يهلّ علينا شهر ذي الحجة، وبه يحل موسمٌ من مواسم الخير المتجدّدة، هذا الشهر الذي يزخر بفريضة من أعظم فرائض الدين، وهي فريضة الحج بمناسكها ومواقفها الإيمانيّة والتربوية والتعبديّة، وبمعانيها في التضحية والفِداء والجهاد والمجاهدة.
وحياة المسلم تمتاز دائماً بأنها زاخرةٌ بالأعمال الصالحة، والعبادات المشروعة التي تجعل المسلم في عبادةٍ مُستمرةٍ، وطاعة دائمة، وعملٍ صالحٍ، وسعيٍ دؤوبٍ إلى الله عز وجل، دونما كللٍ أو مللٍ أو فتورٍ أو انقطاع. والمعنى أن حياة الإنسان المسلم يجب أن تكون كلَّها عبادةٌ وطاعةٌ وعملٌ صالحٌ يُقربه من الله تعالى.
من هذا المنطلق يعرِض محمد حامد عليوة الداعية الإسلامي، مجموعة من الأعمال والبرامج العمليّة يقوم بها المسلم خلال هذه الأيام المباركة، ويدعو غيره للعمل بها، فيتّسع نطاق الطاعة ويقبل الناس على الله في هذه الأيام المباركة، عندها تتنزل رحمات الله علينا وعلى بلادنا وأهلينا:
1. الاستعداد لها واستحضار النّية الصالحة للاجتهاد في الطاعة خلالها، وقبل ذلك التوجُّه إلى الله عز وجل بالتوبة النصوح، والإنابة لله سبحانه بأن يُطهّر القلب ويغفر الذنب ويقبل التوب.
2. الحرص علي صلاة الجماعة في وقتها خلال هذه الأيام ولاسيما في المسجد مع الحرص على تكبيرة الإحرام، ثم الحفاظ علي السُنن الراتبة قبل وبعد الصلوات المفروضة "12 ركعة". عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ إِلاَّ تَبَشْبَشَ اللَّهُ لَهُ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ».
3. المحافظة علي صلاة النوافل يومياً ولاسيما "الضُحى، الوتر، قيام الليل". ففى الحديث القدسي، قال الله تعالى: «مَن عادى لي وليِّاً فقد آذنتُه بالحرب، وما تَقَرَّبَ إليَّ عبدي بشيء أَحبَّ إليَّ مما افترضتُهُ عليه، وما يزال عبدي يَتَقَرَّبُ إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه؛ فإذا أحببتُه كنتُ سَمْعَه الذي يَسمعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبصِرُ به، ويَدَهُ التي يَبطِشُ بها، ورِجْلَه التي يَمشِي بها، وإنْ سألني لأُعطِيَنَّه، ولئن استعاذ بي لأُعيذنَّه...» صدق رسول الله فيما بلّغ عن ربه.
4. ختم القرآن تلاوة بحد أدنى مرة واحدة خلال هذه الأيام الطيبة "بمعدل 3 أجزاء يومياً".
5. صيام ما تيسّر لك من هذه الأيام المباركة، بحدٍ أدنى الإثنين والخميس ويوم عرفة، ومن قدّره الله على صيامها جميعاً واجتهد في ذلك، فأجره على الله وذلك من فضل الله عليه.
6. المداومة علي الذكر والدعاء خلال هذه الأيام، ولا سيما المحافظة على أذكار الصباح والمساء، والحرص علي أذكار الأحوال، وختام الصلاة، وذكر الله المطلق "1000 ذكر يوميّاً كحد أدنى" موزعاً بين استغفارٍ وتسبيحٍ وتحميدٍ وتهليلٍ وتكبير، مع الإكثار من الصلاة علي النبي محمد صلي الله عليه وسلم.
7. أن يستحّضر كل مسلم ومسلمة "من غير الحجاج" فريضة الحج ويُعايش الحجاج في مناسكهم المختلفة وشعائرهم وكأنه بينهم. ويستشعر بوجدانه معاني التضحية والفداء والبذل وحسن الامتثال لأمر الله عز وجل.
8. الحرص على الدعاء خلال هذه الأيام، مع التماس أوقات الإجابة عقب الصلوات المفروضة، وعند كل سجود، وعند الفطر بعد صيام، وفى أوقات السحر، ولا ننس في هذه الأيام الدعاء للمسلمين عامة بالنصر والتمكين ولإخواننا فى سوريا وفلسطين وبورما خاصة وسائر بلاد المستضعفين من المسلمين أن يرفع عنهم الظلم والبلاء وأن يُفرج عنهم كربهم جميعاً.
9. الإنفاق في سبيل الله، ولا سيما صدقة السِرّ فإنها تُطفئ غضب الربّ، فليحرص كل منها أن يُحدِّد جزءاً من ماله يُخرجه في أحدِ مصارف الخير وأبوابه، وهي كثيرة. 10. الحرص على عِبادة المُكثّ في المسجد بين الفجر والشروق بحد أدنى مرتين خلال هذه الأيام. ففي الحديث: «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ».
11. إحياء سُنّة الأضحية، والعزم عليها لما فيها من فضل ولها من أجر. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، وَإِنَّهُ لَيُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ بِالْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً».
12. أن يحث المسلم أهله وأولاده على استقبال هذه النفحات والتعرّض لها، ومساعدتهم علي فعل الخير وأداء الطاعة في هذه الأيام، فتحيا الربانيّة فى بيوتنا، وأن يتحرّك المسلم بهذه التوجيهات والوصايا العمليّة في مُحيط عمله بين زملائه، وبين جيرانه لحثّهم علي ذلك أيضاً، "والدال على الخير له مثل أجر فاعله".
.