كثرت في عصرنا أعداد اليتامى لأسباب عديدة، منها: انتشار الموت الجماعي، إما بسبب الحروب، أو بسبب الحوادث والكوارث الطبيعية والصناعية ونحوها.
وقد هدف هذا البحث الذى أعدّه الدكتور محي الدين عبد الله حسن، بصفة أساسية إلى إبراز الملامح والمؤشرات النفسية في حياة اليتيم، وذلك من أجل الكشف عن الوجه الإعجازي في الهدي النبوي في التعامل مع اليتيم.
حاجات اليتيم النفسية
الحاجة في علم النفس تعني شعور الكائن بافتقاره إلى شيء ما، فإذا وجده يتحقق له الإشباع والارتياح النفسي، وللإنسان حاجات ناتجة عن طبيعة تكوينه (جسم وروح) حيث يسعى الإنسان دائمًا لإشباعها وهي نوعان: حاجات فسيولوجية، وحاجات نفسية.
وسنورد هنا الحاجات النفسية الضرورية لليتيم، كما أوردها حامد زهران في كتابه (علم نفس النمو)، على النحو التالي:
البعد النفسي لنمو اليتيم
نقصد بالبعد النفسي لنمو الطفل اليتيم تكوين البناء الوجداني لليتيم؛ ومن الملاحظ أن هذه الحالات تأخذ هذه الحالات صورًا متنوعة من السلوك لا حصر لها.
ففي المراحل الأولى من حياة الطفل الرضيع نجده يتجه بمشاعره نحو أشخاص عديدين دون تمييز، أي لا يرتبط- انفعاليًا- بشخص محدد، كما أن الاستجابات الانفعالية له تظل حادة وغير مركزة، وعامة بدون تمايز ولا تلائم المواقف التي تثيرها، وتتنوع من بكاءٍ ورفس بالأيدي والأرجل وصراخٍ وتلوٍ وتشنج ونحوه، كما يلاحظ أن الارتباط الانفعالي بينه وبين الآخرين يتكون تدريجيًا من سن ثلاثة عشر شهرًا حتى ثمانية عشر شهرًا.
أكدت الدراسات النفسية أن الارتباط الانفعالي يحدث للأم والأب البديلين تمامًا مثلما يحدث للأم والأب الحقيقيين وبنفس المقدار والدرجة، والآخر أن الارتباط الانفعالي إذا حدث للأم والأب البديلين فإنه يستمر مع الطفل طوال الحياة.
ومما يدل على الإعجاز النبوي فإن هذا النوع من الكفالة أي كفالة الحجر، أو الأسرة البديلة، كانت الغالبة في عصر الصحابة -رضي الله عنهم- كما يتبين لنا من استقراء الأحاديث الواردة في كفالة الأيتام، فالصحابة رضي الله عنهم كانوا يضمون الأيتام إلى أسرهم.
عندما يصل الطفل مرحلة ما قبل المدرسة؛ فإن التعبير عن مشاعر الانفعالات النفسية يظهر أكثر تمايزًا وأكثر وضوحًا من ذي قبل، فتراه يستطيع التفريق بين مشاعر الإحباط ومشاعر الخجل والإحساس بالذنب، كما يمكنه التمييز بين مشاعر الفرح والسرور والحب والدعابة، كما تنمو لديه أيضًا مشاعر الغضب والعدوان وتظهر بوادر الغيرة والمنافسة، وترتبط هذه المرحلة كما يقول علماء النفس بظهور المخاوف والخيالات مع تولد روح المبادرة والإقدام، كذلك يتشكل لديه الضمير والوازع.
وفي مرحلة الطفولة المتأخرة قبل البلوغ يحاط الطفل ببعض مصادر القلق والصراع ويستغرق في أحلام اليقظة وتقل مخاوفه بصفة عامة، وقد أثبتت الدراسات أن شعور الطفل بتهديد أمنه مقابل شعوره بنقص كفاياته (قدراته) في هذا الوقت من عمره يؤدي إلى القلق الذي يؤثر بدوره تأثيرًا سيئًا على كل من النمو الفسيولوجي، والنمو العقلي، والنمو الاجتماعي.
إذ من الضروري للطفل اليتيم أن تتاح له المتع والمسرات السوية التي تعينه على الإقبال على نواحي النشاط التي تتحدى قدراته النامية.
الأساليب النفسية والدينية التي يجب أن تتبع في التعامل مع اليتيم:
.