شغل الاهتمام بالمستقبل حيزًا من فكر الإنسان منذ أقدم العصور، وغالبًا ما تُبني تصورات الإنسان المستقبلية على أساس خبراته الماضية والحاضرة، والزواج وبناء الأسرة من أهداف الحياة التي يسعى الشباب إلى تحقيقها، وتُعدّ الأسرة والمناخ الأسري من المصادر الأساسية في تحديد الأفكار والتصورات عن الحياة الأسرية وتعلم الأدوار الاجتماعية.
وعادة ما تواجه الأسر عبر فترات زمنية متعاقبة بعض الظروف والمتغيرات التي قد تنعكس على مناخها الأسرى وعلى العلاقات بين أفرادها، ويرى المختصون بأن القرن الحادي والعشرين جاء ومعه مجموعة من التحديات على المستوى العالمي، منها ازدياد السكان بشكل مخيف، وتصاعد العنف بأنواعه المختلفة، وضعف القيم الإنسانية، وتفشي حالات الفقر، وشيوع البطالة، وتعاطي المخدرات فضلًا عما تعانيه الأسرة العربية، ومن شأن ذلك أن ينعكس على الحياة الأسرية وعلى العلاقات بين أفرادها ما قد يقود إلى ضعف كفاءة دور الوالدين وإلى الخلافات الأسرية وعدم الانسجام ومن ثم الطلاق لاسيما أن معدلاته آخذه في ارتفاع ملحوظ؛ وبالتالي فإن أبناء الأسر الذين يتعرضون إلى هذه الخبرات من المحتمل جدًا أن يصبحوا مستقبلًا آباء غير صالحين أو غير متوافقين في حياتهم الأسرية المستقبلية بسبب ما يحملون من أفكار وتراكمات، الأمر الذي يتطلب إعداد برامج إرشادية لتأهيل الأبناء لأدوارهم المستقبلية.
وفى دراسة للدكتور علي عبد الحسن بريسم، الأستاذ بكلية التربية– جامعة ميسان– بالعراق، بعنوان: (دور الأسرة في إعداد أزواج المستقبل) -2011-، يهدف إلى معرفة تأثير الأسرة في الحياة الأسرية المستقبلية للأبناء، من خلال ما يقدمه الأبوان كأنموذج للدور الاجتماعي، والعلاقات الزوجية، وعلاقة الآباء بالأبناء وقد تحدد البحث بنتائج الدراسات النفسية والاجتماعية، النظرية والميدانية التي أُجريت في المجتمع العراقي بخصوص الأسرة والعلاقات الزوجية والعلاقات بين الآباء والأبناء.
أولًا: العلاقة بين الزوجين
يحتل الزواج أحد القضايا الكبرى في حياتنا الاجتماعية، فهو أحد أهداف الحياة المستقبلية، وعبر رابطة الزواج يتشكل نسيج الحياة الاجتماعية ولُحمتها، وتلعب الأسرة والولدان وتفاعلهم الأسرى دورًا هامًا في تنشئة الأبناء وفي إعدادهما لأدوار الحياة الأسرية المستقبلية عبر المناخ الأسري العام الذي يتمثل بـ: العلاقة بين الزوجين، العلاقة بين الآباء والأبناء، والعلاقة بين الأخوة؛ والبحث معنيٌّ هنا بتفصيل هذه المحاور الثلاث التي تعكر دور الأسرة في إعداد الأبناء للحياة الأسرية المستقبلية.
تتشكل الحياة الأسرية من سلسلة من العلاقات التي تتمحور في العلاقة بين الزوجين، والعلاقة بين الآباء والأبناء، والعلاقة بين الإخوة.
يرمز الزواج إلى نسق التفاعل الحيوي بين المرأة والرجل بوصفها منطلقًا للتفاعل الحيوي في الحياة الأسرية، وتلعب العلاقة بين الزوجين دورًا مهمًّا في التوافق الزوجي، ما ينعكس بشكل إيجابي على حياة الأبناء المستقبلية؛ فالحياة النفسية للزوجين قبل الزواج تعتبر من العوامل المهمة التي تؤثر على حياتهما فيما بعد، ويسهم طبيعة التفاعل الأسري ومداه في تحقيق التوافق الزوجي بين أعضاء الأسرة، فالعلاقات المتوازنة بين الأب والأم تستثير لدى الأبناء الاتجاهات الإيجابية نحو المشاركة والتعاون والتفاهم والرضا عن الحياة بين جميع الأطراف، ويبدو أن هناك علاقة ما بين استراتيجيات التواصل المستخدمة في الفترة المبكرة من الزواج، وما ينتهي إليه ذلك الزواج من سعادة أو شقاء في المستقبل، وهناك بعض الظروف أو المتغيرات التي يمكن أن تؤثر على طبيعة العلاقة بين الزوجين ومداها من قبيل الخصائص الشخصية، الهجرة، العمل، ووسائل الاتصال الحديثة؛ وهذا ما قد يدفع إلى انحسار التفاعل الأسرية عمومًا، والعلاقة بين الزوجين على وجه الخصوص، ما قد يفضي إلى نشوء حالة التوتر أو الصراع، ويعد الطلاق ذروة ذلك.
وقد أشارت دراسة إلى أن المتوافقين زواجيا أظهروا ثباتًا انفعاليا أعلى، وتوترًا أقل عن غير المتوافقين؛ إذ تعد الشخصية الناضجة انفعاليًا وذات القدرة الاجتماعية أكثر تأثيرًا في التوافق الزوجي، وهناك علاقة بين التوافق الزوجي للوالدين وشخصية الأبناء؛ فأبناء المتوافقين زوجيًا يتمتعون بسمات شخصية مثل تحمل المسؤولية والاجتماعية، وتُعد هذه الخصائص أو السمات من المؤهلات المهمة لنجاح الأبناء في حياتهم الزوجية المستقبلية.
ويرى المختصون بالدراسات المستقبلية أن القرن الواحد والعشرين جاء ومعه مجموعة من التحديات على المستوى العالمي منها ازدياد السكان بشكل مخيف، وازدياد العنف بأنواعه المتعددة، ناهيك عن تفشي حالة الفقر والبطالة وتعاطي المخدرات وضعف القيم الإنسانية.
والوطن العربي جزء من هذا المحيط الذي يواجه هذه الظروف، أما بالنسبة للعراق فالمواطن العراقي عانى ويعاني من مشكلات لا حصر لها في مختلف مجالات الحياة منها: البطالة، وأزمة السكن، وارتفاع تكاليف الحياة، والفساد الإداري، وتأخر سن الزواج، وحينما نتتبع الدراسات النفسية والاجتماعية التي أجريت في المجتمع العربي عمومًا وفي المجتمع العراقي بشكل خاص والتي بحثت في هذا المجال نجد أنها أشارت إلى نتائج متباينة، ويبدو أن هذا التباين ناشئ عن تلك الظروف المحيطة بمجتمعنا، ففي دراسة للاتحاد النسائي العربي العام والتي أجريت على مجموعة من الأسر في بلد عربي، أشارت نتائج الدراسة إلى ازدياد التكافؤ في العلاقات بين الزوجين أكثر مما كانت عليه في السابق، وتصاعد مستوى الانسجام والتعاون بين الزوجين؛ وفي سوريا أجريت دراسة حول تصورات طلبة الجامعة في سوريا للعلاقات الأسرية وقارنت بينهما، أشارت النتائج إلى أن طلبة الجامعة يتوقعون أن العلاقة بين الزوجين تتقدم باتجاه المساواة بينهما في إدارة أمور الأسرة.
وفي مصر أجريت دراسة هدفت إلى التعرف على مواقف طلبة الجامعة من بعض القضايا الأسرية، أشارت النتائج إلى أن 22% من الطلبة يفضلون بأن تكون الحياة الزوجية شراكة بين الزوجين في الأمور كافة، أما في العراق فقد أشارت نتائج دراسة إلى تأثير المستوى الثقافي للزوجين في توزيع الأدوار بينهما، وكشفت الدراسة عن مشاركة الزوجة مع زوجها في اتخاذ بعض القرارات التي كان الزوج ينفرد بها.
وفي دراسة أجريت بهدف التعرف على بعض مشكلات الأسرة العراقية في ظل ظروف الحصار الاقتصادي، وشملت الدراسة 20 من المحافظات العراقية، تبين من نتائج الدراسة أن المشكلات الاجتماعية الأكثر شيوعًا في الأسرة العراقية هو ضعف العلاقات الأسرية، وكانت هذه النتيجة تتفق مع نتائج دراسة (ناجي) التي أشارت نتائجها إلى ندرة اللقاءات بين أفراد الأسرة الواحدة، وضعف الروابط وسوء التفاهم بين الزوجين.
أما في دراسة (الفياض وسعيد) التي هدفت إلى التعرف على توقعات طلبة الجامعة عن المشكلات المستقبلية لأسرة العراقية، تبين من نتائج الدارسة أن المشكلات التي ستواجه الأسرة العراقية في المستقبل تتمثل بضعف الروابط الأسرية وانعدام الثقة بين أفراد الأسرة، والأنانية وحب الذات، وازدياد نسب الطلاق، ويبدو من هذا التغير الحاصل في العلاقات الأسرية خلال هذه الفترة الزمنية التي كان المجتمع العراقي يخضع لضغط حصار اقتصادي وأزمة اقتصادية خانقة، ما دفع بمعظم أفراد الأسر العراقية إلى العمل لفترات أطول سعيًا منهم لسد متطلبات الحياة الأساسية.
ويلعب العامل الاقتصادي دورًا في الحياة الاجتماعية بشكل عام، وفي الحياة الأسرية بشكل خاص، ففي دراسة (ألدر) التي هدفت إلى التعرف على آثار الركود الاقتصادي الذي حدث في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الثلاثينات من القرن الماضي، وُجد أن تغيرات كبيرة حدثت في العلاقات الأسرية وارتفعت نسب الطلاق والهجر والانفصال بين الأزواج، ووجد الباحث أيضًا أن هذه الآثار كانت بعيدة المدى على حياة الأطفال من أبناء هذه الأسر؛ إذ أن بقية قيمهم وأنماط عملهم وحياتهم الزوجية متأثرة بخبراتهم الماضية حينما أصبحوا بالغين، ومن ثمة فإن الاستقرار الاقتصادي يلعب دورًا أساسيًا في استقرار الحياة الأسرية ما يسمح لأسرة في ممارسة دورها التربوي في إعداد الأبناء للحياة الأسرية المستقبلية.
تمثل العلاقات الزوجية الركيزة الأساسية للحياة الأسرية، إذ من خلالها يتقاسم الزوجان المهام والمسؤوليات، ويمارسان الأدوار الاجتماعية المناطة بكل منهما، فالزوج مطالب بتوفير المستلزمات الحياتية، وترك للزوجة مهمة تهيئة الشؤون المنزلية فضلًا عن مسؤوليتهما في رعاية الأبناء وتنشئتهم، ومن خلال طبيعة هذه العلاقة تتضح صورة الحياة الأسرية وتناسقها.
ثانيًا: العلاقة بين الآباء والأبناء:
تلعب العلاقات بين الآباء والأبناء دورًا مهمًا في رسم ملامح الحياة الأسرية، فالعلاقات المنسجمة بين الوالدين والأبناء تقود الأبناء إلى التكيف النفسي والاجتماعي، وأن سوء توافق الأطفال كثيرًا ما تكون له جذوره في سلوك الوالدين غير المحب لأطفال واتجاهاتهم المضادة نحوهم، وقد يرجع هذا بدوره إلى تاريخ حياة نمو الوالدين، ومن ثم شخصياتهم.
وأن الأبناء أقرب إلى تقمص أو تقليد سلوكيات وقيم الوالد المحب الحاني من الوالد الكاره، وفي دراسة (هنري) أشارت النتائج إلى أن الدعم الوالدي يرتبط بشكل إيجابي برضا المراهقين عن الحياة الأسرية بينما يرتبط العقاب الوالدي ارتباطًا سلبيًا برضا المراهقين عن الحياة الأسرية.
ولنا أن نتصور طبيعة هذه العلاقات وتوجهاتها في مجتمعنا من خلال استعراض نتائج عدد من الدراسات التي أجريت في المجتمع العربي عمومًا والمجتمع العراقي على وجه الخصوص، ففي دراسة أجريت في مصر أشارت نتائج الدراسة إلى وجود صراع بين قيم كلا الجيلين ما يعكس ضعف العلاقة بينهما.
وفي دراسة أجريت في العراق أشارت النتائج إلى وجود فجوة بين الآباء والأبناء نتيجة رفض الأبناء لاتجاهات آبائهم باعتبارهم من جيل مختلف عن جيل آبائهم، وفي دراسة للاتحاد النسائي العربي العام التي أجريت في قَطَر، أشارت نتائج الدراسة إلى عدم وجود مؤشرات تعبر عن صراع بين الأجيال؛ وفي دراسة أجريت في مصر، أشارت نتائجها إلى أن 29% من الآباء يفضلون أسلوب المناقشة في التعامل مع الأبناء، وأن 59% من الأبناء فضلوا أن تكون العلاقة بينهم وبين آبائهم على شكل يدعو إلى تدخل الوالدين في حال كان الأبناء بحاجة إلى مشورة.
وأشارت نتائج دراسة في العراق إلى أن علاقة الوالدين بالأبناء تميزت بقوة أواصرها، في حين ظهر من نتائج دراسة أخرى ضعف العلاقة بين الآباء والأبناء، وإهمال الآباء لأبنائهم، كما أشارت نتائج دراسة أخرى إلى قلة تفهم الآباء للأبناء، وعجز الآباء عن إعداد الأبناء لعالم متغير؛ وأشارت نتائج الدراسة إلى أن الأسرة العراقية ستواجه في المستقبل تمرد الأبناء على الآباء، وتشير أحدى الدراسات في هذا السياق إلى أن أساليب التنشئة التي تتراوح بين الإفراط في الحماية والسلطوية في العقاب يؤديان إلى شعور الأبناء بالعجز والاتكالية والتهرب من المسؤولية، وأن نظام العائلة العربية على ما فيه من حسنات يقوم على التنابذ والخلاف أكثر ما يقوم على التعاون والوئام.
يمارس الوالدان دورهم التربوي في الأسرة عبر عملية التنشئة الاجتماعية، إذ من خلال ذلك يتعلم الأبناء القيم والاتجاهات وأنماط السلوك الذي ينسجم والثقافة الفرعية التي ينتمون إليها. ولطبيعة العلاقة بين الآباء والأبناء دور مهم في مدى نجاح عملية التنشئة الاجتماعية الأسرية أو فشلها في إكساب الأبناء الاتجاهات والقيم والسلوكيات التي يرضا عنها المجتمع وتتقبلها الثقافة التي ينتمون لها، ويبدو من خلال نتائج الدراسات أن أثر الآباء على الأبناء يرتبط بطبيعة العلاقة بينهما.
ويبدو من نتائج الدراسات أن هذه العلاقة متذبذبة؛ فالدراسات الأولية أشارت إلى وجود فجوة بين جيل الآباء وجيل الأبناء وجاءت دراسات لاحقة لتشير إلى انسجام هذه العلاقة وقوة أواصرها، ثم تراجعت هذه العلاقة في الفترة اللاحقة لتشير الدراسات في نتائجها إلى ضعف العلاقة بين الوالدين وعجز الوالدين عن إعداد الأبناء لعالم متغير، عالم المستقبل الذي ينتظرهم في ممارسة أدوارهم الاجتماعية، ويبدو أن للظروف المحيطة الاقتصادية منها أو السياسية أو الثقافية قد لعبت دورًا معهم في طبيعة هذه العلاقة وتذبذبها ما كان له انعكاسات على الحياة الأسرية والتفاعل الأسري بين أفراد الأسرة الواحدة.
ثالثًا: العلاقة بين الإخوة
تمثل العلاقات الأسرية والتفاعل الاجتماعي بين الإخوة في إطار الأسرة مكونًا مهمًا من مكونات الحياة الأسرية الراهنة والمستقبلية، ولهذا التفاعل انعكاسات على جوانب نموهم النفسي والاجتماعي ناهيك عن الانعكاسات على جوانب النمو الأخرى.
ويبدو من خلال نتائج الأبحاث والدراسات أن النمو السليم يرتبط بقدرة الأبناء على التكيف النفسي والاجتماعي في مختلف جوانب الحياة لاسيما القدرة على بناء علاقات إيجابية مع الآخرين وممارسة الأدوار الاجتماعية بكفاءة والرضا عن الحياة بشكل عام؛ فالعلاقات المنسجمة بين الإخوة والخالية من تفضيل طفل على طفل آخر تؤدي إلى نمو الأطفال نموًا نفسيًا سليمًا، وتقود إلى علاقات اجتماعية سليمة، أما العلاقات الأسرية المضطربة فإنها تؤثر على العلاقات الأسرية من جهة وعلى الفرد وعلاقاته الاجتماعية خارج نطاق الأسرة من جهة أخرى، كما أن العلاقات الضعيفة تدل على ظهور سلوك غير اجتماعي نحو الآخرين، إذ يتعلم الطفل من خلال تفاعلاته مع أخوته أنماطًا من السلوك، مثل: المساعدة والحماية، أو ألوان من الصراع والسيطرة والتنافر، وقد تعمم هذه الاستجابات وتنقل إلى علاقات اجتماعية أخرى.
وقد تكون العلاقات مع الشريك في الحياة الزوجية المستقبلية امتداد لهذه العلاقات، ويلعب الوالدين دورًا مهمًا في طبيعة هذه العلاقات من خلال التفريق بين الأبناء تبعًا للجنس، والعمر، وترتيب الطفل في الميلاد ما قد يبعث في نفوس الأبناء مشاعر الغيرة والعدوان والصراع تجاه الإخوة، وتشير في هذا السياق عدد من الدراسات التي بحثت في هذا المجال ضمن بيئتنا العربية إلى أن الأبناء ومن خلال تنافسهم على محبة الأم وعطفها يتعلمون بشكل تلقائي كراهية الأشقاء واعتبارهم منافسين ومنافسات يجب التحسب لهم.
أما الدراسات التي أُجريت في العراق، فقد أشارت نتائج دراسة إلى أن طلبة المرحلة الثانوية يعتقدون قلة التفاهم بين الإخوة وميلهم للعدوان والغضب مع بعضهم البعض، كما أشارت نتائج دراسة أخرى التي أجريت في العراق أيضًا إلى أن طلبة الجامعة يعتقدون أن هناك ضعفًا في الروابط بين الأخوة، وفي دراسة ظهرت من نتائج الدراسة أن طلبة الجامعة يتوقعون بأن المشاكل التي ستواجه الأسرة العراقية في المستقبل هي انعدام الثقة والأنانية وحب الذات بين الأخوة، وهذه النتائج تتفق مع ما توصلت إليه دراسة أشارت إلى أن طلبة الجامعة يتوقعون ضعف العلاقات بين الإخوة في المستقبل بشكل عام، مقابل توقع ثلثي أفراد العينة ازدياد تحمل الإخوة الكبار للمسؤولة اتجاه إخوتهم الصغار في المستقبل كما توقع أكثر من نصف أفراد العينة ازدياد تكاتف الأخوة مع بعضهم في المستقبل.
يعكس الانسجام في العلاقات بين الإخوة جانبًا من جوانب الحياة الأسرية، كما تعكس طبيعة العلاقة بين الإخوة قدرة وكفاءة الوالدين في إدارتهما للحياة الأسرية من خلال خلق مناخ أسري منسجم خالٍ من المنافسة والصراعات، كما أن العلاقات الإيجابية بين الإخوة سوف يكون لها امتدادها في علاقاتهم المستقبلية، وهذا الأمر ينطبق أيضًا على العلاقة السلبية بين الأخوة والتي تتمثل بالغيرة والعدائية والصراعات، وتعمم على العلاقات مع الآخرين مستقبلًا لا سيما الشريك في الحياة الأسرية المستقبلية وهناك من شواهد هذه المظاهر الكثير.
ومن نتائج الدراسات التي مر ذكرها يتضح أن للظروف والخبرات انعكاسات على المناخ الأسري، وعلى العلاقات الأسرية عمومًا، وعلى العلاقات بين الإخوة بشكل خاص، إذ أن لخبرات الآباء السابقة و للظروف الحياة الضاغطة انعكاسات وآثار تجعل الحياة الأسرية تدور في حلقة مفرغة، لذا فإن على الأخصائي النفسي والأخصائي الاجتماعي دور كبير في تقديم خدمات الإرشاد الزوجي للتعويض عن دور الوالدين الذين لم يقدما صورة نموذجية يقتدي بها الأبناء وتهيئهم لممارسة أدوارهم الاجتماعية بكفاءة في حياتهم المستقبلية كأزواج يعيشون بتوافق ووئام.
.