العيد مظهرٌ من مظاهر الدين، وشعيرة من شعائره المعظمة، والنفوس مجبولة على حب الأعياد والسرور بها، وقد جاءت سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمشروعية عيدي الفطر والأضحى، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: «قَدِم النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرًا منهما: يومَ الفطر والأضحى» رواه أبو داود .
الأعياد فرصة عظيمة للترابط الأسري وإظهار الفرح والسرور والتوسعة على الأهل والأطفال ليشعروا بسعادة العيد وشعائره بعد صيام شهر كامل.
ففي يومٍ بهيج من أيام المدينة النبوية، وفي صباح عيدٍ، كان البيت النبوي وما حوله يشهد مظاهر الاحتفال بالعيد، على مرأى وعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد كانت مظاهر الفرح والسرور تملأ جنباته وتتعدد من ملبس ومشرب واحتفال، وكذلك بيوت الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، وفي ذلك يقول لأبي بكر فيما روته السيدة عائشة: «يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا».
لقد كان من هدي صلى الله عليه وسلم في العيد أنه يظهر الفرح والسرور، ويجتهد في إدخال الفرح في نفوس المسلمين خصوصا الصبيان منهم والنساء.
وفي وقتنا هذا ربما تحول الظروف التي تمر بها البشرية لإشاعة مظاهر الاحتفال بالعيد عامة، لكن هذا لا يمنع من إشاعتها على أهل بيتك وجيرانك وذوي أرحامك، فقد كان لرسول الله مظاهر:
- غُسل العيد
كان من هديه صلى الله عليه وسلم الغسل يوم العيد قبل خروجه على بعض الروايات.
- أكله في العيد
كان صلى الله عليه وسلم يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات، ويأكلهن وترا، وأما في عيد الأضحى، فكان لا يطعم حتى يرجع من المصلى، فيأكل من أضحيته.
- الصلاة في الخلاء
كان صلى الله عليه وسلم يصلي العيدين في المصلى ولم يصل العيد بمسجده إلا مرة واحدة أصابهم مطر، فصلى بهم العيد في المسجد.
- لبسه في العيد
كان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه، فكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة
- هديه في الصلاة
كان صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة عيد الفطر، ويعجل الأضحى، وكان ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة، لا يخرج حتى تطلع الشمس، ويكبر من بيته إلى المصلى. وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى، أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جامعة، والسنة: أنه لا يفعل شيء من ذلك. ولم يكن هو ولا أصحابُه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئا قبل الصلاة ولا بعدها.
- إلى المصلى
كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يخالف الطريق الذي يذهب إلى المصلى، فإذا ذهب من طريق عاد من طريق آخر، وأسباب ذلك كثيرة كما وردت، فقيل: ليسلم على أهل الطريقين، وقيل: لينال بركته الفريقان، وقيل: ليقضي حاجة من له حاجة منهما، وقيل: ليظهر شعائر الإِسلام في سائر الفجاج والطرق، وقيل: ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله، وقيام شعائره، وقيل: لتكثر شهادة البقاع، فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة، والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع إلى منزله، وقيل وهو الأصح: إنه لذلك كله، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها.
وكان من هديه السير على الأقدام، كما كان يأمر النساء والصبيان أن يخرجوا إلى المصلى ويشهدوا الذكر واجتماع الناس.
- نشر البهجة
كان من هديه صلى الله عليه وسلم نشر البهجة في أهل بيته جميعا وإدخال السرور على أمته، وعن ذلك تحكي أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها فتقول: [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا فسمعنا لغطا وصوت صبيان! فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا حبشية تزفن (تتمايل وتلعب) والصبيان حولها، فقال: «يا عائشة تعالي فانظري» فجئت فوضعت لحيي على منكب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه، فقال لي: «أما شبعت؟ أما شبعت؟» قالت: فجعلت أقول: لا ؛ لأنظر منزلتي عنده] (رواه الترمذي).
وفي حديث آخر تقول: [وكان يوم عيد يلعب السودان بالدّرق (الدرع من الجلد) والحراب، فإمّا سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - وإمّا قال: تشتهين تنظرين؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدّي على خدّه، وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة، حتّى إذا مللت، قال: حسبك؟، قلت: نعم، قال: فاذهبي] (رواه البخاري).
- صلة الأرحام
حث النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الأرحام، والعيد فرصة طيبة ومناسبة عظيمة لإزالة أي شيء في النفوس، بل والتواصل والتراحم حتى ولو عن طريق الهواتف أو الرسائل في ظل ظروف انتشار وباء كورونا.
- فرحة الأطفال
يومي العيد يومي فرح وسرور وأكل وشراب فيما أحله الله سبحانه، ومن سنن النبي أنه كان يوسع على أهل بيته في هذه الأيام، وحث المسلمين على التوسعة على أنفسهم وأطفالهم، وإدخال السرور على الجميع حتى الأطفال.
- مشاركة العيد مع الفقراء
لم ينس النبي صلى الله عليه وسلم الفقراء في هذا اليوم، ويجب أن يتحقق هذا المؤمن فيحرص أن يقدم لهم الهدايا ولأطفالهم بقدر استطاعته، ويحسن إليهم حتى يدخل الفرحة والبهجة إلى قلوبهم، وهو ما يؤدى إلى تجديد أواصر المحبة بين الأخلاء فتشمل الفرحة كل بيت وتعم كل أسرة.
يوم العيد يوم فرح وسعة، فعن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: «ما هذان اليومان؟» قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر» أخرجه أحمد بسند صحيح.
.