Business

عمر الهادي يكتب: معاونة الزوج لأهله (سنة مهجورة)

اهتم الإسلام بالأسرة والبيت المسلم؛ لأنهما نواة المجتمع الإسلامي، والمحضن التربوي الأصيل، والخلية الأولى التي يَفتح الطفل عينيه عليها؛ وفيها تعيش الأسرة جزءًا كبيرًا من حياتها.

فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع الإسلامي؛ لذا يجِب الاعتناء بالبيت المسلم بتهيئته لحياة سعيدة، يملؤها الإيمان والمحبَّة، وجعلها مسجدًا للعبادة، ومعهدًا للعلم، وملتقى للفرح والسعادة.

فالبيت المسلم يقوم على مجموعة من الأسس والقواعد التي تَحكمه، وتنظم سير الحياة فيه، كما أنها تميِّزه عن غيره من البيوت، وتُستمد هذه القواعد من القرآن الكريم، والسنَّة النبوية الشريفة، وسيرة الرسول ﷺ، وحياة الصحابة، والتابعين.

فيجب الاهتمام البالغ بتكوين المسلمة لتنشئ البيت المسلم، وينبغي لمن يريد بناء بيتٍ مسلم أن يبحث له أولًا عن الزوجة المسلمة، وإلا فسيتأخر طويلًا بناء الجماعة الإسلاميَّة، وسيظل البنيان متخاذلًا كثير الثغرات، ولا بد لهذا البنيان من قواعد:

  1. الإيمان الصادق بالله ورسوله ﷺ، وما يتطلَّبه ذلك من الإخلاص لله، ودوام الخشية منه، وتقواه، والعمل بأوامره، واجتناب نواهيه، وتربية جميع أفراد الأسرة على ذلك.
  2. السكينة والمودة والرحمة؛ فالعلاقة الزوجيَّة تقوم على السكن والمودة والرحمة، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، والمقصود بالسَّكينة: الاستقرار النفسي؛ حيث تكون الزوجة قرَّةَ عينٍ لزوجها، لا يعدوها إلى غيرها، كما يكون الزوج قرَّةَ عين لامرأته، لا تفكِّر في غيره، والمودة: هي شعور متبادل بالحب، يجعل العلاقة قائمة على الرضاء والسعادة.
  3. التعاون على الطاعة بأن يحضَّ كلٌّ منهما الآخر على عمل الخير، ويشجِّعه عليه، قال ﷺ: «رَحِم الله رجلًا قام من الليل فصلَّى، ثم أيقظ امرأتَه فصلَّت، فإن أبَت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأةً قامت من الليل فصلَّت، ثم أيقظت زوجها فصلَّى، فإن أبى نضحَت في وجهه الماء» (أخرجه النسائي (6010).
  4. التعاون في شؤون الأسرة: فعن الأسود قال: سألتُ عائشةَ: ما كان النبي ﷺ يَصنع في بيته؟ قالت: «كان يكون في مهنة أهله- تعني: خدمة أهله- فإذا حضرَت الصلاة خرج إلى الصلاة» (أخرجه البخاري (676).
  5. أداء الحقوق الزوجية: من الأسس التي يَقوم عليها البيت المسلم والأسرة المسلمة: أداء الحقوق، وأن يَعرف كلُّ واحد ما عليه، وما هو له، وقد أمر الإسلام الأزواجَ بحسن معاملة زوجاتهم.

 

قوامة الرجل

منح الله الرجل عقلًا أكملُ من عقل المرأة، وعلم أغزر من علمها غالبًا، وبعد نظر في مبادئ الأمور ونهاياتها أبعد من نظرها. كان من المناسب والحكمة أن يكون هو صاحب القوامة عليها. والقوامة معناها: القيام على الشيء رعاية وحماية وإصلاحًا. قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34).

وقد ذكر المولى عز وجل لهذه القوامة سببين اثنين، أولهما: وهبي. وثانيهما: كسبي.

أما الأول منهما: فهو ما أشار إليه قوله تعالى: {بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}، أي بتفضيل الله الرجالَ على النساء، من كونه جعل منهم الأنبياء والخلفاء والسلاطين والحكام والغزاة، وزيادة التعصيب والنصيب في الميراث، وجعل الطلاق بأيديهم، والانتساب إليهم، وغير ذلك مما فضل الله به جنس الرجال على جنس النساء في الجملة.

والسبب الثاني في جعل القوامة للرجل على المرأة هو: نَفَقَتُه عليها، وما دفعه إليها من مهر، وما يتكلفه من نفقة في الجهاد، وما يلزمه في العقل والدية، وغير ذلك مما لا تُلزم به المرأة، وقد أشار إليه في الآية بقوله {وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}.

وإذا تخلى الرجل عن ميزته التي ميزه الله تعالى بها فلم ينفق على امرأته، ولم يكسُها، فإن ذلك يسلبه حق القوامة عليها، ويعطيها هي الحق في القيام بفسخ النكاح بالوسائل المشروعة، هذا هو ما يقتضيه تعليل القوامة في الآية الكريمة بالإنفاق، وهو ما فهمه منها المالكية والشافعية.

هذا، ومما يجب التنبه له أن تفضيل الرجال على النساء المذكور في الآية الكريمة المراد منه تفضيل جنس الرجال على جنس النساء، وليس المراد منه تفضيل جميع أفراد الرجال على جميع أفراد النساء، وإلا فكم من امرأة تفضل زوجها في العلم والدين والعمل والرأي وغير ذلك.

وقال الشاعر: فلو كان النساء كمن ذكرنا       لفضلت النساء على الرجال.

 

هل تعاون زوجتك؟

يفهم البعض معنى القوامة خطأ، حيث يشعر بأنه الرجل الذي يجب أن يخدمه جميع من في البيت، ويسهروا على راحته، غير مدرك بأن القوامة هي تعاون مشترك، كلٌّ حسب استطاعته زيادة في المودة والرحمة التي غرسها بين الطرفين، وهذا هو منطلق التربية الأسرية التي عنى بها الإسلام.

فالمسلم يمتاز عن غيره بإسلامه، ليس بجسده ولا ماله ولا صورته، وإنما تميزه الحقيقي بما يحمله في قلبه، كما أن البيت المسلم كذلك هو أميز البيوت على وجه الأرض، وهو على الحق والرشد وإن خالفته كل البيوت، لأنه بيت يطيع أوامر الله.

ومهما شعر هذا البيت بالغربة في وسط مجتمع بعيد عن القيم الإيمانية؛ فإنه يزداد تمسكًا بمنهاجه، وإصرارًا على مبادئه، لأنه يعلم أنه على طريق الرشد.

ومن هنا نعلم أن سبيلنا في الحياة، ودستورنا في تكوين بيوتنا؛ هو منهج الله- عز وجل- مهما تعارضت معه أهواء، وأعراف، وقوانين بشرية.

وإن من الأشياء التي تسعد الزوجة بمشاركة زوجها إياها:

  1. استشارتها فيما يخص شئونها وشئون بيتها، فهذا يشعرها بفضلها في قلب الزوج، والحوار بالتي هي أحسن.
  2. على الزوج أن يحرص على إيجاد روح التوازن بين واجباته تجاه الزوجة والأولاد والبيت والعمل، فلا ينتظر من الزوجة كلمة أسفٍ أو اعتذارٍ.
  3. على الزوج أن يعين زوجته على إسعاده، عن جابر قال: «كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، فلما رجعنا ذهبنا لندخل، فقال: «أمهلوا حتى ندخل ليلًا- أي عشاء- حتى تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة» رواه النسائي.
  4. يمارس مسؤوليته الأخلاقية نحو أسرته فيكون متواضعًا، متسامحًا، عطوفًا، هينًا، لينًا، يخلع عنه هموم العمل ومشكلات المجتمع قدر الإمكان، ولا يدخل البيت ومعه هذه الهموم والمتاعب التي ستؤثر على تفاعله مع أهل بيته.
  5. يُشعر زوجته أن العمل والواجبات وهموم الحياة وحتى الأولاد لن يستطيعوا أبدًا تغييب مكانتها المميزة وموقعها الخاص في قلبه.
  6. معاونتها على تربية الأبناء، حيث أثبت الواقع والدراسات العلمية أن عدم مشاركة الأب في تربية الأبناء وفي مهام الأسرة وتخليه عن دوره في الاهتمام بزوجته، هو سبب مباشر وحتمي لحدوث خلل نفسي عند الأم والأبناء، يتمثل في مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، وقد يؤدي لأمور متعددة من بينها تشويه الصورة النمطية لدور الأب والأم عند الأبناء

 

للمزيد

  1. كيف نبني البيت المسلم؟: الألوكة، 6/ 4/ 2017م.
  2. تفسير قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ..}، إسلام ويب، مركز الفتوى، رقم الفتوى 6925، الاثنين 18 ذو القعدة 1421 - 12-2-2001م.
  3. أمل صبري: أسرار تميز البيت المسلم، موقع يا له من دين.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم