Business

الرياضة البدنية وأثرها في شخصية المسلم

نالت الرياضة مكانة مرموقة في حضارات قديمة كاليونانية والرومانية وغيرها، كما حظيت باهتمام كبير من قبل المسلمين حيث التدرب على الفروسية وقتال السيف وما يتطلبانه من أجسام قوية مرنة ماهرة.

وفى هذه الدراسة، يرصد الباحث محمد عبد الرؤوف عثمان، كيف حثّت تعاليم الإسلام على كل ما من شأنه أن يعمل على تنمية شخصية المسلم حتى يصبح قادرا على تحمل أعباء الدعوة إي الله سبحانه، والقيام بمهمة الخلافة في الأرض.

 

 أثر الرياضة على الناحية البدنية

تعمل الرياضة في الإسلام على توجيه النمو الجسدي ليأخذ منحى الصحة والقوة والمهارة، فتزداد مقاومته للأمراض وتزداد قدرته على ممارسة الأنشطة والأعمال التي تعتمد على القوة الجسدية، وقد أمر الله سبحانه وتعالى الأمة المحمدية أن تعد العدة لتكون أمة منيعة محمية كريمة مهيبة الجانب فقال سبحانه: {وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ومِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وعَدُوَّكُمْ} (الأنفال: ٦٠) والتهيؤ البدني داخل تحت عموم الأمر في هذه الآية.

وقد مدح الله جل جلاله الملك صاحب الجسد القوي القادر على تحمل الشدائد والمصاعب وجعل موهبته من العلم والقوة سبيا لترشحه للملك قال تعالى: {إنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ والْجِسْمِ واللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 247).

وفي صحيح مسلم عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: {وَأَعِدُّو لَهُم مّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي»،  كما أكد النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية رياضات مختلفة، كركوب الخيل: لما فيها من فوائد جمة، فعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضمر الخيل يسابق بها.

 

أثر الرياضة في الجانب النفسي

تساعد الرياضة على النضج الانفعالي عند الإنسان، فالتربية البدنية تعود المتعلم الصبر والتحكم بالانفعال والعواطف، كما أن نمو الصفات الرياضية تضم في جملة معانيها اتجاهات غيرية تجعل الرياضي يقبل النتائج أيا كانت، وهذا معناه أنه بلغ مرحلة الضبط الانفعالي لذاته، وأن إرادته قد نمت وأصبح قادرًا على مغالبة أهوائه واندفاعاته وإخضاعها لأحكام العقل.

وثمة ألوان كثيرة من اللهو وفنون اللعب، شرعها النبي. صلى الله عليه وسلم للمسلمين ترفيها عنهم، وترويحا لهم. وهي في الوقت نفسه تهيئ نفوسهم للإقبال على العبادات والواجبات الأخرى أكثر نشاطا وأشد عزيمة، وهي مع ذلك في كثير منها رياضات تدربهم على معاني القوة، وتعدهم لميادين الجهاد في سبيل الله، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتسابقون على الأقدام، والنبي صلى الله عليه وسلم يقرهم عليه.

وكان النبي نفسه صلوات الله عليه يسابق زوجه عائشة رضي الله عنها مباسطة لها، وتطييبا لنفسها، وتعليما لأصحابه.

قالت عائشة رضي الله عنها: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلبثت حتى إذا أرهقني اللحم أي سمنت سابقني فسبقني، فقال: «هذه بتلك» يشير إلى المرة الأولى.

 

 أثر الرياضة على العقل

تعمل الرياضة على إنماء الوظائف الفكرية، فالعناية بالجسد وتحسين صحته ونموه يساعد في تنشيط الأعمال الفكرية، ولا تخفى العلاقة بين الجسد والنشاط الفكري ولاسيما تأثير الأول في الثاني. فالألعاب الرياضية تنشط بعض الوظائف العقلية: كالانتباه، والإدراك، والمحاكمة، وتساعد على نموها، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتوافرة في أغلب الألعاب الرياضية، مثل كرة السلة وكرة القدم والرماية وغيرها.

وقد أكدت السيرة النبوية اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم برياضة الرماية، وذلك لما فيها من إعداد للجهاد، ولما تتطلبه هذه الرياضة من تركيز وانتباه، فاللاعب لابد أن يستخدم قواه الجسدية والعقلية ليحقق انتباها دقيقا وإدراكا سريعا ومحاكمة سليمة، وبالتالي سلوكا حركيا ماهرا. فعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون (أي يتسابقون في الرمي)، فقال: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا وأنا مع بني فلان، قال: فأمسك أحد الطرفين بأيديهم. فقال صلى الله عليه وسلم: ما لكم لا ترمون، قالوا كيف نرمي وأنت معهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارموا وأنا معكم كلكم».

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم