أصاب الدولة الإسلامية في عهد الخليفة عمر (رضي الله عنه) في سنة 18هـ / 639م مجاعة شديدة وقاسية، حيث حدث جدب شديد وقحط عمَّ الناس جميعًا، ودامت المجاعة تسعة أشهر كاملة قاسى الناس فيها أشد الجهد والبلاء، وهلك فيها الزرع والضرع والحرث والنسل.
وترجع أسباب المجاعة إلى عدم نزول الأمطار في جزيرة العرب، وتحرك الطبقات البركانية من أرضها، فأدى ذلك إلى احتراق سطحها وما عليه من نباتات، فأصبحت الأرض سوداء مجدبة يعلوها التراب، ولم تنبيت أشجارًا مثمرة وذلك لم يألفه الناس من قبل، فكانت الأرض تسفي ترابًا كالرماد، فسمي ذلك العام (عام الرمادة).
ولما كان أهل المدينة حضرًا فقد اعتادوا أن يدخروا في أيام الرخاء شأنهم شأن غيرهم من سكان المدن فلما بدأ الجدب أخذوا يخرجون ما ادخروه؛ ليعتاشوا منه، لذلك كانوا –في أول العهد بالمجاعة– أحسن حالاً من غيرهم من أهل البادية الذين لم يكن لديهم مدّخر؛ لذلك اشتد بهم الكرب من أول الأمر، فهرعوا إلى المدينة ليقيموا فيها أو قريبًا منها يلتمسون لدى أمير المؤمنين حلاً يدفع عنهم هذا الكرب أو يخفف من شدة البلاء، الذي كان الفاروق أكثر الناس إحساسًا به وتحملاً لعواقبه وتبعاته.
وهذه الدراسة، التي يرصد فيها الباحث رمزي إبراهيم عبد الله، طرق تعامل الفاروق عمر بن الخطاب مع أزمة الرمادة من منظور تربوي إسلامي، تحمل كثيرا من الدروس التي تحتاجها الامة الإسلامية والعالم في أزمته اليوم مع فيروس كورونا، وما سببه من أزمات اقتصادية وإنسانية وصحية، وعوز لكثير من الأسر التي توقفت أعمالها ونضبت أرزاقها نتيجة الحظر والعزل للوقاية من الإصابة بالمرض وللحد من انتشار الفيروس الذى ما زالت الأجهزة الطبية في العالم تجهل طرق ووسائل الحد منه والتعامل معه.
ونظرا لأهمية الموضوع وارتباطه بحدث خطير تمر به البشرية في الوقت الراهن، ارتأينا أن نتوسع في عرض الدراسة في شكل ملف متعدد الأفرع والعناوين؛ حتى يتسنى لنا تحقيق الاستفادة القصوى منه للسير على طريق الفاروق عمر في إدارة الأزمات التي تمر بنا.
تقرأون في الملف:
.