تعاني المجتمعات المعاصرة مشكلات اقتصادية مختلفة، نتيجة بُعدها عن الاسترشاد بالقرآن الكريم، وإتباعها المناهج الوضعية البشرية، لذا هدفت هذه الدراسة التى أعدّها الدكتور ناصر إبراهيم الشرعة- أستاذ مشارك، جامعة البلقاء التطبيقية، إلى استنباط قواعد التربية الاقتصادية من القرآن الكريم، ولتحقيق هذا الهدف تم اعتماد المنهج الاستنباطي، إذ تم استقراء القرآن الكريم وتدوين القواعد الاقتصادية المتضمنة فيه.

والاقتصاد الإسلامي: «مجموعة الأصول الاقتصادية العامة المستخرجة من القرآن والسنة، والبناء الاقتصادي المقام على تلك الأصول بحسب كل بيئة وعصر، كما يعنى العلم بالأحكام الشرعية العملية وأدلتها التفصيلية فيما ينظم كسب المال وإنفاقه وأوجه تنميته».

والتربية الاقتصادية بشكل عام هي كيفية تعليم الفرد إدارة إمكاناته وموارده الاقتصادية، والتعامل مع الجوانب الاقتصادية ﻓﻲ حياته بكفاءة. أما التربية الاقتصادية في الإسلام فهي: «تربية الإنسان المسلم على التعامل مع شؤون المال والاقتصاد ضمن تربيته على التعامل مع شؤون حياته كلها بشكل معين يتفق مع منهج الله المرسوم للتعامل معها، دونما إفراط شريطة أن يبتغي الإنسان في كل ما يقوله ويفعله وجه الله سبحانه».

 وتعتبر التربية الاقتصادية جزءًا من منظومة التربية الإسلامية؛ فالتربية الشاملة للمسلم تبدأ من تكوين شخصيته الإسلامية عقيدة وشريعة، ومشاعر وشرائع ووجدان وموضوعية، ويتخذ من الدين سندًا له في كافة معاملاته ومنها الاقتصادية، فإذا استقر الإيمان في القلب فإنه يقود الإنسان إلى الالتزام بالحلال الطيب، وانقادت الجوارح لتسلك السلوك السليم الرشيد، لتحقيق ما اطمأن إليه القلب، فالتربية موجهة إلى القلب أولًا، ثم إلى الجوارح، ومن حصادها السلوك الاقتصادي الإسلامي.

خصائص التربية الاقتصادية في الإسلام وفوائدها

 تحمل التربية الاقتصادية الإسلامية خصائص التربية الإسلامية، والتي هي خصائص الإسلام ذاته، فهي:

أولًا: تربيـة ربانية، مستمدة من كتاب الله، ومن سنة نبيه ﷺ، ومن هذه الخاصية تنبثق جميع الخصائص الأخرى.

ثانيًا: تربية متوازنة، توازن بين المادية والروحية، وتوازن بين المصالح الفردية والمصالح الجماعية.

ثالثًا: ثابتة، الثبات الذي لا يقتضي تجميد الحركة، ولكنه يقتضي السماح بالحركة، بل دفعها إلى الحركة، ولكن داخل إطار ثابت، حول محور ثابت.

رابعًا: وهي كذلك تربية واقعية تقدر فطرة الإنسان، فتقر حق التملك وتقرر أن الأصل في النشاط الاقتصادي هو الإباحة، إلا ما ورد فيه نص.

خامسًا: وهي كذلك عالمية صالحة ومصلحة لكل زمان، كما هو الإسلام.

سادسًا: وتمتاز أيضا بالتكامل والترابط.

 قواعد التربية الاقتصادية المتعلقة بالكسب والعمل المستنبطة من القرآن الكريم

 بعد استقراء آيات القرآن الكريم، والرجوع إلى بعض التفاسير، خَلُصَ الباحث إلى استنباط عدد من القواعد المتعلقة بالكسب والعمل وهي:

1. الإيمان بأن الرزاق هو الله تعالى.
2. الإيمان وشكر النّعم سبب للرزق.
3. الأخذ بأسباب الرزق والسعي له.
4. الحث على ممارسة المهن المختلفة.
5. استثمار الأموال وعدم كنزها.
6. الموازنة بين الاهتمام بالأموال والاهتمام بالعبادات.
7. تحريم الربا.
8. تحريم الرشوة والفساد المالي.
9. النهي عن التلاعب بالميزان.

قواعد التربية الاقتصادية المتعلقة بالإنفاق المستنبطة من القرآن الكريم

خَلُصَ الباحث إلى استنباط عدد من القواعد المتعلقة بالإنفاق وهي:

1.  التمتع بالنِّعم المباحة بحدود الشرع وعدم البخل.
2. التوسط والاعتدال في النفقة والبعد عن التبذير.
3.  منع السفهاء من التصرف في الأموال.

قواعد التربية الاقتصادية المتعلقة بالحقوق المالية للآخرين المستنبطة من القرآن الكريم

 خَلُصَ الباحث إلى استنباط عدد من القواعد المتعلقة بالحقوق المالية للآخرين (الواجبات) وهي:

1. إيتاء الزكاة.
2. الإنفاق في سبيل الله (الصدقات).
3. ترتيب حقوق مالية للزوجة والمطلقة والأيتام وذوي القربى.
4.  إقرار حق الملكية للجميع.

قواعد التربية الاقتصادية المتعلقة بالعقود المالية المستنبطة من القرآن الكريم

بعد استقراء آيات القرآن الكريم، والرجوع إلى بعض التفاسير، خَلُصَ الباحث إلى استنباط عدد من القواعد المتعلقة بالعقود المالية وهي:

1. توثيق العقود المالية.
2. الوفاء بالعقود المالية.
3.  التيسير على المعسر والحث على القرض الحسن.
4.  استعمال الحفيظ العليم في الوظائف المالية.