Business

المربي.. وواجبات الوقت في رمضان

 إن من نعمة الله على عباده أن يدركوا شهر رمضان العظيم عامًا بعد عام، وكل عام يتقربون إلى الله تعالى بصنوف العبادات، ويصوغ الصيام نفوسهم على التقوى، متعرضين لنفحات الله تعالى راجين المغفرة والرحمة والعتق من النار.

وفي هذه الدراسة، ترى الباحثة سحر شعير، أن أيام شهر رمضان تعد من أحسن أوقات التطبيق العملي لكثير من جوانب التربية التي سبق وقمنا بتلقينها للأبناء، ففي رمضان يتسع الميدان لأداء عبادات كثيرة مجتمعة على المستوى الشخصي، مثل: الصيام وقراءة القرآن والذكر، وكذلك على المستوى الجماعي التفاعلي مثل صلاة الجماعة في المسجد وصلة الأرحام وتعاهد الفقراء والمساكين بالصدقات وتوزيع زكاة الفطر.

وللمربي في شهر رمضان العظيم عمل يختص به من قبيل «واجب الوقت»؛ تأصيلًا للخير في نفوس أبنائه، ومواجهةً لجند الباطل الموجَّهين إليهم، الذين يعملون جاهدين ليفسدوا عليهم شهرهم. ولا ينبغي أن يتخاذل عن القيام بهذا الواجب في نفسه وأهله ومن ولّاه الله عليهم من الأبناء أو الطلبة.

 

واجبات المربي في رمضان

  • تربية الأبناء على تعظيم شعائر الله تعالى:

قال عز وجل: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج: 32)، ومعني (شَعَائِرَ اللَّهِ): المعالم الظاهرة من دينه، التي جعل الله تبارك وتعالى بعضها مكانيًّا، مثل: مكة، والمدينة؛ وجعل بعضها زمانيًّا، ومن ذلك الأشهر الحرم وشهر رمضان، فإن الله قد فضله وشرفه كما قال عز وجل: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى) (البقرة: 185).

وتعظيم الشعائر لا يكون بالإقبال على الطاعات والاستزادة منها فقط، ولكن بتجنب ما حرم الله تعالى في هذه الأوقات والأماكن أيضا إذ أن ارتكاب المعصية فيها أشد قبحًا وأعظم وزرًا من ارتكابها في غيرها من الأوقات والأماكن، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «إذا صمتَ فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمأثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء» .

  • تقديم القدوة الصالحة للأبناء:

ليس فقط في أداء العبادات ولكن في مقاطعة المنكرات الإعلامية وغيرها؛ حيث إن امتثال الوالدين للقدوة الصالحة المنضبطة في احترام شرف الزمان في رمضان وتعظيم شعائر الله تعالى فيه يعد من أكبر أسباب انضباط الأبناء وهدايتهم، وذلك لأنهم يتشربون القيم الصالحة عبر تصرفات الوالدين.

إن القوة التربوية الهائلة في القدوة الحسنة المتحلية بالفضائل العالية ترجع إلى أنها تعطي المتربي قناعة بأن بلوغ هذه الفضائل من الأمور الممكنة التي في متناول القدرات الإنسانية؛ فشاهد الحال أقوى من شاهد المقال.

  • تقويم أفكار الأبناء:

إن تصحيح أفكار الأبناء وبناء نظرة سليمة لديهم تجاه كل ما من شأنه أن يخدش حرمات الشهر الكريم؛ يجعل إعراضهم عن هذه المنكرات أيسر وبغضهم لأهلها أقوى في قلوبهم، كما أن تأسيس الفكر السليم تجاه الفساد يسهل استغناء الأبناء عن مشاهدته، ويجعلهم يستعلون على مقاصده الفاسدة؛ أما إجبارهم على عدم المشاهدة دون توضيح الأسباب فغالبًا لا يأتي بنتيجة حقيقية.

  • تربية الأبناء على معاني الصبر والثبات:

ولا يمكن للعبد أن يصبر إن لم يكن له ما يطمئن به ويتنعم به ويتغذى به وهو اليقين، وأن الله تعالى يضاعف الأجر لمن ثابر على العبادة واجتنب المنكرات.

  • ربط الأبناء بالمساجد:

المربي كما يعمل على إضعاف صلة الأبناء بوسائل الإعلام الفاسدة التي أقحمت نفسها وأثرت سلبًا في عملية التربية، لا بد أن يعمل في الجهة المقابلة على ربط أبنائه بالمساجد وحِلق الذكر. إن المسجد عندما يأخذ مكانه الطبيعي الذي بنُي من أجله وأراده الله له ،يصبح من أعظم المؤثرات التربوية في نفوس الناشئين فيه.

 فاصطحاب الأبناء إلى المسجد سنة نبوية، وأسلوب تربوي أصيل لتنشئة الطفل على الاعتزاز بالدين وحب المساجد وتعظيم الصلاة والتعود عليها، ويتأكد ذلك كله في شهر رمضان، حيث تتاح فيه عبادات أخرى غير الصلوات المفروضة، مثل صلاة القيام كل ليلة، والاعتكاف في العشر الأواخر

إلا أنه في رمضان هذا وبسبب جائحة فيروس كورونا وإغلاق المساجد ودور العبادة، فإن التحدي الذي تواجهه أيها المربى المسلم الآن هو أن تكون الأقرب لأبنائك والأقوى تأثيرًا فيهم، ولترتكز تربيتك لهم على مراقبة الله تعالى وتغذية مشاعرهم وقلوبهم بمشاعر الحب والتعظيم لمولاهم وخالقهم وإبراز نعمه عليهم؛ فهذه التربية الإيمانية هي أكبر عاصم لهم من الجرأة على المعاصي، وهي التي تبني بداخلهم الرقابة الذاتية التي تقودهم للسلوك المنضبط في كل الأحوال في رمضان وبعد رمضان إن شاء الله تعالى.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم