Business

«التربية الشغوفة» وأمن الفرد والمجتمع

التربية تساعد الطفل والمراهق والبالغ على تطوير شخصيتهما وتنميتها، وهي عملية تنمو من خلالها جوانب الشخصية الإنسانية في مستوى الوعي والإدراك المعرفي ومستوى العاطفة والوجدان ومستوى الحركة والمهارة.

والتربية الشغوفة هي أن يوجد في القائمين على أمرها عمق الإيمان بالعمل الذي يقومون به، وقد يأتي هذا الشغف هادئًا بليغًا أو هادرًا وثائرًا وبغض النظر عن الحالة التي يبرز فيها يدرك الطلاب أنهم أمام إنسان كرس نفسه بخدمتهم حتى ولو كان شغفه مزعجا في بعض الأحيان ويبقى ذلك الإنسان الشخصية المحببة التي لا تنسى أن التعلم الفعلي لا يتم إلا من خلال الدليل والبرهان وتبادل وجهات النظر بحرية وانفتاح وليس بالتقرير المتفرد.

وفي هذه الدراسة يرى د. آدم فضيل، أنه لا أحد أولى من المدرس الشغوف للقيام بهذا العمل من خلال الشراكة التعليمية بينه وبين طلابه ومساعدتهم في إيجاد شراكة أو رابطة ذهنية بين ما يتعلمونه والحياه التي يعيشونها.

 

تربية الشعوب

احتلت التربية مكانة عالية عن كل المجتمعات المتقدمة منها والنامية وقد برزت أهميتها وقيمتها في تطوير الشعوب وتنميتها الاجتماعية والاقتصادية وفي زيادة قدرتها الذاتية على مواجه التحديات الحضارية التي تواجهها .

إذا كان الإنسان المعاصر يعيش عصر التحول والتقدم والتقنية العلمية ويعيش عصر الانتقال من المرحلة الصناعية إلى مرحلة الثورة المعرفية وللدور الكبير الذي تلعبه التربية في حياة الإنسان وتشكيل سلوكه حسب الأهداف المنشودة فإن كثيرًا من رجال الفكر والسياسة والقادة الوطنين يلجؤون إلى التربية لبث أفكارهم وترسيخ مبادئهم ونشر فلسفتهم وتعزيز نظامهم عن طريق المؤسسات التربوية بكافة أنواعها .

وبصورة أكثر توضيحا تبدو أهمية التربية في الجوانب التالية:

  1. أصبحت العملية التربوية خيارا قوميا واستراتيجية قومية كبيرة لكل شعوب العالم وهي لا تقل أهمية عن الدفاع والأمن القومي ولهذا ترصد لها الأموال الباهظة للرقي بمستوى التعليم الكيفي وليس الكمي .
  2. إن التربية تعد من العوامل المهمة في التنمية الاقتصادية للشعوب باعتبار أن العنصر البشري المتعلم أهم ما تملكه أي دولة.
  3. تكمن أهمية التربية في كونها عاملا مهما في التنمية الاجتماعية.
  4. إنها ضرورية للتماسك الاجتماعي والوحدة القومية والوطنية.
  5.  ضرورية لإرساء الديموقراطية الصحيحة.
  6. ضرورة لبناء الدولة العصرية ويتحقق ذلك لأن التربية ترسي أسس التقدم العلمي والتكنولوجي.

 

مفهوم الأمن

إن مفهوم الأمن من المفاهيم التي تتميز بالغموض، وذلك لأن المختصين عجزوا عن الإجماع حول مفهومه.

وفي التصور الإسلامي للأمن ثبت أنه لا يوجد أدق مفهوم للأمن سوى ذاك الذي نجده في قوله تعالى: {فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ (3) ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۢ} (قريش: 3-4).

وعلى ضوء المفهوم الشامل للأمن فإنه يعني تهيئة الظروف المناسبة والمناخ الملائم للانطلاق بالإستراتيجية المخططة للتنمية الشاملة، بهدف تأمين الدولة من الداخل والخارج بما يدفع التهديدات باختلاف أبعادها بالقدر الذي يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر لها أقصى طاقة للنهوض والتقدم.

ومن هنا فإن شمولية الأمن له أبعاد متعددة، هي:

  • البعد السياسي: ويتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي للدولة.
  • البعد الاقتصادي: الذي يرمي إلى المناخ المناسب للوفاء باحتياجات الشعوب وتوفير سبل التقدم والرفاهية له.
  • البعد الاجتماعي: الذي يرمي إلى توفير الأمن للمواطنين بالقدر الذي يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء.
  • البعد المعنوي والأيديولوجي: الذي يؤمن الفكر والمعتقدات، ويحافظ على العادات والتقاليد والقيم.
  • البعد البيئي: الذي يوفر التأمين ضد أخطار البيئة، خاصة التخلص من النفايات ومسببات التلوث، حفاظا على الأمن.

وللأمن أربعة مستويات هي:

  • أمن الفرد: ويكون ضد أية أخطار تهدد حياته أو ممتلكاته أو أسرته.
  • أمن المواطن: وهو ضد أية أخطار خارجية أو داخلية.
  • الأمن القطري أو الجماعي: هو اتفاق عدة دول في اطار إقليم واحد، على مواجهة التهديدات التي تواجهها.
  • الأمن الدولي: الذي تتولاه المنظمات الدولية مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

الرؤية الإسلامية للأمن

وقد أورد القرآن الكريم أو تعرض لكلمة الأمن في مواضيع كثيرة، وذلك وفقا للمعنى الذي نحن بصدد البحث عنه، وهو الأمن الذي يعني السلامة والاطمئنان النفسي، وانتفاء الخوف عن الحياة الناس، أو على ما تقوم به حياتهم من مصالح وأهداف وأسباب ووسائل، أي ما يشمل أمن الفرد المجتمع.

قال تعالى: {... أَفَمَن يُلۡقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيۡرٌ أَم مَّن يَأۡتِيٓ ءَامِنٗا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ ٱعۡمَلُواْ مَا شِئۡتُمۡ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ}، وقوله تعالى: {فِيهِ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ مَّقَامُ إِبۡرَٰهِيمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنٗا}.

ولا يتحقق للإنسان في الحياة الدنيا الأمن المطلق. فالأمن المطلق لا يوجد إلا في دار النعيم التي وعد الله بها عباده الصالحين، قال تعالى: {ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَٰمٍ ءَامِنِينَ}، ففي الجنة لا يكون خوف ولا فزع ولا انقطاع ولا فناء، أما في الدنيا فالأمن المطلق غير واقع إذ يشوبه الخوف من انقطاع الأمن والخوف من زوال الحياة نفسها.

ولا يشعر بالأمن المطلق من عذاب الله إلا الغافلون الخاسرون. يقول تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}.

أما المؤمنون حقا فهم بين الرجاء فى رحمة الله عز وجل والخوف منه سبحانه .

وقد جعل الله الابتلاء بالخوف من قبيل الفتن التي يتعرض لها الإنسان قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}.

والخوف قد يكون جزاء على كفر النعمة فينقلب الأمن خوفا إذا لم يحصل من الإنسان شكرا لله عليها قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}.

ومما توصلت إليه الدراسة:

  1. أن ميزان الجودة الحقيقي في التعليم؛ يمكن المناخ والجو المواتي بين المعلم والمتعلم في اللقاء الأول؛ من محبة وتفاهم.
  2. ثبت تاريخيا أن المجتمعات المقهورة؛ كانت دائمًا تعتمد في أمنها وكفاحها؛ من أجل استرجاع مقومات شخصيتها على التربية والتعليم.
  3. أن جميع الناس دون استثناء مختلفون، وهذا الاختلاف هو الذي يقف وراء كل تقدم حضاري وعلمي؛ إذا وظف بتفهم وإيجابية في التعامل، واحترام وإنسانية.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم