توصلت دراسة تربوية أجرتها مراقبة الخدمات الاجتماعية والنفسية في منطقة حولي التعليمية، بالسعودية، عن نسبة السلوك العدواني في المدارس الثانوية، إلى أن 55.1% من الطلبة يتميزون بالسلوك العدواني، وهي وفق الدراسة «نسبة متوسطة لا تشكل ظاهرة سلبية كبيرة إلا أنه يجب الانتباه لها».
وشددت الدراسة على ضرورة الأخذ في الاعتبار المرحلة العمرية التي يمر بها الطلبة وبما تساعد على أساليب التعامل المناسبة معهم في هذه المرحلة بما يساهم في التخفيف من الشعور بسلوكهم العدواني.
أسباب السلوك العدواني
وبتحليل النتائج أشارت الدراسة إلى أن السلوك العدواني يرتبط بصورة موجبة مع القلق المدرسي بما يشير إلى أن ارتفاع مستوى قلق الطلبة بالبيئة المدرسية وما يؤدي إليه من توتر واضطراب في العلاقات والمصاحبات الانفعالية للقلق المرتبط بالبيئة المدرسية مثل قلق العلاقة مع الزملاء أو المعلمين أو قلق الاختبار الذي يؤدي إلى جنوح الطلبة نحو السلوك العدواني كتعبير يتخذه الطالب للكشف عن القلق لديه وبما يشير إلى أن إجراءات خفض القلق المدرسي ترتبط بخفض مستوى السلوك العدواني، مؤكدة أن القلق هو توقع حدوث النتائج السلبية من الطلبة والذي يؤدي إلى عدم الطمأنينة النفسية والتي تزيد بطبيعتها من توتر الجهاز العصبي وزيادة حساسيته وهو ما يجعل الشخص أكثر عرضة للاستثارة وعدم ضبط النفس.
كما أثبتت أن السلوك العدواني يرتبط بانخفاض قوة الأنا لدى الطلبة، حيث يزيد السلوك العدواني عند الطلبة المتسمين بانخفاض قوة الأنا وقوة الأنا هي أحد عوامل الشخصية، وتميز المرتفعين عليها بالاتزان الانفعالي والهدوء كما يتميز المنخفضين بسرعة الاضطراب وانخفاض الاتزان والميل للعصبية وهو ما يجعل الارتباط بين السلوك العدواني والمنخفضين على قوة الأنا منطقية حيث إن الأشخاص العصبيين الأقل اتزانًا، وهم من السهل عليهم تفعيل غضبهم بصورة عدوانية خارجية وتتفق هذه النتيجة مع ارتباط السلوك العدواني بالقلق المدرسي حيث إن جزءا من انخفاض قوة الأنا يرتبط بارتفاع القلق المدرسي.
وبينت الدراسة أنه استنادًا إلى دراسات أخرى أنه لا توجد علاقة أو ارتباط بين السلوكيات العدوانية والاكتئاب، كأحد المؤشرات العصبية وأوضحت أن السلوك العدواني ينتشر بين الطلبة بالمستوى نفسه مع اختلاف المناطق التعليمية على عكس ما يعتقده بعض المهتمين، وربما يكون حكمهم ناتجا عن حالات فردية في بعض المناطق دون غيرها، إلا أنه للتحقق العلمي وُجد أن مستويات هذا السلوك تنتشر بالقدر نفسه داخل المجتمع الكويتي عامة.
وتضمنت الدراسة مستوى السلوك العدواني لدى طلبة المرحلة الثانوية كما يدركه مشرفو الأجنحة حيث تم استخراج متوسط الطلبة على مجموع درجاتهم على استمارة ملاحظة السلوك العدواني للمشرفين وبلغ المتوسط العام 12.6 من المجموع الكلي 20 وانحراف معياري 3.8 ما يشير إلى أن نسبة السلوك العدواني لدى طلبة المرحلة الثانوية هي كما يشير المشرفون 63 في المئة، وهو مستوى يعلو عن المتوسط قليلًا ويقترب من فوق المتوسط ويفوق تقدير السلوك العدواني من وجهة نظر الطلبة حيث بلغ 55 في المئة من مقياس السلوك العدواني للطلبة من الدراسة الأولى وهو ما يشير إلى أن المشرفين يدركون السلوك العدواني لدى الطلبة أكثر من إدراك الطلبة لأنفسهم.
توصيات الدراسة
وخلصت الدراسة إلى إعداد توصياتها مشتملة على 4 فروع، أولها: في ما يخص المدرسة وأهمها تدريب الباحثين والباحثات العاملين في مجال الخدمة النفسية والاجتماعية على برامج خفض السلوك العدواني وتنفيذ ورش عمل ومحاضرات للهيئة التعليمية ومشرفي الأجنحة في كيفية التعامل مع الطلبة وفقًا للمرحلة العمرية خصوصا الطلبة ذوي السلوك العدواني، وزيادة الأنشطة والفعاليات الهادفة لاستثمار طاقات الطلبة بصورة إيجابية، وخفض حدة الغضب والعدوانية وتدريب الطلبة على تعزيز قيم الولاء والتسامح واحترام الرأي والرأي الآخر، واستخدام أساليب الحوار بدلًا من العنف، إضافة إلى قيام الإدارات المدرسية باستخدام نمط الإدارة الديموقراطية في التعامل مع الطلبة وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم ومشاركتهم في السياسة التعليمية داخل المجتمع المدرسي، وقياس السلوك العدواني ودرجته وأهم مظاهره داخل المجتمع المدرسي، عن طريق إجراء الدراسات والبحوث العلمية بصورة دورية والوقوف على الأسباب والدوافع للسلوك العدواني للطلبة خاصة المرتبطة بالبيئة المدرسية بهدف العلاج وتخفيف حدة الغضب، وعمل البرامج التوعوية المتخصصة التي تهدف إلى خفض مستوى القلق المدرسي لدى الطلبة، ويجب أن تكون العقوبات التربوية لمجلس النظام المدرسي ملائمة للسلوك السلبي الذي يرتكبه الطلبة.
وحددت الدراسة توصياتها للأسرة، وأهمها: توعيتها بأساليب التنشئة الاجتماعية والنفسية السليمة لخلق أبناء لديهم قدرة على ضبط النفس وعدم اللجوء إلى العنف، وتوعية الآباء بالأساليب الصحيحة لتربية الأبناء دون تدليل أو قسوة زائدة، وتوعيتهم كذلك بأساليب التعامل مع الطلبة خاصة في مرحلة الطفولة والمراهقة ومشاركة أولياء الأمور في البرامج المدرسية، وتوعيتهم بتعزيز قيم التسامح والحوار لدى أبنائهم دون تعصب طائفي أو مذهبي.
واختتمت الدراسة توصياتها بالنسبة لوسائل الإعلام حيث يجب تقليل محتوى العنف في الدراما التلفزيونية باعتبارها من أكثر وسائل الإعلام التي تساهم في زيادة العنف الطلابي، والاهتمام بالبرامج التوعوية للمجتمع حول العنف الطلابي وأسبابه ومظاهره وكيفية التعامل السليم مع الآخرين، والتركيز على النماذج الإيجابية لدى الشباب حتى تكون قدوة للآخرين، فيما وجهت توصيتها الوحيدة للمجتمع بضرورة التركيز على الخطاب الديني بوصفه أحد وسائل التوعية للطلبة.
.