«لا أحد يسمعنا، لا أحد يتكلم معنا، لا أحد يهتم بنا».. صرخات دائماً نسمعها من فتياتنا، فهن يعتقدن أن الجميع قد تخلى عنهن، ولا يوجد من يفكر فيهن أصلاً، فتجد البعض منهن يسلك مسلكاً خاطئاً كنوع من ردة الفعل.
وفي هذه الدراسة، يحاول الباحث السعودي خالد الحارثي، أن يعالج قضاياهن وهمومهن من خلال هذا البحث مع مجموعة من أساتذة علم النفس.
كيف يكون شعور الفتاة تجاه الآخرين في مرحلة المراهقة؟
تقول الدكتورة أماني غازي أستاذة علم النفس: «الفتاة في هذه المرحلة تكون قد ودعت عالم الطفولة، ودخلت في عالم الخيال الحالم فهي عادة ما تجد صعوبة في هذه الفترة في إقناع من حولها أنها لم تعد طفلة، بل إنها فتاة لها رأيها، ولها ثقافتها وخصوصيتها وأحلامها التي تطمح للحصول عليها، فهذه المرحلة هي مرحلة إثبات الذات، فتبدأ منها الفتاة بتكوين شخصية خاصة بها، وتحاول تبني آراء وأفكار وأذواق ولو كانت مخالفة، المهم أن تكون معبرة عن قناعاتها وعن شخصيتها، وهذه المرحلة العمرية لها صفات وسمات، ويمكن أن تستغل فتتحول إلى إيجابيات، أو أن ينظر لها نظرة تشاؤمية فتكون حينئذ سلبيات، وقد تكون مدمرة».
وللأسف عن غالبية فئات المجتمع ينظرون لهذه المرحلة نظرة تشاؤمية وسوداوية، وكأن الفتاة قنبلة موقوتة قد قرب وقت انفجارها، فيبدأون بناء الأسوار حول هذه الفتاة لكيلا تنحرف وتنجر وراء أهوائها.
أبرز سمات هذه المرحلة؟
تقول الدكتورة أماني، الفتاة عادة تتسم بسمات كثيرة في هذه المرحلة. فمنها على سبيل المثال لا الحصر:
- عاطفتها الجياشة.
- حماسها المتوقد.
- إرادتها وإصرارها.
- ذاكرتها الحافظة.
- نشاطها الملتهب.
- ترددها في اتخاذ القرار.
- خيالها الواسع.
- أحلامها المثالية.
- قلة الخبرة. وعدم النضج.
- عدم وضوح الرؤية المستقبلية، وذلك لانعدام الجدية في مرحلة الطفولة.
- ثقتها الزائدة بكل من حولها.
وهذه السمات منها ما هو جيد، ويساعد الفتاة على بناء شخصيتها، وتحديد رسالتها، والوضوح لرؤيتها لتكون بعد ذلك فتاة فاعلة مبادرة ذات معنى، وتعيش على مبدأ.
كيف يمكن للفتاة أن تستغل مواهبها وطاقاتها؟
ترد الدكتورة أماني فتقول: «الفتاة أمامها فرص كبيرة وكثيرة، وخصوصاً أنها في مطلع حياتها، فبإمكانها الحصول على ما تريده متى خططت لذلك تخطيطاً جيداً ومثمراً، والفتاة تمتلك مواهب عديدة، فعليها أن تتأمل في شخصيتها لتعرف بشكل واضح نقاط قوتها وضعفها، ولابد أن يكون لكل فتاة مشروع تتبناه، ليصل صوتها إلى العالم من خلال هذا المشروع، فكم من مشروع ضخم بدأ بإنسان واحد لكنه كان مبادراً».
وموضوع مثل هذا يحتاج لأوراق كثيرة وساعات إضافية، ولكن أختصر هذا كله بما يلي:
لابد أن تحدد الفتاة مسار حياتها، وذلك من خلال رسالتها الشخصية، وما تهدف إليه، وما تود الوصول إليه، وإستراتيجية الوصول بحيث تخرج بإنجازات، وتترك فيمن حولها بصمات.
فمثلاً: لو كانت الفتاة تملك حافظة قوية وشغفاً بالعلم، فإننا حينئذ ننصحها بأن تتوجه لحفظ القرآن الكريم، وأن تثري ملكتها بمفردات لغوية كثيرة من خلال الاطلاع والقراءة، وحفظ أبيات الشعر المفيد، ودراسة الأحاديث والسيرة النبوية، فتقضي وقتها بين الكتاب والشريط حتى تنمو شيئاً فشيئاً فتصبح موسوعة علمية تمشي على الأرض.
بينما لو كانت الفتاة لا تملك هذا، لكنها تمتلك شخصية جذابة وقدرة في التواصل مع المجتمع، وتكون شخصيتها ذات طابع قيادي واجتماعي، فإنها تستثمر ذلك بأن تنظم لقاءات وتحضر المجالس، وقد تكون مناسبة لقيادة مجموعة من الفتيات في تأسيس مشروع يخدم الفتيات.
وهكذا فيمن تجد نفسها في مجال الإعلام أو التدريب، وغير ذلك الكثير، ودعيني أضرب لك مثلاً بفتاة صغيرة استطاعت أن تخدم دينها، وأن تخلد اسمها بعمل شجاع، استغلت فيه ذكاءها وقدرتها على التخطيط بنجاح والعمل بجدية، وأعني بذلك ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر الصديق –رضي الله عنهما– عندما كانت تحمل الطعام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار –أبيها أبي بكر الصديق رضوان الله عليه– حتى لقبها الرسول صلى الله عليه وسلم بذات النطاقين.
فالفتاة تستطيع أن تؤثر في مجتمعها، وأن تكون ذات بصمة، لكن فقط عندما تقرر أن تكون كذلك، والتاريخ مليء بنماذج من أولئك الفتيات اللواتي صنعن تاريخاً مجيداً ومواقف خالدة بأنفسهن.
كيف تستطيع الفتاة أن تحدد رسالتها في الحياة؟
- وتجيب الدكتورة نادرة شكري وتقول: «تحديد الرسالة في الحياة لابد له من معرفة نوع الشخصية وتطلعاتها وقدراتها، والشبكة العنكبوتية مليئة باختبارات الشخصية، والكتب الخاصة بتطوير الذات واكتشافها، والتعرف على القدرات تزدحم بها أرفف المكتبات.
ومهما كانت شخصية الفرد، فإنه يحتم عليه أن يجعل له ساعة من كل يوم للاطلاع، واكتساب الخبرات وإثراء المعلومات وصقل المهارات. ومازلت أقول لمن هم حولي: فرط في ساعة من نومك وأكلك، ولكن إياك أن تفرط في ساعة قراءتك واطلاعك».
يكفيكم أن أول آية نزلت من القرآن الكريم هي قوله تعالى: {اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (1: العلق).
.