أقبلت الشهور الحرم بنفحاتها، وعبيرها الذي يزكى النفوس ويصفي القلوب، وقد ارتفعت الهتافات مدوية في السماوات والأرض (لبيك اللهم لبيك).
لقد هفت القلوب إلى بيت الله الحرام، وتطلعت الأعين إلى النظر إليه من كل حدب وصوب، والتهبت الألسن بالرجاء إلى رب السموات والأرض أن يرزقها الوقوف على ربوع عرفات.
يود كل مسلم أن يوفقه الله سبحانه للوقوف على عرفات يناجي عليه ربه، ويسكب الدمعات، متمنيا أن يعود مغفور الذنب.
إلا أن الواقع لا يمكن لكل مسلم من الوقوف بعرفة، لكن بيدي كل مسلم أن يهفو بقلبه مع الواقفين بعرفة، فينافسهم في عمل الصالحات، واجتناب المحرمات.
إن المسلم في هذه الأيام يستطيع أن ينال المغفرة من رب الكون كما نالها كل حاج، وذلك إذا أقدم على العمل الصالح، ومنها:
- قراءة القرآن
- المحافظة على الصلاة
- سرور تدخله على قلب مسلم فتطرد عنه جوعا، وتقضي عنه دينا.
- تمشي في قضاء حوائج الناس، وتصلح بين المتخاصمين.
- الصيام وقيام الليل وتكثر من الصدقة.
- بر الوالدين وصلة الرحم.
- غض البصر وكف الأذى وحفظ اللسان.
- حسن التبعل وحسن النفقة على الأهل.
فأين أنت من الله في هذه الأيام؟
أين أنت من التعرض لنفحات رحمة الله في أيام العشر؟
أين أنت من التوبة النصوح في الأيام العشر؟
أين أنت من تحسين الأخلاق في أيام العشر؟
أين أنت من إعداد الأضحية ؟
وأسوق إليك وصية نبوية لتعينك على رسم أهداف، وتحدد مستهدفاتك من هذه الأيام العشر التي لربما لا تعود عليك مرة أخرى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَاهْرَبُوا مِنَ النَّارِ جُهْدَكُمْ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ لا يَنَامُ طَالِبُهَا وَإِنَّ النَّارِ لا يَنَامُ هَارِبُهَا، وَإِنَّ الآخِرَةَ مُحَفَّفَةٌ بِالْمَكَارِهِ، وَحَصَرَ مَوَارِدَهَا النَّوْمُ، وَإِنَّ الدُّنْيَا مُحَفَّفَةٌ بِاللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ، فَلا تُلْهِيَنَّكُمْ شَهَوَاتُ الدُّنْيَا وَلَذَّاتُهَا عَنِ الآخِرَةِ، إِنَّهُ لا دُنْيَا لِمَنْ لا آخِرَةَ لَهُ، وَلا آخِرَةَ لِمَنْ لا دُنْيَا لَهُ، إِنَّ اللَّهَ قَدِ أَبْلَغَ فِي الْمَعْذِرَةِ وَبَلَّغَ الْمَوْعِظَةَ، إِنَّ اللَّهَ قَدِ أَحَلَّ كَثِيرًا طَيِّبًا لَكُمْ فِيهِ سَعَةٌ، وَحَرَّمَ خَبِيثًا فَاجْتَنِبُوا مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ، فَإِنَّهُ لَنْ يَحِلَّ اللَّهُ شَيْئًا حَرَّمَهُ وَلَنْ يُحَرِّمَ شَيْئًا أَحَلَّهُ، وَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الْحَرَامَ، وَأَكَلَ الْحَلالَ أَطَاعَ الرَّحْمَنَ، وَاسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا، وَاجْتَمَعَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ هَذَا لِمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» (رواه البيهقي في (الزهد) (90/1 - 2).
.