Business

دور الأسرة في التعامل مع الأبناء ذوي الاحتياجات الخاصة

 

 

تعتبر الأسرة اللبنة الأولى في كيان المجتمع، وهي الأساس المتين الذي يقوم عليه هذا الكيان فبصلاح الأساس يصلح البناء، وتكتسب الأسرة أهميتها كونها أحد الأنظمة الاجتماعية المهمّة التي يعتمد عليها المجتمع كثيرًا في رعاية أفراده منذ قدومهم إلى هذا الوجود وتربيتهم وتلقينهم ثقافة المجتمع وتقاليده وتهيئتهم لتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية على أكمل وجه.

والعلاقة فيما بين الفرد والأسرة والمجتمع علاقة فيها الكثير من الاعتماد المتبادل ولا يمكن أن يستغني أحدهم عن الآخر فالأسرة ترعى شؤون الأفراد منذ الصغر والمجتمع يسعى جاهدًا لتهيئة كل الفرص التي تمكن هؤلاء الأفراد من أداء أدوارهم الاجتماعية وتنمية مقدراتهم بالشكل الذي يتوافق مع أهداف المجتمع.‏

وفى دراسة للدكتورة لمى عادل صلاح، الباحثة بوزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، بعنوان (دور الأسرة في التعامل مع الأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة) -2016-، ترى أنه لا تستطيع أي مؤسسة عامة أن تقوم بدور الأسرة في المراحل الأولى من احتضان الطفل ذي الاحتياجات الخاصة، ولا يُتاح لهذه المؤسسات مهما حرصت على تجويد أعمالها أن تحقق ما تحققه الأسرة في هذه الأمور.

لذلك تعدّ الأسرة المؤسسة المجتمعية الأولى التي تعني بأبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة وتقع على عاتقها مسؤولية دمجهم في المجتمع فيما تقدمه لهم من رعاية صحية ونفسية ومقدرة على التكيف الحياتي والتعامل مع الآخرين.

 

أهمية الدراسة

مما لا شك فيه، أن وجود طفل ذي احتياجات خاصة في الأسرة يشكل عبئًا معنويًا ونفسيًا وجسديًا على الوالدين، وبالرغم من أن هذا العبء يختلف من أسرة لأخرى ومن مجتمع لآخر بحسب أمور كثيرة قد يكون أهمها وعي الأسرة وثقافتها وديانتها ومدى تماسكها مع بعضها بالدرجة الأولى، ومن ثم أمور أخرى متداخلة كتلك المتعلقة بالأوضاع المادية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية أيضًا حين يأتي الحديث عن وجود هذا الطفل في بيئة لا تحظى بسلام، وبيئة تعيش القلق، والاضطرابات المتتالية، وظروف حرب لا منتهية تنعكس سلبًا على الأمور الحياتية لطفلٍ ذي الاحتياجات الخاصة، يؤدي إلى زيادة صعوبة الحياة وتعقيداتها، مما يلزم الأسرة، الراعي الأول لهذا الطفل تحديات كبيرة عليهم مواجهتها؛ لتحقيق أدنى حقوقه، وهي العيش الكريم عبر الاعتماد على الذات وحل مشكلاته، والمقدرة على مواجهة مجتمعه تحت أي ظرف.

هدفت الدراسة إلى الكشف عن دور الأسرة في التعامل مع أبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة الجسدية الحركية من أجل الوصول إلى الحقيقة الموضوعية من خلال الواقع لطالب معاق حركيًا نتيجة إصابة عيار ناري من الاحتلال في العمود الفقاري سببت له شلل نصفي سفلي أفقدته المقدرة على المشي والاعتماد على كرسي متحرك.

تأتي أهمية هذه الدراسة من حقيقة الشعور بالإعاقة وتقبلها حين لا تولد مع الشخص، والتي لا يمكن فهمها أو إدراكها إلا من خلال معطياتها ومعانيها بالنسبة للأفراد في ذلك المجتمع ومن خلال توضيح نقاط القوة والضعف فيها، ومن أهمية الأسرة باعتبارها المكوّن والمحرك الأساس للمجتمع ممثلةً بما تقدمه من ثمار تربيتها لأبنائها وما تزرعه في نفوسهم من أمور عقائدية ووجدانية وسلوكية في أي حالٍ كانوا فيها سواءً بإعاقة حركية أو بدون إعاقة في تقوية ارتباطهم بالمجتمع، فالهدف واحد حين يكون النتاج الحركي لأبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة يوازي أقرانهم الذين يسيرون على أقدامهم.

 

أثر وجود طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة على الأسرة

تجربة معايشة الطفل ذي الاحتياجات الخاصة لها آثار عميقة على الأسرة النووية المتمثلة بالآباء والأمهات والأشقاء، وعلى الأسرة الممتدة بأكملها ذلك أنها تجربة مشتركة ممكن أن تؤثر على جميع جوانب أداء الأسرة، ويحتمل الجانب الإيجابي منها توسيع الآفاق وتقليص حجم المشكلة، وزيادة الوعي وقوة الترابط الداخلي لدى أفراد الأسرة، وتعزيز التماسك الأسري، وتقوية الصلات بجماعات المجتمع أو المؤسسات الدينية.

أما احتمالية الجانب السلبي؛ فلها آثار بعيدة المدى تعتمد على نوع الحالة وشدتها، ويؤثر فيها عوامل متعددة مثل: الوقت، والتكاليف المالية، والمطالب المادية والعاطفية، والتعقيدات اللوجستية المرتبطة بتربية الطفلِ ذي الاحتياجات الخاصة، وظروف الأسرة المالية، ومواردها المتوفرة لديها وما يرتبط بذلك من استنزاف جسمي وعاطفي.

أما بالنسبة للآباء والأمهات فإن وجود الطفل ذي الاحتياجات الخاصة قد يؤثر سلبًا على الصحة العقلية والجسدية لديهم مما يؤدي إلى زيادة التوتر، خاصةً إذا توافق ذلك مع صعوبة العثور على الرعاية الطبية المناسبة بتكاليف معقولة، كما يؤثر على القرارات الأسرية المتعلقة بشؤون العمل خارج البيت والتعليم والتدريب على معايشة هذا الطفل، ووجود طفل آخر في العائلة.

وقد تزداد الأمور تعقيدًا إذا رافق تلك المشكلات مشاعر اللوم والشعور بالذنب، وانخفاض احترام الذات لديهم، فكل هذه الآثار المحتملة تنعكس سلبًا على نوعية العلاقة بين الوالدين، والترتيبات المعيشية، والعلاقات المستقبلية وبنية الأسرة، ومن ثم تؤثر سلبًا على صحة ورفاه الطفل ذي الاحتياجات الخاصة لديهم.

 

دور الأسرة في احتضان الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة

يُفترض أن يحظى الطفل ذو الاحتياجات الخاصة بجو أسري ذي علاقات متينة وسليمة لتنمو لديه مهارات اجتماعية من خلال توفير قاعدة آمنة وسليمة لاستكشاف بيئته الاجتماعية وتقوية نقاط القوة وتجنب نقاط الضعف لديه، ومن خلال مشاركة أسرته ومتابعتها للأنشطة التي بالإمكان أن يتقنها في أماكن تواجده ومنها المدرسة ومن فيها من زملاء وأساتذة، وتتصف هذه الأسرة بغاية التماسك والمثالية، والديمقراطية.

وقد حُددت نقاط القوة الأسرية بأنها: مجموعة من العلاقات والعمليات التي تدعم حماية الأسرة وأفرادها، خاصة في أوقات الشدائد، وتساعد على الحفاظ على تماسك الأسرة وتطويرها وزيادة رفاهية أفرادها.

كما ويؤكد الدعم الأسري على تعزيز مواطن القوة من خلال تقوية الموارد سواء كانت وجدانية، أم مادية، أم علاجية، أم إعلامية، أم استراتيجية تهدف إلى تعزيز التنمية، والتعليم، والمنافع، والرفاه الشخصي لتعزيز وجود وتمكين حياة الأسرة.

على صعيد آخر وبالنظر إلى بعض التطبيقات الميدانية محليًا وعالميًا فقد لوحظ تقدم واضح في طرق العناية بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بالأسرة من مؤسسات حكومية وغير حكومية تعنى بهذه الفئة، مما أدى إلى رفع مستوى الشعور النفسي والمعنوي لدى الآباء والأمهات، ومن مستوى الصحة النفسية لديهم عبر الشعور بالرضا والقناعة وتقوية إيمانهم بالله، واعتبار ما لديهم ما هو إلا اختبار من الله عز وجل يجعل منهم مؤمنين بقضاء الله وقدره، والصبر على ما أصابهم والاستمرارية في تأدية واجبهم على أتمّ وجه بدون تذمرٍ أو شكوى.

وقد تكون المسؤولية والعبء الأكبر فيما يتعلق بأمور الرعاية والانتباه لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة في الأسرة يقع على عاتق الأمهات أكثر؛ نظرًا إلى أمورٍ متعددة منها الفطرية وقوة عاطفتها تجاهه وخوفها عليه، وأيضًا المدة الزمنية التي تقضيها مع طفلها والذي قد يُلزمها أن تبقى في المنزل مُؤثرةً العمل على العناية بطفلها داخل البيت من العمل خارجه.

 

دور الأم في احتضان طفلها من ذوي الاحتياجات الخاصة

يتطلب نجاح معايشة الأسرة التعاون الكامل فيما بين الزوجين، وتأدية أدوارهم تجاه أسرتهم على حد سواء، إلّا أن الواقع يلقي الضوء على دور الأم بشكل فاعل ومؤثر أكثر وبالتالي، تكون حصتها في المساهمة في توفير الهدوء والنظام والانسجام الأسري أكبر، فمن الواضح، من طبيعة دورها، أن الزوجة /الأم يمكن أن تساهم أكثر في حجم التضحيات بسبب طبيعتها الأنثوية الفطرية وكونها تشكل بدايةً لكل الغرائز الدقيقة لدى أطفالها فهي التي تزرع فيهم الرقة والحنان والنقاء والإيمان والمخافة من الله، ولهذا السبب، فإن بيوس الثاني عشر (Pius XII) وصفها بـ(الشمس) للأسرة (Michael, Pivarunas, 2006).

وعلى الرغم من أن واجبات الزوجة/ الأم من أجل دعم ورعاية جميع أفراد الأسرة مرهقة وليست بسيطة تؤدى بسهولة، إلا أن وجود طفل ذي احتياجات خاصة في البيت يضاعف هذه الجهود ويجعلها مرهقة أكثر بسبب ما يصاحبها من إرهاق ذهني واستنزاف عاطفي ووجداني يتطلب منها إيجاد الحلول لمشاكل متعددة، كما عليها أن توافق/ ترتب وتنسق فيما بين واجباتها كأم وراعية ومربية تجاه ابنها ذي الاحتياجات الخاصة وأبنائها الآخرين وتقديم العناية الكاملة من دون أي تقصير بحق أحدهم، وواجباتها كزوجة تجاه زوجها ومطالبه، ومن ثم واجبها تجاه الجميع لإشراكهم في مهام الأسرة وجعل المهام مسؤولية جماعية يتحملها كل فرد من أفراد العائلة، ويمكن أن تمتد واجباتها تجاه أمور أخرى في حياتها خارج بيتها كالتزاماتها المهنية إن كانت امرأة عاملة( Joe; Ferrini, 2010) .

إلّا أن المفارقة فيما بين الأم التي تنتظر مولودًا ذي احتياجات خاصة تختلف عن تلك التي يصبح فيها طفلها فيما بعد من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ فالأولى قد تهيأت نفسيًا وعلمت ما ينتظرها قبل أن تراه عيناها فتلقت المساعدة من الآخرين وتأهلت بقدرٍ كافٍ لاستقباله وقد تكونت لديها فكرة عن كيفية التعامل معه نوعًا لتأتي فيما بعد غريزة الأمومة لتعزز دورها المناط بها وتجعل منها مُستقبِلًا متقِبلًا راضيًا لما سيأتي؛ أما تلك التي رأته عيناها قادمًا مستبشرًا ترى في عينيه وضحكته عكازًا لها حين كبرها، وسندها حين احتياجها، وملبيًا لطلباتها ومعينًا لها، لترتطم كل أحلامها بصخرة واقع جعل من هذا الطفل عاجزًا حتى عن الوصول لمسافةٍ لا تذكر بينها وبينه وهو الذي كان يركض لأحضانها سابقًا، وهو الذي إن غاب عنها لحظة تفقدت أغصان الأشجار لتجده متسلقًا عليها يخاطب الحمائم والعصافير لالتقاطها، لكنه اليوم غير قادر على ذلك كله نتيجة إصابة رصاص غادر أفقده المقدرة على المشي، والتحرك، واللعب مع باقي إخوته في البيت، وأقرانه في المدرسة، وجيرانه في الحي، تلك المفارقة ذاتها هي التي جعلت من المرأة التي تولد وتشهد ظروف الحرب ومعاناة التهجير امرأة صلبة قوية قابلة لتحديات الحياة راضيةً بها وشاكرةً الله عز وجل عليها، مستقبلةً إياها بكل صدرٍ رحب بل، وفرحة اختيار لما منحها الله من شرف الانتقاء ورفعة الشأن والتميز؛ إنها المرأة والأم الفلسطينية والتي لا يضاهيها بالحكمة والصبر والإيمان بالقضاء والقدر إلا من عاشت تجربتها، وعايشت مشكلات مجتمع مضطرب، وحياة تنقصها الكثير من الحقوق التي نصت عليها المواثيق العالمية من العيش بسلام، ونادت فيها المجتمعات الإنسانية وحقوق الإنسان من عدم التعرض أو المساس بأمن واستقرار المواطنين في أرضهم، وبخاصة الأطفال والنساء.

ولغريزة الأمومة عند المرأة الفلسطينية قوة عظيمة تستمدها من الله ومن الطبيعة وعشقها لأرضها؛ مياهها وهوائها، وتجعلها دومًا تفكر بالعطاء دون مقابل باستثناء حماية أطفالها، باذلةً قصارى جهدها متضرعةً إلى الله في علنها ونجواها ألا تغمض عينيها قبل الاطمئنان على أطفالها، ومع ذلك فهي حين وقوع القدر من الله في حال استشهاد طفلها أو انضمامه للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة تقف فخورةً رافعةً الرأس تُقبّل ثرى الأرض على نعمةٍ لا يؤتى مثلها إلا ذو الحظ العظيم. فبوركت المرأة الفلسطينية حين باركت لطفلها وفرحت فيه فرحة نجاحٍ باهر حين أصبح بطلًا في مقدمة قائمة المدافعين عن عرضهم وأرضهم حتى لو أدى ذلك إلى استشهاده أو تولد إعاقةٍ لديه؛ فهي وسام شرفٍ على جبينها وجبينه، وقد تحققت وعود الحياة بميلاد فجر الحرية.

وقد كانت (أم عطا) أم الطفل الفلسطيني الذي أصبح من ذوي الاحتياجات الخاصة في هذا البحث خير مثالٍ على المرأة الفلسطينية التي ذللت الصعاب وجعلت من عدم مقدرة ولدها على السير على أقدامه بطلًا يحلق بين السحاب، لديه أحلام عراض يطمح إلى تحقيقها وإثبات ذاته، وأن ينجح ويستمر في دراسته ويصبح رجل قانون يدافع عن حقوقه، وما زال لديها الأمل بقدرة الله وعطائه أن يعود في يوم ابنها (عطا) سائرًا على أقدامه لتجد الراحة في أحضانه وتستقر أحلامها كما كانت مُنذ لحظة ولادته.

وبانتظار تلك اللحظة التي هي بعلم الله، تؤدي دورها خالصًا لوجهه تعالى فهي الأم، وهي المربية، والراعية، وهي التي تتحمل المسؤولية في كافة واجبات طفلها المتعلقة بعلاجه وصحته النفسية وبناء مستقبله عن طريق إيصاله إلى مدرسته والعودة به إلى البيت لتشرف على دروسه عبر النصح والإرشاد وتقوية العزيمة، وتوفر له بيئة اجتماعية مع محيطه وأصدقائه حتى لا يشعر بأي نقص لديه أو اختلاف في جوهر الأمور في حياته، وهي الشجاعة الوفية الناطقة بالكلمة التي فيها الأمل والعنفوان والدعم والتشجيع لطفلها من أجل مواجهة التحديات والاستمرارية في الحياة.

وقد تكون الأقدار التي جعلت منها امرأة عاملة (كمعلمة تأهيل) لذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسة خاصة تسمى (جبل النجمة) تعني بالأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة من عمر (يوم إلى 40 عامًا) في مدينة رام الله/ فلسطين؛ ليست بصدفة وإنما حكمة من الله عز وجل لجعلها مهيأة لما كان بانتظارها مستقبلًا، حين أصبح ابنها البكر من ذوي الاحتياجات الخاصة بعد تعرضه لإصابة برصاصة في بطنه أثناء وقوفه عند مدرسته ظهرًا خرجت من ظهره بفتحةٍ كبيرة مفتتةً بعض أشلائه الداخلية من كبد وبنكرياس وفقرة من عموده الفقاري سببت له الشلل النصفي السفلي. حيث تعاملت الأم مع الحالة وهي تحمل كل صفات المرأة الفلسطينية الشجاعة والأم المربية المناضلة المخلصة في واجباتها التي تسلسلت فيها مع ولدها وصولًا لأن يعتمد على ذاته نوعًا ما.

 

أجندة العمل المستقبلية المقترحة

ترى الباحثة ضرورة إجراء دراسات حالة فردية من ذوي الاحتياجات الخاصة وذلك لإبرازها مجتمعيًا وبالتالي حيازة اهتمام ذوي الأمر من المؤسسات المختصة لمثل هذه الحالات لتخفيف معاناة وقعها على الأسرة.

كما وتؤكد الباحثة على ضرورة تربية وتأهيل الجيل المستقبلي على آليات التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة دون المساس بمشاعرهم أو أن يكونوا سببًا من دون قصد بانعكاسات سلبية تتولد في نفوس هذه الفئة كنتيجة لجهل التعامل معهم.

وضرورة تدريب المرأة على مزيد من آليات التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة دون المساس بمشاعرهم أيضًا أو أن يكن سببًا في توليد مشاعر الإحباط لدى أبنائهن نتيجة جهد مضاعف من قبلهن يلزمهن لمساعدة أبنائهن والقيام بواجبهم.

كما تناشد الباحثة بتخصيص ميزانية مقتطعه من ميزانية الدولة لغرض توفير العلاج والرفاه ودعم الطموحات والآمال وتحفيز المواهب وتنميتها لدى هذه الفئة.

وكذلك متابعة ملفات هذه الفئة ممن هم على مقاعد الدراسة خاصةً في المؤسسات التعليمية الحكومية من قبل وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بشكل فاعل ومستمر، وتدريب بعض المعلمين خاصة في التربية البدنية على كيفية التعامل معهم وعقد دورات لذلك في المدرسة التي تحتوي على طلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأجندة زمنية تحتمل اللقاء الأسبوعي كحدٍ أدنى مع هؤلاء الطلبة.

 

نتائج الدراسة

وجدت الباحثة أن دور الأسرة في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة يتمحور على وجه الخصوص في أداء الأم ويتركز عليها، فاعتماد هذه الفئة من الأطفال تأتي بالدرجة الأولى على أمه ومدى قوتها التي هي من قوته، ومن ثم تحمله، ومقدار مقاومته، وعدم استسلامه لحالته التي يعييها ويدرك ما حلّ به لأنه لم يولد بهذه الحالة؛ ومن ثم مواجهته لتحديات الحياة التي أيضًا يستمدها منها حتى بنغمة ووتيرة صوتها حين تحدثه أو توبخه من أجل مصلحته.

كما استنتجت الباحثة بأن هؤلاء الأطفال من الممكن أن يكون لهم دور بارز في خدمة المجتمع وتقديم النصح والإرشاد بالاعتماد على تجاربهم وصولًا لجعلهم أقوياء ومُثُلٌ قويةٌ في المقدرة على الوقوف ثانيةً لمن هم مثلهم وفي بداية تجربة سيعيشونها في مجتمع معرض وبشكل قوي لمثل هذه الحوادث.

وقد وجدت الباحثة بأن هناك اهتمامًا بسيطًا لا يرقى إلى مستوى معاناة هذه الفئة من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع الفلسطيني الأمر الذي لا يتوافق ووقع هذه المشكلة العميقة ونقطة الفصل بين الحياة الطبيعية والحياة التي تحتاج إلى زيادة الوعي والتثقيف بالنسبة للأسرة.

كما أن مثل هذه الحوادث الحياتية في فلسطين تعتبر مسؤولية جماعية وليست فردية تتحملها الأسرة وحدها فحسب، بل وتتجاوز المسؤولية الجماعية لترقى إلى مستوى وطني ودولي تعنى به المؤسسات العالمية لحقوق الطفل وكل من له اهتمام بهذا الشأن.

كما وجدت بأن هناك ضعف في تربية وتأهيل الأطفال في المدارس بخاصة الحكومية منها وطريقة التعامل معهم. وإن دل هذا على شيء فهو دليل التقصير من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في تقديم الرعاية والعناية والمتابعة الكافية بالحد الذي يتناسب مع مستوى وحجم المشكلة، فهؤلاء الأطفال من حقهم أن تكون لديهم أنشطة رياضية خاصة في مدارسهم ومن حقهم أن يشاركوا في بعض الحصص التي تستلزم الانتقال من غرفة الصف إلى غرفٍ أخرى في المدرسة؛ كمختبر العلوم ومختبر الحاسوب، وتوفر أماكن متخصصة للصعود والنزول بوساطة الكرسي المتحرك.

وأخيرًا وجدت بأن للأنشطة اللامنهجية، وقوة الانخراط في المجتمع، وتأثير الأقران، وتعميق الإيمان أهمية كبيرة تعالج أمورًا صحية ونفسية لدى الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة وذويه.

 

خاتمة الدراسة

تصبح المرأة أمًا للاستمرارية في الحياة وتربية الأطفال تربيةً صالحة تحقق لهم السعادة في الدنيا والآخرة، ويولد الأطفال في الحياة على سجيتهم وهم الرائعون في كل الأحوال سواء أكانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة أم غير ذلك، وأي أسرة قد تكون معرضة لأن يصبح طفلها من هذه الفئة التي يلزمها الرعاية والعناية والصحة النفسية والجسدية بشكل مركز أكثر، ولكن نظرًا لدور الأم في الأسرة على وجه الخصوص باعتبارها جوهر العائلة وأساس ارتباط الأفراد بعضهم ببعض ما يُلزمها من بذل جهد أكبر داخل البيت ومع أطفالها، ويتطلب منها أدوارًا إضافية عندما يكون لديها طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، وُيلزمها هذا الدور أن تصبح على وعي أكثر وثقافة أعمق بمستلزمات وأصول التعامل معهم، وعليها أن تبذل جهدًا أكبر في تثقيف ذاتها وحسن التصرف في ظروف معينة أو مضاعفات قد تصيب طفلها، ومما لا شك فيه أنها ستتعرض إلى صدمات قوية إذا لم تكن متمكنة ما فيه الكفاية لمعالجتها فسيؤدي ذلك بها إلى التقصير والذي ينعكس مباشرةً على صحتها النفسية، وقد يؤدي بها إلى الإحباط والكآبة والتذمر إذا فشلت بشكل مستمر في معالجة الأمور؛ لذلك فهي تحتاج إلى المساعدة من ذوي الشأن وممن هم في محيطها، فمهما بلغت الأم من القوة، فهي بحاجة إلى الدعم المستمر؛ بسبب طبيعتها الفطرية وغزارة العواطف لديها فحكمتها في قلبها أكثر من عقلها خاصة حين يتعلق الأمر بأبنائها.

وبالاعتماد على ما سبق، فمما لا شك فيه أن المرأة/ الأم الفلسطينية (أم عطا) وطريقة معايشتها ومعالجتها لمشكلتها التي لا تعتبرها هي مشكلة بل عطاء من الله واختبارا لقوة الإيمان لديها؛ لهي امرأة تستحق كل الاحترام والتقدير بل وتقديم الشكر لها، ويد المساعدة والمعونة في تخفيف حملها وعبء ثقلها- رغم تبسمها الدائم ومقاومة الدموع في عينيها- ما استطعنا إليها سبيلا، حيث أن صحة طفلها ما زالت تحتاج إلى عناية نفسية وجسدية فائقة. والاعتماد على قوة إيمانها بعودة ابنها سائرًا على أقدامه لدليل قوي يُعتمد عليه للعمل من أجله وتقصي أثره أينما وجد لجعله حقيقةً وواقعًا.

«سيعود ولدي سائرًا على أقدامه هكذا يحدثني قلبي وإيماني بالله، لأن الله أنقذه من الموت ولأن الله أعانه في كل مرة على الاستجابة للعلاج بشكل سريع، ولأنه طفلي البريء الذي ما أذنب يومًا وما قطع فرضًا».

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم