تحدثنا في المقال السابق عن طريقة المناقشة وكيفية إدارتها بالرغم من كل الإيجابيات التي ذكرت لطريقة المناقشة كطريقة من طرق التدريس، إلا أن تحقيق هذه الإيجابيات مرهون بعدد من الاعتبارات الأساسية التي ينبغي أن يراعيها المعلم كي يتمكن من إجراء مناقشات ناجحة تعينه على تحقيق الأهداف المرجوة بمزيد من الفاعلية:-

1- فيما يتعلق بكيفية بدء المناقشة:

لعل من الأساليب المفيدة لإثارة دافعية التلاميذ في بداية المناقشة هو بدؤها بعرض شيق، والقاعدة الجيدة لاتباع هذا الأسلوب في الإثارة هي بدء المناقشة بمدرك حسي ما أمكن ذلك.

2- فيما يتعلق بالأسئلة التي يثيرها المعلم:

لعل من خصائص السؤال الجيد أن يتناسب مع الهدف الذي يستخدم من أجله وأن يكون ضمن إطار خطة الدرس، كما يتناسب كذلك مع قدرات التلاميذ وخبراتهم السابقة.

وفي هذا الخصوص ينبغي أن تكون ألفاظ السؤال مألوفة في لغة التلاميذ (أي يكون لها مدلول واضح لديهم) فأي سؤال به لفظ غريب قد يحيد بالمناقشة عن المسار المطلوب، ومما يساعد على الوضوح أن تكون الأسئلة قصيرة وكل منها يدور حول فكرة واحدة محددة؛ إذ إن احتواء السؤال على أكثر من فكرة واحدة يشتت تفكير التلاميذ.

ويجب أن يلقى السؤال بنبرة طبيعية تصلح للمناقشة ويبدو فيها الاهتمام كما توحي بثقة المعلم بتلاميذه، كما يجب أن يوجه السؤال إلى الفصل كله قبل أن يبدأ بتحديد تلميذ معين للإجابة عنه؛ إذ إن تحديد المجيب قبل السؤال قد يؤدي إلى عدم اهتمام بقية التلاميذ بالسؤال؛ لذا ينبغي توزيع الأسئلة على جميع التلاميذ بقدر المستطاع.

وجدير بالإشارة إلى أن توجيه السؤال إلى الفصل بأكمله ثم ترك فرصة للتفكير فيه قبل أن يستقر اختيار المعلم على أحد التلاميذ للإجابة عنه أدعى إلى مشاركة كل التلاميذ وإعمال فكرهم، وتعرف هذه الفرصة (بوقت الانتظار)، وقد أظهر تحليل الإجابات أن المعلمين الذين ينتظرون أوقاتاً أطول (ثلاث ثوان أو يزيد) عادة ما يحرز تلاميذهم نتائج أفضل من نتائج زملائهم الذي ينتظر عليهم معلموهم فترات أقصر، وهذا يرتبط بوقت الانتظار ما يعرف (بزمن التوقف) وهو يعنى أيضاً أن المعلم يتوقف قليلاً من أجل أن يفكر تلاميذه.

وهناك نقطة هامة نود أن نلفت النظر إليها وهى تتعلق بموقف المعلم عندما يخطئ أحد التلاميذ في الإجابة عن سؤال ما أثاره المعلم، إذ عندما يحدث هذا فإنه ينبغي على المعلم ألا يتهكم على تلميذه أو يسخر منه، ذلك أن تكرار هذه المواقف مع التلميذ غالباً ما يؤدي به إلى السلبية والانعزال وإضعاف ثقته بنفسه وهو ما ينبغي تجنبه.

وجدير بالملاحظة أن مسئولية إخفاق التلميذ في الإجابة قد ترجع إلى السؤال نفسه في صياغته أو في موضوعه أو فيهما معاً، فالمعلم في أمثال هذه الأحوال هو المسئول الحقيقي عن إخفاق التلميذ.

3- فيما يتعلق بالأسئلة التي يثيرها التلاميذ:

ينبغي أن يعطي المعلم اهتمامه للأسئلة التي يحاول التلاميذ إثارتها إذ إن هذه الأسئلة بمثابة الوسيلة التي تكشف عما يدور في عقولهم.

فبعض الأسئلة قد تكشف عن عدم فهم التلاميذ لحقائق الدرس، وبعضها الآخر يكشف عن حاجتهم إلى معلومات إضافية، وقد تكون بعض أسئلتهم سابقة لأوانها وفى هذه الحالة ينبغي على المعلم توجيه التلميذ إلى تأجيل سؤاله إلى مرحلة قادمة، وقد يلقي التلميذ سؤاله في صورة غير مفهومة وعندئذِ ينبغي على المعلم أن يساعده على إعادة صياغته.

وأحياناً ما يكون السؤال مفاجئاً للمعلم بحيث يحتاج إلى وقت للإجابة عنه وفى هذه الحالة قد يعيد المعلم إلقاء السؤال على التلاميذ ويشركهم معه في الإجابة، أما إذا لم يكن المعلم مستعداً للإجابة عن السؤال فينبغي ألا يتهرب من السؤال أو أن يجيب عنه إجابة خاطئة بل يمكن أن يعد تلاميذه بالإجابة عنه في الدرس القادم.

4- فيما يتعلق بالمحور الذي ينبغي أن تتركز حوله المناقشة:

لعله من الملاحظ أن كثيراً من المعلمين يتسيدون المناقشات التي تجري بينهم وبين تلاميذهم في الفصل الدراسي، ولكن المدرس الذي يستهدف تدريب التلاميذ على البحث والاستقصاء ينبغي أن يجعل المناقشة تتركز حول التلميذ وتجعله محوراً لها وهذا يعني أن المعلم ينبغي أن يتكلم عندما تدعو الحاجة إلى ذلك فقط.

إذن، كيف يمكنك كمعلم تحقيق هذا النوع من التفاعل ؟

5- فيما يتعلق بواجبات المعلم خلال المناقشة:

خلال المناقشة التي تجرى في الفصل الدراسي فإن المعلم يستخدم كوسيط فقط وقد حددت واجباته على النحو التالي:

أ‌- الاحتفاظ بالمناقشة مثيرة وحيوية.

ب‌- الإمساك بالمناقشة متعلقة بالموضوع المطروح ولا تحيد عنه.

ج‌- تشجيع كل التلاميذ على الاشتراك في المناقشة بفاعلية.

د- استبعاد الأسئلة غير المناسبة والتعليقات غير المقبولة.

هـ- القيام بتلخيص النقاط الأساسية التي تسفر عنها المناقشة.

و- إنهاء المناقشة عندما يبدو اهتمام التلاميذ بها قد بدأ يخبو.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.