يعدُّ عيد الأضحى فرصة مناسبة لتجديد أواصر المحبَّة والتواصل بين الأزواج والأهل والأقارب، كما أنَّه مناسبة جميلة لتبديد الأحزان بالفرحة والسعادة وطمس معالم الحزن، فهو أحد أيام الله وهو يوم يفرح فيه المسلمون ويتبادلون التهاني والتبريكات بمناسبة قدومه فهو يأتي بعد عبادة الحج، ومقرونا بشعيرة الأضحية.
وكثير من يكتب عن كيفية قضاء أيام العيد– خاصة في ظل الأوضاع التي يعيشها العالم من عدم الخروج والحركة بسبب انتشار وباء كورونا– سواء بالترتيب لقضاء العيد وإجازته في أماكن أخرى، أو في الملاهي والمتنزهات، أو في المهرجانات التي تنظم الحفلات، ولربما هذه الأمور لا تتوافق مع كثير من الناس الذين يعانون ضيق العيش أو الذين يعشقون حصد الحسنات في مثل هذه الأيام بحيث يحرصون على تحويلها لساعات وأيام طاعة.
غير أن سياجًا من الخطر أصبح يحيط بفرحة العيد– لا نقصد بالخطر وباء كورونا فحسب– بسبب تنافسيَّة التباهي المادي، والتي ضاعت سعادته بين الكماليات والترف من ملبس وهدايا وعادات ثقيلة قد لا يتحملها البعض، بالإضافة لعدم تفهم الزوجات لأحوال الزوج الماديَّة، وإثقال كاهله بالمتطلبات الكثيرة، أو الروتين الذي يكتنف الزيارات الاجتماعية.
ولذا فأجمل ما يميز عطلة العيد هو طول فترتها بالنسبة للعطل الأخرى كما أنها عطلة عامة ستتيح لك التقارب والتواصل مع كل من تحب من الأهل والأصدقاء والأقارب لذا فلتتجهز لتسعد نفسك وتبعث السرور في نفوس الآخرين، وترسم البسمة على وجوههم، بالعديد من الطاعات والوسائل الطيبة للاستمتاع بالعيد وعطلته مثل:-
يقول ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) رواه أحمد.
وبعد إتقان الفرائض والمحافظة على الواجبات ينبغي للعبد أن يستكثر من النوافل والمستحبات، ويغتنم شرف الزمان، فيزيد مما كان يعمله في غير العشر، ويعمل ما لم يتيسر له عمله في غيرها.
ومن الأعمال التي ورد فيها النص على وجه الخصوص الإكثار من ذكر الله عموما ومن التكبير خصوصاً لقول الله تعالى: {لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ} (الحج: من 28) وهي من السنن المهجورة والتي أصبح المسلمين يتحرجون من القيام بها مع العلم أن ابن عمر وأبا هريرة كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
يتعلق قلب المسلم بشعائر الحج– التي سيغيب عنها الكثير هذا العام– ومن ثم فليعوضها كل مسلم بما استطاع من صيام في هذه الأيام العشر فإذ لم يستطع فلا يحرم نفسه صيام يوم عرفة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ) (رواه مسلم).
لا يمكن أبدًا الاستمتاع بالعيد دون حضور شعائر صلاة العيد، فالسر هنا يكمن في الفرحة التي تملأ وجوه المحيطين بك، وهذه الفرحة ستنتقل بشكل، أو بآخر إليك حتى تستقر في قلبك أنت الآخر، فمشاهدة مراسم الاحتفال في الشوارع تجبرك بشكل أو بآخر أن تفرح، لذا لا تهمل أبدًا صلاة العيد، لأنها الطريق الأول لدخول الفرحة إلى قلبك، وذبح الأضحية من أكثر ما يسعد المؤمن يوم عيد الأضحى، فحاول الالتزام بهذه السُّنة النبوية، فإذا لم يكن هناك صلاة عيد في الخلاء أو المساجد لظروف الوباء فلا أقل من أن تقيمها في بيتك مع أسرتك.
لا يمكن أن يأتي العيد، ويرحل دون الاطمئنان على الأقارب، والأصدقاء، والتأكد من أنهم بصحة جيدة، وبأفضل حال، لذا قم بالاتصال بالأشخاص الذين تحبهم، وبأقاربك، واطمئن عليهم هذا من شأنه أن يعطي لك مزيد من الطاقة الإيجابية النفسية، وكفيل بأن يبقيك سعيدًا لفترة طويلة.
تعاني الأسر من تفكك أواصر الود بسبب ضغوط الحياة أو التكنولوجيا التي سيطرت على الجميع فأصبح الكل يجد نفسه في عالمه الوهمي، ولذا يجب أن تكون أيام العيد أيام ود وحب بين أفراد العائلة، من خلال وضع جدول لقضاء فترة العيد يتم فيه كسر روتين الحياة اليوميَّة كالخروج أو القيام ببعض الألعاب المنزلية التي يتشارك فيها الجميع.
حفلات الشواء من أفضل الأوقات التي يقضيها الإنسان مع أهله، فما أجمل من الجلوس في الهواء الطلق مُستمتعاً بأنواع اللحوم اللذيذة وسط الأبناء والعائلة، لكن ليس من العدل للأنثى قضاء معظم الوقت في العيد داخل المطبخ، ولذا وجب التغيير حيث إقامة حفلات الشواء وسط الأقارب والأهل، بحيث يجتمعوا في حديقة المنزل أو الخلاء للتسامر والالتفاف حول مائدة الشواء، أو حتى في الشرفات الواسعة داخل المنازل، بحيث يتشارك الجميع روح التعاون والاستمتاع بهذه الحفلات.
العيد هو يوم فرح وسعادة وطاعة فلا نجعله يومًا للحزن، ولنعمل جميعا على إشاعة البهجة في هذا اليوم وإسعاد جميع أفراد الأسرة والدوائر المحيطة بنا، ولا ننسى الفقراء من هذه البهجة.
.