Business

أطفالنا والتكنولوجيا الترفيهية.. السم اللذيذ

تضمنت طفولتنا الكثير من الانطلاق في الهواء الطلق، وخارج الأبواب، وبين أحضان الطبيعة، فلم تكن الأبواب موصدة، كنا نذهب في رحلات عائلية جماعية أسبوعية تجمع الأقارب، نتنقل بين مروج الطبيعة وفي ربوعها وربيعها وبساتينها الغناء، نشعر بعذوبة الطبيعة وجمالها وألحانها وروعتها وعظمة خالقها.

وفي المقابل؛ إذا نظرنا اليوم بعين المتأمل إلى أطفالنا في عالم وصف بالمتغير، والمتسارع، وسريع التغير، وعالم السرعة، وعالم التكنولوجيا، والعالم الرقمي، وعالم الاتصالات، والثورة التكنولوجية، وعالم الإلكترونيات، والبطاقات، والاختراعات، والقرية الصغيرة.. فكل شيء أصبح متوافرا وسريعا وبين أيدينا ومتطورا، يوفر الوقت والجهد، ويجلب لك المعلومة بأقل من الثانية ومن دون جهد أو عناء، ويطلعك على كل العالم وأحداثه اليومية لحظة بلحظة، والحمد لله.

وفي هذه الدراسة ترى دآندي حجازي، أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، فيها الغث وفيها السمين، وفي خضم كل هذا أين نجد أطفالنا اليوم؟ إذا بحثتم عن أطفالنا فلن تجدوهم إلا بين أربعة جدران، يقبعون في مشهد من تلك المشاهد الأربعة التي قدمتها التكنولوجيا الترفيهية للطفل وهي:

1- الطفل والهاتف المحمول

طفل أو مراهق يضع رأسه في جهاز صغير نقال ينقله معه أينما حل أو ارتحل، ولو غادر مقعده لثوان معدودة غادر معه النقال وكأنه قطعة من جسده! كيف لا وهو يتنقل في عالم المحمول من مشهد لمشهد، ومن فيديو لآخر، ومن صفحة لأخرى، ومن موقع لموقع، ومن لعبة لأخرى، ومن فيسبوك لتويتر، ومن واتساب لرسالة أخرى في واتساب، وقد يؤخره عن صلاته وعن أعماله المدرسية وعن زيارات أقاربه واللعب مع رفاقه، ليجعله يعيش بعيدا عن التفاعلات الاجتماعية الحقيقية وعن تعود لقاء الناس والتعامل مع البشر وجها لوجه! فما المستقبل المنتظر لأطفالنا؟!

2- مع ألعاب الفيديو

إنها ألعاب الفيديو (الألعاب الإلكترونية)، وألعاب الكمبيوتر، فهي ألعاب يفترض أنها تقدم التسلية والمرح والمتعة والفائدة لأبنائنا، فهي تستغرق من وقت الأطفال الكثير. تجد الطفل شديد الاهتمام بتلك الألعاب؛ إنه في حالة انشغال تام، منجذب بكل حواسه، ويداه لا تكادان ترتفعان عن آلة التحكم، وعيناه لا تفارقان الشاشة ولا حتى للحظة! حيث اللحظة الواحدة معناها خسائر كثيرة في اللعبة.. تركيز شديد، إدمان كبير، عنف شديد، انفعالات حادة من الابن! إنه في حالة اندماج تام لا يجب أن يتكلم معه أحد أو يطلب منه شيئا!

وغالبية تلك الألعاب تقدم العنف لأبنائنا، فقد وجد بالأبحاث أن 22 ألف لعبة فيديو من أصل 30 ألف لعبة تقدم العنف، العنف بأشكاله الجسدية، كالضرب والقتل والركل والسباب، والزيادة في سرعة السيارات، والتعدي على الآخرين، والاعتداء الجنسي، وتعليم السرقة! ثم نتساءل: لماذا بدأت مجتمعاتنا تعاني من العنف؟ لماذا كثرت جرائم القتل؟ لماذا زادت مشاكل التحرش الجنسي؟

السؤال الذى يطرح نفسه:

لماذا لا نفكر في صناعة ألعاب إلكترونية مرتبطة بثقافتنا وهويتنا العربية والإسلامية تنمي الأخلاق بدلا من تدميرها، تنمي العادات الحميدة؟ لماذا لا ننتج ألعابا تستخدم في التعليم في مدارسنا؟

3- التلفزيون

المحطات الفضائية، وما أدراك ما تقدمه من برامج ومسلسلات للأطفال والمراهقين وحتى رسوم متحركة! في الماضي كانت البرامج من صناعة عربية تتوافق مع ثقافتنا وحضارتنا وقيمنا ولغتنا، وتبث باللغة العربية الفصيحة، تنمي عقولنا ومعارفنا وانتماءنا للغتنا، لكن عندما لم نعد نصنع مثل تلك البرامج، وأصبحت برامجنا مستوردة كأي بضاعة من الصين واليابان وفرنسا وأميركا وأوروبا.. فماذا ستحمل في طياتها؟

البرامج التلفزيونية المقدمة إلى الأطفال لا تكاد تخلو مما يلي:

  • مشاهد العنف والقتل وارتكاب الجرائم.
  • المشاهد والأفكار الجنسية.
  • تشويه عقيدة أبنائنا بأمور تتضمن الشرك والضلال وعبادة غير الله تعالى.
  • تشويه الحقائق والخيال.
  • تشويه المخلوقات الجميلة التي خلقها الله تعالى بأحسن صورة، فيجعل لها أشكالا قبيحة.
  • تشجيع السحر والشعوذة بطرق محببة (كأفلام هاري بوتر مثلا).

4- الكمبيوتر

إن جهاز الحاسوب ككل الأجهزة السابقة (الهاتف النقال، والتلفاز والمحطات الفضائية، وألعاب الفيديو)، هو سلاح ذو حدين، به الخير وبه الشر، وإن لم يحسن استخدامه فسيتحول إلى أداة هدامة، تمحو القيم والأخلاق والعادات العربية الأصيلة، واللغة وتعاليم الدين ا. فتلك الأجهزة تضعف كل ما له علاقة بثقافتنا، بل وتستعيض عنه بثقافة أخرى دخيلة لا تمت لديننا وقيمنا وتاريخنا ومعتقداتنا وعاداتنا بصلة، فالشبكة العنكبوتية تفتح أمام أطفالنا كل أبواب العالم وكل المغاليق، وأبناؤنا الصغار منهم، وحتى المراهقون، قد لا يدركون خطر طمس الهوية الذي يمارس عليهم، وخطر العولمة وما تحمله في طياتها، خصوصا أن الكثير من الآباء والأمهات أصبحوا هم أيضا لديهم انشغالات واهتمامات خاصة على الإنترنت، وهم أنفسهم يشاهدون الغث والسمين والمواقع الإباحية والمشاهد المخلة بالآداب والدين، والمضيعة للوقت، والمدمرة للنفس الراقية الموصولة بخالقها!

5- نصائح تربوية سريعة

في ظل ما عرضت أنصح الأمهات والآباء بما يلى:

  • إخراج التلفاز من غرف نوم الأطفال.
  • تحديد ساعات لمشاهدته.
  • مراقبة ما يشاهد الأبناء من أفلام وفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
  • الجلوس مع الأبناء فترات أطول ومحاورتهم وأخذ آرائهم، وإشراكهم في أعمال البيت ومسؤولياته.
  • اصطحاب الأبناء إلى الحدائق العامة والبساتين والمعارض الفنية والمتاحف، وزيارات الأقارب.
  • تشجيع ممارسة أنواع الرياضة بما يتناسب مع ميولهم.
  • اللعب بالكرة مع الأبناء، وتشجيع ممارسة الهوايات، كالرسم والتطريز وفنون الرياضة.
  •  سرد القصص الهادفة وذات الاعتزاز بأبطالنا وعلمائنا وعظماء تاريخنا.
  •  تعويد الأبناء على المراقبة الذاتية وربط أفعالهم دوما بالله تعالى وأنه يرانا وهو الشاهد على أفعالنا.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم