بانوراما محاكاة للسيرة النبوية بمتاحف ماليزيا

  • تقرير سمية مليح. كوالالمبور. ماليزيا

 

فى خطوة رائدة، اتجهت مجموعة من المتاحف الماليزية لتقديم بانوراما تُعنى بتجسيد حركة الحياة التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته وصحابته، مستهدفين بذلك تعميق حب النبي ﷺ، والتعريف به وبرسالته من خلال تقريب المفاهيم العامة حول السيرة النبوية إلى المواطن الماليزي وإلى السائحين الذين يزورون ماليزيا.

ومن المتاحف التي تقدم عروضًا بانورامية حول سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم (متحف السلام عليك أيها النبي)، حيث يقدم ما يسمي بمحاكاة لسيرة النبي وأصحابه للتعريف به صلى الله عليه وسلم وبحياته وسيرته العطرة، ويقدم المتحف عروضه للمسلمين ولغير المسلمين من أتباع الأديان الأخرى، والذين يدفعهم حب الاستطلاع لمشاهدة تلك البانوراما للتعرف على تفاصيل نشأة الدين الإسلامي والأحداث التي رافقت ظهوره، والتعرف على تصرفات وحياة رسول الإسلام وصحابته الكرام.

 

مجمع الفنون الإسلامية

كما تكررت فكرة البانوراما النبوية في (مجمع الفنون الإسلامية بشاه علم بولاية سلانجور بماليزيا Selangor Islamic Arts garden complex)، ويقع المجمّع في مقابل مسجد السلطان صلاح الدين عبد العزيز وهو أكبر مسجد في ماليزيا، ويبعد المجمع عن العاصمة (كوالالمبور) بحوالي 25 كلم تقريبًا، وقد تم إنشاؤه عام 1990م لتعزيز مجال الفنون الإسلامية.

  ويتكون المجمع من ثلاثة معارض، والذي تتم إدارته من قبل مؤسسة رستو (yayasan restu) وهي منظمة غير ربحية خدمية أنشئت في عام 1988م لنشر الفن الإسلامي.

 وأول هذه المعارض يحتوي على نسخ للمصاحف القديمة بالخط الكوفي وغيرها من الخطوط, ويكتب على كل مصحف تاريخ طباعته وبعض المعلومات المختصرة عنه.

كما يتضمن المعرض الثاني محاكاة لأشكال المنابر القديمة والعديد من الرسومات الإسلامية والآثار القديمة.

أما المعرض الثالث وهو أهمهما، فيعرض للرحلة النبوية المشرفة، وتبدأ هذه الرحلة بفيلم تسجيلي عن مولده صلى الله عليه وسلم، والبشارات التي أتت معه، وتمثيل للغمامة والشجرة التي وضعت ظلها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمثلون السحاب علي هيئة قطن معلق في السقف، والشجر اصطناعي، ورسومات على الحائط توضح المبشرات التي رآها عمه أبو طالب عندما خرج معه النبي في تجارته إلى الشام.

 

فيديو توضيحي

 وفى غرفة أخرى بالمتحف، يمكن للزائر أن يري فيديو آخر يقدم وصفًا للكعبة من حيث ارتفاعها ومساحتها وشكلها من الداخل، متطرقًا إلى صورة توضيحية لغلام خديجة ميسرة والتجارة في ذلك الوقت، وما كانوا يبيعونه من أقمشة وأوانٍ، وغيرها من الأشياء.

وقبل انتهاء الجولة يصل الزائر إلى محاكاة غرفة الحبيب ﷺ، فنرى المسجد وغرفة السيدة خديجة والسيدة فاطمة، ولا تظهر في الغرف غير الخزانة مغطاة بفرو وبعض زجاجات العطور، أما سقفها فمغطى بالجريد، ويوجد بها سراج وشعلة للإضاءة، أما غرفة الطعام فهي رمز للبساطة والتواضع الذي كان يعيشه النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته رضي الله تعالى عنهن، فقد كان يمكث الهلال ثم الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين لا يوقد في بيته نار، كما روت الصديقة بنت الصديق رضي الله تعالى عنها وعن أبيها.

 

رحلة الوحي وغار حراء

وتبدأ رحلة الوحي في غار حراء حيث يجسدون شكل غار حراء، وبمجرد الدخول إلى مجسد الغار يجد الزائر شاشة صغيرة ويسمع صوتًا مهيب يردد ما قاله جبريل للحبيب: {اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، إلى أن قال له: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق: 1-5)

 وينتقل التجسيد من مرحلة نزول جبريل على النبي أول مرة إلى سرد باقي مراحل الدعوة، بدءًا من مرحلة الدعوة السرية التي استمرت 3 سنوات، فمرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة، ثم الدعوة خارج مكة إلى أن أمر الله نبيه أن يهاجر إلى المدينة عندما اشتد إيذاء الكفار، مع محاكاة لأحداث الهجرة النبوية الشريفة، وفيه يظهر صندوق زجاجي يوضح مسيرة النبي وصاحبه الصديق إلى أن وصلا المدينة مع أخذهما بكافة الأسباب.

وبجانب الصندوق الزجاجي يظهر هيكل تصميمي لشكل غار ثور، وشبكة من الخيوط على فوهة الغار توضح شباك العنكبوت، والحمامتين، وغير ذلك مما روى عن دلائل عناية المولى تبارك وتعالي بهما.

وتنقل المحاكاة برسومات توضيحية قصة فرس سراقة عندما تتبع النبي صلى الله عليه وسلم للحصول علي جائزة قريش لمن يقتل محمدًا، والتعبير في مشهد تمثيلي عن انشقاق الأرض، وغرس فرس سراقة في الوقت الذي تابع فيه الرسول وصاحبه مشوار الهجرة، وقد استجاب له ربه عندما دعاه صلى الله عليه وسلم: «اللهم اكفنيهم بما شئت».

 وبجانب محاكاة ناقة سراقة، يظهر شكل لخيمة أم معبد والشاة بجانب الخيمة التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم أثناء هجرته من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة، ودليلهما عبد الله بن أريقط، وكانت أم معبد كبيرة في السن وغير مسلمة، ولكنها أسلمت بعد ما رأت من دلائل النبوة والبركة التي حلت بخيمتها، فالشاة التي كانت ضعيفة هزيلة ببركة النبي صلى الله عليه وسلم امتلأ ضرعها باللبن، وكل اللحظات التي قضاها النبي في الخيمة نقلها التجسيد ببراعة.

 وبعدها رسومات توضيحية لوصول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وكيف كان استقبال الأنصار له ولصاحبه، عارجًا إلى محاكاة (للمسجد النبوي) علي هيئة حجرة ومرسوم عليها أشكال لأعمدة ونخل اصطناعي على أساس أن هذه الأعمدة داخل المسجد.

وأظهر التجسيد السقف وهو مغطى بالجريد، بينما أظهر المنبر في أول الحجرة وهو عبارة عن (مصاطب حجرية) ويوجد به مثل (شباك صغير) يطل على غرفة السيدة عائشة رضي الله عنها.

ويصل التجسيد بعد ذلك إلى مسجد (قباء)، أوّل مسجدٍ تمّ بناؤه في الإسلام عندما هاجر النّبي صلى الله عليه وسلم من مكّة إلى المدينة، كما أن الصلاة فيه تعادل أجر العمرة، قال صلى الله عليه وسلم: «من تطهر في بيته ثُمّ أتى مسجد قِباء فصلَّى فيه صلاةً، كان له كأجر عُمرةٍ».

 ومحاكاة المسجد توضح صورته القديمة قبل التوسعات، تظهر من خلال مجسم لشكل المسجد بابان وأعمدته المصنوعة من النخيل إضافة إلى رسومات بجانب المسجد تظهر العديد من أشجار النخيل والآبار إذ أن منطقة (قباء) تشتهر بوفرة المياه وتعدد الآبار.

 

غزوات النبي

 وإلى مكان آخر، حيث يظهر صندوق زجاجي غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وأولها غزوة بدر الكبرى وهي التي وقعت في السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة، حيث علم النبي صلى الله عليه وسلم بأن قافلة تجارية كبرى لقريش سوف تمرّ بالقرب من المدينة، وهي في طريق عودتها إلى مكة المكرمة قادمة من الشام، عندها قرر النبي ﷺ أن يقابلهم بالمثل ويسعى من أجل استرداد شيء مما نهبه كفار قريش من المسلمين وذلك عن طريق مصادرة أموال قريش، لكن أبا سفيان الذي كان يترأس القافلة التجارية لما عرف نية المسلمين غيّر طريقه وأرسل إلى قريش من يخبرهم بذلك وتمكن من الفرار بالقافلة إلى مكة، لكن مقاتلوا قريش عزموا على قتال المسلمين، فكانت النتيجة أنهم خرجوا منها بالعار والخسائر الجسيمة، وهكذا نصر الله تعالى نبيه الكريم.

و بجانب غزوة بدر يظهر صندوق زجاجي آخر، يوضح أحداث غزوة أحد وشكل مكان المعركة والفرق بين أعداد المسلمين والمشركين حيث كان عدد المسلمين 700 مقاتل، بينما جيش الكفار بلغ عدده 3000 مقاتل، وانتصر بها المشركون واستشهد عدد كبير من المسلمين، ومن بينهم حمزة بن عبد المطلب، سيد الشهداء.

والصندوق الزجاجي الآخر يوضح أحداث غزوة الخندق (غزوة الأحزاب) والفرق بين أعداد المسلمين والكفار، حيث بلغ عدد المشركين 10000مقاتل، والخندق الفاصل بين الجيشين، حيث تم حفر خندق عميق حول المدينة لمنع عبور الأعداء إلى الداخل، والذي كان من اقتراح الصحابي الجليل سلمان الفارسي، إلى أن نصرهم الله تعالى في هذه الغزوة المباركة.

ومع المسير قليلًا ندخل إلى غرفة مكتوب على رأس بابها (أعظم القادة العرب المسلمين) وتوضح معلومات عن بعض القادة، مثل: خالد بن وليد، وأيضًا بعضًا من السيوف، مثل: سيف ذي الفقار لعلي بن أبي طالب          

و بعدها نرى مجسم للناقة القصواء التي هاجر النبي صلى الله عليه وسلم عليها من مكة إلى المدينة، وفي نهاية الرحلة يوجد عرض ثلاثي الأبعاد يقدم ملخص لسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم