اهتم الإسلام بتنمية المسئولية الاجتماعية في مصدريه الرئيسين، ألا وهما القرآن الكريم والسنة المطهرة، ونجد الجانب الاجتماعي يأخذ أهميته ومكانته بعد العقيدة مباشرة في كثير من الآيات والأحاديث، بل وفي المسيرة التاريخية للتشريع الإسلامي، فأي رباط أقوى من هذا الرباط بين العقيدة السليمة والواجبات الاجتماعية المشروعة؟!

وفى هذه الدراسة التي أعدّها كلُّ من: عمر محمد محمد مرسي، يوسف عبد الله الصغير البنا، عبده محمد عبده القصيري، الأساتذة بكلية التربية- جامعة أسيوط،  يرصدون كيف بحثنا القرآن الكريم على التأسي بالرسول ﷺ في ممارسة المسئولية الاجتماعية بشكلها الإيجابي في المجتمع.

أهمية المسئولية الاجتماعية في الإسلام

1. المجتمع بأسره في حاجة إلى الفرد المسئول.
2. إن الجهل بالمسئولية والنقص فيها لأشد خطرًا على النظم والمؤسسات من الجهل بإداراتها وتشغيلها.
3. إن المجتمع في حاجة اليوم إلى تنمية المسئولية الاجتماعية لدى الأطفال والشباب أكثر من أي وقت مضى.
4. تعتبر المسئولية الاجتماعية من أهم القيم التي تحرص مؤسسات المجتمع بصفة عامة والمؤسسات التربوية بصفة خاصة على غرسها في نفس الفرد منذ صغره لما يترتب عليها من سلوكيات مرغوبة يجب أن يسلكها الفرد.
5. يرتبط تنمية المسئولية الاجتماعية بتنمية قيم أخرى كالانتماء والعطاء والتضحية والتعاون والتسامح.
6. إن كل ما نراه ونسمعه من أفعال وتصرفات غير لائقة من قبل بعض الأفراد في المجتمع سببه الرئيس هو جهل هؤلاء الأفراد بقيمة تحمل المسئولية في المجتمع.

مجالات المسئولية الاجتماعية في الإسلام

مسئولية الفرد نحو نفسه:

وهو ما أكد عليها القرآن الكريم حيث قال: {ولا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ والْبَصَرَ والْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} (الإسراء: 36).

مسئولية الفرد نحو الأسرة:

حيث أكد القرآن الكريم على مسئولية الإنسان نحو إكرام الوالدين في مواضع عديدة، قال تعالى: {ووَصَّيْنَا الإنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وهْنًا عَلَى وهْنٍ وفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي ولِوَالِدَيْكَ إلَيَّ المَصِيرُ} (لقمان: 14).

كما أكد القرآن على مسئولية الإنسان نحو الأقارب واليتامى والمساكين، قال تعالى: {واعْبُدُوا اللَّهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا وبِذِي القُرْبَى والْيَتَامَى والْمَسَاكِينِ والْجَارِ ذِي القُرْبَى والْجَارِ الجُنُبِ والصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وابْنِ السَّبِيلِ ومَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (النساء: 36).

مسئولية الفرد نحو الجيران:

قال الله تعالى: {واعْبُدُوا اللَّهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا وبِذِي القُرْبَى والْيَتَامَى والْمَسَاكِينِ والْجَارِ ذِي القُرْبَى والْجَارِ الجُنُبِ} (النساء: 36).

مسئولية الفرد نحو الوطن:

فلقد أكد الإسلام على مسئولية الفرد نحو حب الوطن والاعتزاز به، والدفاع عنه، والعمل على رفعته وتقدمه.

مسئولية الفرد نحو عمارة الأرض:

قال تعالى: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ واسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ إنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} (هود: 61) .

أبعاد المسئولية الاجتماعية في الإسلام

هناك أبعاد متعددة للمسئولية الاجتماعية، منها ما يلي:

1. المواطنة الصالحة والانتماء للوطن.
2. إدراك قيم وفلسفة المجتمع.
3. إدراك الحقوق والواجبات.
4. المشاركة السياسية والاجتماعية.

آليات تربية الطفل على المسئولية الاجتماعية

أولًا: الأسرة:

1. قراءة الآيات التي تدعو إلى القيم وتفسيرها في جلسات الأسرة والحوار فيها، كقيمة الرحمة، والعفو، والتعاون، والأمانة..
2. ذكر مواقف وقصص من السنة النبوية وسير الصحابة في التذكير وغرس المسئولية تجاه المجتمع.
3. تكريم الطفل إذا بدر منه سلوك حسن نحو غيره من أصدقائه وتعزيز ذلك السلوك.

ثانيًا: المدرسة:

1. أن يحتوي المنهج المدرسي على سيرة الأنبياء ونماذج من مواقف الرسول ﷺ والصحابة الكرام من الإيثار والرحمة والعفو... الخ.
2. استخدام أسلوب القصة في غرس القيم في نفوس التلاميذ.
3. تبني المعلم والمعلمة المنهج النبوي في حياته ليصبح قدوة في العدل والرحمة والعفو، وذلك عن طريق الاطلاع والقراءة لسيرة المصطفى ﷺ.
4. أن تحتوي المكتبة على كتب السيرة التي تحوي أخلاق الرسول والصحابة الكرام رضي الله عنهم.
5. ربط المواقف التي يتعرض لها الطالب بسلوك النبي والصحابة رضي الله عنهم، مثل: موقف تعذيب بعض الأطفال لحيوان.
6. عقد الندوات للتعريف بأخلاق القرآن وعرض سيرة الرسول والصحابة رضي الله عنهم.
7. أن يتم تدريس مادة للتلاميذ خاصة عن أخلاق النبي والصحابة في تحمل المسئولية.

رابعًا: وسائل الإعلام:

1. إعداد برامج إذاعية وتلفزيونية، تتوافق مع مبادئ الأخلاق والقيم الإسلامية.
2. إنتاج رسوم متحركة للأطفال تزرع في نفوسهم حب الإسلام والاعتزاز به.
3. إعداد أعمال تاريخية تلفزيونية عن شخصيات إسلامية كان لها تأثير في التاريخ الإسلامي.
4. أن تنشأ مجلة متخصصة للأطفال تهتم بنشر مواقف الرسول وأصحابه بين الأطفال.