تعتبر المراهقة من أهم الأمور التي تمر في حياة كل إنسان إذ أنَ فترتها ما بين 18 إلى 23 سنة، وهي فترة يتقلّب فيها مزاج الإنسان ويتغيّر، فهي مرحلة مهمّة لدى الشباب والبنات بشكل عام وتعتبر الاختبار الأوّل التي تقدمه الحياة للإنسان.
والمراهقة في علم النفس تعني: «الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي»، والنمو فيها لا ينتقل من مرحلة إلى أخرى فجأة، ولكنه تدريجي ومستمر ومتصل، فالمراهق لا يترك عالم الطفولة ويصبح مراهقًا بين عشية وضحاها، ولكنه ينتقل انتقالًا تدريجيًا، ويتخذ هذا الانتقال شكل نمو وتغير في جسمه وعقله ووجدانه.
فالمراهق يأخذ صورًا جديدة في علاقته عن تلك الصور التي كانت في الطفولة، فالطفل الذي كان يحب البيت وزيارات الأهل والجلسات العائلية والاستماع والمناقشة يبدي الآن عدم رغبته في البقاء في المنزل ولا يرغب صحبة الأهل، وإنما يرغب بإنشاء علاقاتٍ جديدة، والانضمام إلى جماعات وأصدقاء من نفس سنه، فيخرج المراهق من صورة الطفل المطيع يبدأ بالتمرد على الأهل ومحاولة عدم الاستماع لهم، ومن الناحية العقلية فإن دماغ المراهق يبدأ بالنمو أيضًا، فيزداد ذكاؤه بشكلٍ حاد، ويأخذ تفكيره طابعًا غير الطابع الذي كان متواجدًا.
وهو ما يحدث اضطرابًا في الأسر، بل وفي المدارس التي لا تحسن فن التعامل مع هذه الفئة العمرية، وربما تختلف بعض تصرفات الولد عن البنت في هذه المرحلة خاصة في تكوين صدقات جديدة خارج إطار الأسرة.
المراهق في عالم جديد
ببلوغ المراهق هذه المرحلة يشعر أنه يعيش في عالم جديد وغريب لم يألفه من قبل، ومن ثم يعيش مرحلة انتقالية في حياته يتخلّلها الكثير من العقبات والضغوط الخارجية والداخلية، فيعيش في حالة تقلب نتيجة لظهور الآثار الجانبية لعملية البلوغ والنمو الجسمي المتسارع، فتظهر الكثير من السلوكيات والتصرفات التي قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية بحسب الأطوار والجوانب النّمائية التي يمر بها.
أهم مشاكل المراهقين
حاولت صحيفة (اندبندنت العربية) أن ترصد بعض مشاكل هذه المرحلة:
- الصراع الداخلي الموجود عنده: بحيث يكون المراهق في تلك المرحلة في صراع مع نفسه مع حقيقة الأمر والخيال الموجود في داخلهِ والذي يختلف ويكون بعيدًا كل البعد عن الواقع الذي يعيشه.
- العادة السرية ومشاكلها: والتي تكون في بداية المراهقة في أوج ازدهارهم وأوج رغباتهم الجنسية والتي تكون شهوتهم في مشاهدة الأفلام الإباحية وما شابهها من الأمور والتي تصبح متعارضة مع القيم الاجتماعية التي يكون فيها المراهقين.
- العصبية وصعوبة التعامل: وهي من أهم المشاكل التي قد تمر على المراهقين والتي يكونون فيها متعصبين؛ وزيادة العناد فيهم لتحقيق رغباتهم بفرضها أو لتحقيق مطالبهم.
- الانفراد بالآراء: إذ أنّ المراهق مقبل على الحياة فهو لا يحب أن يسمع كلام والديه لكي يفرض نفسه أمام الجميع، والكثير منهم يقعون في مشاكل عدم فهم الأهل لهم، والتحرر من الأهل، كالعيش معزولًا عنهم، وما إلى ذلك من أمور قد تؤدي مع مرور الوقت إلى مخاوف كبيرة ومشاكل قد يواجهها الشخص المراهق.
- العداوة والانفعال: يكون المراهق بشكل عام أكثر عداوة وانفعال وعنف، بالإضافة إلى اندفاعه الدائم والمتأهّب.
- التذبذب الانفعالي: إذ إنّ المراهق لا يثبت على استجابة محدّدة لنفس المثير، فقد تختلف استجابته لنفس الموقف في أوقات وفترات مختلفة.
- الحب: يحبّ المراهق نفسه ويميل إلى الاعتداد بها، كما يحب التمركز حول ذاته، وينشغل لفترات بمظهره الخارجي، فيقف أمام المرآة لمدة طويلة.
- الخوف: يخاف المراهق ويبتعد عن المواقف الاجتماعية التي لا يملك فيها الخبرة الكافية التي تمكنه من التفاعل مع هذه الموقف بشكل جيد، وقد يخجل من مظهره الخارجي نتيجة لتقلبات النمو الجسمي وتسارعها؛ بحيث يشعر بأنّ مظهره غير لائق أو أنّه قد يتعرض للسخرية من الآخرين.
- الصراعات: يُعاني المراهق من الصراعات الداخلية أو الخارجية والتي تظهر على هيئة تمرُّد وعصيان، وقد تنتج الصراعات عن سعيه لتهذيب ذاته وضبطها وحاجته للاستقلال والتمرد وإثبات الذات، أو الصراع الذي يتعرّض له نتيجة لاختلاف المبادئ والقيم التي أُنشئ عليها في فترة الطفولة، وأفعال من حوله من البالغين التي تُخالفها.
- عدم التوافق النفسي: يعاني المراهق في هذه المرحلة من مشكلة عدم التوافق النفسي التي تنعكس على تصرفاته وسلوكياته، فيكون ميّالًا للانطوائية واليأس والقلق والحزن والدخول في نوبات من الاكتئاب والبكاء، بالإضافة إلى الضجر والملل الدائم والرغبة المستمرّة في النوم.
- الغضب: يُظهِر المراهق الغضب وردات الفعل العنيفة والتي قد تكون في غير موضعها.
- العِناد: يميل المراهق إلى العناد ومخالفة الأعراف والقوانين والاحتجاج الدائم على السلطة.
- المعاناة من مخاوف متعددة: كخوفه من والديه وخوفه من المجتمع وخوفه من الفشل، بالإضافة إلى المخاوف المتعلّقة بالتحصيل الدراسي والمستوى الأكاديمي، كما يشعر المراهق بشكل دائم بتأنيب الضمير تجاه أي ذنب أو إساءة لنفسه أو لمن حوله، فتنعكس جميع هذه المخاوف على كافة استجابات المراهق وتصرفاته.
- الميل إلى الاستقلالية: يسعى المراهق بشكل مستمر إلى حصوله على استقلاليته الشخصية، كما يعمل على تفرده الذاتي في بناء شخصيته المستقلة.
ومن ثم يجب على الأسرة أن تتقن فن التعامل مع هذه المرحلة ولا تستشعر بأن المراهق يحاول أن يستقل بشكل كلي عن إرادتهم، أو يلغي وجود الأبوين في حياته، لكنه في الحقيقة لا يزال في حاجة ماسة إلى توجيهاتكم السديدة. فقط، امنحوه بعض الحرية، ولا تتبعونه في كل تحركاته كأنكم ظل لصيق، ولا تنظروا للأمر من جانب تهويلي ومأساوي، فمن شأن هذا التصرف أن يؤثر على نفسية الطفل، بل اجعلوه يحس بأن هذا الأمر عادي وتعاملوا معه بطريقة تساهم في بناء شخصيته بشكل إيجابي، ومن هذا التعامل:
- تفهم تصور المراهق عن شخصيته: هناك بعض الحالات التي سجلت مرورًا سلسًا في مرحلة المراهقة، وذلك بفضل فهم الوالدين العميق للصورة والانطباع الذي يتصوره المراهق عن نفسه. ويظل المفتاح الأساسي للعبور الآمن هو توفير جميع الظروف والوسائل التي من شأنها أن تجعل المراهق يرضى عن شخصيته ويتحلى بثقة عالية بالنفس.
- تقبل النقد بصدر رحب: فكما يقال: كسب الأشخاص في بعض الأحيان أحسن من كسب المواقف، ولذا يجب تقبل نقد طفلك غير الجارح بصدر رحب، فهي طريقته لولوج عالم الكبار، ولا تعتبروا هذا التصرف انتقاصًا منكم بقدر ما هو طريقته للتعبير عن تجاوزه لمرحلة الطفولة وإيذانًا منه بدخول عالم الراشدين. قد تكون هذه طريقته لإبراز وجوده.
- التفاهم والتعاقد والاتفاق: عند بلوغ الطفل مرحلة المراهقة فإنه لا يستسيغ المراقبة اللصيقة والاهتمام الزائد الذي يوليه أبواه تجاهه، إذ يعد هذا السلوك لائقًا بمرحلة الطفولة التي تجاوزها، ففي هذه الفترة، يحتاج إلى القيام بخرجات مع أصحابه، وفي بعض الأحيان بأسفار مع أصدقائه قد تدوم بضعة أيام، ولذا يجب أن يمنحه الوالدان بعض الحرية مع المتابعة واعقدوا معه اتفاقًا يقضي بسماحكم له بالتصرف بكل حرية شريطة أن يعلمكم بمكان ذهابه وأن تحصلوا إن اقتضى الأمر على أرقام هواتف أصدقائه أو عائلاتهم.
- رسم الخطوط الحمراء بكل وضوح: مهما كان الأمر، فإن تصرفات المراهق ينبغي أن تحترم سقفًا معينًا لا تتجاوزه، فيجب على الوالدين أن يكونا واضحين معه منذ البداية، وأن يوضحوا له جميع الخطوط الحمراء التي لا ينبغي له تجاوزها، ويجب أن يفهم أن الأمر لا يتعلق بتقييد حريته بقدر ما يفيد استمرار الحياة دون مشاكل ومخاطر، فإذا عاند المراهق وصمم على التمادي وتجاوز حدود الاحترام والمعقول، يجب معاقبته بنوعية عقاب لا تمس بكرامته أو شخصيته، ولا تشعره بنقص أو حرمان؛ لأن مثل هذه العقوبات قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
.