البشر بطبيعتهم -كبارًا وصغارًا – يحبون القصص، والميل الفطري للقصة يجعل منها وسيلة من وسائل التربية والتقويم. بهذا يستهل الكاتبان د/عبد الله محمد عبد المعطي، ود. سيد عبد العزيز الجندي كتابهما (50 قصة تحكيها لطفلك في البيت والروضة والمدرسة).
أيها الوالد: إنك عندما تجمع أطفالك وتحكي لهم قصة هادفة فأنت بذلك تأخذ ثواب تربية الأبناء وقضاء الوقت في خير، كما أنك أيضًا تطبق سنة تربوية مهمة تأخذ من خلالها ثواب الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.. وكثيرا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص على أصحابه قصص السابقين، وقد كان ما يحكيه مقدمًا بقوله: «كان فيمن قبلكم ...» ثم يبدأ القصص وما انتهت إليه مستجيبًا لتوجيه إلهي كريم: {فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (الأعراف: 176).
ومن هنا ترصد الباحثة دعاء حاتم آدم، اهتمام الإسلام بالقصص للكبار والصغار على حد سواء، وكيف أن القصة شغلت مساحة واسعة من كتاب الله تتراوح ما بين الربع والثلث، وتعلم الصحابة من القرآن أهمية القصص وكيف يستعملونه في غرس قيم الحق والخير في نفوس الصغار، لذا علينا أن نربي أطفالنا بالقصة كما فعل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وألا نترك غيرنا يحتل عقول أطفالنا بقصة سامة أو (حدوتة) مهلكة.
أسعد طفلك
ويذكر الكاتب قصة فتاة في العشرين من عمرها تقول: «إن من أحلى ذكريات الطفولة تلك الأوقات السعيدة التي كنت أقضيها مع أبي وأمي يقصان علي بعض القصص اللطيفة».. وتضيف: «لقد كانت هذه القصص مصدرًا عظيمًا للمعلومات التي عرفتها عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أنبياء الله الكرام، ويحدثنا آخر عن ذكرياته فيقول: عندما كنت طفلًا كنا ننتظر بفارغ الصبر أن تنتهي جدتي من صلاة العشاء وتطوي سجادتها لكي نسارع بالالتفاف حولها وتقول: «صلوا على النبي»، فنرد بسرعة: «عليه الصلاة والسلام»، فتستحضر كل ليلة حكاية مسلية وذات مغزى عميق، كنت ساعتها أستمتع فقط بالأحداث، لكن عندما كبرت أدركت تلك القيم التي تركزت بعمق في وجداني.
وإذا كانت القصة مصدر سعادة فهي أيضًا مصدرًا يعلم الطفل كيف يتعايش مع ظروفه وكيف يتغلب على أحزانه، فالطفل الذي يعاني مشكلة ما يمكن للوالدين اختيار قصة أو تأليفها بحيث تحتوي على نفس مشكلة الطفل وكيف تمكن البطل من حلها أو التعايش معها، كذلك يمكن للوالدين معالجة أخطاء الصغار بقصة خفيفة، فالأطفال ينصتون باهتمام إذا قرأت عليهم قصة.
لا تحرم طفلك
أيها المربي: بادر بالقصة أو لبِّ نداء طفلك بها، وإذا طلب منك طفلك حكاية وأنت مشغول عنه فإياك أن تنهره بطريقة قاسية مهما ألح عليك؛ فليس هناك مانع أن تقول له: «أنا الآن مشغول وبعد نصف ساعة سأحكي لك إن شاء الله» على أن تفي بما تعده به.
متى يستفيد طفلك؟
يذكر الكاتب أن قراءة القصص المصورة للطفل من سن سنة فأكثر من أهم العوامل التي تساعد على تنمية قدراته على التعلم واكتساب المهارات اللغوية، وقد ثبت أن أفضل طريقة لقراءة القصة المصورة للطفل تكون بجلوسه على حجر أمه أو أبيه.
قبل أن تحكي
- اقرأ لطفلك بعيدًا عن المشتتات المغرية له، فلا تجلس أمام التلفاز وتروي له، فبالطبع لن يلتفت إليك بل ستجذبه الرسوم المتحركة.
- اقرأ له وهو شبعان وإلا فسيفكر في الطعام أو الحلوى أكثر من استماعه بقصتك.
- لا تقرأ له وهو متعب أو يشعر بالإرهاق.
- لا تقرأ له وأنت متعب أو تشعر بالإرهاق حتى تتمكن من تقديم القصة بصورة جيدة.
- اقرأ له في أي صورة ممكنة (جالسًا أو نائمًا أو قائمًا)، فالمهم أن يكون أسلوبك ممتعًا.
- قبل أن تقرأ القصة مع طفلك اقرأها أنت وحدك حتى تتعرف عليها وتحدد الهدف منها.
ابدأ القصة
وقبل أن تبدأ القراءة افتح حوارًا مع طفلك واجعله يستنبط المعلومة بنفسه، فعلى سبيل المثال أسأله عن صورة الغلاف فيقول لك عصفورة، فاسأله عن المكان الذي تقف عليه ولونه وعدد العصافير المحيطة.. إلى غير ذلك ثم اتبع ذلك بقولك: هيا نتعرف على القصة ونعرف ما حدث مع العصفورة، وافعل ذلك أيضًا في منتصف القصة حتى لا يمل منك الطفل أو يشرد بعيدًا.
استخدم عند سرد القصة لغة مناسبة لا هي بكلمات معقدة ولا هي مبتذلة دارجة، فلغتنا العربية سهلة وجميلة.
لا تمل من التكرار
بعد أن تنتهي من القصة اطلب من طفلك إعادة روايتها وإن لم يستطع فاحك له نصفها واتركه يكمل الباقي، وقد تفاجئ بطفلك يطلب منك تكرار القصة أكثر من مرة في ذات الوقت أو في أوقات لاحقة، فلا تمل منه.
بصمات لا تنسى
ويمكن للأم والمعلمة التي تحكي القصة أن ترسم لوحة للقصة أثناء حكيها أو تعدها مسبقًا، ومن الممكن أن تشرك الأطفال معها في ذلك وهو ما يمكنهم من إعادة روايتها مرة أخرى، وهذا يزيد من المهارات الفنية واللغوية للطفل في ذات الوقت، وبهذه التشويقات فإن القصة أو (الحدوتة) يمكن أن تكون وسيلة للثواب، كما يمكن أن تكون وسيلة للعقاب، فمن يخطئ يحرم من سماع القصة ومن يفعل عملًا جميلًا يكافأ بسماع قصة يحبها. وبعد أن تحكي يقول تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ}.
.