجيش المصري ومدرب الإخوان رقمًا قياسيًّا في سباق 200 متر وقطع المسافة في دقيقتين وخمس وعشرين ثانية ونصف».
وفى عدد آخر تقول المجلة: شخصية رياضية فذة: الأخ حسن عبد الرحيم البطل العالمي في السباحة:
يوزباشي حسن عبد الرحيم- صعيدي المولد والنشأة، وُلد تحت سفح الجبل فتعلم الكفاح؛ أسمر- رقيق- مؤدب- مهذب- عريض المنكبين- مؤمن- عامل- ما أجمله جالسًا في حلقاتِ العلم والدرس مستمعًا، وما أعذب صوته في الصلاةِ للقرآنِ مرتلاً».
وتنقل الدعوة موقفًا أخلاقيًّا عاليًا ونادرًا لا يتكرر كثيرًا قام به البطل حسن عبد الرحيم خلال سباق النيل الدولي؛ حيث ضحى بالجائزة من أجل أن ينقذ بعض المشاهدين الذين سقطوا في النيل بسبب التدافع.
إن تسابق أهل الفوضى وتدافع الأنانيين وطيش الحمقى يُعرِّض للخطر أرواحًا بريئةً خرجت من ديارها لا تبغي شرًّا ولا تدري ما يخبئه القدر، ويتلقف الموج المترقب أجساد الضحايا وأكثرهم قد جاء ليشاهد أبطال السباحة وما يدري شيئًا عن السباحة ولا يجيد.
وحسن عبد الرحيم الرجل الذي شبَّ على تقوى الله، وكان من تلاميذ حسن البنا، يرى هذا المنظر.. ولم يكن الرجل ليتردد في موقفه.. فيترك السباحين وقد انطلقوا إلى الألقاب والجوائز والمال والذكر العريض، ويسرع نحو المتردين في اليمِّ فيحملهم واحدًا واحدًا إلى شاطئ الأمان.
وينتهي السباق ويقف الفائز الأول بالجائزة وتبكي زوجته فرحًا بفوزه، ويخرج البطل بين التصفيق والهتاف وحفاوة الجماهير، ولكنَّ هناك رجلاً آخر لم تُصفق له الجماهير ولم ينل جائزة مالية.. هذا الرجل يرى الخيرَ هو الهدف وهو قصب السبق مهما تنوعت مظاهر هذا الخير، ويرى أن ما عند الله خيرٌ وأبقى.
فخبرني أيها القارئ وقد شاهدت السباق أو سمعت به، خبرني وقد شاهدت المتسابقين أو سمعت بهم، خبرني أيهم فاز؟
عرفه السيد.. بطل مصر في الملاكمة
المولود في عام ١٩٢٠ بمدينة بور سعيد وقد اجتذبته السينما المصرية ليقوم بدوره كملاكم كما في فيلم «الجولة الأخيرة» عام ١٩٤٧. ويمكن رؤيته في دور خال نعمت(شاديه) في فيلم «ساعة لقلبك» عام ١٩٥٠.
وجاء في مجلة الإخوان المسلمين في عددها العدد 62 – صـ24 – 18رجب 1364هـ / 28يونيو 1945م: كان من أبطال الإخوان المشهورين في الملاكمة الأخ عرفة السيد بطل القُطر، وهو من إخوان بورسعيد.
وأيضا:
عبده كبريت هو أول ملاكم إخواني على مستوي مصر، ومحمد مصطفي اللوري في لعبة الدراجات.
مصادر الدراسة:
([1])أخرجه مسلم حديث (4816).
([2]) مجموعة رسائل الإمام البنا: رسالة المؤتمر الخامس، درا التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، 2009م، صـ 371.
([3]) مجموعة رسائل الإمام البنا: رسالة هل نحن قوم عمليون، صـ106.
([4]) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (42)، السنة الرابعة، 13ذو القعدة 1355ﻫ/ 26يناير 1937م، ص (1-4).
([5]) مجموعة رسائل الإمام البنا: رسالة المؤتمر الخامس، صـ 382
([6]) الإخوان المسلمون اليومية، العدد (1)، السنة الأولى، 3جمادى الآخرة 1365ﻫ- 5مايو 1946م، ص (1).
([7]) مجلة الإخوان المسلمين – السنة الثانية – العدد 31 – صـ19 – 1ربيع الآخر 1363هـ / 25مارس 1944م.
([8]) مجلة الإخوان المسلمين – السنة الثانية – العدد 47 – صـ23 – 2ذو الحجة 1363هـ / 8نوفمبر 1944م.
([9]) مجلة الإخوان المسلمين – السنة الأولى – العدد 19 – صـ12 – 14رجب 1362هـ / 11يوليو 1943م.
([10]) مجلة الإخوان المسلمين – السنة الثالثة – العدد 62 – صـ24 – 18رجب 1364هـ / 28يونيو 1945م.
[11] - جريدة الوداى 3307 سنة 15/غرة صفر 1365, 5/1/1946 ص4.
[12] - الإخوان المسلمون العدد 305 سنة 2/شعبان 1366,و29/6/1947ص4.
([13]) مجلة الإخوان المسلمين – السنة الثالثة – العدد 54 – صـ22 – 15ربيع الأول 1364هـ / 28فبراير 1945م.
([14]) مجلة الإخوان المسلمين – السنة الأولى – العدد 23 – صـ14 – 22ذو القعدة 1362هـ / 20نوفمبر 1943م.
([15]) نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 08 - 2011
([16]) مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا – رسالة الأسر صـ389، 390.
.