Business

قواعد تربوية في قصة موسى والخضر

إن التربية بالقصة لون من ألوان التربية التي تؤثر في النفس، فالقصة تثير انفعالاتنا وتؤثر فينا تأثيرًا يرتفع بقدر ما تكون طريقة الأداء الفنية بليغة ومؤثرة، وبقدر ما تكون المواقف داخل القصة مواقف (إنسانية) عامة لا مواقف فردية ذاتية.. لذا، فقد تناول القرآن الكريم أسلوب القصة لهدف التربية الروحية والعقلية والجسمية بالقدوة والموعظة الحسنة.

وفى هذه الدراسة، يرصد الدكتور العربي عطاء الله قويدري، القيم الإنسانية والتربوية فى قصة موسى عليه السلام والتي تجسدت في المحبة والصبر والصدق والعفاف والإخلاص وحسن التعامل والحوار البناء.

 

المعاني التربوية القرآنية الرائعة في قصة موسى

  1. السعي إلى العلم: على التلميذ أن يسعى إلى العلم، لا أن يسعى المعلم إليه؛ فهذا أكرم للعلم والمعلم والمتعلم. 
  2. الإصرار على لقاء المعلم: فقد أصر سيدنا موسى عليه السلام على لقاء المعلم والنهل من علمه في قوله: {لَآ أَبۡرَحُ حَتَّىٰٓ أَبۡلُغَ مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ أَوۡ أَمۡضِيَ حُقُبَا} (الكهف: 60).
  3. مصاحبة الكبير والصغير: هذه الصحبة لها فائدة كبيرة فالأول يشرف على تربيته ويعلمه الحياة، ويصوب أخطاءه ويسدد خطأه، والثاني يخدمه ويعينه على قضاء حوائجه، وقد أفلح موسى في تربية الفتى (يوشع بن نون) عليه السلام إذ بعثه الله تعالى نبيًا فقاد مسيرة المؤمنين وحمل لواء الدعوة بعد أستاذه وفتح الله على يديه القدس الشريف.
  4. عدم الوقوف عند الخطأ: حين علم موسى عليه السلام بخطئه وخطأ فتاه لم يشغل نفسه بلوم نفسه أو لوم فتاه، ولكن علم أن هناك أمرًا أهم من هذا عليهما تداركه قبل فواته، إنه لقاء الرجل المعلم؛ فقاما فعادا سريعا ولم يضيعا الوقت.
  5. التلطف في طلب العلم: لم يفرض موسى عليه السلام نفسه على الخضر عليه السلام على الرغم أن الله تعالى أخبر الخضر بلقائه ليتعلم منه، إنما تلطف في عرضه بصيغة الاستفهام التي تترك مجالًا للمسؤول أن يتنصل إن أراد. 
  6. تعليم الرجل الصالح: لقد علم الله تعالى الخضر علمًا نفيسًا كان سيدنا موسى عليه السلام يريد بعضه، وهذا العلم الذي طلبه هو الهدى والرشاد الذي يبلغه المقام الأعلى في الدنيا والآخرة، وقد حدد نوع العلم، فقال: {... مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}.
  7. عدم الاستعجال في السؤال: قد يشترط المعلم على تلميذه ألا يستعجل في السؤال عن أمر من الأمور إلى أن يحين الوقت المناسب، قال تعالى: {قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡ‍َٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا}، فقد لا يرغب بالتوضيح حتى يستكمل الأمر وقد يرى المعلم اختبار تلميذه في الصبر وقد يكون المعلم نفسه قليل الكلام، وقد يكون ممن يعتمدون في التعليم على الملاحظة. ولكل شيخ طريقته.
  8. الإنسان خلق من عجل: فقد اتفق النبيان في صحبتهما على أن يرى موسى عليه السلام ما يجري دون أن يتدخل مستنكرًا أو معلقًا على ما يراه إلى أن يرى الأستاذ رأيه في توضيح بعض الأمور.لكن التلميذ لم يف بالوعد فقال في الأولى: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا}، وشدد النكير في الثانية حين قال: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا}، وقال في الثالثة معترضًا ومقترحًا: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}، ونبهه أستاذه في الأولى: {قَالَ أَلَمۡ أَقُلۡ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِيَ صَبۡرٗا}، وأعلن في الثانية بزيادة «لك» في قوله: {قَالَ أَلَمۡ أَقُلۡ لَكَ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِيَ صَبۡرا}، وأعلن في الثالثة أن الفرصة الممنوحة انتهت فلابد من الفراق لأنه استنفدها: {قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيۡنِي وَبَيۡنِكَ ...}، ولكنه لم يشأ أن يتركه بجهل أسباب الحوادث فأخبره بها: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأۡوِيلِ مَا لَمۡ تَسۡتَطِع عَّلَيۡهِ صَبۡرًا}.
  9. نلاحظ هنا أدب الأستاذ مع ربه فقد نسب إلى نفسه عيب السفينة: {فَأَرَدتُّ أَنۡ أَعِيبَهَا} وفي قتل الغلام نسب الخير في البداية إلى الله تعالى: {فَأَرَدۡنَآ أَن يُبۡدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيۡرٗا مِّنۡهُ زَكَوٰةٗ وَأَقۡرَبَ رُحۡمٗا}، ولما كان العمل في الثالثة كله بناء وخيرًا نسي نفسه وأفرد الله تعالى بالخير: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبۡلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسۡتَخۡرِجَا كَنزَهُمَا رَحۡمَةٗ مِّن رَّبِّكَ}، مع أن الأمر كله لله تعالى وهو لم يفعل إلا ما أمره الله به: {وَمَا فَعَلۡتُهُۥ عَنۡ أَمۡرِيۚ}.
  10. إن الخضر لما ذهب يفارق موسى قال له موسى: أوصني، قال: كن بسًاما ولا تكن ضحاكًا، ودع اللجاجة ولا تمش في غير حاجة، ولا تعب على الخطاءين خطاياهم، وابكِ على خطيئتك يا بن عمران.وقد قال النبي صلى الله عليه وسلـم: «رحمة الله علينا وعلى موسى، لو لبث مع صاحبه لأبصر العجب، لكنه قال: {قَالَ إِن سَأَلۡتُكَ عَن شَيۡءِۢ بَعۡدَهَا فَلَا تُصَٰحِبۡنِيۖ قَدۡ بَلَغۡتَ مِن لَّدُنِّي عُذۡرٗا}.
  11. صلاح الآباء يُرى في الأبناء: فقد حفظ الله تعالى الولدين بصلاح أبيهما: { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَٰلِحٗا}، فأمر الخضر عليه السلام أن يرفعه إلى أن يكبرا فلا يأخذ الكنز أحد وهما صغيران؛ ويظل بعيدًا عن أعين الآخرين حتى يشتد عودهما فيكون لهما.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم