إن الهدف الأول لمعظم أنظمة التعليم عبر العالم عمومًا، وفي البلدان العربية بوجه خاص يبدو في نقل كميات من المعارف التقليدية للطلبة، دون العمل على بناء قدراتهم على التعليم التلقائي الذاتي والتفكير الإبداعي الخلاق.. الأمر الذي أوجد لدى هذه البلدان فجوة بين ما تقوم الأنظمة التربوية بتعليمه للناشئة والمعارف والمهارات التي يحتاجونها للنجاح في المستقبل.. في القرن الواحد والعشرين.
ولما كانت مؤسسات التعليم العالي من مراكز بحث علمي ومعاهد وكليات وجامعات هي مصادر إنتاج المعلومات وآليات نشرها وتعميمها لدى المعلمين والمتعلمين من خلال التعلم والتدريس، ولما كانت هذه المؤسسات التعليمية العليا حاسمة لمستقبل الفرد والمجتمع في البلدان العربية، فإن هذه الدراسة التي أعدّها أ.د محمد زياد حمدان، تأخذ على عاتقها توضيح مفهوم وأصول التربية الإلكترونية عن بعد بتكنولوجيا المعلومات المعاصرة وطبيعة مؤسساتها ومعداتها وأساليبها في التنمية البشرية وإعداد الناشئة لأدوارها العلمية والاجتماعية والمهنية المطلوبة.
المشكلات الرئيسية المعيقة للتربية الإلكترونية في التعليم العالي بالبلدان العربية؟
- ندرة أو عدم كفاية مهارات المعلمين والمتعلمين بالمدارس والجامعات في تخطيط وتنفيذ التربية على الإنترنت.
- صعوبة تحويل المناهج العربية محدودة التداول في الزمان والمكان من صيغها الوصفية الحالية إلى الإلكترونية الرقمية.
- حقوق الملكية المهدورة نتيجة الفساد وسوء الخلق.
- الغش وانتحال المعلومات من المدرسين والطلبة على الإنترنت.
- معاناة السواد الأعظم من المجتمعات العربية من مجموعة مركبة من الأمية.
- مشكلة رداءة بعض برامج التعليم الإلكتروني.
- مشكلة عدم قبول الجامعات التقليدية للمواد التي يدرسها الطلبة إلكترونيًا عن بعد ضمن المقررات الأساسية المطلوبة لدرجاتهم العلمية.
استفادة الطلبة من استعمال الفيديو التفاعلي الرقمي في التعلم
- تأسيس حوار وآليات تبادل الأفكار والخبرات ووجهات النظر بين الطلبة والمربين وخبراء المادة الأكاديمية.
- الحصول على المصادر التربوية بالرغم من وجود الطلبة في أماكن نائية أو أن الإمكانيات المالية محدودة.
- تحضير الطلبة نفسيًا وتقنيًا ليكونوا مواطني العالم في المستقبل وماهرين في التعامل مع تكنولوجيا المعلومات المعاصرة.
- الاستجابة لأساليب التعلم المتنوعة للطلبة خاصة عند مصاحبة التعليم بالفيديو عن بعد للتدريس التقليدي.
- تمكين الطلبة في المنازل والآخرين غير المنتظمين في الدوام المدرسي من الدراسة والتحصيل العلمي.
- تمكين الطلبة المتفوقين وذوي الحاجات الخاصة من فرص غنية للتعلم لا تستطيع المدرسة توفيرها لنواقص مادية أو بشرية أو مهنية وعلمية تعاني منها.
- تزويد الطلبة بفرص للتعاون والتواصل مع أقران لهم من أقطار وثقافات وجماعات عبر العالم.
ما هي الخطط الممكنة لاستنبات التربية الإلكترونية في التعليم العالي عن بعد بالبلدان العربية؟
تقوم الخطة على أربع مراحل متتابعة نوجزها كما يلي:
- المرحلة الأولى ((5-10 سنوات: مرحلة التأسيس والتحضير:
يمكن تنفيذ هذه المرحلة في خمس سنوات أو أكثر إلى عشرة سنوات وذلك في ضوء الإمكانات البشرية والمادية المتاحة، حيث يقوم المختصون هنا بما يلي:
- تأسيس البنية التحتية للتربية الإلكترونية، من حيث البيئات والمعدات والتجهيزات والبرامج والبرمجيات الضرورية لهذا الغرض.
- التدريب المهني المكثف لمختلف الكوادر المدرسية بما فيهم الطلبة على أساسيات المعارف والقيم والطرق والمهارات الفعالة لاستعمال تكنولوجيا المعلومات في التربية.
- المرحلة الثانية ( (5-10 سنوات: مرحلة التحول من التربية المقيمة إلى الإلكترونية:
تبدأ هنا عمليات تشغيل وتجريب مراكز المعلومات بربطها المباشر بالانترنت ومحطات البث اللاسلكية وكمبيوترات الكوادر المدرسية المتنوعة. في هذه المرحلة، تصبح التربية التقليدية المقيمة بديلة بينما قرينتها على الإنترنت عامة، أو تكون موازية لها من حيث كثافة الحدوث.
- المرحلة الثالثة ( (5-10 سنوات: مرحلة الانطلاقة المبدئية للتربية اللاسلكية:
تتحرر التربية في هذه المرحلة من الجدران المدرسية سواء كانت مقيمة أو على الإنترنت إلى صيغتها الحرة المفتوحة اللاسلكية مع استمرار المتابعة والتدريب للكوادر البشرية كلما بدت حاجة لذلك. تتحول التربية اللاسلكية إلى ممارسة عامة ومنهجية متجذرة في العمل المدرسي على المستويين: التعليم العام والعالي، بينما تبدو التربيتين المقيمة وعلى الإنترنت بدائل يمارسها البعض هنا وهناك.
- المرحلة الرابعة ((5-10 سنوات: مرحلة التطبيق المفتوح والصيانة والتقنين:
والتطوير للتربية اللاسلكية كمنهجية وممارسة عامة من خلال تشريع القوانين والتنظيمات التي تكفل جودة العملية التعليمية. أن التربيتين التقليدية المقيمة وعلى الإنترنت يتراجعان هنا في الممارسة إلى خيارات محدودة من الأسر والمعلمين والمتعلمين.
وعلى كل فإن تسريع إدخال واستخدام التربية الإلكترونية في التعليم عن بعد بالمدارس والجامعات في البلدان العربية يتطلب بصفة عاجلة إحداث التغيرات التالية:
- إصلاح أنظمة إدارة الناس من حيث احترام المواطنة والمواطنين وممارسة الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان في التعامل معهم بما فيها الحصول على تعليم معاصر وذي جودة عالية في المجالات.
- إصلاح إدارات الأنظمة التعليمية من أعمال الفساد، وتحفيز البعض الآخر لمزيد من العمل الهادف في المؤسسات التربوية وتحقيق التنمية البشرية المستدامة للمجتمع.
- إصلاح نظام الأولويات العشوائية المعمول بها، بآخر يقوم على أهداف وواجبات إستراتيجية مدروسة لتنمية الناشئة وتقدم المجتمع كما في التربية والتعليم والاقتصاد الوطني والأمن الأسري.
- تحرير استعمالات الإنترنت من سرعتها البطيئة.
- استثمار الخبرات والمهارات التقنية والمعلوماتية والأكاديمية المحلية العالية.
- إدخال منهجية التربية على الإنترنت واللاسلكية عن بعد تدرجيًا بالتخطيط والتجريب ثم التطبيق الميداني على شكل جرعات محدودة في المدارس والجامعات والمناطق التعليمية مع المتابعة والتصويب كلما لزم.
- تأسيس كل جامعة أو عصبة من المدارس والجامعات لمركز بحوث وتطوير، يديره نخبة عالية الجودة من المربيين وخبراء المعلوماتية وعلماء النفس التربويين وخبراء المناهج والتدريس والباحثين العلميين، مع تكريس المركز بالكامل لدراسة وابتكار واختبار صلاحية الطرق. والأساليب وتكنولوجيا المعلومات الجديدة لتطبيقات التربية المفتوحة على الإنترنت.
- إنشاء عصبة أو رابطة من الجامعات المفتوحة على الإنترنت للمساهمة معًا في تطوير وانتشار التعليم الإلكتروني المفتوح عن بعد عبر البلدان العربية، وتبادل الخبرات والأفكار والمعلومات والتطبيقات والابتكارات، وعقد اللقاءات والمؤتمرات والمنتديات العلمية / المهنية من أجل تسريع تقدمهم في التعليم الإلكتروني عن بعد، ومواصلة إنجازات أفضل لعامليهم على الإنترنت بما فيهم الطلبة والمدرسين.
.