(9) أساليب التربية الجماعية (الثواب والعقاب)

9- أسلوب الثواب والعقاب:

الثواب هو: أثر يحدثه المربي فور سلوك المتعلم سلوكًا إيجابيًا؛ فيسبب له راحة نفسية أو مادية؛ بهدف دفعه إلى تكرار هذا السلوك الإيجابي. أما العقاب فهو: أثر يحدثه المربي في المتعلم فور سلوكه سلوكًا سلبيًا غير مرغوب فيه، فيسبب له ألمًا نفسيًا أو ماديًا؛ بهدف منعه عن تكرار هذا السلوك السلبي.

وواضح أن الفرق بين أسلوب الترغيب والترهيب وأسلوب الثواب والعقاب هو أن الأول وعد أو وعيد يسبق السلوك المراد، أما الثواب والعقاب فكل منهما يحدثه المربي فور صدور السلوك، كما أن الثواب والعقاب يمكن أن يكونا إنجازًا للوعد والوعيد السابقين.

تأصيل الأسلوب:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يثيب أصحابه بخلع الألقاب والصفات المحببة عليهم، والتي تعبر بصدق عن قدرة أو مهارة أو تميز في العبادات والطاعات؛ ومن ذلك قوله عن أبي بكر رضي الله عنه: «لو وضع إيمان الأمة في كفة وإيمان أبي بكر في كفة لرجحت كفة أبي بكر»، وقوله عن عمر رضي الله عنه: «لو كان نبيًا من بعدي لكان عمر»، وقوله عن ابن مسعود رضي الله عنه: «من أراد أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد»، من أمثلة استخدامه للعقاب في تربية أصحابه أمره صلى الله عليه وسلم بمقاطعة الثلاثة الذي تخلفوا عن الجهاد في سبيل الله في غزوة تبوك في التاسع من الهجرة، وقد استمرت هذه المقاطعة حتى تاب الله عليهم، سجل القرآن الكريم هذه الواقعة، وصور شدة ما عاناه هؤلاء الثلاثة جراء هذا العقاب، وإن دل هذا فإنما يدل على أن العقاب وإن كان في ظاهره العذاب فإن في باطنه الرحمة؛ وفي ذلك يقول الشاعر:

فقسا ليزدجروا ومن يك حالمًا                              فليقس أحيانًا على من يرحم

لنترك القرآن الكريم يصور لنا هذا الموقف؛ إذ يقول سبحانه:

{وَعَلَى ٱلثَّلَٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰٓ إِذَا ضَاقَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ وَضَاقَتۡ عَلَيۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ وَظَنُّوٓاْ أَن لَّا مَلۡجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلَّآ إِلَيۡهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيۡهِمۡ لِيَتُوبُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (التوية: 118).

قال تعالى: {ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجۡلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا مِاْئَةَ جَلۡدَةٖۖ وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ وَلۡيَشۡهَدۡ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (النور: 2).

كما قرر عقوبة الجلد أيضًا (أي الضرب) على القاذف، أو من نادى غيره بقوله «يا زاني»، أو «يا ابن الزانية» ...الخ.

قال تعالى: {وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةٗ وَلَا تَقۡبَلُواْ لَهُمۡ شَهَٰدَةً أَبَدٗاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (النور: 4)

أضف إلى ذلك أن كثيرًا من مدارس الغرب عادت الآن إلى إقرار عقوبة الضرب نتيجة العنف الذي انتشر والإجرام الذي عم في المجتمعات؛ وهذا يؤكد حقيقة ليت أبناء الإسلام يعلمونها، ألا وهي صلاحية الإسلام وضرورة الاستمساك بتعاليمه. ومن العجيب أن نجد من يعارض هذه الحدود -وهو من المسلمين- وهؤلاء أبلغ رد عليهم ألا نعبأ بما يقولون، ولا نعيرهم أي اهتمام، إنما ندعوا الله لهم بالهداية.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم