التعصب الرياضي.. مخاطر وحلول

من أهم سمات الشخصية السوية التوازن والاعتدال في تكوينها، خاصة في الأمور التي تحتمل وجهات نظر، واختلاف رؤى.

ولذلك فقد ورد في الحديث النبوي الشريف: «أحببْ حبيبَك هونًا ما؛ عسى أن يكونَ بغيضَك يومًا ما، وأبغضْ بغيضَك هونًا ما؛ عسى أن يكونَ حبيبَك يومًا ما»؛ وذلك حتى يربي النفس البشرية على هذه القيمة.

لكن في العصر الحديث رأينا تعصبا يصل لمراحل خطيرة، في الحب والكره، والتأييد والرفض، في الجانب الرياضي.

وفي هذا التقرير نشير لمشكلة التعصب الرياضي وأسبابها وطرق علاجها ليكون التشجيع الرياضي إيجابيا بناء للفرد والمجتمع وليس سلبيا هداما.

 

مفهوم التعصب الرياضي وخطورته

التعصب الرياضي هو: اتجاه نفسي مشحون انفعاليًا، نحو أو ضد لاعب أو فريق أو هيئة رياضية معينة، وغالبًا ما يتحكم فيه الشعور والميول وليس العقل.

ولذلك فهو يمثل خطورة كبيرة على الفرد والمجتمع، إذ يصيب المجتمع بالخلل ويعيقه عن أداء وظائفه الاجتماعية والتربوية والثقافية الأساسية، ويسهم في ظهور أنماط من السلوك والعلاقات غير السوية بين أفراد المجتمع بل والأسرة الواحدة عند تبنيها لاتجاهات مختلفة.

 

المظاهر السلوكية للتعصب الرياضي

هناك مجموعة من الخصائص العامة التي تظهر على الفرد المتعصب، منها الانفعالية الزائدة، والانغلاق الفكري، والعدوان الشديد، والاستئثار بالحديث، واللجوء إلى الصوت المرتفع، والرغبة في السيطرة على الحديث والحساسية المفرطة، وتشوش الأفكار، والاعتقاد بأن النادي أو الفريق الذي يشجعه أفضل من سائر الأندية، وأن الرياضة مكسب على طول الخط، وعدم الاقتناع بالهزيمة.

بالإضافة إلى صعوبة تقبل نجوم الأندية الأخرى، والشعور بمشاعر الكراهية نحو بعض النجوم البارزين فيها، وحرق أعلام الفريق المنافس، وتبادل السب والقذف بين الجماهير، والشجار والعراك، إضافة إلى المسيرات والتظاهرات المنددة بالفريق المنافس، وأخيرًا تخريب وإفساد المتاجر، والمكاتب والمصالح العامة.

 

أسباب التعصب الرياضي

أولًا: العوامل الفردية:

  1. تراجع النسق القيمي والأخلاقي للفرد.
  2. الميل للتطرف في الاعتقاد والرأي، وتفضيل المألوف والحلول القاطعة التي تختار بين الأبيض والأسود.
  3. القلق النفسي وعدم الشعور بالأمان.
  4. المجاراة لمعتقدات أو سلوك الفرد نحو جماعة معينة نتيجة لضغوط يتعرض لها من جماعته التي ينتمي إليها.
  5. انخفاض تقدير الذات وإدراك الفرد لنفسه وتقبله لذاته.
  6. ضعف الرضا عن العمل.

ثانيًا: العوامل الاجتماعية:

  1. حجم الأقلية في المجتمع.
  2. التغير الاجتماعي السريع وما يصاحبه عادة من اختلال ملموس في النظم والمؤسسات الاجتماعية والقيم التي يؤمن بها الفرد.
  3. وجود جماعات تنتمي إلى أديان أو ثقافات مختلفة.
  4. انتقال الفرد من طبقة اجتماعية لأخرى.
  5. الجهل.
  6. المنافسة في ميادين العمل.
  7. الاستغلال.

 

الآثار المترتبة على التعصب الرياضي

  1. إحداث الفتن والقلاقل بين الشعوب.
  2. انشغال الشباب عن القضايا الهامة في مجتمعهم، والاهتمام باللهو واللعب.
  3. الإسهام في زيادة معدل العنف والجريمة والاعتداء على الآخرين.
  4. الآثار النفسية السلبية، كالانفعال الشديد والغضب والتوتر والقلق والانكسار النفسي عند الهزيمة.
  5. الإصابة بعض الأمراض، كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين، وكثيرًا ما تحدث حالات من الإغماءات والسكتات القلبية والجلطات الدماغية بين صفوف الجماهير المتعصبة، سواءً في أرض المباراة أو أمام التلفاز.
  6. حدوث بعض الوفيات، بسبب الفرح الشديد عند الفوز، أو الحزن الشديد عند الهزيمة.
  7. انتشار الشائعات، التي تعد أحد أهم أسلحة الحرب النفسية الهدامة للروح المعنوية.

 

علاج التعصب الرياضي

  1. سن القوانين التشريعية المضادة للتعصب، والعمل على خفضه وتمييزه بالدرجة الأولى.
  2. تغيير الموقف أو المحيط الاجتماعي الذي يسود فيه التعصب.
  3. إقناع الأشخاص المتعصبين عبر وسائل التخاطب الجماهيري، المرئية والمسموعة والمقروءة.
  4. الاتصال المباشر بين الجماعات أو الفرق الرياضية؛ فالتقارب والتفاعل يزيدان من المودة والرحمة والمحبة كما يحدث عادة في ظروف الحياة العادية.
  5. استخدام الأفلام السنيمائية والمسرحيات والقصص في نشر قيم التسامح وتقبل الآخر.
  6. عمل دراسات التغيير الواقعي لظروف المجتمع، والتي تقتضي نزول الميدان وإجراء المسوح للمناطق المختلفة، لتحسين نوعية البيئة التي يعيش فيها المتعصبون.
  7. النصح والإرشاد.
  8. وأخيرًا، يتم اللجوء إلى العلاج النفسي، وذلك إذا اتسم التعصب بوجود مظاهر القلق والتوتر وعدم الاستقرار الانفعالي أو عدم الاتزان في الشخصية.
     
.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم