Business

ثمرات الصيام

شرع الله العبادات من أجل صلاح العباد والمجتمعات، فهي ارتباط وعلاقة بين الخالق سبحانه وتعالى وبين العبد، يسمو بها العبد فوق أسر شهواته وشبهاته، فهي ليست مجرد أقوال يلوكها اللسان، أو حركات تؤديها الجوارح، بلا تدبر من عقل ولا خشوع من قلب، بل إن أثرها يصبغ الفرد بصبغة أخلاقية رفيعة تتعدى منه إلى سائر الناس والمخلوقات.

وفى هذه الدراسة، يرصد الباحث متولي البراجيلي، كيف إن العبادات في الإسلام تشمل كيان الإنسان كله كما تشمل الحياة بأسرها، بل هي غاية الحياة، قال الله تعالى: {وما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، فإذا فهمت العبادات فهمًا صحيحًا وطُبقت تطبيقا دقيقًا أنتجت مجتمعا قويًا متحدًا متحابًا يسعى بذمته أدناه، ويكون يدًا على من سواه.

 

الأثر الاجتماعي للعبادات

إن عظمة الإسلام تبدو في الأثر الاجتماعي للعبادات في دعم الروابط بين الناس وبناء العلاقة بينهم على أسس راسخة من العدل والإخاء والأهداف المشتركة، والإحسان، والإيثار، والبر، والرحمة، والتعاون على طلب الخير، ودفع الضرر، وصولًا إلى الجماعة التي ينشدها الإسلام، وهي الجماعة المتماسكة المترابطة التي تكونت من اللبنات الصالحة التي بدأت بالإخاء، ثم تجاوزته إلى الحب، ثم علت حتى صارت إلى الإيثار، فالإسلام أقام علاقة مزدوجة- بين الفرد والمجتمع، فأوجب على كل منها التزامات تجاه الآخر ومزج بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة.

 

الأخلاق ثمرة العبادات

إن الأخلاق الإسلامية تنشأ مع العقيدة وتسري في العبادات وتتفاعل مع المعاملات، فهي الثمار الجميلة والمفيدة والمطلوبة من الإنسان على اختلاف مشاربه، وهي في الأصل تبدأ بشد الأفراد في المجتمع برباط متين.

 

أثر الصيام على الفرد

إن الصيام يؤدي إلى ضبط النفس، وإطفاء الشهوات، فإن النفس إذا شبعت تمردت وسعت وراء شهواتها.

فالصيام يغرس في الإنسان صفات الصدق والوفاء، والإخلاص والأمانة، والصبر عند الشدائد، لأن النفس إذا انقادت للامتناع عن الحلال، طلبًا لمرضاة الله، فأولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام.

والصيام له آثاره البعيدة المدى على النفوس، يقول ﷺ: «الصيام جُنة»، أي: وقاية.

 

أثر الصيام على المجتمع

الصوم يثمر التقوى، وعفة النفس، واستقامة الجوارح، ويقظة الضمير، ورحمة القلب، وخشية الرب، وهذه الفضائل تنعكس على المجتمع كله، وتنشر بركتها عليه.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. والتقوى التي جعلها الله غاية للصيام، والجنة التي وصفه بها النبي ﷺ يمكن أن يندرج تحتها كل ما أدركنا، وما لم ندرك من حكم الصيام، فليس للتقوى حد تنتهي عنده، أو غاية تنتهي إليها، قال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]، وكذلك الجنة قد تكون من التقصير والمخالفات، وقد يرقى بها صاحبها، فتكون من الشبهات، وقد يزداد رقيًا فتصبح جنة من الغفلات والخطرات.

إن المجتمع الذي يستقيم على شريعة الصوم، يكون مجتمعًا قويا في عقيدته، قويًا في استجابته لأمر ربه، قويًا بتماسكه وتضامنه وتراحمه، قويًا بأخلاقه الكريمة وشمائله النبيلة.

​​​​​​​​​​​​​​

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم