هكذا ودَّعنا شهر رمضان، شهر البِرِّ والإحسان، شهر المغفرة والعِتْق من النِّيران، وما إنْ رحل الشَّهرُ الكريم، إلاَّ وتجد ظاهرةً عجيبة، وهي التوقُّف عن القيام بالأعمال الصَّالحة، فتجد المساجدَ خاليةً من المُصَلِّين، إلا مِمَّن كان يَعْمُرها قبل شهر رمضان، وتجد أكثر المصاحف مغلقة، والكثيرُ مُعرضٌ عن الصدقة وإطعامِ الطعام.
ولذلك جاءت هذه الدراسة التي أعدها الباحث أحمد نصيب علي حسين، والتي تدعونا إلى الثَّبات على الطاعة بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، وبعض الوسائل المُعينة على الثبات.
لماذا نثبت على الطاعة؟
- لأنه لا نهاية للعمل إلاَّ بنهاية الأجل
يقول الحسَنُ: «إنَّ الله لم يجعل لعمل المؤمن أجَلًا دون الموت»، ثم قرأ: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر: 99]، فالمؤمن لا ينقطع عن العمل إلاَّ بانقطاع الأجل، وقد سُئِل الإمام أحمد: متى يجد العبدُ طعم الراحة؟ قال: «عند أول قدمٍ في الجنَّة».
- لأن الثبات على الطاعة خاصة النوافل سببٌ لمحبة الله
يقول تعالى- كما في الحديث القدسي، الذي أخرجه البخاريُّ من حديث أبي هريرة -: [وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه]؛ فالمداومة على النَّوافل من العبادات سببٌ لمحبة الله للعبد.
- الثبات على الطاعة سُنَّة الحبيب محمد ﷺ
ففي صحيح مسلم من حديث عائشة- رضي الله عنها- أن النبيَّ كان إذا عمل عملًا أثبته، وفي الصَّحيحين من حديثها أيضًا أنَّها قالت: «ما كان رسول الله يَزِيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة».
- الثبات على الطاعة سببٌ لِحُسن الخاتمة
فإذا داومَ العبد على الطَّاعات، كان من أعظم الأسباب لتحقيق حُسْن الخاتمة، وقد جرَتْ سُنَّة الله في خلقه أنَّ من داوم على شيءٍ مات عليه، ومن مات على شيءٍ بُعِث عليه، وكما في الحديث الذي أخرجه مسلمٌ من حديث جابر- رضي الله عنه-: «يُبعث كلُّ عبد على مات عليه».
الوسائل المعينة على الثبات على الطاعة
- الاهتمام بإصلاح القلب
- المداومة على الأعمال ولو كانت قليلة
يقول النبيُّ ﷺ كما في سنن النَّسائي من حديث عائشة وصححه الألبانيُّ: «وإن أحبَّ الأعمال إلى الله ما داوم عليه وإنْ قلَّ».
- الدعاء
الدعاء من أعظم أسباب الثَّبات على الطاعة، ولقد كان من أكثر دعاء النبيِّ ﷺ: «يا مُقلِّب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك».
- الصحبة الصالحة
يقول النبي ﷺ: «المرء على دين خليله، فلْيَنظر أحدُكم مَن يُخالل»؛ رواه أبو داود، وحسَّنه الألباني؛ فالصحبة الصالحة من أعظم العوامل المؤثِّرة في الثبات على الطَّاعة.
.