أصبح من المسلم به أنه لا توجد طريقة تدريس واحدة تؤدى بالطلاب إلى درجة واحدة من النجاح، وأنه لا توجد طريقة تدريس يمكن وصفها بالطريقة المثلى التي يجب اتباعها تحت مختلف الظروف والمناسبات داخل الفصل الدراسي، بل أصبح هناك تنوع في الطرق، بما يتناسب مع نوع الهدف وطبيعة المادة الدراسية وخصائص التلاميذ. وفيما يلي عرض موجز لإحدى هذه الطرق، وهي طريقة المحاضرة:
تعد طريقة المحاضرة من أقدم الطرق التدريسية، كما أنها الأكثر شيوعاً، وتعتبر هذه الطريقة من أكثر الطرق التي يغلب فيها استخدام المعلم الجانب اللفظي من سلوكه لتحقيق أهداف الدرس، وقيها تكون عملية الاتصال في معظم الأحيان من المدرس إلى التلميذ الذي يتلقى ما ينقل إليه من معلومات، حيث يكون الغرض الأساسي من طريقة المحاضرة هو تقديم مجموعة من المعلومات التي تشتمل على الأفكار والحقائق والمفاهيم والتعميمات، لذا فقد وُجِّه إليها كثير من النقد على أساس أن البعض يؤديها بشكل يقوم على التلقين من جانبه والحفظ والاستظهار من جانب الطلاب، مما يؤدي إلى ضعف الصلة والتفاعل بين الطالب والمعلم، وتنمية روح الإذعان لدى الطلاب وتسرب الملل والروتين إلى نفوسهم، وافتقادها إلى التغذية الراجعة المباشرة وعدم مراعاتها للفروق الفردية وعدم إتاحة الفرصة للطالب للبحث والتطبيق.
وبالرغم من النقد المستمر لهذه الطريقة فإن معظم السلبيات لا ترجع بالضرورة إلى طريقة المحاضرة، وإنما قد ترجع إلى شخصية مستخدميها وإعدادهم الوظيفي والمهني وقدراتهم التعليمية والنظرية والعملية، فمن الممكن إخراج المحاضرة من سياقها التلقيني والخطابي الذي يقوم فقط على قوة اللغة والمعنى وجمال الأسلوب ودقته في إقناع التلاميذ بما استمعوه من معلومات وآراء، وذلك بتطعيم المحاضرة بالعديد من الأساليب لتشويق المستمعين وإقناعهم، مثل الاستقراء والاستنتاج والوسائل التعليمية والمناقشة والأسئلة واستخدام المطبوعات والنشرات، مما يزيد من جذب انتباه التلاميذ ويدفعهم إلى المشاركة والإيجابية في المحاضرة.
وتمر طريقة المحاضرة بعدة مراحل مرتبة يمكن بيانها كما يلي:
-
مرحلة الإعداد للمحاضرة: التي يتم فيها تعيين أهدافها والنقاط الرئيسة لها والأنشطة التي من المتوقع أن يقوم بها التلاميذ والأساليب والوسائل التي تستخدم في المحاضرة.
-
مرحلة التعريف والتقديم للمحاضرة: بمراجعة بعض المعلومات السابقة والتعريف بموضوع المحاضرة وأهميته والهدف من تدريسه وتسجيل بعض العناصر الرئيسة للمحاضرة.
-
مرحلة عرض المحاضرة: ويطلق عليها مرحلة جسم المحاضرة ويقوم خلالها المحاضر بعمليات العرض وتعليم الطلاب محتوى المحاضرة من معارف ومفاهيم وتعليمات.
ويمكن تبويب العمليات في هذه المرحلة إلى: عمليات تعليمية، وعمليات تنظيمية، وعمليات تفاعلية، وعمليات شخصية:
عمليات تعليمية: تهتم هذه العمليات بكيفية تدريس المحاضرة للمادة العلمية وتشمل هذه العمليات: ( توضيح ما تم تقديمه – ضرب الأمثلة – استعمال وسائل تعليمية (إيضاح) – إجراء مقارنات – تصنيف المعلومات).
عمليات تنظيمية: تختص هذه العمليات بالمظاهر الفنية التنظيمية المتعلقة بترتيب المادة وتقديمها للتلاميذ مثل: (كتابة النقاط الهامة على السبورة – تحليل الأفكار الرئيسة للمحاضرة إلى أفكار فرعية – ربط أجزاء المحاضرة ببعضها – إلقاء المحاضرة بالسرعة المناسبة - ……).
عمليات تفاعلية: تختص بالتفاعل بين المحاضر وطلابه وطرح الأسئلة وتلقى الاستفسارات وتشجيع الطلاب على الحوار.
عمليات شخصية: تتعلق بشخصية المحاضر، بتنوع حركاته، وتنويع نغمة الصوت، واستخدام حركات يديه، وتعبيرات وجهه، واستخدام أسلوب المرح والدعابة المناسبة.
-
مرحلة الخاتمة حيث يقوم فيها المحاضر بتلخيص أهم النقاط والأفكار التي جاءت بالمحاضرة، وقد يطلب المعلم من التلاميذ كتابة بعض التقارير عن موضوع المحاضرة أو تجميع بعض المعلومات عنها أو يزودهم ببعض الأسئلة للإجابة عليها فيما بعد.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
.