في ذكرى وفاته.. الدكتور «سناء أبو زيد» تربوي من الطراز الأول

توفى الدكتور سناء أبو زيد استشاري الأطفال، قبيل فجر الخميس 15 من صفر 1429 هجريا الموافق 21 فبراير 2008م، بعد رحلة مديدة كان خلالها جادًا في حياته كلها، زاهدًا في هذه الدنيا الفانية، متواضعًا للناس، رحيمًا بإخوانه، ذليلًا على المؤمنين، قويًا في الحق، متفوقًا في دراسته، مقبلًا على إتقان العمل في كل مجال عمل فيه، صادقًا في عزمه ونيته، مخلصًا في شأنه كله.

انتسب إلى جماعة الاخوان المسلمين، منذ كان طالبًا بكلية طب القصر العيني في منتصف السبعينات، واختارته الجمعية الطبية الإسلامية ليشرف على القسم المختص بتحقيق رسالة الجامعة الدعوية والتربوية، فكتب سلسلة من المطويات حول أخلاقيات الطبيب المسلم تستحق أن تجمع في كتيب لتكون دليلًا للأطباء جميعًا في التحلي بمكارم الأخلاق التي أتمها الإسلام جميعًا، كالرحمة والأمانة، والصدق والكرم.

درس في مدرسة المتفوقين الثانوية بعد تفوقه في الشهادة الإعدادية، فاغترب بالقاهرة منذ مراهقته وشبابه ثم التحق بكلية طب القصر العيني، وتخرج عام 1976.

قبيل زواجه اجتهد في وضع لائحة عصرية لبيت الزوجية مكتوبة يحدد فيها حقوق وواجبات الزوج والزوجة، وكان يحاول بكل قوة الالتزام بما يراه صحيحًا، مثل أن تطعمها مما طعمت، فإذا تناول طعامًا خارج البيت فإما أن يأخذ لزوجته منه أو يمتنع عن تناوله وفاء لها، وفي تعامله مع أولاده كان حريصًا كل الحرص على العدل بينهم في كل شيء.

كان يحب القرآن الكريم وله مع ألفاظ القرآن شأن مختلف يتوقف عند البيان القرآني ويجتهد في فهم أسرار البيان المعجز وعندما اقتنى تفسير الشيخ الطاهر بن عاشور «التحرير والتنوير» فرح به وجعله فوق رأسه يعود إليه يوميًا بعد صلاة الفجر ليتزود منه، وكان لا يباريه أحد في فهم أسرار اللغة العربية وبيان القرآن الكريم.

كان واصلًا لرحمه ولو به مشقة، وكان بارًا بوالديه رحمهما الله تعالى باقيًا على البر بهما حتى بعد وفاتهما وأوصى أولاده بنفس تلك الوصية.

في اختياره لأسماء أولاده حرص على إحياء ذكرى الصحابة والصحابيات، ولم يختر اسمًا عشوائيًا بل كان كل اسم من أسماء أولاده قصة يحيي بها سيرة الصالحين والصالحات، فأحيا أسماءً لم تكن معروفة، فحيت أسماء مثل «خلاد» و«أبي» و«رفيدة» و«نسيبة» و«خليدة» و«أمامة» و«أديس» و«سراء» و«سنينه».

يقول الدكتور عصام العريان في رثاءه: «جاءت الجموع في جنازته حبًا صادقًا دون التزامات أو توجيهات، يوجهها حبها الصادق، ويلزمها الوفاء لرجل ترك بصمة في تاريخ كل شخص منهم، إما بكلمة صادقة أو بتوجيه تربوي أو بوقفة حازمة أو بأثر غير مباشر، لقد امتلأ المسجد رغم اتساعه، وضاقت جنباته والحدائق المحيطة به وازدحمت المقابر لوداع رجل من أهل الآخرة».

ويضيف: «لم يكن أبدًا من أهل الدنيا، عرف طريقه إلى الله منذ نشأته شابًا في طاعة الله، ولزم الاستقامة طوال حياته كما عهدناه واجتهد في أخذ نفسه بالعزائم، فعاش بسيطًا ومات بهدوء، وترك لنا حبًا كبيرًا له في قلوب كل من عرفه أو اقترب منه، كان أبرز ما يميز أخي سناء بين أقرانه حرصه الشديد على معرفة ما يرضي الله ورسوله».

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم