Business

التمثيل في التربية.. نتائج مبهرة

 كل حديث عن (التمثيل والتربية) يجب أن يبدأ بالحقيقة وهي أن كل الأطفال يحبون الظهور فوق المسرح، ويحبون أن يسمعوا أصواتهم لجمع أو جموع من الناس، ولكن يجب ألا ننسى حقيقة أخرى.. وهي أن الأطفال يخجلون أن يظهروا في ذوات أخرى غير ذواتهم، وفي صور أخرى غير صورهم، وواجب التربية بالطبع أن تبدد هذا الخجل، وأن تستغل هذه الرغبة الكامنة في الظهور على المسرح وإسماع الصوت التي ذكرتها آنفا.

يجب ألا ننسى - أيضا - حقيقة ثالثة - هي أننا لن نستطيع - مهما أجهدنا أنفسنا - أن نجعل من عدد كبير من الأطفال ممثلين بارعين، ولكننا نستطيع أن نجعل منهم نظارة بارعين أو (مديري مسارح) أو نقادا مسرحيين.. وكل هؤلاء لا غنى للمسرح عنهم.

وفي هذه الدراسة، يرى دأحمد الطيب أحمد، أنه لا بد للمتحدث عن التمثيل والتربية أن يتعرض أولا للغرض العام من التربية خاصة التربية الجمالية وهي التي يدخل فيها فن التمثيل مع غيره من الفنون. ما هو الغرض إذن من التربية الجمالية؟ هو أن تنمي في كل مخلوق بشري الشعور بكل ما هو جميل في نفسه المفردة، وأن تنسق هذه الفردية وتنظمها لتخدم الجماعة التي ينتمي إليها الفرد.

 

مظاهر التربية الجمالية

  1. تنمية الأحاسيس: وهذه يتكفل بها فن التصوير والتصميم.
  2. تنمية قوى الإلهام: ويتكفل بها فن الرقص وفن الموسيقا.
  3. تنمية المشاعر: ويتكفل بها فن الشعر وفن التمثيل.
  4. تنمية القوة المفكرة: ويتكفل بها فن الصناعات أو الأشغال اليدوية.

ومن البديهي أن هذه المظاهر لا تعيش منعزلة بعضها عن بعض، ولكنها تتداخل، فمثلاً ليس الشعر والتمثيل شعوراً خالصا لا دخل للفكر والإلهام والإحساس فيه، وإنما المقصود بذلك أن عنصر الشعور متغلب على هذين الفنين.

ثم إن التربية الجمالية يجب ألا تهمل مظهراً من هذه المظاهر المتقدمة، بل يجب أن تحاول خلق طفل اتزنت فيه هذه القوى الأربع واتسقت.. وإذا كان ذلك يصدق في كل مراحل نمو الطفل، فهو أكثر صدقا في المرحلة الأولية سن 7- 14 أي المرحلة التي تسبق المرحلة الثانوية؛ فالتربية - أيا كان نوعها في هذا الطور، يجب أن تساعد على النمو المتزن المتسق، فإذا وصل الطفل إلى منتصف المرحلة الثانوية استطعنا أن نوجهه وجهة تخصصية - نوعا ما - حسب ما يظهر لنا من ميوله، فنعرض له من أنواع الفنون ما يميل له ويظهر استعداده له.

 

ما هذا التمثيل الذين نود غرس حبه في قلوب تلاميذنا؟

والتمثيل الحق ليس تقليدا ولا هو محاكاة فحسب، وليس هو كما قال سيشرون الخطيب الروماني الشهير (وهو بالمناسبة شخصية في رواية شكسبير، (يوليوس قيصر) - ليس نسخة للحياة ومرآة للعادات وانعكاسا للحقيقة وصورة مطابقة لما في الحياة فحسب، وإن كان فيه كل ذلك، لأن مطابقة الحياة شيء مستحيل، وليس من عمل الممثل الفنان أو الكاتب المسرحي الممتاز التقليد (كالكاميرا). والطبيعة المجردة على المسرح لا تثير اهتمام الجمهور بل تبدو مزيفة.. وعمل الممثل والمؤلف المسرحي هو إظهار الأشياء كما يجب أن تكون. عمله أن يقتبس من الحياة قبسا ولو ضئيلاً ويحيلها على المسرح شعاعا.. في بعض الروايات، ونوراً وهاجا في بعضها الآخر.

 

يجب إذن منذ البداية أن يضع مدرس ((الدراما)) نصب عينيه هذه الحقائق:

- أن في التمثيل تقليدا أو محاكاة للحياة.

- وأن التمثيل لا يقتصر على مجرد التقليد والمحاكاة، بل هو فن خلاق يخلق من الوهم شخوصا، ومن الخيال دنيا عريضة ترقص فيها الأفلاك وتتغنى فيها النجوم.

والتمثيل عند الطفل الصغير - الذي لم تستقم لغته بعد - لا يعدو أن يكون حركات عشوائية مضطربة، وواجب المدرس أن ينظمها وأن يبدأ منذ السنة الأولى بما يأتي:-

  1. أن يعرف التلاميذ بمصطلحات المسرح الأولية - (الممثل .. النظارة (المتفرجون) الرواية .. المسرح .. الستارة – الإضاءة).
  2. أن ينظم حركاتهم ومبالغاتهم .. حتى لكأنه يدربهم على الرقص.
  3. أن يعلمهم منذ البداية أن يواجهوا النظارة، ويقولون إن عمل المخرج هو الصياح المتكرر (واجه النظارة ...) لا تعطهم ظهرك ...) (إنك تخاطب بني آدم فأعطهم وجهك .. لا ظهرك).
  4. أن يتحدث بصوت عال ... أي مسموع .. لا صراخ ولا صياح، وإنما بصوت قوي يسمعه القريب فلا يؤذيه، ويسمعه البعيد بوضوح.

حين ينتقل التلاميذ إلى مرحلة أعلى وتنمو ذخيرتهم اللغوية، يدخل مع عنصر التمثيل عنصر التأليف أو قلب القصص إلى روايات مسرحية. ويستحسن اتخاذ طريقة الموضوعات في ذلك: أي تقسيم الفصل إلى مجموعات، وتقسيم الموهوبين في الكتابة والتمثيل (وما أظنهم يزيدون على العشرة من بين الخمسين) بين هذه الجماعات.

 إذا كانت الجماعة تضم عشرة من التلاميذ وضعت فيها اثنين من الموهوبين، ويجب أن تنوع رواياتك ولا تكتفي برواية واحدة، بل تطلب من الفصل كتابة خمس روايات وتمثيلها بالتناوب، وفي أثناء ذلك تستطيع أن تنقدها بنفسك وتعودهم على نقدها.. وهذه الطريقة أجدى الطرق، لأنها كفن التمثيل نفسه:

  1. تتيح الفرص للكسالى والمتخلفين عقليا أن يظهروا.
  2. وتثير فيهم قوى الخلق الكامنة.
  3. تتيح الفرص لاشتراك كل فرد إما ممثلاً أو مؤلفا أو ناقدأ.
  4. تشجع التعاون.
  5. تشجع المنافسة بين الجماعات لا الأفراد.
  6. تسهل على المخرج قبول الخيال الجامح وتعين المدرس على الصبر على الاستماع لمآس دامية وجثث تغطي أرض المسرح.
  7. ويمكن أن تستخدم مع كل الأطفال في كل الأعمار.
  8. تستخدم في الدروس الأخرى التربية الدينية والتاريخ.
  9. تشجع النقد وتقدير الصعوبات وهكذا.​​​​​​​

وأخيرا فلتجرب في معظم دروسك أن تستعين بالتمثيل ولو لفترة قصيرة.. وستنبهر لما تحصل عليه من نتائج.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم