منطلقات التربية العملية للطلاب عند الإخوان المسلمين

 

إعداد:عبده دسوقي

نشأت جماعة الإخوان المسلمون عام 1928م وهدفت إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي من منظور إسلامي شامل، وتسعى في سبيل الإصلاح الذي تنشده إلى تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة فأستاذية العالم.

اهتمت الجماعة بالتعليم اهتماما جليا بعكس الأحزاب القومية والسياسية التي تركز انتباهها نحو الانتخابات البرلمانية والإعلام السياسي، فيما نرى الجماعة برغم الظروف السياسية المضطربة التي رافقت نشأة الجماعة في مصر إلا أن ذلك لم يمنعها من الاهتمام بالتعليم في ذلك الوقت، فقامت الجماعة بحشد أعضائها لإطلاق حملات تهدف إلى رفع مستوى الوعي ومحو الأمية.

وفي وقت ساد فيه الجوع والفقر وانتشار المدراس التبشيرية ومحاولات المستعمر في نشر التخلف جمعت الجماعة الأموال لبناء المدارس والمعاهد لتعليم السكان وتحسين مستواهم المعيشي.

لم يرتكز الفكر التربوي لجماعة الإخوان المسلمين على المنهجية التعليمية القائمة على محاولة تأليف منهج يمكن تدريسه في المدارس العامة في العالم الإسلامي ليحل محل المناهج الدراسية الحديثة فحسب، لكن ارتكز في المقام الأول على تربية أجيال تعمل لهذا الدين ولرفعة أوطانها وتحريرها من المستعمر الجاسم فوق صدرها وتطهيرها من عملاءه، ولذا كانت عيون الأستاذ حسن البنا تتجه لعنصر الشباب المتمثل في الطلبة.

 

نشأة قسم الطلبة

لقد وقعت البلاد العربية والإسلامية في محنة الاستعمار الذي جرعها كأس الذل والمهانة فأخرج منها أجيالًا لا يعرفون ماضيهم، ولا يعرفون قِبلةً لهم سوى أوروبا، ولا سيد لهم سوى المستعمر.

لقد أحكم الإنجليز سيطرتهم على البلاد والعباد، وهيمنوا على كل نظم المجتمع، وتحقق لهم ذلك عن طريق الاستعمار الفكري فألغوا الشريعة الإسلامية والعمل بها من قانون القضاء، وحصرها في قانون الأحوال الشخصية، وعملوا على فصل الدين عن العلم والمدارس الدينية([1]).

في هذا الجو نشأت دعوة الإخوان ثم من الإسماعيلية إلى القاهرة في أكتوبر 1932م ومنها انطلقت الجماعة في ربوع مصر تنشر منهجها، وتخلق أفقًا جديدة ووسائل حديثة لتربية المجتمع فأنشأوا مجلةً لتكون صوتا إعلاميا لهم عام 1933م، كما اجتمع أول مجلس شورى للإخوان ومنه تم اختيار أول مكتب إرشاد للإخوان في 15 يونيو من عام 1933م([2]).

لم يكن الطلاب في معزل عن الحياة العامة لكن جذوة الحماسة كانت تسيطر على قلوبهم فانطلقوا يهزون أركان عرش المستعمر بمظاهرتهم وأعمالهم الفدائية.

من هذا الحماس.. نظر الإمام حسن البنا إلى هذه القلوب الطرية النضرة فوجدها قلوبا تحتاج لتربية فحرص على العمل من أجل ذلك، فجعل هدفه الرئيس تكوين جيل مسلم، يبدأ بتكوين الفرد المسلم، الذي يكون الأسرة المسلمة، فالمجتمع المسلم، فالحكومة الإسلامية، فالأمة الإسلامية، فأستاذية العالم، ولذلك ابتكر أساليب كثيرة وبرامج مطورة لتكوين الوحدة الأساسية لهذا الجيل، وهي بناء الشخصية المسلمة، فأنشأ المدارس التربوية وكتب المقالات المنهجية لغرس هذا المعنى ([3]).

ففي شهر أغسطس من عام 1933م انطلق ستة من شباب الجامعة للشيخ طنطاوي جوهري يطلبون منه المشورة والنصيحة لكيفية العمل لدين الله فما كان منه إلا أن قال لهم: «لقد اهتديتم إلى السبيل كما اهتديتم إلى الغاية، فإن الإخوان حركة جديدة تستلهم روح الإسلام وتترسم مناهجه في تربية الأمة وخلق الرجال على نمط الدعوة الإسلامية الأولى»، واتصل بالإمام البنا الذي كان متواجدا بالإسكندرية فعاد والتقى بهؤلاء الطلبة، فكان يعقد الجلسات الخاصة بهم، وقد حملوا على كواهلهم نشر الفكر فانطلقوا في كل كلية ومدرسة ينشرون الفكرة حتى أصبحت له الغلبة في جميع النشاطات ([4]).

 

مفهوم تربية الطلبة عند البنا

حينما سُئل الإمام البنا عن عدم تأليف الكتب فكان رده معبرا عما ينتهجه فقال: إنه مهموم ومشغول بتأليف الرجال، فإذا ما ألَّف الرجال حملوا الرايةَ من بعده، وقاموا بالتأليف والتصنيف، وملئوا الدنيا علمًا وعملاً.

وبذلك أراد منكم أيها الشباب: أن تكونوا مُثُلًا صالحة للخلق الإسلامي الفاضل تجدون حين يهزل الهازلون، وتصدقون حين يكذب المخادعون، وتنصفون من أنفسكم حين يجور الجائرون وتعزمون فلا تترددون حين يجبن الضعفاء والمخنثون، وتعفون عن المحارم والمنكرات حين يغرم بها العابثون، وتؤدون فرائض الله حين يتكاسل عنها المتكاسلون، وتعملون لآخرتكم كمن يموت غدا وتعملون لدنياكم كمن يعيش أبدا.

ثم عليكم مع هذا أن تنشروا الفضيلة بين إخوانكم، وأن تبلغوا دعوتكم لكل من يتصل بكم فى سهولة ووضوح وفى غير إطالة وإملال يضيعان الوقت ويستوجبان المقت فى حدود قول الله تبارك وتعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل: 125) واحرصوا على الوقت فهو رأس المال الذي لا يعوض، من شبهه بالذهب فقد نقص قيمته، ومن قال هو الحياة فقد أدرك حقيقته، وحفظكم الله، وهدانا وإياكم سواء السبيل ([5]). بهذا الحوار لخص البنا التربويات والأهداف والمستهدفات التي ينشدها من هؤلاء الشباب.

بدأ حسن البنا منذ أول وهلة يضع الأطر لقسم الطلبة ومنهجه وسياسته ويرسم استراتيجيته التي يرجوها من هذه القوة التي تحتاج لتوجيه، خاصة إذا كان لهم هدف وغاية؛ وقد كانت هذه القضية تشغله حتى من قبل أن ينشأ جماعة الإخوان فيقول عام 1927م: «والطلبة قوة فعالة فى الدعوة -لا أعنى الأزهريين فقط- بل الطلبة المسلمين على اختلاف مدارسهم -وهم والحمد لله كثير فى كل بلد- فلو صلح من هؤلاء فريق وقام بدعوة غيره، وانضم إلى ذلك معاضدة بعض الرؤساء والوجهاء، لنجحت الدعوة نجاحًا باهرًا، ولكن مع الأسف الشديد نرى كثيرًا من الطلبة فى البلاد حربًا على الفضيلة وأعوانها، قد أخذ منهم غرور الصبا ونزق الشباب كل مأخذ، فلعلهم يفيقون من غشيتهم ويقدرون ما عليهم من واجب مقدس([6]).

ويؤكد على ذلك فيقول: أيها الإخوان: رأيتني أحب أن أتحدث إليكم فى نقاط ثلاث: ماهية دعوتكم، موقفكم، إلى ما يجب عليكم، وأظنكم ملاحظون أنني كثيرًا ما أتحدث إليكم عن هذا الهيكل وأذكركم به، فمعذرة إذ أنني أشعر دائمًا أننا فى أشد الحاجة إلى هذا التذكير الدائم.

إنكم دعاة تربية، وعماد انتصاركم إفهام هذا الشعب، وإقناعه، وإيقاظ شعوره، وبعث حيويته، وتربيته تربية جديدة من كل نواحيها على قواعد الإسلام وتعاليم الإسلام ومبادئ الإسلام، وهذه غاية لا تدرك فى أيام، ولا تنال بأعوام قليلة، ولكنه الجهاد الدائب، والعمل المتواصل، والغوص فى أعماق القرى والبلدان، ومقارعة جيوش الجهالة والأمية والمرض والفقر والأحقاد والأضغان([7]).

لقد ظل الإمام البنا يذكر هؤلاء الطلبة بغاية الإسلام وشموله وأن الإسلام لم يكن يوما مجزئا، وأننا لسنا زهدا أو عبادا فحسب أو رجالا سياسيين يخوضون غمار السياسة بكل ما فيها، أو رجالا إصلاحيين في مجال معين فقط بل لابد أن نأخذ بكل معاني الإسلام وشموله.

وظل البنا يؤكد على هذه المعاني في كل المحافل حتى لا يظن الناس أن الإخوان حادوا عن منهجهم أو طريقهم الذي ارتسموه منذ البداية فيقول في أول مؤتمر لطلبة الإخوان المسلمين والذي عقد في 19 من ذي الحجة 1356ﻫ الموافق 20 فبراير 1938م([8]).

ولقد حث الطلبة على الالتفات للعمل النافع والنهوض بالأمة والتصدي للمحتل وعدم السير في ركاب حزب والتعصب له مما يدفع إلى الفرقة بين أبناء الوطن في وقت يحتاج الوطن لجهودهم للتصدي للمحتل الجاثم على صدر وقلب الوطن الإسلامي.

أوجز الإمام البنا المنهج التربوي لدي الشباب في قوله، أيها الشباب:

إنما تنجح الفكرة إذا قَوِيَ الإيمان بها، وتوفر الإخلاص فى سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووُجد الاستعداد الذى يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها. وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة من: الإيمان، والإخلاص، والحماسة، والعمل من خصائص الشباب؛ لأن أساس الإيمان القلب الذكي، وأساس الإخلاص الفؤاد النقي، وأساس الحماسة الشعور القوى، وأساس العمل العزم الفتى، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب. ومن هنا كان الشباب قديمًا وحديثًا فى كل أمة عماد نهضتها، وفى كل نهضة سر قوتها، وفى كل فكرة حامل رايتها: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً﴾ (الكهف: 13).

ومن هنا كثرت واجباتكم، ومن هنا عظمت تبعاتكم، ومن هنا تضاعفت حقوق أمتكم عليكم، ومن هنا ثقلت الأمانة فى أعناقكم. ومن هنا وجب عليكم أن تفكروا طويلًا، وأن تعملوا كثيرًا، وأن تحددوا موقفكم، وأن تتقدموا للإنقاذ، وأن تعطوا الأمة حقها كاملًا من هذا الشباب([9]).

 

جوانب تربوية عملية

كما اهتم الإمام البنا بغرس معاني الإسلام في نفوس الشباب، سعى حثيثا في مشاركة إخوانه لتطبيق هذا الجانب العملي لتربية جيل يعرف حق دينه ووطنه، وهذا ما دفع الإمام البنا ومن وراءه الإخوان للعناية بالتعليم فقاموا بعمل الآتي:

أولًا: إقامة المدارس الأولية والليلية، فأنشأوا معهد حراء بالإسماعيلية ومدرسة أم المؤمنين، ومدارس الجمعة.

ثانيًا: العمل على إصلاح التعليم الديني في المدارس.

ثالثًا: العمل على إصلاح مناهج التعليم العام والأزهري([10]).

لقد اعتمد الإمام البنا على الطلاب وعلى الخريجين منهم فى إرساء قواعد فترة التكوين؛ فقد كان أعضاء أول وثاني كتيبة من كتائب الإخوان من الطلاب والخريجين الجدد الذين رباهم الإمام على يديه، كما اعتمد الإمام البنا عليهم فى إقامة المعسكرات، وجدد بهم دماء قسم الجوالة، كما أنشأ البنا لهم قسمًا يعتني بشئونهم، ويعمل جاهدا على الإعداد الجيد لتربيتهم وهو قسم الطلبة والذي كان يتابعه مباشرة الأستاذ البنا لأهميته.

كما كان للطلاب ركن ثابت في جريدة الإخوان يعلنون فيه عن آرائهم، ويشاركون به في نشر الدعوة ونشر الوعي بين أوساط الإخوان ويكتبون فيه في شتى المجالات تحت عنوان (قسم الطلبة)، كما أن الإمام الشهيد كان يعقد في نهاية كل عام دراسي حفلة للطلاب يحثهم فيها على العمل لدعوتهم ويمدهم بالنصائح الغاليات التي تعينهم على مواصلة الطريق، كما كان الإمام الشهيد يحثهم على التفوق في دراستهم.

ولم يفرق الإمام البنا بين إخوان الجامعات وإخوان الأزهر في شيء، فلقد أشار أن للإخوان في الأزهر كتائب مجهزة، وصفوفًا مسواة، وجنودًا عاملين مؤيدين وفلذات أكباد هي من قلب الإخوان بين الحبة والشغاف ومنهم الشيخ محمد الغزالي وأحمد شريت وعبد المعز عبد الستار وغيرهم.

نشرت في جريدة الإخوان الأسبوعية تحت عنوان: (لتكون جنديًا في صفوف الإخوان المسلمين) جاء فيها([11]):

ولله الحمد

  1.  

كن قوي الإرادة إلى أبعد حد ولا تتردد أبدًا (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ)

الله أكبر

       2.

كن وفيًا بالكلمة والعهد والوعد ولا تخلف مهما كانت الأسباب «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ»

       3. 

اغضب لكرامتك وثر لحقك ولا تتهاون مع الباغين عليك «وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ»

       4.

احتمل المشقة وغالب الصعاب وجاهد في سبيل غايتك ولا تدع شيئًا يثنيك عنها «وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ»

       5.

تغلب على العادات والشهوات والعواطف واحذر أن تصرعك «إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ»

       6.

قل الحق وكن شجاعًا في نصرته وناضل عنه بقلبك ولسانك ويدك ومالك ودمك ومت في سبيله «فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ»

       7.

تجنب الفضول في القول والعمل فلا تقل إلا ما يفيد «وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ»

       8.

املك نفسك عند الغضب ولا تندفع حتى تتبين الطريق وتعلم أين الفائدة «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»

       9.

لا تضعف أمام المرأة، ولا تقس عليها، واطبع بيتك بطابعك واملأ من حولك بعقيدتك «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا»

       10.

تعرف حقك وواجبك فلا تتساهل في الحق ولا تقصر في الواجب «وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ»

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

تركزت أهداف التربية عند الجماعة حول أربعة محاور هي:

التربية العقلية

التربية الجسمية

التربية الخلقية

التربية الاجتماعية

كما تمثلت وسائل التربية عندهم في:

الكلمات والوعظ الديني- القدوة- القصص- مبدأ الثواب والعقاب- الرحلات- مخيمات الجوالة- الندوات- الدورات- المؤتمرات السنوية([12]).

 

المردود التربوي على الطلاب

لم يستكن الطلبة للراحة بعدما التحقوا بركب الدعوة لكنهم حملوا على أنفسهم التغيير وسط المجتمع الطلابي خاصة والمجتمع عامة.

وأفسح الإمام البنا المجال لهم للتعبير عن آرائهم في صحف الإخوان المسلمين، وخصص لهم صفحة لتكون منطلقًا لنشاط هؤلاء الطلبة.

لم يقتصر دور الطلبة على التعبير عن آرائهم الإسلامية من خلال الكتابة في الصحف أو الخطابة على المنابر بل نزلوا إلى الساحة العملية يغيرون المنكر بالحسنى ويعملون على ترسيخ مفاهيم الدين الحنيف في قلوب الطلبة والأساتذة.

عقدوا المعسكرات ودعوا إليها جموع الطلبة، وعمدوا لإحياء الشعائر الإسلامية التي كادت أن يتناساها الناس فرفعوا الآذان في الجامعة وأقاموا الاحتفالات بالمناسبات الدينية.

حرص قسم الطلبة على إرسال مندوب من قبله للأقاليم والشعب لتفقد حال الأفراد، وتزويدهم بالنصح والإرشاد، وتوضيح معالم الطريق أمامهم([13]).

كما وقف طلاب الإخوان بالجامعة ضد الحفلات غير الأخلاقية التي لا تليق بمحراب العلم، كما تصدوا لكتابين في قسم اللغة الانجليزية بكلية الآداب لبرنارد شو والتي كان تطعن في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يستسلموا حتى تم إلغائها من مقرر الجامعة([14]).

كما حرص الطلاب بعدما عرفوا قيمة التفوق والتمييز على التفوق الدراسي وتحقق ذلك بحصول العديد منهم على المراكز الأولى، مثل دكتور عبد المنعم أفندي أبو الفضل، وكان ترتيبه الأول فى دبلوم الصيدلة، وعبد العزيز كامل أول ليسانس قسم الجغرافيا بكلية الآداب، وتوفيق الشاوي في كلية الحقوق وغيرهم الكثير ([15]).

كما لم يغفل الطلبة الجانب السياسي فعقدوا المؤتمرات واشتركوا في انتخابات الاتحادات حتى سيطروا عليها وكان أمين الاتحاد سعيد رمضان ومصطفى مؤمن طالب الهندسة.

شارك الطلاب من منظور تربوي وطني في المظاهرات التي كانت تطالب باستقلال البلاد وخروج المحتل مثل مظاهرات كوبري عباس 1946م، كما شاركوا في حرب فلسطين وحرب القنال مندفعين بالروح التربوية التي غرست فيهم خلال مسيرة حياتهم في جماعة الإخوان.

لقد تجلت هذه التربويات في المحن التي تعرض لها الإخوان بعد حل الجامعة سواء عام 1948م أو محنة عام 1954م والتي غيبت بعضهم فيها إلى ما يقرب من عشرين عاما ومنهم من مات من التعذيب داخل السجون كالذين ماتوا في مذبحة ليمان طرة عام 1956م ومنهم من خرج وظل ثابتا على منهج دعوته وانتشر بها فى ربوع الأرض ينشر الإصلاح الذي عاهد عليه الله.

ولخص السفير البريطاني المشهد العام والصورة التي نقلها لدولته مطالبا أخذ الأمر على محمل الجد وصرح بقوله: «هذه الحركة الطلابية، إذا لم يتم ضبطها على الفور، يمكن أن تسيطر كلية على المسرح السياسي المصري»([16]).

 

الجزء الثاني من الدراسة:  

الجزء الثالث من الدراسة: 

 

الهامش:


([1]) عبده مصطفى دسوقي: عمالقة في زمن النسيان، شركة منارات للإنتاج الفني والدراسات، الطبعة الأولى، 2010م، صـ 25.

[2]([2]) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الأولى – العدد الأول – 22صفر 1352هـ / 15يوليو 1933م.

([3]) عثمان رسلان: التربية السياسية عند الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية، ص128.

([4])تاريخ الحركة الطلابية بجماعة الإخوان المسلمين (1933- 2011)، عبده مصطفى دسوقي، والسعيد رمضان العبادي، مؤسسة إقرأ للنشر والتوزيع، 2012م.

([5]) مجلة النذير، العدد (33)، السنة الثانية، الاثنين 25شعبان 1358ﻫ- 10أكتوبر 1939م، ص(3).

([6]) مجلة الفتح، العدد (103)، السنة الثالثة، 17محرم 1347ﻫ- 5يوليو 1928م.

([7]) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (4)، السنة الخامسة، 2ربيع الثانى 1356ﻫ- 11يونيو 1937م، ص(1-2).

([8]) رسالة مؤتمر طلبة الإخوان المسلمين عام 1937م

([9])إلى الشباب عامة وإلى الطلبة خاصة: مجموعة رسائل الإمام البنا، دار التوزيع والنشر الإسلامية

([10]) حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية، دار التوزيع والنشر الإسلامية، صـ106.

([11]) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الخامسة – العدد الأول – 11ربيع الأول 1356هـ / 21مايو 1937م.

([12]) الفكر التربوي عند الإخوان، د/ محمود الزويد

([13]) مجلة الإخوان المسلمين – السنة الثالثة – العدد 65 – صـ21 – 1رمضان 1364هـ / 9أغسطس 1945م.

([14]) مجلة النذير الأسبوعية – السنة الثانية – الأعداد 4، 5، 7 – 22، 29محرم، 13صفر 1358هـ / 14، 21مارس، 4أبريل 1939م.

([15]) مجلة التعارف الأسبوعية – السنة الخامسة – العدد 20 – صـ6 – 29جمادى الأولى 159هـ / 5يوليو 1940م.

[16] - مجلة اتحاد الطلبة بجامعة القاهرة: العدد الثالث، 1953م

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم