Business

كيف نعالج مشكلة الخوف عند الأطفال؟

كثيرًا ما يشعر الأطفال بالخوف، ويأتون للجلوس بجانب أحد والديهم طلبًا للشعور بالأمان، وتكون وجوههم محمرة، وفرائصهم ترتعد، وكلامهم يتلعثم، فيشعرون بالدفء والأمان بجانب من يرعاهم وتهدأ نفوسهم، فالخوف شيء طبيعي في نمو الطفل حيث يبدأ يدرك ما حوله، ولكنه لا يميز بعقله المحدود في خبراته بين الأشياء المتخيلة والحقيقية.

إن الخوف هو انفعال قوي غير سار ينتج عن الإحساس بوجود خطر أو توقع حدوثه، ولكن للخوف فائدة حيث يساعد في الحفاظ على البقاء، وذلك بتنبيه الأشخاص إلى مصدر الخطر وتهيئة أنفسهم للحماية منه والتصدي لمصدره، ويسمى الخوف الذي يؤدي إلى كراهية مواجهة الموقف والامتناع عن ذلك بالرهبة وهو خوف طبيعي ومقبول.

وفي هذه الدراسة، ترى د. آندي حجازي أنه إذا استمر الخوف بدرجة شديدة وغير منطقية مع صراخ يصبح خوفًا مرضيًا ويسمى الفوبيا، وبعض الأطفال خوافون يعانون من الخوف بمعظم المواقف، وهؤلاء يعانون من ضعف الثقة بالنفس، وعدم الشعور بالأمن والطمأنينة، وعدم القدرة على الكلام والتأتأة والانطواء والخجل والتشاؤم مع أنهم لم يصلوا لمرحلة الفوبيا ويحتاجون إلى علاج نفسي متخصص.

 

أسباب الخوف لدى الأطفال

  • الخوف من الغرباء: حيث يبدأ الطفل الصغير (أقل من سنتين) في اكتشاف أن هناك أشخاصًا قريبين منه كأفراد أسرته، وآخرين ليسوا كذلك، يشعر بالخوف منهم والبكاء أو الصراخ عند رؤيتهم، وهذا ما يسمى بالخوف من الغرباء، وهو طبيعي لعمر معين أقل من سنتين، ولكن بعض الأطفال وبعمر أكثر من ست سنوات قد يستمر لديهم الخوف من أي شخص لا يعيشون معه كأقربائهم، ويشعرون بالرهبة من مواجهتهم، وهذا خوف غير محبب لأنه لا يساعد على النمو الاجتماعي للطفل. بينما الخوف من الأشخاص الغرباء تمامًا كالباعة وسائقي السيارات الغرباء مطلوب من أجل حماية أنفسهم من مخاطر هؤلاء الغرباء.
  • خوف الانفصال عن الأم: الخوف من الغرباء قد يتحول إلى خوف من الانفصال عن الأم أو عن الشخص الذي يرعى الطفل، والخوف من بيئة جديدة لم يعتد عليها، وخاصة عند بداية دخول الروضة، فغالبًا ما يبكي الطفل نتيجة خوفه من الابتعاد عن أمه. والخوف من الانفصال يكون طبيعيًا في مرحلة الروضة وبداية دخول المدرسة، ولكن إن استمر بعد سن السادسة وهو يرفض يوميًا الذهاب إلى المدرسة يتحول إلى "فوبيا المدرسة" ويصبح مرضًا وليس مجرد خوف. حيث يجب أن تختفي "فوبيا المدرسة" في أول سنتين من دخول الطفل المدرسة، وإذا لم ينته ذلك الخوف فقد يحتاج الأمر لعلاج نفسي متخصص.
  • الخوف المتعلم: الخوف من الأشباح، والظلام، والأصوات العالية، والحيوانات، والحشرات، والمرض، والمرتفعات.. هي غالبًا مخاوف متعلمة، ولتقليد الآخرين دور مهم في تعلم الخوف، فعندما ترى الأم قطة مثلًا فتصرخ هاربة منها أمام طفلها، فإنه سيتعلم هذا السلوك ويصبح كلما رأى قطة أو أرنبًا فإنه يخاف ويصرخ ويجري فارًا منها، وهذا ما يسمى بالخوف المتعلم، بينما لو رأى الطفل أمه تقترب من القطة وتلمسها وتربت عليها فإنه حتمًا لن يخاف وسيجرب الاقتراب منها ولمسها كما فعلت أمه.
  • نقص المعرفة: عندما يتعرض الطفل لسماع قصص مخيفة سواء من الوالدين أو المعلمة أو من يقوم برعايته فإنه يصدقها ويشعر بالخوف، وكذلك عندما لا يشرف الأبوان على ما يشاهده الطفل في التلفزيون أو بالإنترنت من أفلام رعب فتنتقل مشاعر الخوف إلى الطفل نتيجة قلة المعرفة لديه وعدم فهمه للأمور بشكل جيد، وعدم تمييزه بين الحقيقي من الخيالي أو المبالغ به. وقد لا يستوعب الطفل النكتة، فقد يداعبه شخص كبير ويقول له أنه معجب بيده الصغيرة وأنه سيأخذها معه، فهنا قد يفهم الطفل هذا الكلام على أنه حقيقة ويصبح خائفًا من ذلك الشخص ومن الموقف أن يحصل.
  • التجارب والخبرات الأليمة: إن تعرض الطفل لتجربة أليمة مثل مرض أحد أفراد الأسرة، أو دخول الطفل المستشفى لعملية، أو حدوث وفاة في الأسرة، أو حدوث حريق، أو تعرض بيته للسرقة.. قد يسبب له الخوف، بل قد يكون سببًا في إصابته باكتئاب وخوف وقلق مستمر من التعرض للمرض أو الموت أو لحادث ما. وكذلك حدوث الصراعات الأسرية والخلافات الزوجية أمام الطفل من أهم الأسباب وراء عدم شعوره بالأمان وإشاعة جو التوتر والخوف في حياته، وتزيد مخاوف الطفل من انفصال الوالدين كلما زادت حدة التوتر بينهما أثناء النقاشات والخلافات. وهذا الخوف من التجارب الأليمة يشمل مجالات متعددة فمثلًا تعرض الطفل لعضة من حيوان ما يجعله يخاف الاقتراب من أي نوع من الحيوانات حتى وإن كان أليفًا كالقطة، وكذلك قد يصبح يخاف الاستحمام نتيجة انزلاقه في الحمام مرة أو لسع الصابون لعينيه، فهذه خبرات أليمة مخزنة في ذاكرته تخيف الطفل من تكرار الفعل.
  • التهديد بأشياء مخيفة كعقاب: كأن يُطلب من الطفل القيام بواجباته المدرسية أو المحافظة على نظافة البيت أو الالتزام بالهدوء وتقليل اللعب والحركة ليتمكن الأب من متابعة التلفاز أو الأم من الحديث في الهاتف.. وإلا فإنه سوف يعاقب بالضرب بالعصا أو بالحزام او بالحبس في غرفة مظلمة أو غرفة الفئران أو غرفة الأشباح أو العفاريت.. فخضوع الطفل للتهديد المستمر يجعله ينشأ جبانًا ضعيف الشخصية مهزوزًا، فهذه سلوكيات خاطئة ومخالفة لحقوق الطفل، ومن الخطأ تهديد الطفل بأشياء مفيدة كالطبيب والدواء والحقنة على أنها أدوات تخويف، وكذلك التسلية بتخويف الطفل والضحك على انفعالاته من جراء الخوف، فليس هناك أسوأ من حالة طفل يصرخ وكبير يضحك.

 

كيف نهدئ مخاوف أطفالنا؟

تتساءل الأمهات ماذا أفعل حينما يخاف ابني كثيرًا من الظلام ويرفض النوم بغرفته وحده ولا يقبل إلا بالنوم بجانبي، أو كيف أخلص طفلي من الخوف الزائد من الناس أو من الأشباح؟ وهنا نقترح بعض الاقتراحات:

  • استمعا لطفلكما: على الأم والأب الاستماع لابنهما وإعطائه الوقت للتعبير عما يشعر به ويخاف منه حينما يلجأ إليهما وهو خائف، دون مقاطعته ودون الاستهزاء به، لأن ما يعبر عنه يعد بالنسبة له مخاوف حقيقية، وبعد الانتهاء عليهما طمأنته ومناقشته من أن لا شيء مخيف وأن هذه أوهام.
  • لا تستخدم أسلوب التهديد بأشياء مخيفة مع طفلكما: فمنذ البداية يجب ألا تستخدما مع أطفالكما أساليب مرعبة لهم، كنوع من العقاب مهما كان ما يفعلونه من سلوكات خاطئة، فعليكما إيجاد بدائل لشغل الطفل بأمور مفيدة بدلًا من التخويف بأوهام أو خرافات، لأن الطفل في مرحلة نمو عقلي ونفسي واجتماعي، وهو يصدق كل ما يقدم له من قبل الوالدين لثقته بهما.
  • استخدما أساليب تربوية حديثة مع طفلكما: استخدما مع طفلكما أسلوب التعزيز، وذلك لتشجيع الطفل على التخلص من المخاوف التي يعاني منه؛ فمثلًا إن كان يخاف من الحيوانات الأليفة فشجعانه على الاقتراب منها وإطعامها وقدما له المكافأة في حال تمكنه من ذلك، وكونا له نموذجًا في ذلك، وهذا يتم تدريجيًا وبالتمرين المتكرر. وكذلك شجعانه على عدم الخوف من الظلام بتقديم جائزة له كلما شعرتما أنه يبدي تقدمًا في التخلص من أي نوع من الخوف.
  • تعرفا مصادر الخوف من المدرسة: تعرفا كوالدين إلى مصادر خوف طفلكما المتعلقة بالمدرسة، ثم التعاون مع مسؤولي المدرسة لمعالجة الأمر، كتعرف ما إذا كان أحد يتربص بطفلكما في المدرسة، أو ما إذا كان أحد مدرسيه يعامله بعنف، أو أن طفلكما يشعر بعدم التقبل من قبل زملائه.
  • تخلصا من مصادر الخوف في البيت: حاولا التعرف على الأشياء التي تخيف طفلكما للحد منها؛ مثل الأصوات المزعجة، أفلام الرعب، القصص الخرافية كالعفاريت، الخلافات الزوجية المستمرة، التخويف من الفشل.
  • كونا نموذجًا أمام طفلكما في عدم الهلع: يجب على الوالدين أن يكونا على دراية بمخاوفهما وأن يتعاملا معها بشكل مدروس بحيث يخفضان من مخاوفهما أمام أطفالهما.
  • شجعا طفلكما على الانخراط في الأجواء العائلية والنشاطات الاجتماعية، وذلك من أجل التخلص من الخوف المبالغ به من الغرباء، والذي قد يتطور إلى الخجل والرهاب من مواجهة الناس ويستمر مع الطفل حتى في سنوات المراهقة.
  • علما الطفل الخوف من الله تعالى وحده وقراءة المعوذات: على الوالدين تعليم أولادهما دائمًا الخشية من الله عز وجل وحده، وأن الله القادر على حماية الإنسان وحفظه أو ضره، وتعويد الطفل قراءة القرآن الكريم كالمعوذات وآية الكرسي والأدعية المختلفة والبسملة في حالة خوفه، وخاصة بالليل قبل النوم، لأنها تقلل كثيرًا من الخوف وتهدئ من روعه، ولا يترك الأطفال دون تحصين وتعليم لأذكار الصباح والمساء.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم