الهجرة ليست مناسبة اختفالية ، نقيم لها الاحتفالات ونجهز لها الخطب ، ولكن الهجرة مدرسة لا ينفذ عطاؤها ولا دروسها ولا قيمها ولا مستخلصاتها ، فهى حدث عظيم احتوي مجموعة من القواعد السلوكية الذهبية القابلة للتطبيق في حياتنا اليومية وفي مجال الدعوة إلى الله.
1- فقد علمتنا الهجرة أن كل إنسان يجب أن تكون له قضية في الحياة يعيش من أجلها ويموت من أجلها
2- وعلمتنا انه لابد ان يكون للإنسان رؤية لإنجاز رسالته في الحياة . قال حكيم عربي: "ليس للحياة قيمة إلا إذا وجدنا فيها شيئا نناضل من أجله". فالناس أربعة أنواع في الرسالة والرؤية:
- رسالة ورؤية : فهؤلاء يعرفون مسارهم وتخصصهم فيه، ولديهم أهداف واضحة. والرسول أكبر إسوة.
- رسالة دون رؤية : فهؤلاء يعرفون مسارهم لكن ليس لديهم خطة واستراتيجية ومتابعة لتحقيق رسالتهم.
- رؤية دون رسالة: فهؤلاء يعرفون ما يريدون دون أن يحددوا مسار حياتهم مثلهم مثل التجار المنهمكين في تجارتهم فقط من أجل المال والنجاح.
- لا رسالة ولا رؤية : فهؤلاء حائرون لا يعرفون مسارهم في الحياة ولا يعرفون ما يريدون منها ولم خلقوا.
3- الهجرة منهج دعوي متجدد لا ينقطع حتى تقوم الساعة، فآية الهجرة لم تنزل إلا في السنة التاسعة للهجرة لتذكر المسلمين بهذا الأسلوب الدعوي المتجدد : "إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا و الله عزيز حكيم". التوبة 40.
4- تخطيط ساعة يساوي خمس ساعات عمل.
5- لا بد أن أختار الوقت المناسب والمكان المناسب والأسلوب الأنجع لإنجاز أية مَهمة أوعمل. لاحظوا توقيت خروج الرسول من بيته واختياره للغار والمكوث فيه مدة من الزمن وسلوكه طريقا غير طريق القوافل.
6- التكوين مسألة حيوية في إعداد وتأهيل الداعية للقيام بمهامه الدعوية على أحسن وجه حيث استغرق تكوين المهاجرين 13 سنة بمكة من أجل تكوين المسلم للتخلي عن الدنيا والهجرة للمجهول تاركا أمواله وأهله في سبيل نصرة دينه في حين أن إعداد الأنصار استغرق سنتين بالمدينة، وكان أساسا إعدادا نفسيا وروحيا.
ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا يحث شيوخ التربية على تكوين مريديهم في العلوم الشرعية والعصرية حتى يضطلعوا بمهامهم الدعوية و يقومون بها على أحسن وجه قصد نشر الإسلام الصافي المبني على التسامح و الرحمة محبة الخلق جميعا بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن.
7- دعاية عدوك وتشهيره بك يمكن أن ينفعك وقد لا يضرك. ألم يكن المشركون يقفون عند أبواب مكة ويوصون الناس ألا يسمعوا للنبي و لكن في الواقع هذا خدم النبي فقد عملوا له دعاية مجانية. ففي الواقع الذي يكتب عنك إنما يقدم لك خدمة جليلة للتعريف بك والدعاية لك بالمجان.
8- ترتيب الأولويات من أسباب النجاح في الحياة. وقد استعمل الرسول القاعد المشهورة عند خبراء الإدارة والتخطيط : "الأولى أولا "أنجز العمل الأهم، ثم المهم، ثم الأقل أهمية. عندما جاء الإذن الرباني بالهجرة، نلاحظ كيف رتب الرسول الكريم الأولويات : 1-رد الودائع 2- تضليل المشركين بنوم علي بن أبي طالب في فراشه 3-الخروج إلى بيت أبي بكر 4-الاتجاه نحو غار ثور. 5. الاتجاه نحو المدينة.
.