أوصت ندوة «الإسلام والحرية» التي عقدها موقع المنتدى الإسلامي العالمي للتربية أمس بمدينة اسطنبول بتركيا بعدة توصيات منها:
- أدان الحضور إجرام نظام السفاح بشار الأسد ضد الشعب السوري الأبي في الغوطة وباقي المدن والقرى السورية، ويؤكدون على حق الشعب السوري في حريته ومطالبه المشروعة.
- كما أكد الحضور على حق أهل غزة وكامل الشعب الفلسطيني في الحصول على حريته واستقلاليته وتقرير مصيره.
- عمل المزيد من الفعاليات التي تساهم في توضيح أهمية وقيم الحرية للأمة لتعود إلى ما كانت عليه من ريادة وقيادة وحضارة.
- مطالبة المفكرين والعلماء والمربين ببذل مزيد من الجهد واستنفاد الطاقات كل في مجاله وميدانه لترسيخ قيم الحرية تنظيرًا وممارسة وعملًا ليكونوا قدوة لتلاميذهم ومحبيهم.
- تشجيع عمل رسائل علمية ودراسات وبحوث متخصصة حول الحرية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتاريخ الإسلامي، وبيان أساليب وطرق مواجهة الاستبداد والظلم.
- عمل أكاديميات ومراكز تدريب ومعاهد للآباء والمربين على رفع كفاءتهم التربوية خاصة فيما يتعلق بالقيم الأساسية وفي مقدمتها الحرية.
وقد جاءت الندوة في 4 جلسات رئيسية: مفهوم الحرية في الإسلام؛ والفتح الإسلامي وعنايته بالحرية تربية وممارسة؛ وأثر الحرية في البناء الحضاري للأمة الإسلامية في الواقع المعاصر؛ إضافة إلى المنهاج الإسلامي في تربية الشعوب على الحرية.
المفهوم الحقيقي للحرية في الإسلام
وقد تحدث في الجلسة الأولى عدد من العلماء والمربين حول مفهوم الحرية في الإسلام، فقد أوضح د.توفيق زبادي أستاذ التفسير وعلوم القرآن، تحت عنوان «مفهوم الحرية في الإسلام»- أن الأصل في الحرية ألا تتعارض مع أصول الأحكام وثوابت الشريعة.
وأوضح في كلمته التي جاءت بعنوان «الحرية في القرآن الكريم» أن الحرية لا تعني الانسياق للأهواء والتنصل من الواجبات، مؤكدًا أن القرآن أوضح بشكل قاطع دلالة مفهوم الحرية للإنسان هو التنصل من أي نوع من العبودية لغير الله الخالق.
وأضاف أن حرية العقيدة والعبادة تشمل التحرر من التقاليد الموروثة والعادات الجاهلية التي تستحوذ على العقول وتحول بينها وبين الفكر السليم، وقد دلل على ذلك بالآيات الواضحات من القرآن الكريم في مختلف سوره.
وأوصى د. زبادي بضرورة عمل رسائل علمية عن الحرية في القرآن الكريم، وكذلك منهج القرآن في مواجهة الاستبداد.
أما الشيخ سامح الجبة الداعية الإسلامي وعضو اتحاد علماء الملسمين، فأكد في كلمته حول «مفهوم الحرية لغةً واصطلاحًا ومقصدًا للشريعة» أن الحرية هي الإرادة الكاملة في الاختيار من خلال العبودية لله.
وأشار إلى أن الحرية توجيه قرآني وهدي نبوي، وقد حرص القرآن على أن يكون الناس أحرارًا وفق ضوابط شرعية، كما أن القرآن بنى ورسخ الحرية في النفوس بما أولاها من عقل واختيار.
وأضاف أن القرآن حمل الإنسان مسؤولية اختياره، وأن النبي ﷺ ربّى أصحابه على أن يُعبّروا عن آرائهم بحسن عرض، وقد عرَف المؤمنون حقوقهم فدافعوا عنها؛ مضيفًا أن الإسلام أعطى المرأة الحق في الدفاع عن إرادتها وحقها بنفسها.
وتناول د. طلعت فهمي الخبير التربوي ومدير مدارس الأقصى الدولية، في كلمته حول «الحرية في النهج النبوي الشريف» مواقف السنة النبوية قولًا وعملًا للحرية بمفهومها الإسلامي، وكيف أن النبي ربى أصحابه ومن بعدهم الأمة على قيم الحرية الأصيلة والتحرر وممارسة هذه الحرية؛ بدايةً من العلاقة مع الله وانتهاءً بالحريات الشخصية.
وأوضح أن الحرية في الإسلام منضبطة بضوابط الشرع الحنيف الذي يصلح حياة الإنسان ويقيمها بما ينفع حياته وأخرته، وقد ضرب الأمثلة من حياة النبي والصحابة.
وأشار أن نهج النبي ﷺ في تربية أصحابه كان نهجًا عمليًا تنطق به الأحداث والمواقف فتجلت حرية الإنسان في أعظم مظاهرها المتمثلة في: التعبير عن الرأي واحترام المعتقد، واحترام قرار الإنسان في حياته الشخصية في الزواج والطلاق والخلع، واحترام الملكية الشخصية، بالإضافة إلى احترام كينونة الإنسان وإرادته وقراره، واحترام المسؤولية الشخصية للإنسان ودوره في المجتمع.
الحرية أصل أهداف الفتوحات الإسلامية
وقد تناول الشيخ عبد الخالق الشريف رئيس أكادمية الشريف الدولية «فتح مصر وتحريرها من الرومان»، حيث أشار إلى أن المسلمين جاءوا إلى مصر المصريين من ظلم الرومان وظلمهم للمصريين بكافة طوائفهم وفي مقدمتهم النصارى، الذين اضطروا إلى الخروج للصحاري لبناء معابدهم وأديرتهم خفية، لكنهم بعد تحرير الإسلام لهم تنفسوا الحرية واستطاعوا ممارسة عباداتهم وطقوسهم بحرية، ودخل العديد منهم في الإسلام بعد ذلك علة مدار قرون مما لمسوه من حرية وعدالة في الإسلام.
وأكد الشيخ عبد الخالق على أهمية وضرورة التأكد من الروايات التاريخة ومعاملتها بالنقد والتجريح حتى لا يتم تداول روايات غير دقيقة، حتى وإن كانت مدحا فإنها تضرب مصداقية الروايات الأساسية.
وأشار د. ليث سعود جاسم أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية العلوم الإسلامية بجامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية باسطنبول في كلمته بعنوان «مظاهر احترام الحرية في الفتوحات الإسلامية.. نماذج وممارسة» إلى أن هذا الفتح انطلق من ضرورة تحرير الشعوب من ظلم الفرس وجعلهم أحرار فيما يختارون من دين وحياة، وقد ضرب العديد من الأمثلة في هذه الفتوحات في ترسيخها لمعنى الحرية.
وأوضح د. أوزجان خضر أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة صباح الدين زعيم في كلمته تحت عنوان «الفتوحات العثمانية وفتح القسطنطينية وتحريرها من البيزنطيين» أن الدولة العثمانية منذ بدايتها وهي تحاول رفع راية الحرية للشعوب والأمة، وذلك منذ أرطغرل والد عثمان مؤسس الدولة، وقد ظهر ذلك جليًا في عهد السلطان محمد الفاتح الذي ما قاتل إلا ليبعد الظالمين عن استعباد العباد والاستبداد في البلاد، وقد وضح ذلك حتى الآن فلم يتعرض أهل الذمة لأذى بل كل دور عباداتهم مازالت موجودة حتى اليوم في كل الأحياء القديمة.
وقد سار على نهجه الكثير من السلاطين وحتى يومنا هذا.
الحريات في الواقع المعاصر
وحول «أثر الحرية في البناء الحضاري للأمة الإسلامية في الواقع المعاصر» تحدث صلاح عبد المقصود الكاتب والصحفي ووزير الإعلام بحكومة د هشام قنديل بمصر تحت عنوان «الحرية في فكر الإخوان والحركات الإسلامية المعاصرة» أن الحركات الإسلامية الوسطية المعاصرة وفي مقدمتها حركة الإخوان المسلمون في مختلف أدبياتهم النظرية والعملية تؤكد على أن الحرية أصل في الإسلام، وضرورة العيش بها والموت في ظلها.
وأوضح أن هذه الحركات عمل على أن تعيش في سبيل الله والإسلام تحت الحرية وقيمه وعدالته كما الموت في سبيل الله سواء بسواء.
وفي كلمته حول «أثر الحرية في نهضة تركيا المعاصرة» أكد د عمر قورقماز مستشار رئيس الوزراء التركي على أن التجربة التركية المعاصرة بداية من الرائد نجم الدين أربكان كانت الحرية مَعلمًا رئيسيًا من معالمها، وقد تعلم الجميع منه ذلك في تجربته العلمية والتربوية والدعوية والسياسية.
وأوضح ان الناس لا تحتاج فقط شعارات وإنما يحتاجون إلى برامج وخطط ومشروعات يشعرون فيها بعظمة الإسلام والرؤية الإسلامية في مشروعها المعاصر وقدرته على بناء دولة قوية وحضارة متميزة.
وأشار أن حزب العدالة والتنمية سار على نهج المؤسس أربكان وأضاف عليه ما يناسب الواقع من برامج وآليات جديدة.
أما د محمد الفقي البرلماني المصري فقد أشار في كلمته حول «رفع شعار الحرية في ثورات الربيع العربي كمنطلق للنهضة الإسلامية المأمولة» وقد استفاض في التأكيد على حق الشعوب في حريتها في ثوراتها التي قامت بها ضد الأنظمة الفاسدة المستبدة.
وأكد أن الأمل مازال قائما في نجاح هذه الثورات حتى وإن كانت الثورة المضادة قد كسبت جولة لكن الشعوب قادرة على استعادة الدفقة وتحقيق حريتها.
المنهاج الإسلامي في تربية الشعوب
وقد أكد الشيخ نواف تكروري رئيس علماء فلسطين بالخارج في كلمته عن «آليات غرس قيمة الحرية وأثرها في صمود الفلسطينيين» أن الإسلام جاء لترسيخ الحرية للبشر، ولذلك جاءت الآية {لا إكراه في الدين} لتكون معيارًا رئيسيًا، فـ«لا» في الآية هذه نافية ناهية.
وأوضح أن الحركة الإسلامية الوسطية وخاصة في فلسطين ترسخ قيم الحرية في كل آلياتها وعملها وأدواتها مما جعلها خيار الناس رغم كل التحديات.
وأشار م. أحمد شوشة، الداعية الإسلامي والمشرف العام على موقع المنتدى الإسلامي العالمي للتربية في كلمته حول «الحرية في الفكر التربوي لعلماء المسلمين» أن علماء المسلمين استمدوا القيم التربوية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وقد استخرجوا دررًا منهما وما زال الكثير في حاجة إلى استخراجه وتقديمه للناس.
طالع أيضا:
.