مسؤولية المربي وصناعة القادة

 

كلمة مسئول هي اسم مفعول، أي يقع عليه الفعل (أي أنه سيُسأل).

المسئولية في الإسلام حمل أكبر كما أثر عن الخليفة عمر ابن العزيز: (غير أنى أثقلكم حملاً)، ولو أنها بيدك لتخلصت منها، ولكنك تُكلَف بها.

والمسئولية ميزان من موازين ثبات الحياة؛ إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة، وكيف إضاعتها؟ إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة: إذن هي أمانة وعكسها خيانة، وقد انهار الاتحاد السوفيتي - كما هو معلوم– باختراق لتوسيد الأمر إلى غير أهله فانهار هذا الكيان الذي كان يمثل ثاني أكبر قوة في العالم في ذلك الوقت، أرأيت خطورة الأمر!!!.

ونحن نتحدث عن القائد نتحدث عنه بين أربعة أصناف، صنف يعيش في التاريخ، وصنف يعيش في الواقع، وصنف متحفز مراقب للمستقبل، وصنف يصنع المستقبل:

1 - الصنف الذي يعيش في التاريخ: لا يقوم بشيء ولا يقوم به شيء، فهو ينظر إلى الماضي فقط ويتحدث عنه بكل الفخر والاعتزاز... ثم ماذا؟ لا شيء!!!.

2- الصنف الذي يعيش في الواقع: قانع ببعض المكاسب – الذي ليس هو طرفا في اكتسابها غالباً – ولا يحب التغيير، لأن التغيير يحتاج لمخاطرة، وقد يذهب بالمكاسب التي بين أيدينا...هكذا يقول!!!.

3 - الصنف المتحفز المراقب للمستقبل: ينتظر الفرصة للانقضاض عليها والاستفادة منها، فإذا لم تأت الفرصة ماذا ستفعل؟ وماذا تريد منى أن أفعل؟... هكذا يقول!!!.

4 - الصنف الذي يصنع المستقبل: وهو صنفٌ شديد النُدرة، وهؤلاء هم صُنّاع الأمة ومغيرو الواقع إلى الأفضل (صلاح الدين الأيوبي، محمد الفاتح، الإمام البنا....)

هذا الصنف له صفات لابد من صناعتها، وهى مجموعة في أربع صفات:

  • الصفة الأولى: الطاعة لله والتقوى:

يتساءل الأستاذ مصطفى مشهور في أحد التجمعات، ما السر في بقاء الجماعة طوال سبعين عاماً مع الضغوط الرهيبة؟ هل هو كثرة العدد؟ فكم نمثل بين شعوبنا المسلمة فضلاً عن غيرهم؟ هل هو كثرة المال؟ هل هو دقة التنظيم؟ وكم من أمة كانت منظمة وانهارت! السبب الوحيد هو أنها جماعة ربانية، ولن تكون كذلك إلا إذا كان أفرادها ربانيون وقادتها ربانيون، فتستمد هذه الجماعة دوامها من دوام طاعتها لربها عز وجل، وتستمد بقاءها من ارتباطها بمنهجه سبحانه وتعالى، والطائع التقي موفق في مهامه ومسئولياته، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ). رواه البخاري.

  • الصفة الثانية: قدوة في جميع أحواله:

الناس ظمأى إلى الإسلام العملي الذي يطمئنون منه أنك تسير -فعلاً- في الطريق الصحيح، المسئولية تغير الصفات؛ البخيل يصبح كريماً، والجبان يصبح شجاعاً، واحرص – واحذر- في جميع أحوالك، وأنت تأكل وأنت تشرب وأنت تلبس وأنت تطلب الحق وأنت تعطيَه، وإذا كان حولك عشرون أخاً فاعلم أنهم ينظرون إليك بأربعين عيناً، فأنت كرمز لم تعُد لك خصوصية، بل أنت مِلك للدعوة، وأنت كقائد مسئول مُعدي سواء في الخير أو غير ذلك، يتقوى بثباتك الإخوان، ويسبقونك إذا أطلقت ساقيك للريح، والأنبياء خافوا ولكنهم تغلبوا على خوفهم، والأخ المسئول القائد لا يترخص بل له العزيمة فقط، وغير مسموح لك بالخطأ – مع أن كل ابن آدم خطّاء – لكن خطأك صعب فقلل منه، أنت تحت المنظار فكن على قدر المسئولية.

  • الصفة الثالثة: الرفق بالإخوان:

وهو لا ينفي الحزم ولكن لابد أن يشعروا أنك حريصٌ عليهم، واذكر ملاحظة سيدنا كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يحكى عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد قرار المقاطعة: "فكان يـتبـسم ابتسامة المغضب".

  • الصفة الرابعة: التعامل مع المعلومة بِسَمتِ القائد المسئول:

فأنت صائغ القرار فإما أن يكون قراراً جيداً أو أن يكون قراراً معيباً، وأساسه المعلومة بوصفها الصحيح وهو أن تكون: كافية أي (كاملة وشاملة) وموثقة أي (صحيحة تماماً)، ينتج عنها قرار مدروس، صائب عبر الشورى من مصدره القيادي، وهذا يتطلب وأنت تتلقى المعلومة أن تقول: (من فضلك لا تحدثني عن فهمك للأمر بل عما سمعته أو شاهدته).

هذه صفات أساسية في المسئول نسأل الله أن نحصلها ونحسن غرسها، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم