Business

الأطر القيمية للتربية الجنسية

كان يحفظ ولده القرآن، وفجأة أصابته الحيرة عندما سأله الولد عن معنى قوله تعالى: {... وَلَا يَزْنُونَ ...}، نزل عليه السؤال كالصاعقة، كيف يجيب عن هذا السؤال طفلا لم يتجاوز عمره التاسعة، أيزجر الولد عن ذلك التساؤل، أم يتجاوزه ويغير الموضوع ويلفت انتباهه لشيء آخر؟! وحتى لو شرح له الأمر، كيف سيدرك ابن التسع سنوات ذلك الأمر المعقد، وهل إدراكه لمثل هذا الأمر سيضره، حيث إنه علم ما لا يعنيه، أم سينفعه حيث إنه علم سر الحياة؟!

وفى هذه الدراسة، يرى الباحث عبد الرحمن ضاحي أن أسئلة أبنائنا المحرجة الخاصة بالجنس موقف تعرض له أغلبنا، وسوف يتعرض له الكثير أيضا، ولعلها تطرح كسلوك طبيعي وفطري من الأولاد نظرا ليقظة عقولهم. وانتباهنا للتربية الجنسية الصحيحة يوفر علينا مزيدا من الإحراج والارتباك وتفادي المشاكل التي من الممكن أن يقع فيها الولد نتيجة لإهمال تلك الجزئية المهمة في عملية التربية.

 

تعريف التربية الجنسية

والتربية الجنسية هي المعلومات المتعلقة بالجنس وتتصل بالغريزة وترتبط بالزواج، التي يجب مصارحة الولد بها في إطار قيمي وأخلاقي وشرعي، وبطريقة مناسبة لعمره، لبناء قواعد صحيحة تضمن صحة تعامله مع الأمور الجنسية بطريقة سليمة.

ويجب إمداد الفرد بالمعلومات العلمية، والخبرات الصحيحة، والاتجاهات السليمة، إزاء المسائل الجنسية، بقدر ما يسمح به النمو الجسمي الفسيولوجي والعقلي الانفعالي والاجتماعي، وفي إطار التعاليم الدينية والمعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع؛ مما يؤدي إلى حسن توافقه في المواقف الجنسية، ومواجهة مشكلاته الجنسية مواجهة واقعية، تؤدي إلى الصحة النفسية.

 

أهمية التربية الجنسية

  • تأسيس قواعد وتصورات صحيحة تجنب الولد الوقوع في انحرافات أو أذى أو اعتداء.
  • تجنبه أن يكون فريسة للمعلومات المشوهة التي من الممكن أن يستقيها من مصادر غير مسؤولة.
  • لم يعد هناك أي مكان في وقتنا الحاضر للتحفظ على نقل المفاهيم الجنسية الصحيحة لأولادنا.
  • التقدم التكنولوجي المخيف يفرض علينا تحديا صعبا، فبضغطة زر واحدة يكون الولد في وسط العالم بكل سهولة ويسر تتلقفه أمواج الفساد، وإن لم يكن محصنا ضدها فسيغرق.

 

كيف تعامل الإسلام مع الجنس؟

اشتمل القرآن الكريم على تفاصيل الحياة عموما ولم يسقط منها شيئا، ومن الأمور التي شملها الأمور المتعلقة بالجنس وأحكامه.

يقول الدكتور عبد الله ناصح علوان في كتابه (تربية الأولاد في الإسلام) أنه يجوز للمربي أن يصارح ابنه أو ابنته في القضايا التي تتعلق بالجنس وترتبط بالغريزة، بل أحيانا تكون المصارحة واجبة إذا ترتب عليها حكم شرعي.

فديننا في التعامل مع الجنس وسط بين الإباحية البغيضة والكبت الممرض، فالجنس في حياة الإنسان المسلم غريزة وفطرة وضرورة لاستمرار الحياة يحكمها إطار شرعي وأخلاقي، وهو ليس أمرا سيئ الذكر أو قذرا.

 

إرشادات تربوية

  1. تعويد الولد أصول الاستئذان على الأهل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (النور: 58).
  2. يجب على المربين والآباء والأمهات تعليم الولد الأحكام الشرعية التي ترتبط بميله الغريزي قبل أن يشرف على البلوغ وينضج جنسيا. كما يجب تعليمه أحكام الاحتلام، وكيفية التطهر من الجنابة، والفرق بين المني والمذي والودي، إضافة إلى سنن الفطرة المتعلقة بهذا الأمر، كالاستحداد ونتف الإبط. كما أن الفتاة يجب أن تصارحها أمها بأمور الاحتلام والحيض وأحكامهما الفقهية. وهنا تجب الإشارة إلى أن المصارحة بتلك المعلومات يجب أن تكون قبل حدوثها، كي لا يتعرض الولد أو البنت إلى صدمة من رؤية هذه التغيرات ويقدرها تقديرا خاطئا، فكم من ابن ظن أن احتلامه مرض! وكم من بنت ظنت أن حيضها نزيف! فالتربية الجنسية للطفل يجب ألا تترك للصدفة، بل لا بد أن تبدأ في المنزل.
  3. تجب التوعية ضد الانحرافات الجنسية وأضرارها وأحكامها، فذلك يعد من أعظم الوسائل الإيجابية للبعد عن هذه الانحرافات، فالوقاية خير من العلاج.
  4. يجب فتح الطريق أمام الولد ليطرح أسئلته، وعدم إشعاره أن مجرد السؤال في تلك الأمور من باب العيب أو الحرام، كما يجب الإجابة على كل أسئلة الولد المحرجة التي يطرحها، وعدم التهرب منها بإجابات غير صحيحة لا تزيد الأمر إلا تعقيدا، والمصارحة تكون حسب العمر والاستيعاب، فعند سؤاله عن كيفية وجودنا في هذه الحياة، من الممكن تقريب الأمر له عن طريق شرح طريقة التلقيح في النبات، وأنه لا ثمرة بغير تلقيح كما أنه لا حمل إلا بهذا الاتصال الجنسي، ووضع الأب بذرة تجعل الطفل ينمو في بطن الأم، وهكذا حتى تكمل عنده الصورة. فحاول قدر استطاعتك أن تكون إجاباتك بسيطة ومباشرة وصحيحة غير معقدة.
  5. هناك خطأ يرتكب من قبل الوالدين في اعتقادهما أن تلك المعلومات تعطى للولد على دفعة واحدة، لكي يتم الانتهاء من هذا الواجب المزعج. والأمر الصحيح أنه يجب إعطاء الولد المعلومات على دفعات بطرق متعددة، فتارة من كتاب، وتارة أخرى من درس في المسجد، وثالثة من الأهل، كي تترسخ في ذهنه تدريجيا، ويتم استيعابها وإدراكها بما يواكب نموه وعقله.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم