Business

صور من بر الصحابة بآبائهم

كان صحابة رسول الله ﷺ يرون أن بِرَّ الوالدين وخصوصًا البِرَّ بالأمهات من أفضل الأعمال؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لرجل: «إني لا أعلمُ عملًا أقرَب إلى الله عز وجل من برِّ الوالدة»، وعن ابن عمر رضي الله عنهما: «أنه قال لرجل: أحَيٌّ والدُاكَ؟ قلت: عندي أُمِّي، قال: لو ألَنْتَ لها الكلامَ، وأطعَمْتَها الطعامَ لتدخُلَنَّ الجنَّة ما اجتنبت الكبائر».

 وفى الدراسة التي أعدها الباحث فهد بن عبد العزيز عبد الله الشويرخ، يرصد أصولًا وفروعًا في بر الوالدين، فالأصول حقُّهم: البِرُّ والإحسان، والفروع حقُّهم: التربية والتوجيه، والصحابة رضي الله عنهم كانت لهم مواقف في ذلك ينبغي الاستفادة منها.

 

من مواقفهم في البِرِّ بوالديهم

  • البِرُّ بهما ولو كانا مشركين

فعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: قدمت أُمِّي وهي مشركةٌ، فاستفتيتُ رسول الله ﷺ، فقلت: أمِّي قدمت وهي راغبة، أفأصِلها؟ فقال رسول الله ﷺ: «نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ».

  • الحرص على دعوتهما إلى الإسلام

عن أبي هريرة رضي الله عنه جئتُ فقلت: يا رسولَ الله، إني كنتُ أدعو أُمِّي إلى الإسلام، فتأبى عليَّ، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادْعُ اللهَ أن يهدي أُمَّ أبي هريرة، فقال رسول الله ﷺ: «اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أبي هريرة»، فخرجتُ مستبشرًا بدعوة النبي ﷺ، فلما جئت، قالت: يا أبا هريرة، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

  • ترك حج التطوُّع لصحبة الأُمِّ

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: والذي نفس أبي هريرة بيده، لولا الجهادُ في سبيل الله، والحجُّ وبِرُّ أُمِّي لأحببْتُ أن أموتَ وأنا مملوك. زاد مسلم في رواية: قال: يعني الزهري: وبلغنا أن أبا هريرة لم يكن يحجُّ حتى ماتَتْ أُمُّه؛ لصحبتها، قال الإمام النووي رحمه الله: المراد به حج التطوُّع؛ لأنه قد كان حج حجةَ الإسلام في زمن النبي ﷺ، فقدَّم بِرَّ الأُمِّ على حج التطوُّع؛ لأن بِرَّها فرضٌ، فقُدِّم على التطوُّع.

  • الصيام عنهما الصيام الواجب عليهما

وعن عطاء بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه، قال: كنت جالسًا عند النبي ﷺ إذ أتته امرأة، فقالت: يا رسول الله، إن أُمِّي كان عليها صوم شهر، أفأصوم عنها؟ قال: «صومي عنها».

  • الصدقة عنهما في حياتهما

وعن عطاء بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه، قال: كنت جالسًا عند النبي ﷺ إذ أتته امرأة، فقالت: يا رسول الله، إنِّي تصدَّقْتُ على أُمِّي بجارية، وإنها ماتت قال: «وجب أجرُك، وردَّها عليك الميراث».

  • الصدقة عنهما بعد موتهما

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: إن سعد بن عبادة رضي الله عنه تُوفِّيت أُمُّه وهو غائب، فأتى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، إن أُمِّي تُوفِّيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها شيء إن تصدَّقْتُ به عنها؟ قال: «نعم»، قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها.

  • الحجُّ والعمرة عنهما

عن عطاء بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه، قال: كنتُ جالسًا عند النبي ﷺ إذ أتته امرأة، فقالت: يا رسول الله، إني أُمِّي لم تحجَّ قَطُّ، أفأحجُّ عنها؟ قال: «نَعَم، حجِّي عنها».

وعن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه أنه أتى النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: يا رسول الله، إن أبي شيخٌ كبيرٌ، لا يستطيع الحَجَّ ولا العمرة ولا الظعن، قال: «حُجَّ عن أبيك واعتمر».

 وعن الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال: إن امرأة قالت: يا رسول الله، إن أبي شيخٌ كبيرٌ، قد أدركته فريضة الله في الحج، وهو شيخ كبير، لا يستطيع أن يستوي على ظهر البعير، قال: «حجِّي عن أبيك».

  • الدعاء لهما

عن مولى أم هاني بنت أبي طالب أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بالعقيق، فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته: عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمتاه، تقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يقول: رحمك الله كما ربَّيتني صغيرًا، فتقول: يا بني، وأنت جزاك الله خيرًا، ورضي عنك كما بررتني كبيرًا.

  • قضاء النذر عنهما

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: إن سعد بن عبادة استفتى رسول الله ﷺ في نذرٍ كان على أُمِّه، توفيتْ قبل أن تقضيَه، فقال: «اقْضِه عنها».

  • بِرُّهما بعد وفاتهما

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: لما حضر قتال أُحُد، دعاني أبي من الليل، فقال: إني أراني إلا مقتولًا في أول مَنْ يُقتَل من أصحاب رسول الله ﷺ، وإني والله ما أدَعُ أحدًا؛ يعني: أعزَّ عليَّ منك بعد نفس رسول الله ﷺ، وإن عليَّ دَيْنًا، فاقْضِ عنِّي ديني، واستوصِ بأخواتك خيرًا، فأصبحنا، فكان أول قتيل، فدفنتُه مع آخر في قبر، ثم لم تَطِبْ نفسي أن أتركَه مع آخر في قبر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضَعَتْه غير أُذنه.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم