ستظل الهجرة حدثا متجددا في إلهاماته ودروسه وعبره التي تعيننا على التغلب على مشاق الطريق؛ فالمتأمل في أحداث الهجرة سيلاحظ أن الله تعالى سخر كل الكائنات للمساهمة من قريب أو من بعيد في إنجاح الهجرة، وسيلحظ أن نصر الله للمؤمنين سنة حتمية وإن تأخر، والهجرة فيها دروس وعظات أخرى منها:
- أن المؤمن لا يتعجل النصر، فمن يحدد موعده هو الله.
- الهجرة فيها تأصيل للإذن والصحبة عند أهل الله. فالرسول كان يأذن للغير بالهجرة، وكان آخر من هاجر لأنه كان ينتظر الإذن الرباني، حتى لا يقال إنه قائد هارب خوفا من قريش. فلما جاء الإذن قال لصاحبه: «الصحبة يا أبا بكر».
- تدلنا أحداث الهجرة وتفاني سيدنا أبي بكر في خدمة الرسول، على أن محبة النبي لا تنحصر في مجرد الاتباع له، بل المحبة له هي أساس الاتباع وباعثه. ورد في الحديث : «ما فضلكم أبو بكر بكثرة صلاته ولا بكثرة صيامه ولكن بشيء وقر في صدره».
- الهجرة كما رأينا في أحداثها استسلام تام لله عز وجل. فالهجرة درس في البذل والتضحية والعطاء. المهاجر من هاجر ما نهى الله عنه، الذي يريد وجه الله عليه أن يقطع مجموعة من الحبال : الكسل، الغفلة، السيجارة، كثرة الكلام، رفقاء السوء...إلخ.. لذا فالوصول إلى الله موقوف على هجر العوائد
- معية الله أغلى من كل شيء. قال تعالى في قصة سيدنا موسى في سورة الشعراء 61: "إن معي ربي سيهدين". قال تعالى في قصة الهجرة إلى المدينة: "لا تحزن إن الله معنا". التوبة، ءاية 40.
- تبدو الهجرة بحسب الظاهر تركا للوطن وتضييعا له، ولكنها كانت في واقع الأمر حفاظا عليه ورب مظهر من مظاهر الحفاظ على الشيء يبدو في صورة الترك له والإعراض عنه. فقد عاد الرسول بعد بضع سنوات من هجرته هذه إلى وطنه الذي أخرج منه، عزيز الجانب، منيع القوة خلال فتح مكة.
- لم يهاجر النبي من مكة إلى المدينة بواسطة البراق درءا للمشقة: لأن الإسراء بالبراق تشريف وتكريم رباني لنبيه المصطفى لم يكن للمسلمين أن يقلدوه ولكن الهجرة وسيلة من وسائل الدعوة على المسلمين جميعا أن يقلدوها إلى يوم الدين وذلك بالهجرة المعنوية أما الهجرة البدنية فقد توقفت بعد فتح مكة يقول : لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية. ففي الهجرة أراد الله سبحانه وتعالى أن يبين لنا أن الرسول عبد.
.