إن المسجد يلعب دورًا فعالًا في تشكيل شخصية الفرد المسلم، وبلورتها لإخراجها بالصورة التي تليق بكونها شخصية تُنسب للإسلام، فمن خلال المحاضرات، ودروس الوعظ، وخطب الجمعة، يمكن للمسجد أن يقوم بتوعية الأسرة المسلمة وتوجيهها نحو العناية بأطفالها على كافة الجوانب خاصة الجانب النفسي.
هدفت هذه الدراسة: «الدور التربوي للمساجد في توعية الأسرة المسلمة بأهمية تحقيق الأمن النفسي للأطفال»، التي أعدتها الدكتورة غادة حمزة الشربيني، أستاذ أصول التربية المساعد، إلى محاولة التعرف على الأدوار التربوية التي يمكن أن يقوم بها المسجد لتوعية الأسرة بأهمية تحقيق الأمن النفسي للأطفال.
الأمن النفسي من منظور إسلامي
يعد الأمن من أجلّ النعم التي أنعم الله بها على البشر. وقد ورد ذكر الأمن في العديد من الآيات القرآنية قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ} (لرعد: 28)، قال تعالى: {ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ومَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} (النور: 55).
وقد أوضحت السنة النبوية المطهرة أهمية الأمن في حياة الإنسان، حيث قال ﷺ: «من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا».
أهمية تحقيق الأمن النفسي للأطفال
- الشعور بالسكينة والهدوء وراحة البال.
- الإحساس بالثقة في ذاته وفيمن حوله.
- مؤشر لبناء الشخصية السوية.
- شرط لانتظام حياة الطفل واستقرارها.
- يساعد على تحقيق النهضة والازدهار للفرد والمجتمع.
- يمنح الاستقرار، وهو بدوره يدفع إلى النجاح.
- زيادة الهمم، والشعور بالقوة وعدم الضعف.
- الشعور بالانتماء للجماعة.
أبرز المشكلات التي تهدد الأمن النفسي للأطفال
- الطلاق: إن بُعد الأطفال عن حنان الأم أو الأب، يسهم في تشريد الأطفال، حيث تكثر جرائم الأحداث فيتزعزع الأمن والاستقرار في المجتمع.
- العنف الأسري: مثل العنف في المنزل، والعنف في المدرسة، والعنف في الشارع، والعنف في وسائل الإعلام.
- التنشئة الاجتماعية الخاطئة: مثل:
- إهمال تعلم المعايير والأدوار الاجتماعية السليمة، والمسئولية الاجتماعية.
- الاعتماد على اتجاهات والدية سالبة، مثل: التسلط، والقسوة، والتذبذب في المعاملة، والرعاية الزائدة والتدليل، والإهمال، والتفرقة في المعاملة بين الذكور والإناث، وبين الأشقاء وغير الأشقاء.
- خروج المرأة للعمل.
- الاعتماد على المربيات الأجنبيات والعمالة الوافدة.
- وسائل الإعلام.
دور المسجد في توعية الأسرة بأهمية الأمن النفسي للأطفال
إن عملة التوعية التي سيقوم بها المسجد ينبغي أن تؤسس على أساسٍ معرفي ووجداني وتطبيقي، فضعف الإيمان وعدم ممارسة الشعائر الدينية وتشويش المفاهيم الدينية، يؤدي إلى اضطراب الفرد، وبالتالي انعدام الأمن النفسي، والإيمان بالله والاعتماد عليه مع تزكية النفس بالأعمال الصالحة، هو الموصل إلى السكينة والطمأنينة والأمن.
ومن هذا المنطلق فإننا نقدم خطة عملية للأدوار التربوية التي يمكن أن يقوم بها المسجد لتوعية الأسرة بأهمية تحقيق الأمن النفسي:
الأهداف العامة للخطة
- تعميق الإيمان في نفوس الوالدين.
- غرس القيم الإسلامية فكرًا وسلوكًا في نفوس الوالدين والأطفال.
- تحبيب المسجد إلى نفوس الأطفال.
- تعميق مفهوم وقيمة الرحمة، وقيمة الرفق والعدل، في نفوس الوالدين.
- توجيه الأسرة نحو الاهتمام بتلبية الحاجات المختلفة للأطفال على نحو متوازن.
- تقديم نماذج للشخصية المسلمة والأسرة المسلمة المستقرة.
- تناول المشكلات الأسرية التي تهدد أمن الأطفال.
- التوعية بطرق حل المشكلات التي تعوق تحقيق الاستقرار الأسري.
- إشاعة ثقافة الحوار داخل الأسرة وكيفية ممارستها بشكل عملي.
وينبثق عن الأهداف العامة للخطة أهداف فرعية يمكن عرضها على النحو التالي:
أولًا: أهداف معرفية
- التعريف بأسس الزواج الناجح القائم على الدين والتكافؤ.
- التعرف على الأدوار الأسرية المنوطة بالزوج والزوجة والأبناء.
- التعرف على سبل تربية الأطفال في ظل الثقافة الإسلامية.
- التعرف على طرق تلبية وإشباع حاجات الأطفال بشكل متوازن.
- التوعية بأهمية الرفق بالأبناء عند حدوث أخطاء.
- التوعية بأهمية مشاركة الأطفال في الترويح واللعب.
- التعرف على قدرات واهتمامات الأبناء وجوانب القوة والتميز والعمل على تنميتها.
- التعرف على سبل مواجهة المشكلات الأسرية وطرق العمل على تلافي حدوثها.
ثانيًا: الأهداف الوجدانية
- إدراك أهمية تأسيس أسرة في ضوء توجيهات وتعاليم الرسول ﷺ.
- تنمية الشعور بالانتماء للأسرة والمسجد في نفوس جميع أفراد الأسرة.
- تقدير مسئولية تربية الأبناء والعمل على القيام بها على الوجه الأمثل.
- إدراك خطورة إهمال مشاعر الأطفال والتسفيه من قدرها.
- أن يقدر الأبناء جهود الوالدين معهم وتنمية مشاعر البر والإحسان إليهم.
- تنمية الشعور بأهمية الشكر على نعم الله.
ثالثًا: الأهداف السلوكية
- استخدام المناسبات الدينية في توجيه الأطفال نحو الإتيان بأعمال مرغوبة.
- تعويد الأطفال على إقامة الصلاة وإلحاقهم بحلقات حفظ القرآن.
- تقوية إرادة الأطفال بالتعود على الصوم.
- منح الأطفال حرية التعبير عن الرأي.
- تعويد الأطفال على طلب الكمال وإحسان العمل.
- تشجيع الأطفال على تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بشكل عملي.
- استثمار رغبة الأطفال في الاستقلال وتأكيد الذات بتكليفهم ببعض الأعمال.
- تعويد الأطفال على احترام من يقدم لهم النصح والإرشاد.
الإجراءات المتبعة لتحقيق الأهداف السابقة
- اختيار نخبة من الدعاة والأئمة لتنفيذ الخطة.
- توحيد الجهود بين الأسرة والمسجد وكافة المؤسسات التربوية للعمل على تحقيق الأمن النفسي للأطفال.
- تقديم برامج متنوعة واستثمار كل المناسبات لتحقيق هذه الأهداف.
- تفعيل المسابقات والندوات وجلسات الاستشارات اليومية واللقاءات الأسبوعية.
النتائج المرجوة عند تحقيق هذه الأهداف
- تأكيد الذات والشعور بالرضا.
- تحقيق الاستقرار الأسري.
- بناء جيل مستقر قادر على العطاء وقادر على مواجهة المشكلات واحتمال الشدائد.
- بناء الشخصية التعاونية والمتعاطفة مع الآخرين.
.