أولادنا

خروجُ الطفل للتنزه.. تنميةٌ للعقل والروح والبدن

 

في الفناء الخارجي للمنزل أو الحديقة العامة، أو الشارع الآمن، يتفحص الطفل وجوه المارين، ويتعرف إلى درجة صلاتهم به وبالعالم الذي يجمعهم، أيضا يتعلم الطفل الركض، والقفز، والوثب، إضافة إلى المهارات اليدوية مثل رمي الكرة وضربها والتقاطها. يستطيع أيضًا إنجاز بعض المهارات اليدوية مثل دفع الأرجوحة أو شدّ الحبل أو رفع الأغراض عن الأرض.

 

ذكرت إحدى الأمهات أنها لاحظت أن طفلها الرضيع يتطور نموه العقلي واللغوي كلما خرجت به خارج البيت، وأوضحت أنها أول ما لاحظت ذلك كان أثناء زيارتها لأصدقاء لها أن الصغير ينظر جيدا إلى السقف، ثم سرعان ما شرع في البكاء الهستيري، وكان حينئذ في الشهر الرابع، وقالت إنها عرفت في لحظتها أن الصغير انتبه إلى أن هذا السقف مغاير لسقف بيتهم فشعر بالضياع والخوف.

وتابعت الأم قائلة استمررت في مراقبة طفلي في كل مرة نخرج فيها كنت ألحظ أنه يبدأ بنطق كلمات جديدة وربما غير تلك المتداولة في البيت، وكذلك لاحظن تطورا ملحوظا في إدراكه بعد كل مرة نخرج فيها.

 

هذا وتعد التغيرات التي حدثت في العالم في العقدين الأخيرين، هي السبب وراء قلة فرص الأطفال للعب خارج المنزل، فعند الأجيال القديمة، كان من الطبيعي جدًا أن يخرج الأطفال للّعب في الشارع أو في الحدائق القريبة من المنزل، مع تحذيرات من الأم بعدم التحدث إلى الغرباء وعدم التأخر في العودة؛ أما الآن فقد استبدل معظم الآباء والأمهات الآن النزهات وخروج الأطفال للّعب في الشارع أو النادي، بالألعاب الإلكترونية أو ببساطة بأفلام الكارتون، خصوصًا في سن ما قبل المدرسة، إذ يقضي الطفل معظم ساعات يومه محملقًا في شاشة ما!

وأيضا في الحضانات خلال مرحلة ما قبل المدرسة، تقلصت الفترات المتاحة للعب الأطفال في حديقة المدرسة، ليزداد في المقابل عدد ساعات تدريس المواد الدراسية المختلفة.

 

نزهة الرضيع

وحتى بالنسبة للأطفال الرضع، فإن التنزه خارج المنزل هو أمرٌ ضروريٌ؛ إذ إن السير على الأقدام مع الطفل لمدة نصف ساعة أكثر فائدة للطفل من نزهة في السيارة لمدة ساعتين أو وهو جالس في عربته. لذا يفضل الاستغناء عن عربة المشي عند بداية اعتياد الطفل على المشي. ويجب التركيز على أهمية استنشاق الطفل للهواء النقي، وبعيدا عن الأماكن المزدحمة.

وأيضا عندما يبلغ الطفل الرابعة أو الخامسة من العمر يستطيع السير دون الشعور بالتعب ويمكن اصطحابه إلى الأسواق. وعند ذهاب الطفل إلى الحضانة أو الروضة علينا معرفة كم من الوقت يقضيه الطفل في الهواء الطلق لأن هذا الوقت يجب ألا يقل عن ساعتين يوميا.

وبحسب موقع (مصريات دوت كوم) فإن اللعب خارج المنزل يساعد على تطوير قدرات الطفل في اتخاذ القرارات، وكذلك قدراته على حل المشكلات والصعاب، التي قد يواجهها. وبسبب ما يتضمنه اللعب خارج المنزل من الكثير من الحركة، فهو يساعد على تنمية القدرات الحركية والعقلية أيضًا للطفل.

كذلك فإن تعرض الطفل للشمس يضمن حصوله على فيتامين «د» اللازم لبناء عظام قوية، ويقلل اللعب خارج المنزل كذلك من احتمالات الإصابة بقصر النظر.

كما أن وجود الطفل خارج المنزل يُمَكِّنُه من تطوير تفكيره المنطقي، فلكي يلعب الكرة يجب أن يجد زملاء اللعب، ويجهز الكرة ويقسم المهام وهكذا، ويتم ذلك كله في مناخ خالٍ من الضغوط أو التوتر.

 

تحفيز هرمون السعادة

وينصح خبراء التربية وعلم النفس أن يخرج الطفل للعب خارج المنزل، حيث يساعد اللعب بالخارج الطفلَ في بناء شخصية أكثر شجاعة، وتفاعلًا مع العالم الخارجي، واكتساب مهارات اجتماعية جديدة، ولكن هذا بالطبع تحت إشراف الأهل، مع مراعاة اختيار المكان المناسب للعب، فهناك النوادي التي تتيح كثيرًا من الألعاب الجماعية، والتي تعد مكانًا آمنًا لاجتماع الأطفال وتكوين صداقات جديدة.

كما أثبتت الدراسات النفسية أهمية اللعب والرياضة؛ لتحفيز المخ؛ لإفراز مواد كيمائية تعطي شعورًا بالسعادة، لذا فإنه من المفيد للكبار مشاركة صغارهم اللعب لتوطيد العلاقة معهم، والاستفادة المتبادلة في المتعة والسعادة.

فاللعب في الخارج وفقا لما ذكره موقع المرسال يمنح الطفل صحة ونشاطًا كبيرين؛ إذ أنه من المهم والجيد تعرض الطفل لأشعة الشمس، والخروج في الهواء الطلق وممارسة الجري واللعب، الأمر الذي يكسبه صحة ونشاطًا، ويعمل على استهلاك الطفل للطاقة الكبيرة التي يمتلكها، والتي يكون البيت عائقا وقيدا عن استغلالها، حيث أن معظم البيوت هذه الأيام ذات مساحات ضيقة لا تتيح للأطفال الحركة واللعب بحرية.

بالإضافة إلى ذلك، يميل الأطفال إلى حرق المزيد من الوحدات الحرارية عند اللعب خارج المنزل، مما يحول دون البدانة، وخطر التعرض لمرض القلب، وتصلّب الشرايين وارتفاع ضغط الدم. لذا، يتوجب على الأهل أن يخصصوا وقتًا محددًا كل أسبوع كي يلعب أطفالهم في الهواء الطلق، على اعتبار ذلك نوعًا من الوقاية الصحية.

كما يكشف اللعب خارج المنزل عن فائدة أخرى، ألا وهي تحفيز قسم الدماغ المسؤول عن تنظيم الساعة البيولوجية وجهاز المناعة وإحساسنا بالسعادة.

 

التطور الاجتماعي والعاطفي

وفقا لموقع (لَهَا تى في) فإن فوائد اللعب خارج المنزل لا تقتصر على الجانب الجسدي، بل تتعداه أيضًا لتشمل التطور الاجتماعي والعاطفي. فعند التواجد في الهواء الطلق، يميل الأطفال إلى ابتكار الألعاب، وبالتالي التعبير بصورة أفضل عن أنفسهم والتعرف إلى العالم على طريقتهم. ويشعر الأطفال أنهم في أمان ومسيطرون على وضعهم، مما يحفز الاستقلالية، والمهارات التنظيمية، واتخاذ القرارات. كما أن ابتكار القواعد للألعاب (مثلما يفعل الأطفال الصغار) يحفز فهمهم أهمية القواعد. هكذا، يتعلم الأطفال أثناء اللعب أهمية العلاقات الاجتماعية، واحترام العادات، وكيفية التواصل مع الآخرين.

ويتعلم الأطفال كثيرًا من خلال حواسهم، وأثناء اللعب خارجًا، تتوفر الكثير من الأشياء المختلفة والرائعة لرؤيتها (مثل الحيوانات والطيور والنباتات الخضراء) وسماعها (مثل زقزقة العصافير، وحفيف الأوراق، وصفير الهواء) وشمّها (مثل الأزهار العطرة، والأرض المبللة بالمطر) ولمسها (مثل الخنفساء الصغيرة على غصن الشجرة، أو الهرّة الصغيرة في الحديقة) وحتى تذوّقها (مثل قطرة المطر على اللسان).

والواقع أن الأطفال الذين يقضون الكثير من الوقت وهم يكتسبون تجاربهم من خلال التلفزيون والكمبيوتر، يستخدمون فقط اثنتين من حواسهم (السماع والنظر)، مما قد يؤثر سلبًا في قدراتهم الإدراكية.

وبالرغم من أهمية اللعب في الخارج للطفل إلا أنه ينبغي تحديد الوقت والمكان المناسبين للعب، ومعرفة أصدقاء الطفل وسلوكهم الأخلاقي، وتحذير الطفل من مخالطة أصدقاء السوء، وتجربة سلوكيات خاطئة وضارة مثل التدخين والمخدرات، وتعليم الطفل الأخلاق الحميدة والتعاليم الدينية الصحية التي تكن له حصنًا منيعًا من شرور المجتمع الخارجي.

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم