الحج

الإمام البنا والدعوة إلى وحدة الأمة في الحج

الإمام البنا والدعوة إلى وحدة الأمة في الحج


 


 

يحرص الداعية على الاستفادة من المواقف والأحداث في توصيل رسالته وتبصير الناس بأمور دينهم، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتشجيع المسلمين على أداء فرائض الله، والوحدة بين المسلمين.

 

وفي ثلاثينيات القرن الماضي وجَّه مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين نداءً إلى الإخوان المسلمين بصفة خاصة والمسلمين بصفة عامة لأداء فريضة الحج، واعتبره من العهد الأساسي الذي بايع الإخوان عليه، وأن من يتركه مع القدرة عليه يعتبر ناكثًا للعهد، ويُسأل أمام الله عز وجل يوم القيامة عن تقصيره في الواجب والإخلال بشروط العهد، ومن لم يستطع الآن فليتجهَّز له في المستقبل ويدَّخر من أمواله ما تيسَّر حتى يستطيع أداءه في المستقبل.


وحرص الإمام البنا على أداء فريضة الحج، ودعا الإخوان إلى أدائها سنة 1936م، فلبَّى دعوته على الفور مائة من الإخوان المسلمين؛ كان منهم ثماني عشرة امرأة، وقد اهتمت جريدة أم القرى (كبرى الجرائد السعودية) في عددها الصادر يوم 14 مارس 1936م بحج الإمام البنا وصحبه، فنشرت تحت عنوان: "على الرحب والسعة" تقول: "وصل على الباخرة كوثر التي أقلَّت الفوج الأخير من الحُجَّاج المصريين كثيرٌ من الشخصيات المصرية المحترمة لم تسعفنا الظروف بالتعرف إليهم إلا بعد صدور العدد الماضي، وإنا نذكر منهم الأستاذ الكبير حسن البنا المرشد العام لجمعية الإخوان المسلمين ومدرس بالحكومة المصرية".


وقد أدَّى الإمام البنا وإخوانه مناسك الحج وقاموا بالالتقاء بالوفود الإسلامية المختلفة والتعرف عليهم ومعرفة أحوالهم ومناقشة مشاكلهم ومدى تسلط الاستعمار عليهم، بالإضافة إلى قيامهم بالوعظ والإرشاد متى أتيحت لهم الفرصة والمشاركة في الأنشطة المختلفة التي كانت تُقام أثناء الحج؛ فقد قاموا بالمشاركة في الندوة الأدبية التي أقامها الشباب العربي السعودي في "أوتيل" مكة.
 

وبعد انتهاء مراسم الحج دعا الشبابُ السعودي إلى حضور حفله السنوي المقام بمنى الشخصياتِ البارزةَ من الحُجَّاج ورؤساء البعثات من الأقطار المختلفة، وكان حاضرًا عن مصر الدكتور محمد حسين هيكل؛ وكان ذلك في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة، وقد بدأ الاحتفال في الموعد المحدد في الساعة الثالثة بعد الظهر، وتبارى فيه الخطباء والمدعوون، وكان مسك الختام خطابًا للإمام الشهيد حسن البنا، والذي استمر ساعة كاملة قوطع بالتصفيق الحاد عدة مرات، وقد دعا إلى الاستفادة من موسم الحج في التعارف والتآلف بين أفرد الأمة وتحقيق الوحدة الإسلامية بين الأفراد والأقطار.

 

وقد جاء في كلمته: "أيها الإخوان الكرام.. تحية الإسلام مباركةً طيبةً؛ فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..

فلست بالخطيب الرسمي في حفلكم هذا الميمون، وها أنتم ترونني بينكم بملابس المناسك، وإنما هي سنة مباركة استنَّها الشباب العربي السعودي وفَّقه الله وأيَّده، له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة؛ سنة دعوة الحجيج إلى التعارف والتآلف وتبادل الآراء والأفكار فيما فيه صلاح الحجاز، الوطن الإسلامي المقدس أولاً، وما فيه سعادة الأقطار الإسلامية ثانيًا، وإذا كان الشاعر العربي الأول قد قال:

تمام الحج أن تقف المطايا.. على خرقاء واضعة اللثام

فإننا نعتبر من تمام مناسكنا أن نقف على مثل هذا الحفل المبارك فنتعرف إلى إخواننا ويتعرَّفون إلينا، وشتان ما بين موقف هوى في الله والإسلام وموقف هوى خرقاء واضعة اللثام!، والله خير وأبقى، وذلك ما دعاني إلى أن أدعوَ نفسي إلى هذا الحفل ثم إلى التكلم إليكم فيه نزولاً على ما أثارته خطاباتكم البارعة من شجنٍ كامنٍ في النفس وهوى لاصق بالفؤاد".

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم