إن من أعظم النعم التي منّ بها الله تعالى على عباده نعمة الإسلام، وإن أعظم ما يؤدي إلى الأخذ بالإسلام وتحويله إلى واقع سلوكي عملي ملموس له آثاره الواضحة في كافة شئون الناس- هو أخذ النفس والأهل والناس جميعا بهذا الدين من خلال التربية والتنشئة والإعداد، وفقا لأسس الدين وأصوله، وفي ضوء أساليبه، والتزاما بمبادئه وقيمة وأخلاقه.
وإن من أهم وأبرز وأحسن الأساليب التي تعمل على تحقيق الهدف المتقدم هو أسلوب التوبة الذي له من الأهمية والفاعلية والتأثير والإيجابية في مجال التربية والتزكية والتنمية والتطهير ما ليس لغيره من الأساليب الأخرى. وقد شهد الكتاب والسنة بالمنافع العظيمة والإيجابيات الكبيرة للتوبة إلى الله عز وجل وما تتركه من آثار إيجابية تشمل الفرد والمجتمع.
وفى هذه الدراسة، يرى الدكتور أحمد بن عبد الفتاح الضليم، أن أسلوب التربية بالتوبة يعد من أهم الأساليب التربوية وأكثرها نجاحا وفاعلية؛ ذلك لما تتركه التربية بهذا الأسلوب من آثار إيجابية تشمل كافة جوانب شخصية المتربي، كما يمتد أثر التربية بأسلوب التوبة إلى الناحية الاجتماعية بكافة تفاصيلها.
أساليب الترغيب في التوبة في القرآن الكريم
حث القرآن الكريم على التوبة ورغب أشد الترغيب في التمسك بها والحرص الدائم المستمر عليها؛ وذلك من خلال الكثير من الطرق والأساليب والتي من أهمها وأبرزها ما يلي:
- إعطاء الفرصة الكافية للتائب وعدم تقنيطه من قبول توبته.
- محبة الله للتائبين وفرحه بهم.
- قبول الله لتوبة التائبين ومغفرته لهم ورحمته بهم وإجابته دعاءهم.
- تكفير التوبة لما قبلها وتبديلها السيئات حسنات.
- استخدام أسلوب الإيحاء في الحث على التوبة.
- مساواة التائبين بغيرهم في المجتمع المؤمن.
آثار التربية بأسلوب التوبة
- الإيمان بالله والإخلاص له والاعتصام به واتباع سبيله.
- نيل محبة الله والحصول على مغفرته.
- ما تحدثه التوبة الصادقة من إصلاح حقيقي في نفس التائب يشمل باطنه وظاهره.
- البعد عن الارتداد عن الدين الذي ينذر بأضرّ العواقب.
- الإقلاع عن الفاحشة والتي تفسد الدين والخلق وتلحق أعظم الضرر بالفرد والمجتمع، والتي لا خلاص منها ولا نجاه من آثارها المدمرة إلا باللجوء إلى التوبة إلى الله والاعتصام بحبله.
- حفظ أمن الفرد والجماعة مما يخل ويضر بهما من الأعمال الإجرامية.
- الإقلاع عن أعظم الآثام وأكبر المفاسد والجرائم التي تدمر الفرد والمجتمع.
- تحقيق الصحة النفسية والاجتماعية السوية حيث يعد الوقوع في الذنوب والمعاصي والانحرافات مما يصيب الإنسان بالأمراض والاضطرابات النفسية.
- تحقيق المعيشة الرغيدة الهنيئة التي تتمثل في كثرة الخير من المال والأولاد والزروع والثمار والأمطار والأنهار، وغير ذلك من مباهج الحياة الدنيا وزينتها، ومسببات النهوض والقوة والتمكين في الأرض؛ قال تعالى: {وأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ويُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}.
تطبيقات التربية بالتوبة في الأسرة:
- أن يكثر الوالدان من ذكر الله واستغفاره والتوبة إليه في جميع الأوقات؛ ليتأثر بهما الأولاد.
- أن يلمس الأولاد التوبة واضحة جلية في سلوك الوالدين وتصرفاتهما وليس مجرد كلمات تردد.
- أن يحرص الوالدان على إيضاح أهمية التوبة للأولاد وقيمتها وفضلها ومكانتها عند الله عز وجل.
- أن يبين الوالدان للأولاد المنافع والإيجابيات التي تعود على الفرد والمجتمع من الاهتمام بأمر التوبة.
- أن يوضح الوالدان للأولاد سعة رحمة الله ومغفرته وقبوله لتوبة التائب مهما بلغت ذنوبهم.
- أن يبين الوالدان للأولاد حال الأنبياء عليهم السلام مع التوبة ودعوة أقوامهم إليها.
- أن يبين الوالدان للأولاد شروط التوبة، التي لا تتم ولا تقبل التوبة إلا بها.
- أن يقوم الوالدان بسرد بعض قصص التائبين والتائبات في الماضي والحاضر على مسامع أولادهما وأن يدعوا أولادهما إلى التأسي بأولئك التائبين.
- أن تحتوى مكتبة البيت على بعض الكتب والقصص عن التائبين، وأن يشجع الأولاد على قراءة تلك القصص.
- أن يستفيد الوالدان من أسلوب التوبة في تربية الأولاد؛ وذلك بالرفق بهم والتسامح معهم، وإعطائهم الفرص الكافية والدائمة للرجوع إلى الحق والصواب؛ مهما بالغوا في الخطأ وأسرفوا في الذنوب.
.