رحيل المربي الأستاذ السيد نزيلي

لا شك أن موت العلماء الأجلاء من المصائب التي ابتليت بها الأمة الإسلامية، فإن الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها كحياتها إذا ما الغيث حل بها.

فأول مقومات بقاء الكون هو بقاء آثار الرسل وعدم انطماسها، وإنما تنطمس آثار الرسل وتنمحي بتعطيل الوسيلة الضامنة لبقائها وهم الأفراد المصلحون، والذين وصفهم رب العزة بقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (هود: 117).

ومن هؤلاء الذين بذروا حقيقة التربية العملية في النفوس خلال سنوات طويلة الأستاذ السيد نزيلي – عروس قرية كرداسة وتنظيم عام 1965م- الذي رحل عن عالمنا في ذكرى الثورة التي ظلمته وزوجته وأهل قريته، ففي يوم الأربعاء 22 يوليو 2020م الموافق 1 ذو الحجة 1441هـ حيث كان يتحلى بالتواضع وكانت شخصيته سهلة ولينة حتى أحبه الصغير والكبير.

 

البداية

ولد في 8 مارس عام 1938م بقرية كرداسة ( التابعة لمحافظة الجيزة) نشأ وترعرع في بيت أصل ونخوة وشهامة، التحق بالتعليم حتى تخرج في كلية الآداب قسم علم الاجتماع، ثم حصل على دبلوم الدراسات الإسلامية.

وفي يناير عام 1976م سافر إلى المدينة النبوية بالمملكة العربية السعودية ليعمل مديرا للنشاط الطلابي بالجامعة الإسلامية لمدة عشر سنوات.. كان له فيها أثر تربوي عظيم على كثير من الجنسيات خاصة الآسيويين الذين تأثروا به فانتمى كثير منهم للدعوة ونشروا أفكار ومبادئ الإخوان في بلادهم.

 

نزيلي المربي الثابت

التحق بجماعة الإخوان المسلمين عام 1952م على يد الأستاذ إبراهيم عبد الفتاح خليفة المحامي والأستاذ جابر رزق الفولي، وعلى الرغم من دخول الجماعة في محنة قاسية عام 1954م إلا أنه ظل يعمل دون كلل، حتى أصبح أشهر عريس أنجبته مصر حينما اقتحمت زبانية عبدالناصر من رجال الشرطة العسكرية بلدة كرداسة في أغسطس عام 1965م للقبض على السيد نزيلي بعد أسبوع واحد من زفافه وحينما لم يجدوه أخذوا زوجته مما أثار نخوة أهالي القرية الذين ظنوا أنهم لصوص فهجموا عليهم ضربا ليستخلصوها من أيديهم، مما دفع بعبدالحكيم عامر – وزير الدفاع - أن يحرك المدرعات والجنود ليحاصروا القرية ويقبضوا على الجميع ويزجوا بهم في أتون السجن الحربي وعذابه والذي يتذكر ألمه من ظل يعيش حتى الآن.

ظل في السجن حتى عام 1975م حتى تم الافراج عنه، فسافر للعمل بالسعودية حتى عاد عام 1986م ليتولى مسئولية الإخوان في محافظة الجيزة خلفا للمهندس محمد الصروي، إلا أنه تعرض للاعتقال مرة أخرى عام 1993م لمدة شهور ثم عام 1995م ليقضى 3 سنوات في السجن، ثم عام 2007م ثم في يناير 2009م.

كان الأستاذ نزيلي عضوا في مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين ومسئولا عن الإخوان في محافظة الجيزة.

 

المربي المتواضع

كان الحج السيد نزيلي لا يرد من يطلبه في محاضرة سواء كانوا إخوان الشعب أو طلاب الجامعات أو الثانوي أو حتى الأشبال والأخوات، وعلى الرغم من كبر سنه إلا أنه كان (دينامو) انطلق يغرس معاني التربية في نفوس جميع الأجيال.

ومن أقوله:

  • يا ثوار مصر حافظوا على ثورتكم
  • الإخوان ظلوا ثابتين بالرغم من اضطهاد عبد الناصر
  • اغتيال المقاومة إهانة للحكام العرب
  • نزيلي للشباب: اثبتوا على الحق واعملوا للإسلام.

كان هم الأستاذ السيد نزيلي التربية لأنها عماد الدعوة والدعامة القوية للشباب وأفراد الجماعة، بل كان صاحب حضور ورأى في معظم الأمور حتى بين المحيطين به في السكن أو المسجد وغيرها.

كان يحفظ القرآن كاملا وظل يواظب على مراجعته منذ أن خرج من السجن عام 1975م، وكان من المشهود لهم بالكفاءة، كما أنه مُربٍ بالفطرة، ونموذج عملي في التربية بالقدوة.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم