كان لحادث التقدم الغربي بالإضافة إلى ما ركن إليه العقل المسلم من الجمود والتقليد دور أساسي في سؤال (الإصلاح) في الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر، والذي حاول فيه المفكرون البحث عن الإجابة عن تساؤل (لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟)، وذلك بعد الانبهار الكبير بالغرب ونهضته العلمية والصناعية، وما ترتب على ذلك الانبهار -عند البعض- بمحاولة إسقاط مقدمات وأسباب نهضة المجتمع الغربي بظروفه وبيئته وتاريخ حضارته على المجتمع الإسلامي، واستيراد أدواته الفكرية والمعرفية دون النظر إلى البيئة الحضارية الإسلامية وبنيتها الثقافية والمجتمعية والعقدية ورؤيتها التوحيدية؛ فكان الناتج الطبيعي عدم تفاعل القادم من الغرب مع الحاضر الإسلامي.
وهنا ظهرت حركة إحيائية تجديدية على أيدي مجموعة من الرواد الإحيائيين حاولوا طرح الإسلام من جديد، وإعادة اكتشافه باعتباره سبيلا للنهضة في مواجهة الأفكار العلمانية والوضعية.
وقد ذخرت هذه الحركة بظهور جيل من الرواد الإصلاحيين الذين كانت لأفكارهم أثر كبير في توجيه حركة الفكر الإسلامي في الأمة وتحديد مساراته وإحياء فكرة الاجتهاد لاستئناف حركة الحضارة الإسلامية مرة أخرى.
ومن أبرز هذه الحركات الإحيائية التي ظهرت في العالم حركة (الإخوان المسلمون) على يد مؤسسها الإمام حسن البنا (1906-1949م).
قدمت الحركة من خلال مؤسسها الأول أفكارًا شكلت في مجموعها المعرفي والفكري رؤية تجديدية حضارية للمشروع الإسلامي، بدءًا من تشخيص حالة التراجع والأفول الحضاري في الأمة، إلى بناء منهجي لعبور هذه الحالة، إلى محاولة تجسد ذلك المشروع وتلك الرؤية في نماذج فاعلة اجتماعيًا وحضاريًا.
رابط الدارسة: مشروع التجديد الحضاري عند الإخوان المسلمون
.