Business

المخاوف الوهمية لدى الأطفال

الخوف مرحلة طبيعية يمر بها الشخص خلال طفولته، وقد يفهمها البعض على أنها حالة من حالات عدم النمو الطبيعي للأطفال والتي تصاحبه في كبره، إلا إنه في واقع الأمر إحدى علامات عدم الفهم الكامل لبعض الظواهر التي يمر بها عقله.

فقد يتخيل الطفل الأشياء الثابتة تتحرك، أو يتوجس خيفة من أي ظلام، وغيرها من المخاوف التي تسيطر عليه وتحتاج لحسن تعامل معها من الوالدين، بتشجيع الطفل على التحدث عن مخاوفه، وهو ما يحاول البعض دراسته ووضع أطر صحيحة لتبديد هذه المخاوف مثل إيلي لاوند وغيره.

المخاوف الوهمية أمر اعتيادي للأطفال- ففي سن الثالثة أو الرابعة ينشأ نوع جديد من المخاوف يتصل بالظلام والكلاب وآلات إطفاء الحريق والموت والمقعدين والمعوقين وما إلى ذلك، فمخيلة الطفل عند بلوغه هذا العمر، تكون قد تطورت بحيث أصبح يعي الأخطار المحدقة به، وإن فضوله يتشعب في جميع الاتجاهات، ولا يعود يكتفي بالسؤال عن أسباب هذا الشيء أو ذاك، بل يود أن يعلم ما هي صلة هذا الشيء به - إنه يسمع عن الموت، وبعد أن يستفسر عنه يسأل إذا كان سيموت هو أيضًا ذات يوم.

وتكثر هذه المخاوف لدى الأطفال الذين اضطربت أعصابهم فيما مضى بسبب التغذية والتدرب على المرحاض وما أشبه ذلك، أو الذين استثيرت مخيلاتهم بالحكايات المخيفة أو الإنذارات المتعددة، أو الذين لم يمنحوا فرصة لإنماء شخصياتهم، أو الذين أفرط والداهم في حمايتهم.

ويبدو أن الاضطرابات السابقة المتراكمة تتبلور في مخيلة الطفل على شكل مخاوف واضحة، وهذا لا يعنى أن كل طفل يشكو من الخوف قد أسيئت معاملته فيما مضى، وفي غالب الظن إن بعض الأطفال يأتون إلى هذه الدنيا بأحاسيس مرهفة أكثر من بعضهم الآخر، وإن جميع الأطفال معرضون للخوف من شيء ما، مهما كانت درجة العناية بهم.

فإذا كان الطفل يخشى الظلمة، نحاول طمأنته بالأعمال لا بالأقوال؛ فلا نسخر منه أو نستهزأ به أو نغضب عليه أو نجادله بهذا الشأن، بل ندعه يتحدث عن مخاوفه إذا شاء، ونحاول إقناعه بأننا متأكدون من أنه لن يصاب بأي سوء ما دمنا نحيطه برعايتنا وحمايتنا، كما يجب إبعاده عن مشاهدة الأفلام المخيفة، وعن سماع قصص الجن، ولنبحث له عن أصحاب يلاعبونه كل يوم ويشغلونه عن مخاوفه وهواجسه، ولا نغلق باب غرفته أثناء الليل، ويمكننا إضاءة غرفته بنور خافت تبديدًا للظلام.

علينا أن نعلم أنه على الأرجح سيطرح أسئلة عن الموت عند بلوغه هذا العمر، فلنستعد لذلك بأجوبة تبدد مخاوفة الآنية، كأن نقول له بأن كل إنسان سيموت عندما يشيخ ويصبح مرهقًا وعاجزًا، أو إن الانسان عندما يصاب بمرض عضال يأخذه الله ليعتني به، وبينما نقول له ذلك علينا أن نحتضنه ونلعب معه، ونطمئنه إلى إننا بإذن الله سوف نقضى سنوات عديدة معا.

إن الخوف من الحيوانات أمر اعتيادي لدى الأطفال في مثل هذا العمر ويجب ألا نحاول تقريبه من كلب أو حيوان أليف بهدف بعث الطمأنينة في نفسه، فخوفه من الحيوانات سيتبدد تلقائيًا مع مرور الوقت، ويصح القول نفسه في الخوف من الماء، ويجب ألا ندفع الطفل للنزول في حوض السباحة إذا كان ذلك يخيفه، هذا النوع من الخوف يزول أيضًا مع مرور الوقت.

ويكافح الطفل بطبيعته هذه المخاوف باللجوء إلى ألعاب تتصل بها، فالخوف لدى الإنسان يحمله على القيام بعمل ما لتبديد ذلك الخوف، إذ إن النشاط يبدد الخوف أما القعود فيلهبه، فإذا كان طفلك يخشى الكلاب، دعه يسدد لكلمات من قبضة يده إلى دمية تمثل كلبًا فيعيد ذلك شيئًا من الاطمئنان إلى نفسه.

الخوف من الأذى أو الخوف من الأذى الجسماني لدى الطفل بين منتصف سن الثانية وسن الخامسة على حدة، فإن هناك نوعًا خاصًا من العلاج لهذه الحالة، فالطفل في هذا العمر يود أن يعلم سبب كل شيء، وينزعج بسهولة، ويتخيل أن الأخطار التي يشاهدها ستداهمه، فإذا شاهد رجلًا كسيحًا أو مشوهًا، يود أولًا أن يعلم ماذا أصابه، ثم يروح يتساءل عما إذا كان سيصاب هو أيضًا بالأذى نفسه، ولا يضطرب الأطفال من رؤية الإصابات الحقيقية فحسب، بل يضطربون أيضًا للاختلافات الطبيعية بين الذكر والأنثى، ولا يجوز أن نتجاهل أسئلة كهذه، أو نحاول منع الطفل من طرحها؛ لأن ذلك يزيد من مخاوفه.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم