التعليم هو عملية منظمة تهدف إلى إكساب الأفراد الأسس التي تُبنى عليها المعرفة، وعادةً ما تهدف العملية التعليمية إلى تحقيق أهداف، ويعد التعليم الأساس الذي تقوم عليه حياة الأشخاص، وله أهمية كبيرة في الحياة.
تتجسد أهمية التعليم في الحياة من خلال غرس القيم الثقافية والاجتماعية والوطنية في المواطن، ولهذا السبب فطن المستعمر الغربي كيف يقضي على هوية الأمة الإسلامية من خلال تزييف الحقائق وغرسها في عقول الأجيال من خلال منهجية التعليم.
حرب هوية
لقد عاشت كثير من طوائف الشعب في حالة تخلف وجهل بسبب ما تعرضت له البلاد من نكبات اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية وفي ذلك يقول الإمام البنا: «إننا في أخصب بقاع الأرض، وأعذبها ماء، وأعدلها هواء، وأيسرها رزقًا، وأكثرها خيرًا، وأوسطها دارًا، وأقدمها مدنية وحضارة وعلمًا ومعرفة، وأحفلها بآثار العمران الروحي والمادي، والعملي والفني، وفى بلدنا المواد الأولية، والخامات الصناعية، والخيرات الزراعية، وكل ما تحتاج إليه أمة قوية تريد أن تستغني بنفسها، وأن تسوق الخير إلى غيرها، وما من أجنبي هبط هذا البلد الأمين إلا صحّ بعد مرض، واغتنى بعد فاقة، وعزّ بعد ذلة، وأترف بعد البؤس والشقاء، فماذا أفاد المصريون أنفسهم من ذلك كله؟ لا شيء، وهل ينتشر الفقر والجهل والمرض والضعف في بلد متمدين كما ينتشر في مصر الغنية مهد الحضارة والعلوم، وزعيمة أقطار الشرق غير مدافعة؟»([1]).
ومنذ أن دخل الاستعمار الوطن الإسلامي عامة ومصر خاصة إلا وقد أصبح هدفه الأكبر هو نشر التخلف وسط الشعوب المحتلة ومحاولة طمس هويتهم ولغاتهم وفرض هويته ولغته، ولقد اعترف القس زويمر في مؤتمر عالمي عام 1925م حين قال :«إن السياسة التي انتهجها (دانلوب) في مصر نحو التعليم ما تزال مثار شكوى لاحتوائها على شوائب كثيرة ضد مقاصد الدين والوطن»، ومن ثم فتح الاستعمار أبواب البلاد أمام الحملات التنصيرية بهدف تشكيك المسلمين في عقيدتهم ودينهم، ونشر الجهل والتخلف حتى لا تستطيع هذه الشعوب التغلب على المحتل بسبب جهلها، ومن ثم نشط المبشرون وعملوا بجد ونشاط ونظام، فسيطروا على التعليم وخربوه، وأنشئوا المستشفيات والمستوصفات والملاجئ، كما سيطروا على وسائل الإعلام فشوهوا صورة الإسلام، وطبعوا الكتب والنشرات، وفي عصرنا أنشأوا القنوات الإذاعية والمواقع الإلكترونية والغرف الحوارية على الإنترنت، كل ذلك لتشكيك المسلمين في دينهم، ولم يقتنعوا بذلك بل نشروا الفساد والانحلال في الفنون والمراكز الثقافية([2]).
واستمرت سياسة المحتل الانجليزي في تفريغ التعليم المصري من أهدافه ومضمونه لتخريج أشباه متعلمين لا يصلحون إلا للوظائف الدنيا, وقد وضح ذلك (بالمر ستون) الوزير الإنجليزي بقوله: «لا ترضى إنجلترا أبدًا بتقدم مصر ورقيها, فكان من الطبيعي أن توضع المناهج على أساس قشور من العلم لا تسمن ولا تغني من جوع, ولا يقصد من ورائها إلا تخريج آلات كتابية تقوم بعبء الأعمال الحكومية»([3]).
لم يكن مخطط دانلوب– والذي ما زال يطبق حتى الآن- هو إضعاف أبناء الأمة الإسلامية تعليميًا ونشر الجهل فحسب، لكن كان هدفه الأول هو ضرب التربية والتوعية الأخلاقية، وتدمير كيان الأسرة، وتخريب العقول، والتي– بالفعل– تحققت حتى أن بعض من تعلموا على منهج هذا الفكر عبّر عن ذلك بقوله: «يجب أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم، لنكون لهم أندادًا، ولنكون لهم شركاء في الحضارة، خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يحب منها وما يكره، وما يحمد منها وما يعاب»([4]).
لقد كان من نتائج هذه السياسة انتشار المدارس التبشيرية– ما زال بعضها يعمل دون رقيب– والتي كان اليد اليمني لدانلوب في نشر سياسته على أرض الواقع.
جهود الإخوان الواقعية
اعتني الإخوان منذ نشأة الجماعة بالتربية والتعليم معًا فنجد الإمام البنا يحرص على ذلك فيقول: «قد يظن أن التهذيب نتيجة من نتائج العلم، والحقيقة أن العلم، شيء والتهذيب شيء آخر، وقد يكون الشخص عالمًا وليس مهذبًا وبالعكس؛ لأن مرجع العلم إلى العقل ومرجع التهذيب إلى الخلق»([5]).
لقد أنشأ الإخوان معهد حراء للبنين ومدرسة أمهات المؤمنين للفتيات، فكانت أوقات الدراسة تتمشى مع مواقيت الصلاة فتبدأ في وقت مبكر وتنتهي الفترة الأولى قبل صلاة الظهر، حيث يؤدي التلاميذ جميعًا الصلاة مع الجماعة في المسجد ويعودون بعد الغداء وقبيل العصر ليؤدوا الصلاة في جماعة أيضًا.
كما طالب الإخوان بعدة أشياء لإصلاح التعليم تربويًا، يجب على الجميع الآن أن ينظروا لمضمونها ويقتدوا بها إن كان فيها النفع:
- العناية الجدية ببث روح الدين والأخلاق في نفوس الطلاب جميعًا.
- تشجيع الجمعيات الدينية والخلقية وإفساح المجال لها في برامج النشاط المدرسي.
- انتداب المحاضرين أو المرشدين النابهين الأخصائيين في علوم الدين والأخلاق من رجال وزارة المعارف والأزهر الشريف والهيئات الإسلامية العاملة، لإلقاء محاضرات «خلقية» حرة على الطلاب- في أوقات فراغهم خلال اليوم المدرسي- وفق نظام خاص يوضع لذلك([6]).
ولقد راعى الإخوان اختلاف الثقافات التربوية لدى الشعوب، والأماكن فيضع الإمام البنا أطرًا لهذا الرؤية فيقول: «وإن لكل أمة وشعب إسلامي سياسة في التعليم وتخريج الناشئة وبناء رجال المستقبل، الذين تتوقف عليهم حياة الأمة الجديدة، فيجب أن تبنى هذه السياسة على أصول حكيمة تضمن للناشئين مناعة دينية، وحصانة خلقية، ومعرفة بأحكام دينهم، واعتدادًا بمجده الغابر، وحضارته الواسعة»([7]).
وبعد استقرار العمل في معهد حراء للبنين، أنشأ الإخوان مدرسة للفتيات سميت مدرسة أمهات المؤمنين، واستأجر الإخوان لها دارًا فخمة مناسبة ووُضع لها منهاج عصري إسلامي يجمع بين أدب الإسلام وتوجهه السامي للفتيات والأمهات والزوجات وبين مقتضيات العصر ومطالبه من العلوم النظرية والعلمية، وانتدب لنظارتها الأخ الأستاذ الشيخ أحمد عبد الحميد وقام بالتدريس فيها فتيات من الإسماعيلية ممن تخصصن في التدريس.
كما قامت شعبة شبراخيت ببناء مدرسة على نفس الطراز السابق، ثم أنشأت أبو صوير مدرسة ابتدائية أخرى، وأتمت المحمودية عدة مدارس على غرار المدارس الإسلامية العلمية ومثلها في المنزلة دقهلية.
ولم يقتصر اهتمام الإخوان بالنشء فحسب، بل عملوا على نشر التعليم وسط الفلاحين والعمال، ومن ثم أقام الإخوان في كل شعبة مدرسة ليلية هدفها الأساسي محو الأمية الدينية والأمية التعليمية، حيث تتجمع الفئات المختلفة من العمال والفلاحين في تلك المدارس الليلية.
وكانت أول مدرسة في ذلك السبيل هي مدرسة التهذيب التي أقامها الإمام الشهيد في الإسماعيلية، وقد أقيمت مدارس ليلية لتعليم الكبار في العديد من الشعب نذكر منها المدرسة الليلية في أبو صوير([8]).
كما ناشد الإخوان وزير المعارف بإصلاح المناهج التعليمية فكتب الأستاذ البنا يقول: «يا صاحب المعالي: إن مناهج التعليم الديني للمدارس الابتدائية والثانوية حافلة بالمواضيع الجليلة النافعة، ولذلك لا نطلب زيادة في المواد ولا في المعلمين، وإنما الذي نرجوه هو جعل درجة الدين مماثلة لباقي العلوم في الدلالة على الرسوب والنجاح فقط أسوة بمدارس المعلمين.
وبما أن المقرر الديني الخاص بالتعليم الثانوي تدرس مواده في السنة الأولى والثانية فقط فيحسن النظر في توزيعه على جميع سنيه أسوة بالتعليم الابتدائي حتى يسهل تحصيله واتباعه بإتقان.
يا معالي الوزير: إن الاعتناء بأمر الدين من شأنه تخريج موظفين مخلصين للحكومة والأمة معًا، أمناء على الأموال والأعراض والحقوق، وتخريج فتيات مهذبات وفتيات مدبرات للمنازل حافظات للغيب صالحات لتربية أولاد المستقبل معاونات للأزواج على مشاق الحياة»([9]).
ولقد استمرت السياسة التعليمية الفاسدة التي وضعها القس الإنجليزي دانلوب خلال هذه الفترة، وكانت هذه السياسة تكفل تنشئة دعائم للاستعمار في مصر، وقد تعمدت إهمال القيم الخلقية في المتعلمين، إلى جانب محاولتها تخريج أشباه متعلمين لا يصلحون إلا للوظائف الدنيا، وقد ساعد على تنفيذ هذه السياسة للمستعمر الإنجليزي طائفة من المصريين الذين نشأوا في ظل هذه السياسة، ونظروا إلى سياسة دانلوب نظرة إجلال وتوقير، وقد أدى ذلك إلى سيادة روح التغريب في التعليم، وإغفال التربية الخلقية والتراث الثقافي للأمة، وضعف النزعة القومية في مناهج التعليم، بل وعدم وجود سياسة ثابتة ومنهج للتعليم واضح، إضافة إلى ظهور الازدواجية في التعليم المدني ما بين مدارس ابتدائية تؤهل للتعليم الثانوي، وأخرى إلزامية وأولية لا تسمح بالترقي التعليمي نتيجة عدم تكافؤ الفرص في التعليم، وكذلك ظهور الثنائية في التعليم المصري بين التعليم الديني ممثلًا في الأزهر، والتعليم المدني في المدارس والجامعات والانفصال التام بينهما.
التبشير والتعليم الأجنبي
بدأ التعليم الأجنبي في مصر مبكرًا، فمع دخول الاحتلال البريطاني مصر عام 1882م انتشرت المدارس الأجنبية في مصر، وساعد على ذلك وجود ما يسمى قانون التعليم الحر الذي كان يتيح لأي هيئة أو جمعية أو دولة أو فرد عمل مدرسة خاصة به، ووضع المناهج لها، وتعيين المدرسين الذين يختارهم كيفما يشاء بدون أي معايير للتدريس في هذه المدارس، ولذلك كان في مصر منذ تلك الفترة مدارس أميرية تابعة لإشراف وزارة المعارف، وعدد كبير من المدارس الحرة ابتدائية وثانوية وفنية يمولها ويديرها جمعيات وأفراد، ومن تلك مدارس للجاليات الأجنبية أغلبها تابع للإرساليات الدينية "التبشيرية"، وإن كان بداية من سنة 1934م بدأت وزارة المعارف تفرض رقابة على المدارس الحرة لكن ظلت هذه الرقابة مقتصرة على توافر الشروط الصحية والفنية والبيئية على هذه المدارس، وكانت رقابة عامة، وقد بلغت المدارس الأجنبية في مصر في السنة الدراسية 1939–1940م (421) مدرسة، وقد بلغ عدد التلاميذ في هذه المدارس في العام الدراسي 1945–1946م 75010 تلميذًا من جملة 398.436 تلميذًا في مصر في هذا العام.
وكان التبشير في هذه المدارس يتم بصورة مكثفة، حيث إن هذه المدارس كانت تفتح أبوابها للفقراء والعامة، وكانت هذه المدارس منتشرة في القاهرة وفي كافة الأقاليم، وكان مما يسهل عمليات التبشير بها أنها تتعامل مع أطفال يسهل التأثير فيهم وتشكيلهم، كما كانت بهذه المدارس أقسام داخلية، أي أن التلميذ بعد انقضاء اليوم الدراسي توفر له المدرسة سكنًا داخليًّا بها يبيت فيه، وتوفر له الغذاء والراحة بهذا السكن، إضافة إلى أنها تفرض تدريس مادة الدين المسيحي على التلاميذ المسلمين الذين يحضرون الصلاة المسيحية ويتلقون طقوسها، ومن المحزن أن وزير المعارف الدكتور محمد حسين هيكل أشار في مجلس النواب أن الوزارة لا تملك بحكم التشريع القائم "قانون التعليم الحر" أن تمنع مثل هذه الأعمال إذا وقعت، وإنما تستطيع ذلك حين يتم تعديل قانون التعليم الحر تعديلًا يخولها هذه السلطة.
ولقد اعتني الإخوان بالتصدي للإرساليات التبشيرية والتنصير ومدارسهم، وناشدوا وزارة المعارف بهذه الأمور وكتب الإمام البنا إليه يستحثه على نشر التعليم الديني لمواجهة طوفان التبشير الذي ابتليت به البلاد فقال: « يا صاحب المعالي:
إن من نافلة القول أن نبين ما لعلوم الدين من حسن التأثير في النفوس، وحثها على التمسك بأهداب الفضائل وتربية ملكات الخير فيها، وعصمتها من الوقوع في القبائح وصرفها عن منازع الشر، وأن الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يعنى بمعرفة دينه المعرفة الصحيحة، حتى يمكنه أن يؤدى ما يجب عليه لله تعالى وللناس، وأن التلاميذ والتلميذات ودائع في يد وزارة المعارف وهم رعيتها وكل راع مسئول عن رعيته، فالضرورة تقضى بأن تعنى بتعليمهم ما يتعلق بأمر دينهم، كما تعنى بتعليمهم ما يتعلق بأمر دنياهم.
ولا يمكن أن يؤتى درس الدين ثمرته والحال على ما نرى، يحضر التلميذ هذا الدرس وهو يعلم أنه درس اختياري يقذف بدرجته في ذيل الجدول، كدرجة الألعاب الرياضية لا تقدم ولا تؤخر، ولا يترتب عليها رسوب ولا نجاح. لهذا نرجو ونلحف في الرجاء أن تولوا الدين الإسلامي عنايتكم بجعله مادة أساسية يشعر المقصر فيه أنه مؤاخذ على تقصيره، والمجتهد أنه مكافأ على اجتهاده.
وبديهي أنه لا يبعث المعلم والمتعلم على الاهتمام بالدرس إلا الرغبة في حسن النتيجة أو الرهبة من سوئها، فإذا لم يكن لمادة الدين تأثير في النتيجة فقد ضاع الاهتمام به، وليس من المفيد تقرير مادة مهمة كمادة درس الدين بدون أن يضمن جني ثمارها، ولسنا مغالين في هذا الطلب؛ لأن المدنية الأوروبية الحالية تعتبر الدين علمًا أساسيًا، ولا يصح أن يكون الإسلام عندنا أقل اعتبارًا من غيره عند غيرنا، كما لا يصح أن يكون الدين الإسلامي إضافيًا في أهم قطر إسلامي تقصده جميع الأقطار الإسلامية لتلقى العلوم الدينية.
يا صاحب المعالي:
إن مناهج التعليم الديني للمدارس الابتدائية والثانوية حافلة بالمواضيع الجليلة النافعة، ولذلك لا نطلب زيادة في المواد ولا في المعلمين، وإنما الذي نرجوه هو جعل درجة الدين مماثلة لباقي العلوم في الدلالة على الرسوب والنجاح فقط أسوة بمدارس المعلمين. وبما أن المقرر الديني الخاص بالتعليم الثانوي تدرس مواده في السنة الأولى والثانية فقط، فيحسن النظر في توزيعه على جميع سنيه أسوة بالتعليم الابتدائي، حتى يسهل تحصيله وأتباعه بإتقان.
يا معالي الوزير:
إن الاعتناء بأمر الدين من شأنه تخريج موظفين مخلصين للحكومة والأمة معًا، أمناء على الأموال والأعراض والحقوق، وتخريج فتيات مهذبات وفتيات مدبرات للمنازل، حافظات للغيب، صالحات لتربية أولاد المستقبل، معاونات للأزواج على مشاق الحياة.
وهذا كله يبشر بإزالة أسباب الفوضى والضلال والرشوة والاختلاس وجميع الرذائل، وإحياء الفضائل وحفظ الأمن والآداب والنظام والعدل في الأحكام، وموجب لارتقاء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، وتضامن الأمة مع الحكومة وتبادل الثقة، وحسن المعاملة بين الأفراد والجماعات، فتسعد الأمة سعادة حقيقية، ويسرنا جدًا أن يحصل هذا الخير العميم على أيدي معاليكم المباركة»([10]).
ولقد طالب الإخوان بعدة أشياء لإصلاح التعليم:-
أولًا: العناية الجدية ببث روح الدين والأخلاق في نفوس الطلاب جميعًا.
ثانيا: انتداب المحاضرين أو المرشدين النابهين الأخصائيين في علوم الدين والأخلاق من رجال وزارة المعارف والأزهر الشريف والهيئات الإسلامية العاملة، لإلقاء محاضرات "خلقية" حرة على الطلاب -في أوقات فراغهم خلال اليوم المدرسي- وفق نظام خاص يوضع لذلك.
ثالثًا: زيادة عدد الدروس المقررة للدين والأخلاق في المدارس الابتدائية والثانوية، بحيث تصبح ثلاثًا في كل فرقة على الأقل، وجعلها داخل الجدول لا خارجه، مع التشديد على أن تصرف فيما وضعت له.
رابعًا: تعميم هذه الدروس في كل سني الدراسة في التعليم الثانوي إلى السنة الخامسة التوجيهية، فلا تقتصر على السنوات الثلاث الأولى فقط، كما هو الشأن الآن، وتقريرها في كل أنواع التعليم الفني والصناعي والتجاري.
خامسا: إلقاء محاضرات دورية بنظام خاص في فلسفة التشريع الإسلامي وسمو مقاصده على طلاب الجامعة والمدارس العليا.
سادسا: تخصيص درس من دروس المطالعة في كل مراحل التعليم لإجادة القراءة في المصحف الشريف([11]).
ولم تقف نظرة الإخوان المسلمين لإصلاح التعليم والعملية التعليمية عند حدود إدراج الدين ضمن المناهج المدرسية الأساسية، وإن كان ذلك من المطالب الرئيسة لهم، لكن لأن فهم الإخوان لأمور الحياة وقضايا المجتمع فهم مستمد من رؤية الإسلام الشاملة، فقد تعرض الإخوان لكافة أنواع وأشكال التعليم في مصر نظريًّا وعمليًّا بتقديم الآراء والمقترحات والحلول لمختلف مشكلات التعليم القائمة آنذاك، بالإضافة إلى دعم وتأييد كل الرؤى والجهود الإصلاحية التي تعرض سواء أكانت حكومية أم شعبية، وظلت رؤية الإخوان لإصلاح حال التعليم في مصر أساسها الاعتماد على أن ثقافة الشعب المصري بصورة عامة هي ثقافة إسلامية، ولذا فيجب مراعاة هذه الثقافة في المناهج وطرق التدريس والحلول المقترحة للمشكلات حتى يمكن الارتقاء بالعلم والتعليم في مصر.
فيقول الأستاذ البنا في رسالة إلى أي شيء ندعو الناس: « وإن لكل أمة وشعب إسلامي سياسة في التعليم وتخريج الناشئة وبناء رجال المستقبل، الذين تتوقف عليهم حياة الأمة الجديدة، فيجب أن تبنى هذه السياسة على أصول حكيمة تضمن للناشئين مناعة دينية، وحصانة خلقية، ومعرفة بأحكام دينهم، واعتدادًا بمجده الغابر، وحضارته الواسعة([12]).
نظر الإخوان إلى هذه الموجه فوجدوها قد طغت واستشرت، فرفعوا العرائض والشكاوي إلى الملك ورؤساء الوزراء وشيخ الأزهر ووزير المعارف ووزير الداخلية، علهم يتحركون أو يحدثون شيء.
ففي مؤتمرهم الأول عام 1933م بالإسماعيلية رفعوا عريضة إلى الملك فؤاد يطالبون فيها بحماية الشعب المصري من المبشرين، وردع هؤلاء المخربين، واقترحوا فرض الرقابة الشديدة على مدارس المبشرين ومعاهدهم ودورهم، وإبعاد كل من يثبت للحكومة أنه يعمل على إفساد العقائد، لكن شيئًا من ذلك لم يتم.
وقد اتخذ الإخوان عددًا من الأساليب لمقاومة النشاط التبشيري في المدارس والمعاهد سواء التابعة للإرساليات التبشيرية أم في المدارس الأميرية، فقد نشطت الشُّعب وقامت بفضح أعمال المبشرين داخل نطاق الشعبة، كما وقفت صحافة الإخوان بالمرصاد للمبشرين، فكانت الصحافة تتتبع أخبار مدارس المبشرين، فقد نشرت مجلة "التعارف": علمنا أن في منوف مدرسة للإرساليات التبشيرية قد حتمت على الطلبة المسلمين المطالعة في الإنجيل والقيام بالصلاة المسيحية في أوقات الدروس، وأراد بعض أولياء أمور الطلبة منع أبنائهم فأبت عليهم ذلك إدارة المدرسة مما أدى إلى خروج كثير من التلاميذ من المدرسة، وتم إجراء تحقيق بمعرفة منطقة التعليم بطنطا، ويجب على الوزارة أن تبادر ببسط نفوذ تفتيشها على هذه المدارس حتى لا تكون أوكارًا للإخلال وإفساد عقائد النشء([13]).
كما قام الإخوان بكثير من الأنشطة العملية، فقد وقفوا بكل ما يستطيعون أمام إنشاء المبشرين مدارس في عديد من الأماكن، ففي منطقة أبي حماد بمديرية الشرقية استطاع الإخوان أن يمنعوا الإرساليات التبشيرية من إنشاء مدرسة للبنين كان غرضها الأساسي تكوين أجيال تنادي بمبادئهم وقيمهم وتؤمن بدينهم، وسارعت هذه الإرساليات وأسست مدرسة للبنات ليدسوا إليهن سمومهم إلا أنه سرعان ما اجتمع الإخوان بدار الجمعية وأخذوا يقلبون الأمر ليدرءوا هذا الخطر الفادح، وقد خرج هذا الاجتماع بعدة قرارات هي:
أولًا: كتابة عرائض تحذر من خطورة تلك الفتنة على العقيدة الإسلامية، لاسيما وأنهم يضمون إليها أطفالًا دون السادسة، وترفع هذه العرائض إلى حضرة صاحب السعادة رئيس مجلس مديرية الشرقية، وحضرة مدير التعليم، وحضرة كبير مفتشي وزارة المعارف لمنطقة الشرقية، وحضرة مفتش المعارف، وحضرة المحترم الشيخ محمد عثمان عضو مجلس مديرية الشرقية، والاتصال بصاحب الفضيلة واعظ المركز للاشتراك مع الجمعية في هذا السبيل.
ثانيًا: كونت الجمعية لجنة من حضرات: الشيخ نور نور نائب الجمعية، وفهيم أفندي يحيى المدرس بالمدرسة الابتدائية الأميرية وغيرهم، وتعمل هذه اللجنة على الانتشار في المنطقة لتحذير أولياء أمور التلاميذ والتلميذات بمخططات المدارس التبشيرية، وتوضيح حقائق المدارس التنصيرية.
ثالثًا: كتابة منشورات تحذر الناس من سموم المبشرين([14]).
ولم يكتف الإخوان بكتابة العرائض وتشكيل اللجان لتوعية الناس، بل قاموا بإنشاء العديد من المدارس الإسلامية لإيجاد البديل أمام الأهالي وأولياء الأمور، خاصة في بعض المناطق التي لا يوجد بها سوى مدارس الإرساليات التبشيرية كما هي الحال في الصعيد([15]).
وفي بلدة طما بمراغة بسوهاج قامت مدرسة تبشيرية بإجبار التلميذات المسلمات على حضور مادة الدين المسيحي ولكن الإخوان بهذه البلدة لم يقفوا مكتوفي الأيدي، فقام الحاج أحمد لطفي الزارع رئيس جمعية الإخوان بطما والأستاذ محمد عبد الله السمان المدرس بالذهاب إلى مدرسة البنات والتحدث مع ناظرة المدرسة مس هوفر، فقالت الميزانية لا تسمح بمرتب مدرس جديد، فقالا: إنهما مستعدون بالتطوع لتدريس الدين الإسلامي للتلميذات المسلمات ولو حصة واحدة في الأسبوع تحت رعاية إدارة المدرسة، إلا أن رد "مس هوفر" كان مستفزًّا حيث قالت لهم: إن هولندا بعثتني لإنشاء مدرسة للبنات لنشر الدين المسيحي، لا أن تنفق أموالها لتعليم الدين الإسلامي، ثم إن لديها إقرارات من أولياء أمور التلميذات موقعًا عليها منهم ومؤرخة بأن لا اعتراض على حضور بناتهن درس الدين المسيحي، وعندها قرروا إنشاء مدرسة ابتدائية خاصة للبنات([16]).
كما كان الإخوان يلومون بشدة أي مسئول يحضر احتفالات المدارس التبشيرية أو يقوم بزيارتها، وقد وجه الإخوان إلى معالي الباشا وحضرات الكبار من ضيوف شرف هذه الحفلات جميعًا رسالة مشيرين فيها إلى أن هذه مؤسسات تبشيرية صميمة تتخذ من العلم وسيلة لسلخ أبنائنا وبناتنا من عقيدتهم أولًا، ثم تقتل فيهم بعد ذلك كل شعور وطني مصري كريم.
وقد رأى الإخوان أن أفضل الوسائل للقضاء على التبشير في الجانب التعليمي هو تعديل قانون التعليم الحر، خاصة فيما يتعلق بمراقبة وزارة المعارف على المدارس الأجنبية، وضرورة تدريس الدين الإسلامي واللغة العربية وتاريخ مصر وجغرافيتها باللغة العربية بهذه المدارس، وهو ما لم يكن موجودًا، وإن كان الإخوان قد شكروا للحكومة بعض الخطوات التي اتخذتها نحو تعديل هذا القانون.
كما كان الإخوان يناشدون الأهالي وأولياء الأمور الذين يقذفون بأبنائهم إلى هذه المدارس التبشيرية، وهم يعلمون بلا شك احتقارها لدينهم وسعيها لتنصير أبنائهم بتعليمهم الإنجيل والصلاة المسيحية، أن يخافوا على أبنائهم ويلحقوهم بالمدارس المصرية المسلمة([17]).
وهذا الأمر أحدث قلقًا عظيمًا في نفوس المبشرين، حيث إن الأمر لم يقف عند حد تغيير قانون التعليم الحر، بل نتيجة لضغط الرأي العام على الحكومة لمقاومة التبشير تم عمل مشروع قانون يحرم التبشير، وفي عام 1940م نوقش في مجلس الشيوخ وأحيل إلى لجنة الداخلية، وذكرت مجلة "التبشير الدولية" أن الدوائر المسيحية في مصر تشعر بأن هذا المشروع إذا صار قانونًا يجعل من المستحيل على المنشآت التعليمية التبشيرية القيام بعملها على الرغم من أن مركزها القانوني ومناهجها قد كفلتها معاهدة منترو المعقودة عام 1937م، لكن الإخوان استمروا في الضغط على ضرورة تعديل قانون التعليم الحر وإقرار قانون منع التبشير.
ونتيجة لنشر الجرائم التنصيرية للمدارس التبشيرية فقد كتب بعض مفتشي وزارة المعارف تقاريرهم، وأهابوا بالوزارة أن تسرع فتضع حدًّا لهذه الفوضى التي تبثها هذه المعاهد في العقائد والأخلاق، وأوضح الإخوان أن الحكومة أرسلت تستفتي قلم قضايا الحكومة فيما تفعله إزاء ذلك([18]).
وقد رأى محمد العشماوي بك وكيل وزارة المعارف ضرورة المبادرة بإنشاء مدارس مصرية في أمهات المدن الشرقية لمنافسة المدارس التبشيرية، والعمل على القضاء عليها، وكذلك اتفق الرأي على استمالة الصحافة الشرقية لبث روح الوحدة في النفوس([19]).
الإخوان وإصلاح التعليم المدني
حاول الإخوان إصلاح التعليم المدني وجعله يسير وفق منهجية مدروسة تعود بالنفع على الوطن وأبناءه، فعمدوا إلى:
1- مكافحة الأمية
لقد اهتم الإخوان بكل فئات الشعب فكما أنشأوا المدارس أنشاوا دور محو أمية لتعليم من فاتته الفرصة في التعليم ونجح فيها الإخوان نجاحا عظيما, فقد أقام الإخوان في كل شعبة مدرسة ليلية هدفها الأساسي محو الأمية الدينية والأمية التعليمية، حيث تتجمع الفئات المختلفة من العمال والفلاحين في تلك المدارس الليلية.
وكانت أول مدرسة في ذلك السبيل هي مدرسة التهذيب التي أقامها الإمام الشهيد في الإسماعيلية، وقد أقيمت مدارس ليلية لتعليم الكبار في العديد من الشعب نذكر منها المدرسة الليلية في أبو صوير.
كما قرر مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين بالقاهرة بفتح قسم للتعليم الليلي مجانًا بالمركز العام بشارع سوق السلاح بعطفة عبدالله بك حارة المعمار، ودعت راغبي الالتحاق للتقدم بطلباتهم.
كما شجعوا الناس على التقدم إلي تلك المدارس, فقد افتتح قسم البر والخدمة الاجتماعية معهدا للدراسات الشعبية في شعبة عابدين واحتوى هذا المعهد على فرع لمكافحة الأمية, وفصول لتحفيظ القرآن الكريم, ولقد نشط فرع مكافحة الأمية بالشعبة فأنشأ مدرسة ليلية بلغ عدد المتقدمين إليها ما يزيد عن 300 دارس ويقوم على هذه المدرسة مجموعة من مدرسي الإخوان ويقومون بتدريس القراءة والكتابة والحساب والدين.
وفى قنا وأسوان أنشأ الإخوان بها قسمين لمكافحة الأمية أحدهما نهاري والثاني ليلى، كما قام قسم البر والخدمة الاجتماعية بشعبة الجمالية بافتتاح فصول لمحو الأمية ورفع مستوى الثقافة لدى أهالي الحي, وكان يقوم بالتدريس فيها نخبة من الإخوان المثقفين.
كما افتتح الإخوان المسلمون بالقرين شرقية قسما لمحو الأمية وكان الإقبال عليه شديدا نتيجة لحسن نظامه ورغبة أهل البلد في القضاء على الأمية([20]).
2- إنشاء المدارس
ولقد أقام الإخوان منذ فجر الدعوة المدارس لتعليم النشء ومحو أمية الكبار، فكان في كل شعبة من شعب الإخوان تقام المدارس الليلية لتعليم العمال والفلاحين ومحو أميتهم، ومن تلك المدارس:-
1-معهد حراء وهو أول مدرسة بناها الإخوان المسلمون بالإسماعيلية، وكان مقرها فوق مسجد جمعية الإخوان المسلمين بالإسماعيلية.
2- مدرسة أمهات المؤمنين وهي مدرسة لتعليم البنات.
3- المدرسة الخيرية الإسلامية الابتدائية بمغاغة.
4- المدرسة الإسلامية الابتدائية للبنات بطما.
5- مدرسة الإخوان المسلمين بفاقوس.
ومن ضمن المدارس أيضا مدرسة الإخوان الابتدائية بأبي كبير والتي حضر حفل الافتتاح الأستاذ حسن البنا, حيث احتشد عددا كبيرا من الناس والنظار, وبدأ الحفل بالقرآن الكريم ثم كلمة الأستاذ عبد البديع صقر ناظر المدرسة.
ولقد عمل الإخوان على إصلاح الأوضاع الفاسدة التي تفشت في التعليم، مثل الاختلاط وغيره من الظواهر التي تساعد على الانحراف, ففي حفل الجامعة الشعبية والتي أقامته في دارها بشارع القصر العيني رقم 94 في تمام الساعة الخامسة من مساء السبت حيث اختلط فيها البنين بالبنات، فوجه الإخوان العتاب لإدارة الجامعة بسبب الاختلاط بين الجنسين، وإن كان الإخوان من المشجعين للجامعة الشعبية في ذاتيها لأنها تسد ثغرة كبيرة في التعليم لكن ما يحدث فيها من اختلاط شيئا يعيبها.
ومن أهم الجهود التي قام بها الإخوان لإصلاح حال التعليم:-
العمل على إصلاح التعليم الديني في المدارس، بمطالبة الوزير بجعل الدين مادة أساسية، ولقد رفعوا من أجل ذلك مذكرة لوزير المعارف جاء فيها: يا صاحب المعالي: نتشرف أن نرفع إلى معاليكم رجاء نعتقد أنه مطابق لأمانيكم الشريفة وأماني الأمة وأنكم إذا تفضلتم بقبوله والعمل على تحقيقه تكونون قدمتم لبلادكم أفضل عمل يذكر به العاملون المصلحون، واستوجبتم بذلك شكر الوطن فضلًا عن رضوان الله جل شأنه.
وهذا الذي نرجو ويرجوه كل مسلم غيور على دينه ووطنه هو أن تجعلوا درس الدين الإسلامي في التعليم العام درسًا أساسيًا والامتحان فيه إجباريًا مثل بقية العلوم التي ينبني على التقصير فيها عدم الفوز والرسوب.
ولا يمكن أن يؤتي درس الدين ثمرته والحال على ما نرى، يحضر التلميذ هذا الدرس وهو يعلم أنه درس اختياري يقذف بدرجته في ذيل الجدول كدرجة الألعاب الرياضية لا تقدم ولا تؤخر ولا يترتب عليها رسوب ولا نجاح.
لهذا نرجو ونلح في الرجاء أن تولوا الدين الإسلامي عنايتكم بجعله مادة أساسية يشعر المقصر فيه أنه مؤاخذ على تقصيره، والمجتهد أنه مكافأ على اجتهاده.
وبدهي أنه لا يبعث المعلم والمتعلم على الاهتمام بالدرس إلا الرغبة في حسن النتيجة أو الرهبة من سوئها، فإذا لم يكن لمادة الدين تأثير في النتيجة فقد ضاع الاهتمام به، وليس من المفيد تقرير مادة مهمة كمادة درس الدين بدون أن يضمن جني ثمارها، ولسنا مغالين في هذا الطلب؛ لأن المدنية الأوروبية الحالية تعتبر الدين علمًا أساسيًا ولا يصح أن يكون الإسلام عندنا أقل اعتبارًا من غيره عند غيرنا، كما لا يصح أن يكون الدين الإسلامي إضافيًا في أهم قطر إسلامي تقصده جميع الأقطار الإسلامية لتلقي العلوم الدينية.
وقد صدر مرسوم ملكي بجعل الدين مادة أساسية جاء فيه:-
نحن فاروق الأول ملك مصر..
قرر مجلس الشيوخ ومجلس النواب القانون الآتي نصه، وقد صدقنا عليه وأصدرناه:
المادة الأولى: يكون التعليم الديني الإسلامي مادة أساسية في جميع مراحل التعليم الأولي والابتدائي والثانوي والخصوصي للبنين والبنات في مدارس المعلمين.
المادة الثانية: تدرس مادة الدين الإسلامي في جميع سني الدراسة في المدارس المشار إليها في المادة الأولى، ويؤدي التلاميذ الامتحان فيها على سبيل الإلزام، ويكون نجاحهم شرطًا للانتقال من فرقة إلى الفرقة التي تليها، أسوة بما هو متبع في سائر المواد الدراسية في تلك المدارس.
المادة الثالثة: تضع وزارة المعارف العمومية مناهج مادة الدين الإسلامي، على أن تحقق هذه المناهج قدرًا كافيًا من الثقافة الإسلامية يتفق وحالة كل نوع.
المادة الرابعة: على وزير المعارف العمومية تنفيذ هذا القانون، ويعمل به السنة الدراسية 1939-1940م([21]).
كما أصدر محمود فهمي النقراشي وزير المعارف قرارا بجعل القرآن الكريم أساسيًّا في المدارس؛ حيث نص القرار على ما يلي:
يعقد امتحان في القرآن الكريم للتلاميذ المسلمين بالمدارس الابتدائية ابتداء من السنة الدراسية 1940م-1941م، ولا يعد التلميذ ناجحًا إلا إذا حصل على 40٪ على الأقل من درجة النهاية الكبرى لهذه المادة، ومع ذلك إذا رسب التلميذ في السنة الأولى أو الثانية فإنه ينقل إلى السنة التي تليها على أن يمتحن في آخر السنة في مقرر السنتين معًا، ولكنه إذا رسب في الامتحان المذكور في السنة الثالثة فإنه لا ينقل إلى السنة الرابعة إلا إذا نجح في الامتحان.
كما قام الإخوان بتشكيل لجنة للمطالبة بإصلاح التعليم الديني وتقديم رؤيتهم في الإصلاح والرد على الشبهات التي يمكن أن يثيرها رافضو الإصلاح، وكان تشكيل تلك اللجنة بمناسبة تشكيل وزارة المعارف للجنة لإصلاح المناهج، وقد قامت لجنة الإخوان بإعداد تقرير مفصل قدمته إلى وزير المعارف وأعضاء لجنة المناهج بينت فيه قيمة مناهج التعليم في حياة الأمة والأدوار التي تقلبت فيها المناهج المصرية، وبينت حرمان المدارس من التعليم الديني وأثره على المجتمع والأشخاص، ثم قامت برد الشبهات التي يظن البعض أنها تحول دون دراسة الدين في المدارس ونعرض لتلك المذكرة التي توضح وجهة نظر الإخوان في إصلاح التعليم الديني([22]).
ومن أثر ذلك أن وزارة المعارف قررت تعديل برنامج تعليم الدين في المكاتب العامة ابتداء من أول السنة المكتبية الحاضرة حسب ما يأتي: "في مكاتب البنين: القرآن الكريم والدين حصتان في السنة الأولى تعطى منها محادثة في الدين وتحفيظ بعض ما يرد من الآيات الكريمة في دروس الدين للاستشهاد مع تحفيظهم سور الفاتحة والمعوذتين والإخلاص مساعدة لهم على أداء فريضة الصلاة والطفل مأمور بها في سن السابعة وأربع حصص في السنة الثانية وخمس في الثالثة وست في كل من السنتين الرابعة والخامسة وفي مكاتب البنات تكون الحصص كما هي عليه في مكاتب البنين تمامًا.
في المدارس الأولية للبنين: القرآن حصتان في السنة الثانية وثلاث في السنة الثالثة وأربع في السنتين الرابعة والخامسة ولا تعطي حصص في السنة الأولى، والدين حصتان في كل سنة من السنوات الخمس. وفي مدارس البنات يكون البرنامج مماثلًا لما في مدارس البنين"([23]).
واستمر الإخوان في مطالبتهم العاجلة بإصلاح التعليم الديني وقد قام الأستاذ عبده البرتقالي عضو مجلس النواب ونائب الإخوان بالجيزة بتقديم مقترحات الإخوان نحو إصلاح التعليم إلى مجلس النواب الذي أحالها لوزارة المعارف للعمل بها، ولكن الوزارة لم تعمل بتلك المقترحات.
كما قام الإمام البنا بكتابة سلسلة مقالات بعنوان: "في مناهج التعليم" عالج فيها أمراض التعليم المختلفة وقد جاء في مقالته الأولى عن قصور التعليم الديني في المدارس وعن قصور المناهج في ذلك المجال.
وذكر أن سلسلة التعليم في مصر مضطربة متفككة فأنت أمام عدة أنواع لكل وجهة، وكثيرًا ما تتضارب وتختلف، وكثيرًا ما تنقطع إلى غير غاية، وكثيرًا ما تتعدد في غير حاجة، وقد كان من أثر ذلك أن اختلفت الثقافات اختلافًا واضحًا كان له أثر كبير في اضطراب حياة الأمة الفكرية والخلقية والاجتماعية وتضارب عقائدها وأفكارها وطرائق فهمها للحياة، فأنت ترى أنواع التعليم في مصر على النحو الآتي:
1- التعليم الأولي ويشمل المدارس الإلزامية وتحضيرية المعلمين والمعلمين الأولية.
2- التعليم الابتدائي ويليه التعليم الثانوي.
3- التعليم الفني والخصوصي ويشمل مدارس الزراعة والتجارة والفنون والصناعات والزخارف ونحوها، ولا صلة لها البتة بالتجارة العليا والزراعة العليا والهندسة.
4- التعليم العالي ويشمل الجامعة والمدارس العليا بأنواعها.
5- التعليم الأزهري ويشمل الأزهر بأقسامه وكلياته وتخصصه.
6- دار العلوم وتستمد طلبتها من الأزهر وتخرج أساتذة اللغة العربية والدين بالمدارس المصرية. والذي يتأمل هذه الأنواع جميعًا ويفتش عن صلتها بعضها ببعض يجد أنها مفككة الأوصال تمامًا وأن الصلات بينها عمليًا وعلميًا على أضعف ما يكون.
كما انتقد الإمام البنا تعليم اللغات الأجنبية في سن مبكرة وطغيان اللغة الإنجليزية على اللغات الأخرى لاسيما اللغة العربية، وقدم وجهة نظره مؤيدة بالأدلة والبراهين على خطأ تلك السياسة، ولم ينكر الإمام البنا أهمية تعلم اللغات الأجنبية ولكنه انتقد تعلمها في الصغر.
لم يكن الهدف من المطالبة بجعل الدين مادة أساسية بالمدارس أن يكون مجرد مادة كأي مادة أخرى، وإنما يراد له أن يكون منهاج حياة للتلاميذ، وأساس التربية الروحية والخلقية والعلمية لديهم، والأصل في بناء شخصيتهم، وأن يرسخ الثقافة الإسلامية عندهم، ولذلك عني الإخوان عناية فائقة بضرورة اختيار المناهج الدينية المناسبة([24]).
وقد تألفت لهذا الشأن بالمركز العام لجنة برئاسة الأستاذ صالح عشماوي وسكرتارية الشيخ محمد الغزالي، وانضم إليها عدد من فضلاء العلماء الأجلاء والمربين النابهين، وهي لجنة للمطالبة بالتعليم الديني وإحلاله المحل اللائق به في مناهج التعليم، وقد طلبت من كل من يهمهم الأمر بأن يتصلوا بها أو أن يبعثوا على رئيسها بما يرون من وسائل ومقترحات حتى تستنير بذلك كله في بحثها الهام، وقد تقدمت بتقرير شامل ومذكرة وافية لوزير المعارف.
كما عمل الإخوان على:- الدعوة إلى سياسة تعليمية موحدة.
وعندما قامت الناظرة الجديدة للمدرسة السنية بجبر الطالبات على كشف روؤسهن بل وقامت بتوزيع ملابس رسمية على الطالبات وهى ملابس قصيرة قرب الركب وعارية الأذرع، سارع الإخوان بمخاطبة وزير المعارف واستفسروا عن هذا التغيير الذي حدث في المدرسة وطالبوا بعودة الوضع كما كان في عهد الناظرة القديمة حيث الأدب والاحتشام, كما نقلت الجريدة حالة السخط التي يعيشها أولياء الأمور والطالبات.
لم يقتصر جهود الإخوان على الجوانب العملية في الإصلاح بل استفادوا من الصحف وأشركوا الرؤى العام في قضايا الإصلاح عن طريقها، مثل قضية البعثات للخارج، وحول السياسة التعليمية التي تسيير بها وزارة المعارف وتخبطها, قامت الجريدة بالوقوف على رأى بعض الفنيين فى وزارة المعارف فى السياسة التعليمية الذين يرون ضرورة إتباعها حسب ما تقتضيه مصلحة البلاد, واسترشد برأي الأساتذة, إسماعيل محمود القباني بك المستشار الفني للوزارة, وأمين كحيلي مدير الجامعة الشعبية, ومحمد عبد الواحد خلاف المراقب العام للثقافة, ومحمد فريد أبو حديد بك عميد معهد التربية([25]).
كما اعتنى القسم بتربيه العمال تربيه دينيه وتثقيفية فأنشأ لجنة التثقيف ونشر الدعوة والتي أدى من خلالها الإخوان دورا كبيرا منها:
1-فتح العديد من المدارس لمحو الأمية وتنمية الثقافة المدنية بالمجان.
2-فتح مكاتب لتحفيظ القرآن نهارا.
3-فتح مدراس ليلية لتعليم العمال والفلاحين.
4-فتح شعب لتعليم الصبية الذين حرموا التعليم لاشتغالهم بالصناعات([26]).
وقد كتب الإمام البنا في إحدى مقالته يقول: قد يظن أن التهذيب نتيجة من نتائج العلم، والحقيقة أن العلم، شيء والتهذيب شيء آخر، وقد يكون الشخص عالمًا وليس مهذبًا وبالعكس؛ لأن مرجع العلم إلى العقل ومرجع التهذيب إلى الخلق، وهما قوتان مختلفتان من قوى النفس ولكل منهما نوع خاص من التربية، وغاية ما بينهما من صلة أن العلم يكشف للشخص عن حقائق الأشياء، ويريه وجوه النفع والضرر منها فيساعده ذلك على مصاحبة الحسن ومجانبة القبيح، وبعبارة أخرى: إن العلم سلاح إن استعمل فى تدريب النفس على الفضيلة أفاد، وقد يكون معاونا لها على الرذيلة أحيانًا، فليس التهذيب نتيجة لازمة له مطلقًا. كانت أثينا مهد العلوم وعش الفلاسفة ولم تكن الفضيلة فيها مرعية كما هي في إسبرطة التي لم تبلغ شأو شقيقتها فى العلوم والفنون.
وأوضح اهم وسائل التعليم والتهذيب العامة فقال:
أهم هذه الوسائل عندنا: المساجد، والصحف، والأندية، والجمعيات الإرشادية الإسلامية الناشئة، ودور الكتب العامة، والتأليف، والنشر. ويسرنا أن النهضة الحديثة شملت هذه الوسائل كلها وإن كان شمولًا قاصرًا، إلا أنا نرجو له بالمثابرة والزمن الكمال والوصول إلى الغاية المرجوة([27]).
الإخوان وإصلاح التعليم الأزهري
لم يتوقف دور الإخوان على محاولة إصلاح التعليم العام الذي تشرف عليه وزارة المعارف بل قام الإمام البنا بتقديم مذكرة رفعها إلى الإمام الأكبر شيخ الأزهر حول إصلاح التعليم الأزهري وأعقبها بمذكرة تفسيرية توضح الاقتراحات الإدارية والفنية التي قدمها في مذكرته والتي جاء فيها: " أشرف بأن أرفع إلى فضيلتكم مقترحات بشأن الإصلاح الأزهري الذي عقدت عليكم الآمال في إنفاذه بطريقة تحفظ للأزهر صبغته وتعيد للإسلام مجده، والمقترحات هي:
أولا: مقترحات إدارية:
تعمل مشيخة الأزهر على ضم مراقبة التعليم الأولى بكل اختصاصاتها إلى الناحية الأزهرية على أن يتبع ذلك إلغاء مدارس المعلمين الأولية والاستعاضة عنها بقسم إعدادي بعد شهادة (الكفاءة – أو البكالوريا الأزهرية) لتخريج المدرسين بالمدارس الأولية.
ضم شعبة البلاغة والأدب الحالية للتخصص الأزهري إلى دار العلوم والمطالبة بضم قسم اللغة العربية بكلية الآداب بالجامعة المصرية إليهما، ثم يضم الجميع إلى ناحية الأزهر حتى يتوحد المعهد الذي يتخرج فيه أساتذة الدين واللغة العربية بالمدارس المصرية.
المطالبة بتقرير تدريس الدين في كل مراحل التعليم وبأن يكون مادة أساسية في كل المدارس المصرية.
العمل الدائب على إعادة التشريع الإسلامي وجعله القضاء السائد في الأمة، وتبعًا لذلك يضم قسم التخصص الأزهري الحالي في كلية الشريعة إلى كلية الحقوق بالجامعة المصرية ثم يضمان معًا إلى الأزهر.
ثانيًا: مقترحات فنية:
العناية باختيار مواد الدروس الدينية وجعلها أساسًا في المناهج الأزهرية مع جعل حفظ القرآن الكريم مادة أساسية يمتحن فيها الطلبة امتحانًا صحيحًا في كل مرحلة من مراحل التعليم الأزهري بحيث يتوقف نيل الطالب الشهادة على إجادة الحفظ.
تحرير المناهج الأزهرية من تقليد غيرها من المناهج والاقتصار على العلوم الرياضية والحديثة مما لابد منه للأزهري مع الإلمام بها جميعًا على طريقة التوزيع بين الأقسام والفرق.
العناية باختيار المدرسين وترك الحرية للطلاب في الأقسام العالية وفي التخصص في الحضور على من يريدون من الشيوخ.
ملاحظة أن يكون مدرسو الرياضة والعلوم الحديثة ممن يميلون بفطرتهم إلى البيئة الأزهرية مع إنشاء قسم إعدادي يلتحقون به مدة معينة يلمون فيها بما لابد منه من المعلومات الدينية التي تتصل بدروسهم والتي تحفظ كرامة المدرس وعقيدة الطالب.
العناية باختيار الكتب المدرسية.
الاقتصار في اللغات الأجنبية في الأزهر على ما لابد منه، وذلك بأن تكون في مناهج الكلية المخصصة بنشر الدعوة في البلاد الأجنبية بقسميها العالي والتخصص فقط لا في كل الكليات ولا في الأقسام الأولية والثانوية، وجعلها بقدر الإمكان في أماكن غير أماكن الدراسة الأزهرية ويجب أن يقوم بتدريسها على أية حال مدرسون مسلمون.
مراعاة القصد في البعوث الأزهرية إلا أن يكون ذلك بين الشعوب الإسلامية التي يريد أهلها أن يتعلموا الإسلام عن طريق الأزهر.
العناية بالتربية والإصلاح الخلقي الذي يقوي في الأزهر خلق الرجولة الكاملة وذلك بأن تكون دراسة الدين في الأزهر علمية وعملية.
الزي الأزهري يجب أن يبقى كما هو أو يتقرب أكثر من ذلك إلى الشكل العربي أما إدخال الأزياء الإفرنجية بالأزهر فجريرة لا يعلم مدى سوء أثرها إلا الله.
ذلك ما أردنا أن نتقدم به من مقترحات فنية وإدارية وفيما يلي كلمة تفسيرية نلم فيها بالغاية من ذلك والله ولي التوفيق.
وأرفق تصور بذلك فقال: كيف يكون الارتباط بين حلقات السلسلة الأزهرية:
أولًا: يجب أن يضم التعليم الأولي بكل فروعه إلى ناحية الأزهر وتجهز مناهجه بكيفية تجعلها وثيقة الرابطة بالمناهج الأزهرية، فتضم المكاتب الإلزامية إن بقيت والأولية إن عادت إلى ناحية الأزهر، وتلغي مدارس المعلمين الأولية وتحضيريتها ويستعاض عنها بحملة شهادة الدراسة الثانوية القسم الأول أو الثاني بالأزهر بعد أن تكون هناك فترة يعدون فيها للقيام بمهمة التدريس بالمدارس الأولية ويمنحون بعدها إجازة تخولهم هذا الحق وتقوم مقام كفاءة التعليم الأولي الحالي.
ثانيًا: تعتبر كل كلية في الأزهر إعدادًا للمرحلة التي تليها من مراحل الأزهر فكلية اللغة العربية تجهز للتخصص الذي يقوم بدراسة اللغة العربية في كل المعاهد المصرية بعد أن تضم دار العلوم إلى هذه الشعبة، وتقتصر كلية الآداب بالجامعة المصرية على الأقسام الحالية بها غير قسم اللغة العربية حتى لا يكون هناك تضارب بين نظام الجامعتين الأزهرية والمصرية، وتكون كلية الشريعة إعدادية لشعبة التخصص الذي يوكل إليه أمر القضاء وعلى الأزهر أن يسعى سعيًا حثيثًا في إقناع السلطات المختصة بوجوب العودة إلى التشريع الإسلامي وحينئذ تضم إليه كلية الحقوق وتمتزج بكلية الشريعة وتحدد مهمة كل جامعة من الجامعتين تحديدًا دقيقًا وتكون كلية أصول الدين إعدادية لقسم التخصص وهو القسم الخاص بالإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد في البلاد الإسلامية وبالدعوة الإسلامية خارج البلاد.
كما قدم تصور للإصلاح فقال: ننتقل بعد ذلك إلى ناحية إصلاح المناهج في الأزهر الشريف وذلك إنما يكون بحسن اختيار المواد الدراسية وبحسن اختيار المدرسين وإعدادهم وحسن اختيار الكتب الدراسية.
فأما من الناحية الأولى فقد أجمع المربون على أن أول أساس يجب أن ينظر إليه في اختيار المواد الدراسية الغاية التي يجهز لها الطالب.
والغاية التي يجهز لها الطالب في الأزهر وهى تعليم الناس الدين ونشر دعوة الإسلام بينهم وعلى هذا يجب أن يلاحظ في مواد الدراسة الأزهرية هذه الملاحظات.
العناية بالدروس الدينية عناية تجعل الطالب الأزهري ضليعًا فيها ملمًا بأصولها جيد الملكة في تذوقها، وبذلك نحرص على كرامة الأزهر وصبغته الإسلامية التي يجب أن تظل خالدة فيه.
تحرير مناهج الأزهر من تقليد المدارس المدنية الذي خضعت له في العهد الأخير، والذي نجم عنه شحن المناهج بالعلوم المدنية على طريقة تحول بين الطالب وبين هضم إحدى الناحيتين.
وأما عن الناحية الثانية وهي إعداد المدرسين وحسن اختيارهم فأمامنا لذلك عدة وسائل، فأما من حيث المدرسين الحاليين فإن إصلاح شأنهم يكون في ترك الحرية للطلاب في الكليات وأقسام التخصص في الحضور على الشيخ الذي يريدون حضور درسه، وإذن فسيكون هناك تنافس بين الشيوخ في الإجادة والإفادة ويكون البقاء للأصلح، وأما من حيث المدرسين في المستقبل فإن إصلاح المناهج كفيل بإصلاح شأنهم بعد الوقت المناسب.
أما الناحية الثالثة وهي العناية باختيار الكتب فقد ألم بها باحثون كثير على أثر ما لوحظ من عناية الكتب المتداولة بالألفاظ والجدل أكثر من عنايتها بالعلم والملكات، وإنما يكون إصلاح هذا النقص بالعودة إلى بعض كتب المتقدمين الدسمة المليئة بالعلم في سهولة ودقة بحث وبأن تؤلف لجان فنية مهمتها الانتقاء والاختيار وإمداد الأقسام الأزهرية بالمصنفات التي تنتج دراستها غزارة العلم وقوة الملكة([28]).
وقد قام الإخوان بجهد كبير من أجل التقريب بين التعليم الديني والمدني من أجل مصلحة البلاد، ففي عام 1347ﻫ تقدم الإمام البنا والأستاذ أحمد السكري والشيخ حامد عسكرية بمذكرة وافية يطالبون فيها الوزارة القائمة إذ ذاك بتعديل المناهج للعمل على تقريب الثقافات، وزيادة التعليم الديني في المدارس المدنية، ووجوب العناية بهذه الناحية.
وفي عام 1933م تقدم الإخوان بمذكرة شبيهة بتلك للوزارة القائمة حينذاك، وفي عام 1935م تقدم الإمام البنا بمذكرة للشيخ المراغي شيخ الأزهر عرض فيها رأيه لتقريب الثقافة بين أفراد الشعب.
كما وضع الإخوان بعض الأمور التي تساعد على الإصلاح ومنها:-
أ-إعداد الطالب
فلابد أن يقف الطلبة على أبواب الكليات وقفة طويلة ليغربلوا غربلة ملؤها الصدق، فلا يدخل إلا من كان معدنه يصلح ليكون سهمًا من سهام الله، وما عدا ذلك فيوجه لما خلق له، ثم يربى المصطفون تربية حازمة تدفع بهم في صدر الحياة أثبت إيمانًا وأمضى سلاحًا وأقدر ما يكون على النفع والانتفاع.
ب-اختيار الكتاب
ونريد بالكتاب ما يشمل النوع والكيف، وفي رأينا أن الدراسة في القسمين الابتدائي والثانوي تحتاج إلى تعديل ميسور، فيعفى الطالب أول التحاقه من حفظ جميع القرآن على أن يدخل بنصفه ثم يتمه مع إتمام دراسته الابتدائية، وتستبدل حصص القرآن بحصص الفقه كاملًا في القسم الثانوي.
أما التعليم المتوسط فتكفيه لغة أجنبية تدرس بعناية وإخلاص، فلقد منيت اللغات في الكليات بفشل يبكي له القلب، ثم يجيء التعليم العالي وأكثر آفاته الكتب وما تعقدت به والتوت عليه، فمن الخير أن تصفى تصفية تنقي خبثها، وتسهل وعرها، وتسلك بها إلى الأذهان أقرب الطرق.
ج-ترشيح الأستاذ
أما مشكلة الأساتذة فلا يكفي لنطمئن إلى العالم الذي يدريس في الكليات أنه أمضى كذا سنة في التدريس بالمعاهد، أو أنه كان في الصف الأول من صفوف التخرج.. إلخ، فما أتفه كل هذا، إنما الأستاذ في الكليات مقرر علم ومربي نفس فيجب أولًا أن يضع كتابًا في المادة التي يقوم بتدريسها ليدلل على نفاذ فكره أو سعة اطلاعه، ثم يتصل بتلاميذه اتصال الشيخ بمريديه يتعهدهم ويراقب سلوكهم ويأخذهم برياضة نفسية معتدلة.
ولقد قدم كثير من الإخوان بعض المقترحات النافعة عبر الصحف فقد كتب بعضهم مقترحًا بأنه من حق طلاب التعليم الثانوي بالأزهر أن يلتحقوا بمدرسة الحربية لما يتمتعون به من عقيدة قوية وإيمان صادق، ولا تكون هذه المدرسة مقتصرة فقط على طلاب التعليم الثانوي في المدارس المصرية، كما قرروا هذا الاقتراح أيضًا بالتحاق طلبة الأزهر الشريف بمدارس البوليس، كما طالبوا أيضًا أكثر من مرة بتدريس اللغات في كليات الأزهر، حتى يواكب الأزهر وطلابه رسالتهم العالمية.
وشجع الإخوان مشيخة الأزهر على إرسال بعثات إسلامية إلى بلدان العالم لنشر الإسلام، ولتعليم الأقليات المسلمة أمور دينهم.
وللعناية بالتعليم الأزهري وطلابه أنشأ الإخوان قسم تابع للمركز العام لطلبة الأزهر، وكان الهدف من إنشاء هذا القسم إظهار دعوة الإخوان المسلمين على صورتها الحقيقية، وإيضاح أهدافها لعلماء وطلبة الأزهر، وتوثيق الروابط بين الإخوان والأزهر بكل فئاته، والعمل على التعاون مع الأزهر لمواجهة الأحداث الدينية العامة التي تمس الإسلام والمسلمين داخل مصر وخارجها، ووضع مناهج التعليم على أسس إسلامية، وعلاج المشكلات التي تواجه المجتمع الإسلامي([29]).
ولقد حث الطلبة على الالتفات للعمل النافع والنهوض بالأمة والتصدي للمحتل وعدم السير في ركاب حزب والتعصب له مما يدفع إلى الفرقة بين أبناء الوطن في وقت يحتاج الوطن لجهودهم للتصدي للمحتل الجاثم على صدر وقلب الوطن الإسلامي.
أوجز الإمام البنا المنهج التربوي لدي الشباب في قوله: أيها الشباب:
إنما تنجح الفكرة إذا قوى الإيمان بها، وتوفر الإخلاص فى سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووجد الاستعداد الذى يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها. وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة من: الإيمان، والإخلاص، والحماسة، والعمل من خصائص الشباب؛ لأن أساس الإيمان القلب الذكى، وأساس الإخلاص الفؤاد النقى، وأساس الحماسة الشعور القوى، وأساس العمل العزم الفتى، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب. ومن هنا كان الشباب قديمًا وحديثًا فى كل أمة عماد نهضتها، وفى كل نهضة سر قوتها، وفى كل فكرة حامل رايتها: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً﴾(الكهف: 13).
ومن هنا كثرت واجباتكم، ومن هنا عظمت تبعاتكم، ومن هنا تضاعفت حقوق أمتكم عليكم، ومن هنا ثقلت الأمانة فى أعناقكم. ومن هنا وجب عليكم أن تفكروا طويلًا، وأن تعملوا كثيرًا، وأن تحددوا موقفكم، وأن تتقدموا للإنقاذ، وأن تعطوا الأمة حقها كاملًا من هذا الشباب([30]).
كتب الأستاذ عبد العزيز عطية (عضو مكتب الإرشاد) تحت عنوان نظرات فى التربية, بين فيها المراحل الصحيحة للتربية الصحيحة قبل اختيار الأخ المسلم للزوجة, والشروط الواجب توافرها فى اختيار الزوجة والواجبات التي تتخذ نحو الطفل منذ كون جنينا ثم مرورا بكل المراحل([31]).
وكتب أحد الإخوة يزكي وسائل الإعلام المرئية إذا حسن الاستفادة منها فقال:
ومن الحق أن يقال أن التلفزيون أداة أو "جهاز" إن وجه إلى الخير والإصلاح أمكن أن ينشئ الطفل النشأة الصالحة، ويربي الفرد ويصلح المجتمع، ويكون عونا للدولة على النهوض بأعبائها على أحسن حال، وبالعكس تماما إذا أسيء استعماله، واتجه القائمون على أمره إلى الشر والفساد من حيث يشعرون أو لا يشعرون، كان جهازا مدمرا ينشئ الطفل أسوأ نشأة، ويفسد الفتاة والمرأة ويزين لهما سبيل الانحراف، ويعلم الشباب طرق الجريمة والإفلات من آثارها.. وبالإجمال فهو يدمر كل فضيلة مطلوبة ويهدم كل بناء صالح([32]).
كان من آثر نشاط قسم الأخوات عام 1948م إنشاء أول مؤسسة اجتماعية لهم وهي (دار التربية الإسلامية للفتاة) وكان مقرها شارع قنطرة السكرة بالمنيرة , والتي تهدف إلى تربية الفتيات الفقيرات تربية إسلامية صالحة وإعدادهن إعدادا إسلاميا صحيحا ليواجهن الحياة العملية.
وتذكر الحاجة فاطمة عبدالهادي نشاط المدرسة متمثلا في:
1- مساعدة أسر الفتيات وبعض العائلات الفقيرة من كساء وعلاج وتقديم إعانات مالية.
2- إطعام الفقراء في شهر رمضان .
3- توزيع أغطية ملابس على العائلات الفقيرة في الشتاء وفي المواسم والأعياد.
4- المساهمة في الإرشاد الاجتماعي والوعظ عن طريق المحاضرات.
5- القيام بالإصلاح بين السيدات في البيوت .
وهذا بجانب مهمتها الأولى الرئيسية وهي تنشئة جيل يربى تربية عملية إسلامية صحيحة([33]).
وبعد عودة الجماعة عام 1951م بعد حلها وصل عدد مدارس الإخوان إلى إحدى وثلاثين مدرسة معظمها رياض أطفال ومدارس ليلية بها ما يزيد عن 3500 طفل ثم زادت هذه المدارس خلال العوام التالية([34]).
تعليم ما بعد المحنة
لقد حرص الإخوان أن تكون المؤسسات التربوية والتعليمية في البلاد الإسلامية معبرة عنها ومعمقة في نفوس المتعلمين لتخريج أجيال تفهم الإسلام فهما صحيحا.
تأسست الجمعية التربوية الإسلامية بالقاهرة ليتعاون أصحاب الاتجاه الإسلامي من العاملين في المجال التربوي والتعليمي في تنظيم الدعوة وتنمية الفكر التربوي الإسلامي، ومدارسة أساليبه ومشكلاته.
وقد وضعت الجمعية لها بعض الأغراض ومنها:-
1- دراسة قضايا التربية والتعليم ومشكلاتها من منطق إسلامي.
2- تشجيع البحث التربوي الإسلامي وتقديم التسهيلات الممكنة للباحثين.
3- القيام بخدمات ثقافية وتربوية وعلمية كإنشاء المكتبات وتنظيم الندوات والمؤتمرات ونشر الأبحاث النافعة وإصدار صحيفة متخصصة.
4- الدعوة إلى توفير المناخ الإسلامي في معاهد التعليم.
5- الدعوة إلى تكامل عناصر العملية التعليمية بما يحثث أهداف التربية الإسلامية مع الإفادة بأساليب العصر وعلومه.
6- الدعوة إلى اهتمام المؤسسات التعليمية بالقرآن الكريم (تلاوة وفهما وحفظا) وبالسنة المطهرة.
7- التوجيه الديني للشباب والناشئة وبعث الروح العلمية والعملية التي كان لعلماء السلف فيها باع.
8- تنظيم البرامج والدورات لأعضاء الجمعية لتوجيههم علميا وتربويا وإسلاميا.
9- التعاون مع الهيئات التربوية والمنظمات المهنية للمعلمين لتحقيق أهداف التربية الإسلامية.
ولتحقيق هذه الأهداف سعت الجمعية للعمل على إنشاء مدارس في كل مكان وذلك لتحقيق الأهداف الإسلامية المنشودة([35]).
واستطاعت جميع مدارس الجيل المسلم بالغربية الحصول على شهادة الجودة العالمية للتعليم وكل ذلك مسجل في وزارة التربية والتعليم في مصر([36]).
ومن أثر هذه الجمعية في الناس ما يحاول بعض الكارهين للحركات الإسلامية ترويجه في حق هذه المدارس، إلا أن شهادة تدل على حقيقة تأثير هذه المدارس في النشء، فيقول الأستاذ عبدالحفيظ طايل - مدير مركز الحق في التعليم- أن مدارس الإخوان المسلمين تعتمد في دراستها على التركيز في بيئة التعلم، وليس مناهج التعليم التي أقرتها الوزارة، فمثلا تفرض إدارة المدرسة على المعلمين والمعلمات الاعتكاف في رمضان، وتفرض على المعلمات الحجاب أو النقاب كشرط لقبولها في المدرسة، وترسخ ثقافة أحادية النوع الاجتماعي عن طريق الفصل التام بين البنين والبنات، وإجبار الطلاب على ترديد الأناشيد الصباحية التي لا تدعو للانتماء للدولة المصرية، والحصص التي تفرضها المدرسة لتعليم الأناشيد التي تحث على الجهاد، كل هذه الأمور تؤثر على أفكار الطلاب وتخلق صورة ذهنية أن من لا يمارس تلك السلوكيات، لا يمارس الدين الإسلامي، ومع مرور الزمن تصبح الأجيال القادمة منتمية بشكل غير مباشر لجماعة الإخوان المسلمين من حيث الأفكار والسلوكيات([37]).
كما نشأت جمعية الدعوة ببني سويف والتي ظهرت في وقت كان الجهل منتشر، والفقر يسيطر على معظم الشعب – خاصة مع الانفتاح الذي قام به السادات وأدى لظهور الطبقية المقيتة- ومن ثم لامست هذه المؤسسة قلوب الناس الذين سارعوا لتقديم أبنائهم إلى الحضانة والمدارس، وسعوا إلى المستوصفات، بل كثير منهم سارع للمعاونة بالجهد والمال لإتمام هذا الصرح الذي خدم جموع المحافظة، وقد كللت هذه الجهود بتحقيق بعض الأهداف حيث تم إقامة حضانة إسلامية تستوعب 400 طفل – في حينها – يتربون على العادات والتقاليد الإسلامية، كما أقاموا مشغل لتعليم الأخوات بحيث تتخرج منه دفعة كل 3 شهور.
أقامت الجمعية أيضا مدرسة إسلامية بمدينة الفشن ضمت وقتها 7 فصول، كما عمدت الجمعية لإنشاء مسجد ومدرسة وحضانة بمدينتي ببا وبوش، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أنشئوا جمعية تعاونية استهلاكية.
وفي مجال التعليم توسعت مدارس الدعوة حتى أصبح يعمل بها ما يقرب من 800 مدرس ومدرسة وعامل([38]).
هذا وقد نظم قسم الثانوي وقسم الزهرات بجماعة الإخوان المسلمين بشعبة شرق بمحافظة أسوان، وبالتعاون مع جمعية رواد الكشافة والمرشدات بأسوان وجمعية بيت العائلة حفلًا ترفيهيًّا بمناسبة يوم اليتيم؛ حيث اشتملت فقرات الحفل على مجموعة متنوعة من برامج الترفيه والمرح, لإدخال البهجة والفرح والسرور على الأطفال والأمهات([39]).
إخوان المجتمعات العربية
اهتم الإخوان في سوريا بالتعليم وعنوا بالتعليم وحالوا دون توسع الزحف التبشيري بإنشاء عدد من المعاهد والمدارس في المدن السوريّة، واستعانوا بعدد من المربين والمدرّسين الأكفاء، وهيّأ الإخوان الفرص للالتحاق بمدارسهم الليليّة.
وكان للإخوان من المشاريع الاستعماريّة والأحلاف الاستعماريّة موقف مشرّف لا يستطيع أن ينكره باحث منصف.
غير أن العمل التعليمي الكبير، الذي اضطلعت به جماعة الإخوان المسلمين في سورية، وسبقت في ميدانه الآخرين، هو إنشاء مدارس ليلية في جميع المدن السورية الكبيرة، حيث أتاحت للألوف ممن لم تسعفهم ظروفهم في الالتحاق بالمدارس النهارية، فتخرج في هذه المدارس حملة الشهادات الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ثم تابع قسم من هؤلاء دراساتهم الجامعية، بل إن فريقا منهم التحق بالدراسات العلي، وحملوا شهادات الدكتوراه في مختلف التخصصات، وتسلموا مناسب التدريس في المعاهد والكليات الجامعية.
لقد قدر بعض الباحثين عدد الطلاب المسائيين من العمال الذين التحقوا بمدارس الإخوان المسلمين في سورية بخمسة آلاف، تلقوا تعليمهم بالمجان، أو بأقساط رمزية([40]).
وفي الأردن عمد الإخوان إلى إقرار تشريعات واضحة تتعلق بأخلاقيات مهنة التربية والتعليم، تصون كرامة المعلم، وترتقي بأدائه وأهليته، وتفرض احترامه على الطلبة وفي المجتمع، وتحسن مستواه المعيشي بما يليق برسالته، وخاصة في المناطق والأقاليم النائية.
كما عملوا على استمرار التأكيد على الأسس التي تستند إليها فلسفة التربية والتعليم في الأردن، وأولها الإيمان بالله عز وجل، وان الإسلام نظام فكري سلوكي يحترم الإنسان ويعلي مكانة العقل، ويحض على العلم والعمل والخلق، وتأكيد العلاقة العضوية بين الإسلام والعروبة لتحقيق الهوية الثقافية، وبناء الشخصية الوطنية الإسلامية المتميزة، وإيجاد القدوة الحسنة في كل المجالات، وخاصة في مراكز القيادة والتوجيه([41]).
وهكذا عمل الإخوان إلى إصلاح التعليم بكل أشكاله، وقد أحدثوا أثرا تربويا وتغيرا في النمط التعليمي، أثبتت مدارسهم القدرة على النجاح قبل أن تطولها أيدي الانقلاب.
المصادر
([1]) رسالة المؤتمر السادس، رسائل الإمام البنا، البصائر للبحوث والدراسات، 2006م، صـ483
([2]) أنور الجندي: تاريخ الصحافة الإسلامية، توزيع دار الأنصار، القاهرة.
([3]) مقال بعنوان (في مناهج التعليم): جريدة الإخوان المسلمين الثلاثينيات، العدد 11، السنة الثالثة، الثلاثاء 24ربيع الأول 1354هـ / 25يونيو 1935م.
([4]) الموسوعة العالمية للشعر العربي: http://cutt.us/QC0pu
([5]) مقال بعنوان حياتنا التهذيبية: مجلة الشبان المسلمين الشهرية، السنة الأولى، المجلد الأول، الجزء الثاني، جمادى الآخرة 1348ﻫ/ نوفمبر 1929م، صـ104.
([6]) مجلة التعارف، العدد 9، السنة الخامسة، 5ربيع الأول 1359ﻫ/ 13أبريل 1940م، صـ1.
([7]) رسالة إلى أي شيء ندعو الناس: مجلة الإخوان المسلمين، العدد 11، السنة الثانية، 7 ربيع الثاني 1353ﻫ- 20 يوليو 1934م، صـ3.
([8]) جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، الكتاب الثاني، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2003م.
([9]) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثالثة – العدد 6 - 18صفر 1354هـ / 21مايو 1935م.
([11]) مجلة التعارف، العدد 9، السنة الخامسة، 5ربيع الأول 1359ﻫ/ 13أبريل 1940م، صـ1.
([12]) رسالة إلى أي شيء ندعوا الناس، رسائل الإمام البنا.
([13]) التعارف: العدد 4، السنة الخامسة، 30محرم 1359ﻫ/ 9مارس 1940م، صـ8.
([14]) مجلة النذير، العدد 11، السنة الثانية، 11ربيع الأول 1358ﻫ/ 2مايو 1939م، صـ28.
([15]) مجلة النذير، العدد 11، السنة الثانية، 11ربيع الأول 1358ﻫ/ 2مايو 1939م، صـ28.
([16]) محمد عبد الله السمان: أيام مع الإمام الشهيد حسن البنا، دار الفضيلة، القاهرة، 2002م، صـ62.
([17]) مجلة التعارف، العدد (5)، السنة الخامسة، 7صفر 1359ﻫ- 16مارس 1940م، صـ9.
([18]) مجلة التعارف: العدد (6)، السنة الخامسة، 14صفر 1359ﻫ/ 23مارس 1940م، صـ2.
([19]) مجلة النذير، العدد 18، السنة الثانية، غرة جمادى الأولى 1358ﻫ/ 20يونيو 1939م، صـ6.
([20]) جمعة أمين عبدالعزيز: مرجع سابق
([21]) مجلة النذير: العدد 20، السنة الثانية، 15جمادى الأولى 1358ﻫ/ 4يوليو 1939م، صـ24-25.
([22]) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثالثة – العدد 7 - 18صفر 1354هـ / 21مايو 1935م.
([23]) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثالثة – العدد 22- 12جمادى الآخرة 1354هـ / 10سبتمبر 1935م.
([24]) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثالثة – العدد 11 – الثلاثاء 24ربيع الأول 1354هـ / 25يونيو 1935م.
([25]) إسحاق موسى الحسيني: الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية الحديثة، دار بيروت للطباعة، 1952م.
([26]) زكريا سليمان بيومي: الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية المصرية (1928-1948م)، مكتبة وهبة، الطبعة الثانية، 1991م.
([27]) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثالثة – العدد 11، مرجع سابق.
([28]) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثالثة – العدد 13 – الثلاثاء 8ربيع الثاني 1354هـ / 9يوليو 1935م.
([29]) محمد شوقي زكي: الإخوان المسلمون والمجتمع المصري، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى، 1952م.
([30])إلى الشباب عامة وإلى الطلبة خاصة: مجموعة رسائل الإمام البنا، دار التوزيع والنشر الإسلامية
[31] - مجلة الشهاب العدد 3/ ربيع أول 1367, يناير 1948ص79, والعدد 5 أول جماد أول 1367, مارس 1948 ص57.
([32]) الدعوة – العدد (63) – رمضان 1401هـ / يوليو 1981م.
[33]) جريدة الإخوان المسلمون اليومية: العدد 719 السنة الثالثة، 2 ذو القعدة 1367هـ- 5/9/1948م، ص (29).
([34])الإخوان المسلمون والمجتمع المصري، محمد شوقي زكى، رسالة ماجستير.
([35]) مجلة الدعوة: أبريل 1979م، صـ 59
([36]) نافذة مصر: محمد حمدي، 15/3/2014م.
([37]) يوم دراسي في مدرسة إخوانية: الشروق الجديد، 12 / 3 / 2013م
([38]) مجلة الدعوة: العدد 63 السنة 31، رمضان 1401هـ/ يوليو 1981م، صـ 26.
([39]) صحيفة الفجر: الخميس 11/أبريل/2013م.
([40]) عدنان زرزور: مصطفى السباعي، (دمشق، دار القلم ، 1421هـ - 2000م)، صـ 129.
([41]) رؤية الحركة الإسلامية للإصلاح في الأردن: الحركة الإسلامية في الأردن, 2005م
.