من الصفات اللازمة للمربي أن يكون قادرا على خدمة طلابه، وخلاف ما تعارف عليه الناس من أن الرئاسة أو السيادة تعني الكبر والاستعلاء، نجد رسول الله يقول: (سيد القوم خادمهم).
فالانهماك في خدمة الطلاب ورعاية مصالحهم وحل مشكلاتهم وليس التسلط عليهم هو مناط التكليف، وهو ما يفتح القلوب ويمنح القبول. وقد حبب رسول الله r في ذلك فقال: (الخلق عيال الله، أحبهم إليه أنفعهم لعياله) (صحيح مسلم). وقال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه. ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) (البخاري ومسلم وأبو داود). وقال: (لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته، وأشار بإصبعه، أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين) (الحاكم). وقال: (لا يزال الله في حاجة العبد ما دام العبد في حاجة أخيه) (الطبراني).
الاجتهاد في تفقد أحوال الطلاب ورعايتهم:
وعلى المربي أن يتفقد أحوال طلابه ليكون على وعي وإدراك لما يعتريهم أو يصيبهم في الفهم والسلوك والحركة والمعاملات، ليمكنه العلاج قبل تفاقم المشاكل، والوقاية خير من العلاج. ويستعين على هذا الأمر بالزيارة والسؤال. ويجب أن يكون المربي قادرا على تحقيق التكافل ببين أفراد الفصل وهو منهم. فيحمل بعضهم عبء بعض ويتعهد بعضهم بعضا بالسؤال والبر ويبادر إلى مساعدته ما وجد إلى ذلك سبيلا.
بذل النصيحة لطلابه:
وعلى المربي أن ينصح لطلابه، بالطريقة المناسبة له، فالنصيحة في جوهر الدين قال r: (الدين النصيحة) قيل لمن يا رسول الله ؟ قال: (لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) (رواه مسلم)، وهى لب عمل المربي، فوظيفته إصلاح شأن طلابه في دينهم ودنياهم.
أهمية النصيحة:
1- رفع مستوى العمل والأفراد بتحري الأفضل دائما.
2- وسيلة لمعرفة الذات: فنحن لا نلاحظ ما في أنفسنا أو أعمالنا من نقص أو خلل، ولكن يمكننا ذلك من خلال إخواننا لأن (المؤمن مرآة أخيه) (سنن أبي داود)، ولهذا حث عمر رضي الله عنه عليه فقال: (رحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي).
شروط وآداب النصيحة:
1- تحري الصدق:
قال رسول الله r: (كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك مصدق وأنت له كاذب) رواه البخاري، ويعين على صدق النصح القرب من الطلاب ومعايشتهم وتبين الأمور واستطلاع صحة الأخبار والمقولات، فلا يجوز أن يبني النصح على الظن والشك، قال رسول الله r: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث) رواه البخاري.
2- إخلاص النية لله:
فلا يخالطها شيء من هوى النفس أو حب التشفي أو التحقير أو التوبيخ وما على شاكلة ذلك من مقاصد ذميمة.
3- تحري الأسلوب السليم:
أ- بنصحه على انفراد لأن ذلك أوقع في نفسه وأحوط من دخول الشيطان إليه، وصدق علي بن أبى طالب حيث يقول: ((النصح بين الملأ تقريع)).
ب- ينصحه بأدب ورفق ولين ويختار الكلمة الطيبة، فكم من كلمة لم يلق قائلها لها بالا أورثت أحقادا وعداوات. ويتجنب الغلظة والفظاظة التي تغلق القلوب وتصم الآذان )وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ( [ آل عمران: 159 ]، الزمان والمكان والمناسبة التي يسدي فيها نصحه وإرشاده.
- التواضع والتماس العذر للآخرين، والعلم بأن ما عنده يحتمل الخطأ وإن ظنه صوابا وما عند غيره يحتمل الصواب وإن ظنه خطأ.
4- تحري الموضوعية:
بالدليل الشرعي والنقاش الجيد والرجوع إلى مسئوله ومن هو أعلم بالأمر منه ) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (
[ النساء: 83 ].
5- الصبر:
فلا يتقاعس الناصح أو يثبط عزمه إذا وجد عدم استجابة من المنصوح لأن الأمر يحتاج لوقت حتى الاقتناع العزم والتنفيذ. وقد لا تلقى نصيحته قبولا ) لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ( [ الأعراف: 79 ] ويكون هو قد أعذر بذلك إلى الله.
الوسائل العملية:
- التعود على مجاملة الطلاب في المناسبات.
- دفع الطلاب لخدمة الناس في المناسبات المختلفة ليتعودوا على العطاء.
- الترتيب في الفصل لمعاونة المحتاج ودفع الأفراد للعطاء.
- في الفصل يعرض كل طالب مشاكله ويشاركه طلابه في دراسة حلولها في جو من صدق الأخوة وإخلاص التوجه إلى الله.
- عمل صندوق تكافل للفصل.
فيما يخص النصيحة:
- تكليف الفصل بممارسة النصيحة بآدابها وضوابطها ومناقشة ما تم في اجتماع تال.
- تدريب عملي: اكتشف خطأ ما في أحد زملائك وتريد إصلاح الأمر.
.