3- وصايا عملية للمربي في جانب القدوة
هناك جوانب من القدوة يجب أن يتحلى بها كل فرد مسلم أيا كان موقعه، وقد أشار إليها فضيلة الأستاذ مصطفى في كتابه (القدوة على طريق الدعوة) نذكر منها ما هو ضروري للمربي كقدوة، ويمكن الرجوع إلى المصدر للتعرف على باقي الجوانب.
(1) على المربي أن: يكون قدوة حسنة خاصة في الجوانب التي يربي طلابه عليها.
(2) وعليه أن: يعطي الاهتمام الأكبر لقضية الإيمان وسلامة عقيدة التوحيد، فذلك هو الأساس المتين الذي يقوم عليه بناء الفرد المسلم.
(3) ثم يلي ذلك في الأهمية: حسن أداء العبادات، من حيث صحة أحكامها وأسرارها وحياة القلوب بها، كي تثمر التقوى وسمو الروح.
(4) وعلى المربي أن: يولي الجانب الأخلاقي اهتمامًا خاصًا؛ لأن التخلي عن الأخلاق السيئة والتحلي بالأخلاق الفاضلة يحتاج إلى وقت وجهد وصبر ورعاية ومتابعة قريبة، وتحقيق ذلك ممكن خلال الدروس والرحلات والكتيبة والمعسكرات والزيارات وغير ذلك من الوسائل، فالمربي أثناء الرحلة مثلا يكون منتبها إلى كل ما يصدر عمن معه من أقوال أو تصرفات، ليجعل ما يلمسه فيها من انحرافات نصب عينيه، ليعالجها معهم كمثل الطبيب إذا لمس ظاهرة مرض معين عرفها وعالجها بالدواء المناسب.
(5) وعليه أن: يركز في تربيته على إخلاص النية لله وخلوها من كل شائبة تفسدها، وهذا المعنى يفتح مجالا في التعرض لأمراض القلوب التي تفتك بصاحبها وتحبط عمله وأجره، وضرورة التحرز منها كالكبر والغرور والرياء وحب الظهور وحب الزعامة والحقد والحسد وغير ذلك.
(6) وعلى المربي أن: يربي طلابه على الصدق والوفاء بالعهد والبيعة، وذلك من ألزم الأمور لكل طالب يأخذ مكانه في الصف ويكون على ثغرة من ثغرات العمل الإسلامي.
(7) على المربي أن: يربي الأفراد على أسلوب العمل الجماعي أو على طبيعة العمل في جماعة وما يتطلبه من شروط والتزامات لابد منها لسلامة السير وتضافر الجهود وتوفر الإنتاج.
(8) وعليه أن: يوضح لطلابه طبيعة طريق الدعوة ومعالمه، وما يتسم به من طول وما يتخلله من أشواك وعقبات، وما على جانبيه من منعطفات، ويوضح لهم كيفية تخطي العقبات والتحرز من المنعطفات.
(9) وعليه أن: يطمئنهم بأنه برغم ما فيه، فإنه هو الطريق الوحيد، لأنه هو الطريق الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته من قبل.
(10) وعليه أن: يوضح لهم أن هناك عوامل نجاح تصاحب هذا الطريق، لن تقف أمامها أي عقبات بإذن الله، وأن الأمل كبير في أن المستقبل لهذا الدين.
(11) وعلى المربي أن: يهتم بتزكية معاني الأخوة والحب والإيثار بين الأخوة والتذكير الدائم بهذا المعنى وبالوسائل التي تنميه، والتحذير من الأمور التي تنال من هذا الحب أو تحدث فرقة وخلافا، فهذا الحب يثمر وحدة الصف وتماسكه، ومعلوم أن قوة الوحدة هي الأساس الثاني بعد قوة الإيمان، وثالثهما قوة الساعد والسلاح.
(12) وعلى المربي أن: يكون متحليا بخلق الصبر، يربي طلابه على التحلي بهذا الخلق، لأهميته لمن يسلك طريق الدعوة، وكذا الصبر على تحمل الإيذاء في سبيل الله، والرضا بقضاء الله، وحسن التوكل على الله، والطمع في رحمة الله.
(13) وعليه أن: يكون ذا علم بقضايا الشباب ومشكلاتهم الشخصية، أو في أسرته وأهله أو في علاقته بطلابه، أو في حياته العام، هذه القضايا التي قد تكون سببا في تعويق سيره على الطريق أو انحرافه عنه، فعلى المربي التبصير بها ورسم الحل النافع لها.
(14) وعليه أيضا أن: يبصر طلابه بالانحرافات الفكرية أو الحركية التي ينـزلق فيها البعض وتبعد بهم عن الطريق، كي يتحرز منها، وخاصة أنها تبدأ بسيطة ثم تزداد مع الزمن.
(15) وعلى المربي أن: يُذكي روح الجهاد والتضحية بالنفس والمال والوقت والجهد وكل شيء في سبيل الله في نفوس طلابه، وأن يحثهم على عقد الصفقة الرابحة مع الله "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ" [التوبة: 111]، والترغيب في الشهادة في سبيل الله.
(16) وعليه أن: يعيش مع طلابه جو السيرة العطرة، وكأنه يحيا وإياهم مع هذا الجيل الأول وما تعرضوا له من أحداث ومواقف على طريق الدعوة، فذلك خير عون للاقتداء بهم والسير على نهجهم الذي أوصلهم إلى النصر والتمكين. فسيجد في السيرة نماذج عملية رائعة للصدق والأمانة والحب والإيثار والفداء والجهاد والتضحية والبذل، وغير ذلك مما نهدف إليه في مجال التربية، وبذلك يشعر الطالب أن سعيه للوصول إلى هذا المستوى ليس خيالا ولكنه في إمكانية البشر... فيجد سعيه نحو ذلك.
(17) وعلى المربي أن: يربي طلابه على السمع والطاعة في العسر واليسر، في المنشط والمكره في غير معصية، ويربيهم على الثقة وعدم الشك أو التردد، ويعودهم الدقة في أداء ما يكلفون به من أعمال وواجبات، سواء كان في موقع مسئول أو جندي، وأن كلا من المسئول والجندي يتعبد إلى الله ويسأله القبول، ويربيهم على الاستعداد لتبادل المراكز بين الجندي والمسئول – إذا اقتضى صالح العمل ذلك دون حرج.
(18) من المفيد للمربي أن: يتيح لمن يربيهم، مجال الأسئلة والاستفسار، ويطلب منهم ألا يبقي أحد منهم شيئا يحيك في نفسه دون سعي لاستيضاحه، ويعطي الفرصة لمن يريد أن يسأله منفردا كي لا يكون هناك حرج.
(19) وعلى المربي: أن يعود طلابه على سعة الإطلاع والتزود بالمعرفة، والتفقه في أمور الدين، ويعلمهم كيفية الرجوع إلى أمهات الكتب والتعرف على ما يريدون.
(20) وعليه أن: يعودهم على العطاء ودعوة غيرهم إلى الله، وإلقاء الدروس، بل يحرص على إعداد أخوة مربين من بينهم، ليقوموا بمثل واجبه مع غيرهم من الأخوة الجدد.
(21) وعلى المربي: ألا يغفل في تربيته جانب الرياضة البدنية، ولا بأس من اختيار من يقومون عليها، لأن قوة البدن لابد منها لمن يسلكون طريق الدعوة، وإذا تيسر إقامة نوادي رياضية إسلامية، تمارس فيها ألوان الرياضة، مع المحافظة على تعاليم الإسلام وآدابه وإقامة الصلاة في أوقاتها فذلك خير.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
.